ما يجهله اليمنيون والعرب ..لماذا لا يجب ترك شاحن الهاتف موصولاً بالمقبس الكهربائي بشكل دائم؟ من هو الأفضل في 2024 بحسب الأرقام؟ كريستيانو رونالدو أم ليونيل ميسي.. عاجل تحسن هائل في سعر الليرة السورية مقابل الدولار .. اسعار الصرف شاحن هاتف ينهي ويوجع حياة 7 أفراد من نفس العائلة في السعودية توافق دولي عربي على الوضع في سوريا جدل بشأن عودة السوريين اللاجئين في أوروبا إلى بلادهم بعد سقوط الأسد وزير الدفاع التركي يكشف عن عروض عسكرية مغرية قدمتها أنقرة للحكومة السورية الجديدة ماذا طلب الرئيس العليمي من واشنطن خلال اجتماع عقده مع مسئول كبير في مكافحة الإرهاب؟ قرارات واسعة لمجلس القضاء الأعلى القائد أحمد الشرع يتحدث عن ترشحه لرئاسة سوريا
بقدر ما يمثل حزب المؤتمر الشعبي العام قوة سياسية ينبغي أن يحسب لها حساب في الحياة السياسية لليمن، بقدر ما يحمل في داخله مشكلة هي ليست شأنا حزبيا صرفا لأعضائه وقياداته، بل هي شأن يمني من حق وواجب كل مهتم بالشأن السياسي اليمني أن يبحث في محاسن ومساوئ هذا الحزب بعيدا عن الرضى والغضب أو الإعجاب والامتعاض، خصوصا ونحن اليوم جميعا نحاول أن ننظف الساحة من التركة الثقيلة لثلاثة عقود ونيف من قيادة هذا الحزب للبلد وما تركته من مخلفات بحاجة إلى عقود للتخلص منها.
مشكلة المؤتمر الشعبي العام التي صارت مشكلة كل اليمنيين تكمن في إنه حزب صنعته السلطة وفصلته تفصيلا ملائما لطبيعتها وشكلها وحجمها وأهدافها، وعندما تسارع الكثير من الطيبين بل والمثقفين الوطنيين والمناضلين التاريخيين والمواطنين الشرفاء إلى الانضواء تحت عباءته ظن الكثير منهم أنه يستطيع أن يمرر قناعاته السياسية والفكرية وآماله النبيلة وتطلعاته الوطنية من خلال المؤتمر وربما اعتقد البعض إنه سيجد تجسيدا لهذه الأفكار من خلال الشعارات السياسية التي رفعها أعلام وقادة المؤتمر عن "التنمية" و"الحرية" و"الوحدة اليمنية"، وهي شعارات ترفعها كل القوى السياسية من أكثرها يسارية حتى أقصاها يمينية، لكن هذا لم يتحقق حيث ظلت صناعة القرار حكرا على نخبة مغلقة على نفسها، بل وانحصرت في شخصية واحدة ظلت هي الحزب والحزب هي وما بقية المسميات إلا ديكورا للزينة ووعاء لتمرير السياسات.
وزاد من تعقيدات القضية غياب السياسات الاستراتيجية التي تحدد مهمات المراحل المختلفة والأهداف المطلوب تحقيقها ووسائل تنفيذها بل لقد زادت الأمور سوءا بعد العام 1994م عندما تحولت عضوية المؤتمر إلى سلم للعبور إلى عالم الفساد والإثراء والكسب غير المشروع وصار ادعاء الحرص على "الوحدة اليمنية" والدفاع عنها، و"هزيمة الانفصال" سببا كافيا لكل من يدعيها للحصول على الامتيازات والغنائم والبسط على الأراضي واحتكار التوكيلات التجارية وسيطرت معظم قيادات المؤتمر على أهم مفاصل الإيرادات وموارد الثروة ومصادر تحقيق الأرباح المهولة فقط وفقط بفضل الانتماء إلى المؤتمر، وصارت سياسات الكسب لعضوية المؤتمر تقوم أول ما تقوم على الاستقطاب من خلال الإفساد وشراء الولاءات وتقلصت بصورة تدريجية إمكانية وجود فرصة للشرفاء وذوي الضمائر الحية والأيدي النظيفة، وصار التباري على الإثراء والكسب غير المشروع علامة مميزة لعضوية المؤتمر والنزاهة والشرف والعفة علامات طاردة من عضويته.
