الأول بالتاريخ... فوز ترمب يساعد ماسك على تحقيق ثروة تتخطى 400 مليار دولار دعوات دولية لتعزيز الاستجابة الإنسانية في اليمن وسط تصاعد الأزمة قرار بغالبية ساحقة.. الجمعية العامة تدعو لوقف فوري للنار بغزة بوتين يعلن إطلاق تحالف دولي في الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع دول مجموعة بريكس إسرائيل تضرب مواقع عسكرية سورية في اللاذقية وطرطوس لليوم الرابع على التوالي من مرسى نيوم إلى حديقة الملك سلمان... مناطق مشجعين خيالية إردوغان يعلن عن اتفاق تاريخي بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات عاجل: المبعوث الأممي إلى اليمن يكشف أمام مجلس الأمن عن أبرز بنود خارطة الطريق اليمنية التي ترعاها الأمم المتحدة بدعم امريكي .. البنك المركزي اليمني يعلن البدء بنظام جديد ضمن خطة استراتيجية يتجاوز صافي ثروته 400 مليار دولار.. تعرف على الملياردير الذي دخل التاريخ من أثرى أبوابه
الآن، وبعد قرابة العقدين من الزمن على تحققها, لم تزل وحدة اليمن في خطر.. ذلك ما قد يجمع عليه الفرقاء في الساحة السياسية, أو كثير منهم, سواء في السلطة أو المعارضة.. أما عن مصدر ذلك الخطر الذي يتهدد الوحدة فهذا هو جزء الحقيقة المختلف فيه.. فإذا كان للسلطة رأيها الذي يؤكد على أن معارضة ( المشترك) هي من تغذي مشروع الانفصال نظرياً وتدفع به جهدها نحو التموضع العملي، فإن للمعارضة موقفها الذي يشدد على أن حظ سلوكيات (المؤتمر الشعبي العام) وحكومته من الخطأ والاستفزاز ما يسوّغ للغليان والجهر بالسوء حد استغلالها للتحرك في طريق الانفصال..
وعلى اعتبار أن تقابل الموقفين إياهما يعود بهما إلى الفعل ورد الفعل، وبما يفقدهما اشتداد الصرع الكثير من توخي الدقة والمصداقية، فإن في تفاصيلهما ما يمكن الإمساك به كخيط جامع يجوز النظر إليه بوصفه عنوانا عاماً لحيثيات ما يحدق بالوحدة اليمنية من مخاطر وأضرار، ابتداء بالمكون النظري وحتى النشاط الفعلي..
وفي هذا السياق فاللافت للنظر أن سياسيين لهم وزنهم ينتمون جغرافياً إلى جنوب الوطن كانت لهم في الفترة الأخيرة حول تشخيص ما يسمى بالحراك الجنوبي وعلاقته بالوحدة، سلباً أو إيجابا، أراء أقل ما يقال فيها أنها صادرة عنهم وهم في شئ من البعد عن الأطر التنظيمية المغلقة للأحزاب التي ينتمون إليها.. أو بعبارة أخرى: وهم يتحدثون عن مشكلة في وطن ينتمون جغرافياً إلى جنوبه الذي يكاد يكون هو المعني بها أولا وإن لم، ولن، تسلم الجهات الأخرى من تبعاته..
ولأن الإشارة هنا تستلزم إيراد غيرين، أو مختلفين، باعتبار وضع السلطة والمعارضة في اليمن، فإن التعريج على ذكر نموذجين يمثلانهما لتأكيد ما سبق هو ما ينبغي أن يكون .. واكتفاء بالمؤتمر الشعبي العام من خلال موقعه في الحكم، والتجمع اليمني للإصلاح بوصفه أكبر أحزاب تكتل اللقاء المشترك المعارض فإن لسالم باجميل رئيس المركز الاعلامي التابع للأول, وعلي عشال النائب في البرلمان عن الثاني أراء، فيما يتهدد الوحدة من مخاطر، قد يكون التوقف عندها مجدياً ومفيداً..
وبلحاظ أن الاثنين يجمعهما الانتماء الجغرافي للمحافظات الجنوبية ولهما في الوسط السياسي - مع فارق الخبرة الناتجة عن امتداد العمر باعتبار تقدم أحدهما على الآخر - الكثير من الفاعلية والحضور فإن لما يقولاه لون آخر قد يجلي عن ما يسمى بالقضية الجنوبية شيئا من اللغط، الذي يثيره صراع المهاترات الكلامية والمناكفات الحزبية في هذا الوطن الواحد..
لقد أكد الإعلامي الأديب والسياسي سالم باجميل في معرض قراءته لما يسمى بالحراك في الجنوب أن من يقفون وراءه هم أنفسهم الذين كانوا وراء تفجير كل الصراعات التي قضت على التجربة في الجنوب، مشيراً إلى أنهم يريدون الآن من كل ذلك القضاء على تجربة الوحدة.. ومهما يكن من أمر هذا فإن الأهم في حديث باجميل هو تصريحه بالسبب الذي يجعل من هذه الأصوات المطالبة بالانفصال تشكل خطراً حقيقياً على الوحدة.. وبالحرف الواحد وفي حوار نشرته أسبوعية (الجمهور) بتاريخ 8-11-2008م يقول سالم باجميل عن الحراك ومن يقفون وراءه وبالذات من تعلوا عنهم أصوات المطالبة بالانفصال: ( أنا رأيي الشخصي هؤلاء يشكلون خطراً على الوحدة طالما أطراف الوحدة تخطئ.. يستثمرون الأخطاء..) ثم ومع تأكيده أن الرئيس علي عبدالله صالح قائد وحدوي فريد، وإشارته إلى أنه يمتلك موهبة قيادية نادرة، وتشديده على أنه حريص على تصحيح الأخطاء إلا أنه عاد ليتساءل قائلا: ( لكن من يا ترى يعكس حرصه أو ينفّذه في الميدان..) ويضيف: ( بصراحة هي تنفّذ بطريقة مشوهة..)..
