دعوة إلي عقد مؤتمر مانحين عاجل لدعم اليمن وقف النار في غزة واتصالات سرية لإنجاز الصفقة شرطة كوريا الجنوبية تدهم مكتب الرئيس... ووزير الدفاع السابق يحاول الانتحار دول عربية تبدأ بإرسال مساعدات لدعم الشعب السوري بعد سقوط الأسد روسيا تطلق تصريحات جديدة حول الاسد وتجيب عن إمكانية تسليمه للمحاكم الجيش السودانى يجبر قوات الدعم السريع على الانسحاب من شمال الخرطوم رسائل نارية من الرئيس أردوغان بخصوص سوريا وأراضيها وسيادتها خلال لقائه بقيادات حزب العدالة والتنمية عاجل: إدارة العمليات العسكرية تكشف قائمة تضم 160 قائدا عسكريا من نظام الأسد وصفتهم بمجرمي الحرب .. مارب برس يعيد نشر قائمة اسمائهم هكذا احتفلت محافظة مأرب بالذكرى السابعة لانتفاضة الثاني من ديسمبر 2017م محمد صلاح يفوز بجائزة جديدة
صفة "الرئيس المخلوع" التي كانت تطلق على الرئيس حسني مبارك بدأت تتآكل بشكل متسارع منذ حدوث الانقلاب العسكري في شهر تموز (يوليو) الماضي برئاسة الفريق اول عبد الفتاح السيسي، الذي اطاح بالرئيس الاخواني المنتخب محمد مرسي، فمن النادر ان تجد كلمة سيئة عنه، وحكمه، هذه الايام في معظم الصحف ومحطات التلفزة، ان لم يكن كلها، بل ما يحدث هو العكس تماما، الاشادة به والترحم عليه.
الرئيس مبارك عاد الى الاضواء، او بالأحرى عادت اليه بصورة قوية، فبعد ان تمت تبرئته من معظم التهم الموجهة اليه من خلال القضاء المصري "المستقل" باتت اخباره وتحركاته الاكثر قراءة بالنسبة الى الشعب المصري، الكاره منه قبل المحب.
صحيفة "اليوم السابع" المصرية فجرت قبل ايام قنبلة صحافية من العيار الثقيل عندما نشرت سلسلة من حلقات حديث مسجل مع الرئيس مبارك قالت ان طبيبه المعالج قام بتسجيلها خلسة من خلال هاتفه النقال، قالت انه اي الطبيب سربه لها، بينما قال آخرون انه باعها مقابل مبلغ كبير دون اي اثبات.
من الطبيعي ان تثير هذه التسجيلات ضجة كبيرة في مصر وخارجها، فهذه هي المرة الاولى التي يتحدث فيها الرئيس مبارك بهذه الاريحية عن حقبة من اكثر الحقبات اثارة واهمية في تاريخ مصر الحديث، فقد هاجم فيها الرئيس المنتخب محمد مرسي وتمنى له الذهاب بتذكرة دون عودة لكي يموت في سورية، وانتقد بشدة السيد عصام العريان احد ابرز قادة الاخوان المسلمين، ووصفه بالجنون لأنه اساء لدولة الامارات، وهاجم حكام قطر، واشاد اي الرئيس مبارك بالفريق الاول عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب، وقال عنه انه رجل ذكي، واعترف بخطأه عندما اعتقد انه، اي السيسي، من الاخوان المسلمين عندما عينه الرئيس مرسي قائدا للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع خلفا للمشير طنطاوي من قبيل الدعابة ربما، بان اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات الاسبق كان يسافر الى الخارج من اجل زرع الشعر وليس لمرضه الذي اخفاه عنه، ونفى ان يكون قد مات في حادث تفجير اربعة من اعضاء خلية الازمة في سورية.
***
من الصعب علينا ان نقبل الرواية الرسمية التي تتحدث عن تسجيل هذه المقابلات من قبل طبيبه، ودون علم الرئيس مبارك او موافقته بالتالي، فالطبيب الذي ادى القسم لا يمكن ان يخون الثقة، ويفضح اسرار مريضه، فالمسألة مدبرة ومقصودة بهدف تجميل وجه مبارك ونظامه اولا، وربما يؤدي في نهاية المطاف الى تسوية صورة الثورة واهدافها ثانيا، والتشكيك بالعملية الديمقراطية التي افرزتها وحكم الاخوان المسلمين على وجه التحديد، ثالثا.
انها مسرحية جرى اعداد فصولها وتنفيذها بعناية فائقة، بما في ذلك الكثير من البهارات التي وردت في حديث الرئيس، والاخراج الساذج وغير المقنع الذي تمثل في ارسال السيد فريد الديب محامي الرئيس مبارك رسالة الى صحيفة "اليوم السابع" لمنع النشر وهو ما رفضته الصحيفة فورا، وقال رئيس تحريرها الزميل خالد صلاح ان المحامي الديب ابلغ الرئيس مبارك بالتسجيلات ولم يعترض الاخير على نشرها وكيف يعترض اساسا.
نظام الرئيس حسني مبارك هو الذي يحكم مصر في الوقت الراهن من خلال اجهزته الامنية، وبرعاية المؤسسة العسكرية وتخطيطها، وهذا يتضح، ليس من خلال اعادة العمل بقوانين الطوارئ، وحظر التجول فقط، وانما ايضا بإشادة الرئيس المخلوع بالفريق السيسي وذكاؤه، في تزكية له، ومباركة لزعامته الحالية التي تتم من خلف ستار رئيس مؤقت منزوع الدسم والصلاحيلات، او علانية اذا ما ترشح للرئاسة مثلما تشير معظم التوقعات.
الرئيس مبارك الذي اذل مصر وشعبها لأكثر من ثلاثين عاما، وارتكبت اجهزته القمعية (الامن السياسي خاصة) ابشع الجرائم، ونهبت مافيا رجال الاعمال الملتفة عليه عرق الفقراء والكادحين، هذه الرئيس الذي ثار شعب مصر ضده، يعامل معاملة الرؤساء في سجن وهمي من خمس نجوم، ويدلي باحاديث صحافية تنشر في كل وسائل الاعلام تقريبا، بينما الرئيس المنتخب محمد مرسي يقبع وزملاؤه خلف القضبان بتهم ملفقة ومفبركة، ودون المثول مطلقا امام النيابة العامة، ومحرومون من الالتقاء بأهلهم وذويهم اسوة بالقتلة، واعتى عتاة المجرمين.
***
من المؤكد ان الرئيس مبارك لن يعود الى حكم مصر بسبب السن والمرض، ووجود البديل العسكري الاكثر قدرة وكفاءة ولكن نظامه عاد، او بالأحرى لم يغب كليا، فالأمن السياسي الدموي والمكروه شعبيا بسبب جرائمه في حق الشعب، هو الذي يحكم البلاد بقبضة من حديد مدعوما بعصابات البلطجة وقطاع الطرق.
اليوم استمعنا الى تسجيلات الرئيس مبارك، وغدا سنسمع عن تسجيلات أكثر عمقا مع اللواء الحبيب العادلي وزير الداخلية السابق الملطخة يديه بدماء الثوار، وبما يؤدي في نهاية المطاف الى تجريم واحدة من اطهر الثورات في تاريخ مصر واشرفها، وادانة من ضحوا بدمائهم وارواحهم، من اجل اطاحة حكم قمعي فاسد، واعادة العزة والكرامة الى شعب مصر العظيم.
الثورة المصرية وئدت وهي نطفة، وعادت البلاد الى المربع الاول، مربع القمع والفساد وقوانين الطوارئ، وهذه امر مؤلم بكل المقاييس.