بعد ثورة الربيع العربي في نسختها اليمنية بدءا بالحراك السلمي في الجنوب منذ العام 2007، ثم ثورة الشباب السلمية في العام 2011م، والتي أتت تعبيرا عن انسداد الأفق أمام السياسات غير الرشيدة التي اتبعها الحزب الحاكم مع اليمن واليمنيين، خصوصا بعد وأد المشروع الوحدوي وتحويله إلى أداة للنهب والإقصاء والاستباحة، وبعد تجلي ملامح نهج التأبيد والتوريث التي أوشكت أن تغدو أمرا واقعا، بعد هذه الثورة كان يمكن لحزب المؤتمر أن يلاقي مصير الحزب الوطني في مصر والاتحاد الدستوري في تونس، لكن حرص القوى السياسية على تجنب نهج الاجتثاث، والرغبة في خلق حالة من الوئام الاجتماعي هو ما منع هذا المصير عن حزب المؤتمر وليست الشطارة السياسية لقياداته كما يعتقد البعض منهم.
اليوم لم تعد مشكلة المؤتمر هي سوء إدارته للبلاد وإن كانت هذه المشكلة ما تزال حاضرة بقوة بفعل ثقل التركة التي خلفها على كاهل اليمن واليمنيين، وبفعل استمراره في الإمساك بالكثير من مفاصل الإدارة المدنية والعسكرية والاقتصادية والقضائية، لكن المشكلة أن هذا الحزب قد تحول من معمل لإنتاج المعضلات لليمن، إلى مستثمر جيد لتلك المعضلات التي صنعها على مدى ثلث قرن، واستخدامها في عرقلة التسوية السياسية رغبة في العودة إلى صدارة حكم البلد، أو للبرهان على إن لا يوجد مؤهل لقيادة البلد والتحكم في مصيرها إلا هذا الحزب دون سواه، وهي عملية ابتزازية وانتهازية في نفس الوقت يطول الحديث في مضامينها.
لقد كان من حق المؤتمر الشعبي أن يفاخر بأنه أوصل أمينه العام إلى رئاسة الجمهورية، وأن يتحول إلى قوة حامية لنهج الرئيس (الجديد) تحميه من خصومه المتربصين به والمتآمرين عليه ومن أخطائه وأخطاء المحيطين به، لكن هذا الرئيس هو ليس المقاول المؤسس وصاحب الامتياز في إنشاء الشركة التي اسمها "المؤتمر الشعبي العام" فكيف له أن يتحول إلى قائد لهذه الشركة، ولذلك تحول الحزب إلى عامل إعاقة لخطوات وسياسات أمينه العام بل وإلى منبر إعلامي للعمل ضد أمينه العام وهي ظاهرة لم تحصل في كل تاريخ الأحزاب السياسية في العالم إلا في اليمن.
غالبا ما كان الرئيس السابق على عبد الله صالح وأعلامه الحزبي والحكومي يأخذون على الأحزاب السياسية المعارضة أن قياداتها من المسنين والعجزة والذين أمضوا عقودا في المواقع القيادية، ومع إنه صار من النادر أن نجد في الأحزاب اليمنية أي حزب مضى على أمينه العام أكثر من عقد من الزمن وهي ظاهرة لا بد من دمقرطتها أكثر إلا إن الحزب الوحيد في اليمن وربما في العالم الذي ما يزال رئيسه هو نفس رئيس يوم التأسيس هو حزب المؤتمر الشعبي العام وهو ما يبين أن الحزب لم يكن إلا الرئيس والرئيس هو الحزب ولا فرق بين الأثنين.
