التغيير في اليمن أصبح ضرورة حتمية لابد منها
بقلم/ د: عبدالله الشعيبي
نشر منذ: 17 سنة و 4 أشهر و 9 أيام
الأحد 05 أغسطس-آب 2007 07:50 م

مأرب برس - خاص

كلما طغى الطغاة أرتجت الأرض من تحت أقدامهم وارتجفت قلوبهم وكلما ارتجت الأرض كلما تعاظم تحالفهم مع الفساد وهما في كل الأحوال يشبهون بعضهم بعض.. فاسدين وطغاة. 

أي تحرك سلمي يثير حنقهم ... مظاهرات أواعتصامات أو مسيرات سلمية تستفزهم ولو أنها تحركات سلمية ومقابلها يحركون كل قواتهم وعسسهم .

المشاكل قائمة ومتفاعلة وعلى كل المستويات وفي كل المناطق اليمنية ولو كانت نائمة فلا يعني انها لن تصحوا أنها بالتأكيد ستصحوا ذات يوم وقد يكون صحيانها في وقت واحد مما يستحيل السيطرة عليها الا بخسائر ثقيلة ومرهقة ومكلفة للجميع " سلطة ورعية ".

يقولون ان البرنامج الانتخابيئ للرئيس قابل لآستيعاب كل المشاكل وأيضاً قادر على القضاء عليها... السنة الأولى منذُ أعادة انتخابه أوشك على النهاية ولازالت المشاكل قائمة رغم وعوده الخطابية بالقضاء على البطالة والفساد وو و ألخ .

ونحن نقول سمعنا الوعود ولكننا لم نرى غيرالوعود والدعوات للتريث بل ولم يحدث أي فعل يستحق التوقف عنده...المشاريع التي تم الأعلان عن وضع حجر الأساس لها تبخرت وما افتتح من مشاريع كلها تساقطت بفعل عوامل الطبيعة من جهة وعوامل التدخل البشري الفاسد من جهة اخرى .

 وبنظرة متعقله لمحتويات برنامج الرئيس الأنتخابي نجده يتضمن افكاراً جميلة ولغة رائعة لو أنها تقبل التطبيق....وهي فعلا تقبل التطبيق لو وجدت النوايا الصادقة ... ونقولها بصراحة أنه اي البرنامج لايمكن أن يطبق الا في حالة توحدت الجهود الوطنية وتوجهها للقضاء على الفساد والفاسدين الذين يعتبرهم عامة الناس حجر عثرة أساسية أمام كل عمل جاد ..... والرئيس من دون شك يعرف رموز االفساد والفاسدين ولكننا نستغرب من عدم توجهه نحو مكافحة الفساد ورموزه ؟؟؟ والسوءال هنا موجه للرئيس دون سواه.

مشاكل عديدة وحادة موجودة وهي قابلة للانفجار أن لم يتم النظر اليها بعقلانية وروح وطنية صادقة بعيداً عن مصطلحات التخوين والأتهامات الجزافية التي شبع الوطن منها ولم تأتي بثمار مفيدة ولكنها مضرة ومدمرة، واستمرار لغة التخوينات يعني استمرار للخوف والقهر والأستبداد والأحتكار في عالم متغير تكاد تتلأشى فيه مثل هذه الأشياء ... نعم العالم في حالة تغيير مستمر ..و.اليمن بحاجة ماسة الى التغيير اليوم قبل الغد.... نقصد التغيير السلمي الذي ينحو بالبلد نحو شاطئ الأمان وليس الى البحور العميقة والمنزلقات الحادة والخطيرة .

التغيير ضرورة حتمية لليمن...تغيير في المفاهيم المعاصرة... مفاهيم السياسة الأقتصادية والأجتماعية والثقافية....مفاهيم التعامل مع الآخر... مفاهيم رافضة للإقصاء والأستبداد ولغة الأتهامات الجاهز هو المفبركة..مفاهيم جديدة تؤسس لمرحلة وطنية جديدة خالية من تبعات الماضي .

الوطن بحاجة الى مفاهيم تغييرية اساسها أصلاح الأختلالات التي رافقت مسيرة الوطن منذ 1962م ومنذُ 22 مايو 1990م بمعنى اصلاح المسار العام للوطن حتى ولو كانت أصلاحات قاسية فالحاجة اليها اكثر من ضر

 وري.

الوطن منذ 1962م لم يتعرض لمراجعات واقعية ....وكل المراجعات التي تمت كانت تتم على اساس من مصلحة الفئة الحاكمة فقط....والناس كانوا يتوقعون الأمل والخير من تحقيق وحدة اليمن في 22 من مايوا 1990م ولكن توقعاتهم خابت وتعرضت للأحباط مما أحدث الأحتقان عندهم وأصبحوا في حالة تذمر ووضع لايطاق ولا يحتمل.