هكذا يقرر باجميل، فالسياسي الذي وقف على منطلقات الكثير من مكونات السياسة اليمنية في العصر الحديث لحظه تكونها وبلوغها أوج القوة، أو الضعف هنا وهنالك، يلخص في جمل ثلاث حقيقة ما يسمى بالقضية الجنوبية , نشأتها , وعامل استمرارها , وكيف يمكن تجاوزها.. قال إن من قضوا على التجربة في الجنوب سابقاً يقصدون الآن القضاء على تجربة الوحدة , وأكد على أن جهودهم تلك ما كان لها أن تؤتي ثمارها لولا أن أطراف الوحدة تخطئ، أو تعمل على تصحيح الأخطاء بطريقة مشوهة بعبارة أخرى .. وهنا لم يبق إلا كيف يمكن الحيلولة بين هؤلاء وهدفهم المناهض للوحدة.. أما كيف فأتمنى وصول رسالة باجميل هذه، ومثلها معها، إلى من يعنيهم الأمر، أو تكون في الطريق إليهم على أمل الوصول..
أما البرلماني الشاب علي عشال فقد أبدى في حوار نشرته أسبوعية (الشارع) مطلع نوفمبر2008م حرصه في الحراك الجنوبي على ضرورة ألا يخرج عن جادة الصواب.. وهو إذ يؤكد فاعلية الحراك في الجنوب على أساس أن هناك جملة من الاختلالات سواء في شكل مطالب حقوقية لبعض القطاعات، عسكرية ومدنية، بالإضافة إلى شعور البعض بحالة من الإقصاء والاستحواذ فإنه يشدد على ضرورة طرحها وفق رؤية واضحة ومحددة تؤكد أن الوحدة اليمنية سقف لا ينبغي تجاوزه، وأن الاختلالات الموجودة مهما كانت يمكن أن تكون لها معالجات في البيت اليمني الواحد..
وبهذا القدر من التوازن، الذي يساير به النائب عشال قناعته من أحقية الحراك في الجنوب ولكن بالقدر الذي لا يمس بالوحدة الوطنية، يعود ويبدي أسفه الشديد من أن ثمة الكثير من الأطروحات التي تحاول الدفع في اتجاه الانفصال وفك عرى الوحدة.. مؤكداً أنها بذلك ستخسر أية قضية عادلة؛ تماماَ كما أبدى أسفه الشديد من أن أسوأ ما في الحراك امتلاؤه بثقافة تصدير الكره بشكل مخيف ومريع لم يشهده تاريخ اليمن لا جنوباً ولا شمالا،ً وكذلك تأكيده على أن ذلك مستنقع ولغ فيه بعض من يدعون أنهم من قادة الحراك وما كان ينبغي أن يقعوا فيه إن كانوا أصحاب قضية عادلة حسب قوله..
هذا هو البرلماني عشال كما كان ذلك السياسي باجميل وهما وإن اختلفا في الانتماء السياسي فعامل الجغرافيا - بالنسبة للانتماء للمحافظات الجنوبية ثم الوطن اليمني الكبير - يجمعهما.. وبهذا الخصوص فإن أخطاء أطراف الوحدة كما قال باجميل هي ذاتها الاختلالات التي تحدث عنها عشال.. وإذا كان هذا الأخير قد أرجع أحقية الحراك بسبب منها فإن الأول لم يخف مدى قلقه من استمرارها على استفحال خطر الدعوة إلى الانفصال.. ثم إن هذه النقطة بالذات - التي قد يرى البعض فيها خلافاً بائنا بين الاثنين - يظهر أنهما، على الأقل في تداعياتها، متفقين.. والفرق هو أن باجميل يتحدث عن الانفصال في المطلق كمشروع يغلب على قادة الحراك بيمنا يذهب عشال إلى قصره على البعض.. وسواء صحة النسبة إلى الكل أو البعض فليس ثمة اختلاف بين الاثنين في الإحساس بخطورة هذا المستنقع الذي تفوح منه رائحة الانفصال، والعودة بالأوضاع إلى ما كانت عليه أيام التشطير..
لقد كان في التقاء الرؤيتين، إياهما، ما يشكل إطارا نظرياً ليس لفهم القضية الجنوبية كما تطرح الآن، وإنما للحد من تداعياتها السلبية على الوطن ووحدته، فقد يمكن لفرقاء العمل السياسي الالتقاء على العديد من القواسم المشتركة.. وإذا كان يمكن النظر لما سبق كمثال فإن خشية الخوض في تفاصيل ما عدا الرؤيتين للرجلين إياهما وليدة الوقوف على ما قد يجردهما من أية صلة، ويباعد بينهما وبين أي اتفاق.. وهنا كان هذا الاجتزاء الذي أحتمل أن ثمة من سيرى له الكثير من المبررات..