شيئا فشيئا تتضح معضلة المؤتمر الشعبي العام مع نفسه ومع اليمنيين عموما، وتتمثل هذه المعضلة في وجود رأسين يحاول كل منهما الإمساك بناصية صناعة القرار الحزبي الذي تتوقف عليه مساهمة المؤتمر في العملية السياسية الراهنة المتعثرة، ففي حين يحاول رئيس الجمهورية أن يوائم بين الإبقاء على حزب المؤتمر حاضرا في التحولات الجارية أو المنشودة من خلال أقلمة المؤتمر مع التحولات التي يشهدها البلد والعالم، فإن الجناح الأقوى والأكبر والأشد نفوذا وسطوة ما يزال يعيش زمن "الأغلبية الكاسحة"، و"صانع المنجزات" و"موحد اليمن" و"رائد التنمية" و"المحافظ على الثورة والجمهورية" وهي اتهامات يوجهها المؤتمر لنفسه بينما هو بريء منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
هذه المعضلة تجد انعكاسها على سائر العملية السياسية في اليمن وهو ما جعل البعض يعبر عن الأسف أن المؤتمر لم يعامل كما عومل الحزب الوطني المصري والحزب الدستوري التونسي، اعتقادا بأن الإبقاء على المؤتمر بكامل إمكانياته مضاف إليها الحصانة التي حصلت عليها قياداته قد جعله أكثر تصلبا في مقاومة التغيير وعرقلة كل خطوة باتجاه تطبيع الحياة السياسية والاقتصادية والخدمية حتى لو كان من يتبنى هذه الخطوات هو أمينه العام "رئيس الجمهورية".
المؤتمر ما تزال أمامه فرصة تاريخية أن يكون فعلا قوة سياسية مساهمة في الانتقال باليمن من متاهة السياسات العرجاء التي عاشتها على مدى ثلث قرن إلى رحاب التنمية والاستقرار والنهوض، لكن هذا يستدعي من المؤتمر مراجعة جادة لنهجه وسياساته وطريقة تفكير قياداته وأعضائه والتحرر من واقع كونه شركة محدودة لنشاطات عائلة أو مجموعة من المستثمرين السياسيين والكف عن أن يكون هو الدولة والدولة هو، وما تمتلكه الدولة هو ملك الحزب والدولة نفسها هي ملك من أملاكه ـ التحول إلى مؤسسة حزبية حقيقية ديمقراطية منفتحة على المتغيرات قارئة لأسباب الفشل ومشخصة لمكامن الداء قادرة على العيش في العصر الجديد بمتطلبات العصر الجديد وليس بشروط عصر "الرئيس القائد الأمين العام" أو "الزعيم الرمز".
تمسك المؤتمر الشعبي العام بالقيادات التي أكل عليها الدهر وشرب وأوصلت البلد إلى هذا العدد اللانهائي من الأزمات مع استمرار الاعتماد على شغل البلطجة الصبيانية التي لا تليق بقوة سياسية يفترض أنها محترمة، واستمرار الرهان على الابتزاز واحتضان عصابات القتل والتمرد والإرهاب وقطع خطوط النفط وقصف ابراج الكهرباء، والتنسيق مع الجماعات الإرهابية وعصابات الملثمين، كل ذلك لن يمكن المؤتمر من الانخراط في الحياة السياسية بشروطها الجديدة، وهو قد يعرقل عملية الانتقال لبعض الوقت لكنه يخصم مما تبقى من رصيد يعتقد المؤتمر أنه ما يزال يمتلكه وشيئا فشيئا يحول المؤتمر إلى كيان منبوذ ومرفوض حتى من أقرب أقربائه ممن يتمتعون بشيء من الكرامة واحترام النفس.
برقيات:
*حادثة منصة ساحة العروض بخور مكسر والتي أدت إلى مقتل أحد الشباب المشاركين في فعالية الذكرى الخمسين لثورة 14 أكتوبر يصيب في مقتل ليس الحراك السلمي الجنوبي وقياداته لكن القضية الجنوبية بمضامينها الوطنية والسياسية والإنسانية والحقوقية، وهو ما يستدعي من قيادات الحراك التوقف بجدية لتقييم ما جرى وعدم السماح بتكراره.
*أصدق مشاعر العزاء والمواساة للأخ الشيخ حمود سعيد المخلافي وكافة إخوته لاستشهاد الدكتور فيصل سعيد المخلافي برصاص مجهولين، . . .تغمد الله الشهيد بواسع رحمته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان و"إنا لله وإنا إليه راجعون".
* قال الشاعر العربي الفلسطيني محمود درويش:
سأختار أفراد شعبي
سأختاركم واحدا واحدا من سلالة أمي ومن مذهبي
سأختاركم كي تكونوا جديرين بي
إذن أوقفوا الآن تصفيقكم كي تكونوا جديرين بي وبحبى
سأختار شعبي سياجا لمملكتي ورصيفُا لدربي
* aidnn55@gmail.com