ألإحباط والتذمر وصل الى الشباب وتلك مسألة خطيرة لا تعني الا التأكيد على الدعوة للتغيير... واشترك الأحباط والتذمر مع أنتشاروتمدد الفساد في استفزاز مشاعر البسطاء من الناس التي استهدفتهم سياسات الفساد والأقصاء والأستبداد ووصل الأستفزاز بسياساتهم الى فئات اجتماعية اساسية وفاعلة في صناعة منجزات الوحدة اليمنية ومن هولاء :

 المتقاعدين العسكريين والمدنيين من ابناء االجنوب:

------ لحظه من فضلك :-

(( محسوبكم العبد لله لم يكن يوماً ما ضد الوحده اليمنيه او العربيه ولم يكن من اصحاب القرار بل من المغضوب عليهم في زمن الثوره والوحده التي صادرت وأممت بعض من ممتلكات اسرته ولازالت مصادره ومؤممه ولكنه كان فقط ضد الطريقه المستعجله التي تمت بها وحدة اليمن في 22مايو 1990م انطلاقاً من كون الوحده قرار استراتيجي ضخم.. وبهذا المستوى والحجم يتطلب القرار الى رؤية عقلانيه وليس لقناعات شخصيه قائمه على رؤى وافكار استعراضيه مغلفه بخطط تأمريه ... والعبد لله وببساطته كأنسان بسيط كان يأمل ان تكون الوحده عملية تغييريه شامله وجذريه للاوضاع القديمه والانتقال بالوطن الموحد نحو اوضاع مستقره في مختلف جوانب الحياه للشعب وبالذات في الجانب المعيشي ولكن ما كل الاماني تتحقق ... فلننظر الى مستوى الدخل قبل الوحده وبعد الوحده وستعرفون كم نحن كنا مغفلين عندما قبلنا بالتراجع ؟ وكم كنا مغفلين باستمرارنا في معاناتنا مع الظلم والقهر والتخلف والاستبداد والاحتكار الى مالانهايه ؟ ويستحق البرد من ضيع دفاه )) .

الحكم في بلاد العالم الثالث او المتخلف يكاد يشبه سفينه مبحره في اعماق البحر ولكنها مثقوبه بعدد من الثقوب ومن كل الاتجاهات مما يعرضها للغرق البطئ والمؤكد ... ويعتمد الحكم هنا على سياسات الاقصاء والالغاء كما يعتمد على شراء الذمم لكسب الانصار والاعوان لصالحه واما من لايرغبون به ويفشلوا في تجنيده واستمالته فيمكن اقصائهم من الحياه السياسيه والعمليه كما يعتبرون في اعرافهم وتقاليدهم فئه متأمره وغير موثوق بهم ومن يتعامل معهم فعلى اساس الحذر والشك ... و الحكم هنا لايريد ان يستفيد منهم الا لمرحله معينه فقط ولاغراض سياسيه تخدم مصالحه بدرجه اساسيه ومع كل ذلك يظلون تحت المجهر وفي قائمة المشبوهين والعملاء والخونة.

المهم بعد اربع سنوات من وحدة اليمن تفجرت حرب اهليه بين صناع الوحده حيث اصبحت الازمه السياسيه التي رافقت الوحده غير قابله للحل السلمي حينها وكانت الحرب سبب طبيعي للعمليه العشوائيه التي تمت بها الوحده وبقناعه ذاتيه من العليين التي لم تختمرالا في نفق جولدمور بمدينة عدن ...وانتجت الحرب عن خروج احد الشركاء من مربع الحكم وهو الذي كان يحكم الجنوب ومثله في صناعة الوحده .

وبعد الحرب تم احالة غالبية افراد الجهاز العسكري والمدني المكون للكيان الجنوبي الى التقاعد الاجباري والمبكر بجريره سياسيه ظالمه لاترتقي الى اعراف وتقاليد الحكم العادل... وقد بلغ عدد هولاء حوالي 135 الف فرد ومنهم من شارك في حرب 1994م ورجح كفة المنتصر ... وبحساب بسيط فأن هولاء وبالمتوسط يمكن القول ان كل واحد منهم يعيل اسره مكونه من 6 افراد سنعرف انهم يشكلون مايقرب المليون نسمه..هؤلاء ضاقت بهم السبل وفشلوا في تحقيق مساواتهم باخوانهم من ابناء المحافظات الاخرى في المعاش والتقاعد والعمل ولم يكن امامهم الا تنظيم انفسهم في جمعيات خيريه مدنيه بحته في أطار الدستور تحمل اهدافهم الشرعيه والطبيعيه ولم نراءها تتجاوز حدود القانون والدستور ..أرادوا معالجة أوضاعهم في أطار دولة الوحده لكن بعض الرموز النافذه لاتعترف بهم وتعتبرهم خونه وعملاء وانفصاليين لأنهم لايرون المعالجه الا بقرار جمهوري كما تم احالتهم للتقاعد المبكر بقرار جمهوري جائر وتعسفي ... وللامانه فقد نجحوا في تفعيل العمل المدني في البلد رغم الفتره الزمنيه القصيره لعملية تأسيس جمعياتهم .

المهم السلطة حاولت التدخل الغير مباشر في حل قضايا عدد قليل منهم ولكنها لم تكن جاده في حل جذري وشامل للقضيه وارادت السلطه من وراء تلك الحلول العشوائيه الفاشله الى ترحيل وتعليق الحلول لاهداف غير مفهومه الا لرموزها مما دفع بالمتقاعدين الى الاعتصام السلمي من خلال تنظيم المسيرات والاعتصامات السلميه للمطالبه بحقوقهم الطبيعيه التي لن تتم الا بقرار سياسي واضح وصريح .

مراقبون محايدون يرون ان اصرار المتقاعدين على الحصول على قرار سياسي هو اعتراف سياسي من السلطه بخطأ قرارها السابق في التخلص منهم ، ويرى هولاء المراقبون ان مجرد صدور قرار سياسي يعني اعتراف بوجود قضيه جنوبيه اساسها سياسي وهذا ما تتجنبه السلطه خوفاً من الوقوع في المحظور وبروز قضيه اسمها الجنوب ... واستمرار الرفض يعني المزيد من الاثاره مع مايقابله من عناد ومكابره لااساس لها ... العمليه لاتستحق الخوف لو تم الاعتراف بحقوق هولاء في الحياه والعمل والابداع بشكل طبيعي كغيرهم من الناس ... وكلما تمادت السلطه او سوفت او عاندت كلما دفع الناس الى الاحساس بتهميشهم عن عمد واصرار وبذلك تبرز قضية الجنوب كأولويه لهم وبالطبع القضيه موجوده وحلها لن يكون بغير الحوار ان جنحت السلطه للحوار كحل ... ولانرى عيباً او جرماً في مناقشتها مادامت القضيه سياسيه ومن صنع وفعل البشر .

قضية المتقاعدين تستحق المراجعه والحل العاجل والمرضي حتى لو كانت نتائجهم قاسيه على السلطه بدلاً من ان تكون قاسيه على الوطن ككل ... ومن يسعى الى تحويل القضيه عن طبيعتها فهو من يقف ضد الوطن واهله ... لقد اصبحت القضيه سياسيه وحقوقيه وانسانيه تتحمل مسؤوليتها السلطه الحاليه التي لم تجتهد في البحث عن حلها منذٌ 13 عام ... وليس هناك مايعيب من الاعتراف بالمسؤوليه للقضايا السياسيه والحقوقيه والمدنيه بل العيب في عدم الاعتراف في وجودها بينما هي موجوده على الواقع ... القضيه داخليه وليست اقليميه او دوليه ... وقد عرفنا ان السلطه اكثر تسامحا وليونةً مع القضايا الاقليميه والدوليه التي تخص البلد ...ألم تقوم السلطه على حل مشاكلها الحدوديه مع الجيران وابدت تسامحاً لاحدود له على حساب الكيان اليمني فلماذا اذن لاتقوم السلطه على حل مشاكل مواطنيها على حساب البلد والنتائج ستعود بالنفع على ابناء البلد والبلد ؟ هل لابد ان تستفحل الازمات وتتطور حتى يتطلب الامر الى تدخل اقليمي او دولي كما حصل في صعده ... ومن المستفيد من تردي الاوضاع ؟؟؟؟ .

لايوجد هناك مستحيل في هذا العالم الذي اصبح مترابطاً ومهتم بكل صغيره وكبيره كون هناك مصالح مشتركه تتطلب للتدخل الخارجي الذي اصبح ثقيلاً على كاهل الجميع ... وهذا مالانتمناه للبلد .

ولو انه ليست هناك قضيه حقيقيه للمتقاعدين تستحق الوقوف الجاد الصادق امامها فكان بامكان السلطه ان تسمح لهم بالتظاهر السلمي وحمايتهم كونهم يمنيين ومن واجب السلطه حمايتهم كبقية الانظمه التي تنتهج العمل الديمقراطي ... واما اللجوء للقمع فلا يزيد الامور الا تعقيداً ... ولعل اي توجه من قبل السلطه لتجاهل القضيه يعتبر مجازفه غير موفقه وربما غير محسوبه للعواقب .

ان المتقاعدين لم يأتوا من كوكب غريب فهم يمانيون اقحاح ويفترض ان يتمتعوا بكامل حقوقهم وواجباتهم في وطنهم ... والسلطه وعلى رأسها الرئيس علي عبدالله صالح يتحمل مسؤولية الاسراع في حل قضاياهم من دون النظر للتاريخ السياسي لهم بل كمواطنين واما اذا تم التعامل معهم على اساس سياسي فهذا يعني انهم اصحاب قضيه سياسيه ومن حقهم ان يدافعوا عنها ... الاوطان لاتبنى على الحساسيات السياسيه .    

الوطن لا يحتاج الى ردود افعال غير مدروسه تعتمد على المصالح الانيه بقدر مايحتاج الى افعال موزونه ومدروسه تراعي مصالح البلاد والعباد .

الوطن يحتاج الى الحوار الواقعي والشامل لكل القضايا ومن دون تحسس او خوف لأنه ليس ملكيه خاصه بفرد او جماعه معينه أو حزب ما بل ملك لكل ابناءه مهما اختلفت توجهاتهم الفكريه والسياسيه .

القرار السياسي الذكي هو الذي يتمكن من احتواء الازمات باقل الخسائر ولو لم يكن يرضي قله من الناس لايهمها الا مصالحها الخاصة.