هل ثورتنا من أجل التغيير السياسي ام ثورة تشمل منظومة الأخلاق والقيم الفاسدة؟
بقلم/ د: حسين عبدالقادر هرهره
نشر منذ: 13 سنة و 4 أشهر و 6 أيام
الإثنين 08 أغسطس-آب 2011 11:15 م

نعاني نحن أبناء اليمن في كافة المحافظات اليمنية شمالها وجنوبها وشرقها وغربها من منظومة قيم وأخلاقيات فاسدة صنعها النظام بفساده وسوء أخلاقه، وقد أدت هذه المجموعة القيمية من الأخلاق دورها في إفساد المجتمع اليمني من خلال ممارسات النظام الحاكم المتمثل في الرئيس وأسرته وأبنائه وحزبه بحيث أصبحت هذه القيم الفاسدة جزءًا من حياة اليمنيين بسبب تطبيقها على الواقع العملي والمعيشي وبمرور السنين الطويلة أصبحت جزءًا من نظام حياتنا بينما لم يعد للقيم الحقيقة والأصيلة لأبناء اليمن أي مكان تحت الشمس وأصبح من يطالب بتغيير هذه القيم والأخلاقيات والعادات السيئة وكأنه يؤذن في مالطة كما يقول المثل.

والسؤل الذي يطرح نفسه اليوم: هل ثورة شعبنا اليمني العظيم هي ثورة من أجل التغيير السياسي فقط وإحلال حاكم بدلا عن حاكم وحزب بدلا عن حزب؟ أم أن الثورة لديها مسؤوليات جسيمة أهمها تغيير قيم وأخلاقيات الشعب اليمني التي افسدها النظام واصبحت وصمة عار تطارد كل يمني اينما حل وارتحل؟

إن لدينا مجموعة من العادات السيئة التي يجب على شباب الثورة ان يستغلوا الظرف الحالي والثورة المشتعلة ويطالبوا من خلالها كل ابناء الشعب اليمني بتغييرها, وعلى رأس هذه العادات زراعة القات التي اهلكت النظام الزراعي في اليمن واصبحت مرضا مستفحلا اهملت حكومة صالح اي علاج له بالرغم من تهديده للامن الغذائي للشعب اليمني؛ لانها حكومة ليس لديها شعور بالمسئولية تجاه هذا الشعب والشيء المهم للحكومة رئيسا ووزراء وحزب هو ماذا يكسبون خلال وجودهم في المناصب، والمطلوب من شباب الثورة ان يصدروا بيانا يطالبون فيه كل اليمنيين بالتوقف عن مضغ القات لانه عادة سيئة وتتناقض مع قيم التقدم الحضاري الذي تنشده الثورة اليمنية، ويسبب القات اليوم مجموعة من الأمراض الخطيرة على رأسها السرطان بسبب المواد الكيماوية التي يرش بها مما يؤثر تأثير مباشرا على صحة المواطن، كما ان ضرر القات على الزراعة يعرفه كل اليمنيين حيث أن القات يحتل ما يقارب 70% من الأراضي الصالحة للزراعة، وهذه النبتة الخبيثة تستنزف المياه الجوفية هذا غير أن إدمانها يضيع على اليمنيين ملايين ساعات العمل التي يجب أن يستغلوها في العمل والإنتاج، كما أنها سلعة غير إستراتيجية ولا يمكن أن تفيد في حالة توقف استيراد المواد الغذائية من الخارج بسبب اي طارئ يحدث في العالم، إضافة إلى أن اليمنيين ينفقون عليها أكثر مما ينفقون على التعليم والصحة والغذاء او تربية أبنائهم وقد تم رصد ما ينفقه اليمنيين على القات في اليوم الواحد بعدة مليارات من الريالات، إن هذا الوباء يجب أن يحتل موقع الصدارة في قائمة التغيير الثوري ويجب ان ينادي الشباب في كل ساحات التغيير ان على ابناء الشعب اليمني الثائر على الظلم والاستبداد عليه ان يثور ضد كل العادات التي السيئة التي عمل النظام على تجذيرها في وعي الشعب اليمني وانه يجب على الجميع ان يتوقفوا عن مضغ القات وشرائه وان على المزارعين الاستجابة للثورة بتغيير زراعتهم الى ما ينفع الشعب وكذلك التوقف عن استخدام المواد الكيماوية في كل أنواع الزراعة رحمة بهذا الشعب.

الأمر الآخر الرشوة، وما أدراك ما الرشوة، إنها سبب كل بلاء اليمن ومن اجلها بيعت اليمن وشعبها وثروتها ومن اجلها فسدت أخلاق اليمنيين وأصبحنا في نظر كل شعوب العالم مادة يتندر بنا كل من هب ودب، وإذا فتحت هذا الباب وكتبت ما اعرفه شخصيا من قضايا الفساد لكبار المسئولين وكيف أضاعوا على اليمن الكثير من الفرص الاستثمارية كانت كفيلة بتغيير حياة اليمنيين لاحتاج الأمر الى كتاب اسميه كتاب (فضائح النظام اليمني) ولكنني احيل كل المهتمين الى المقابلات التي تبثها قناة سهيل مع كثير من المسئولين الذين لديهم إثباتات مستندية بكل ما يحدث من فساد في كل أركان الدولة سببه الرشوة، ما جعل الدولة اليمنية على قائمة اكثر الدول فسادا في العالم حسب التقارير الدولية الموثقة، لذا اقول ان على الشباب في الساحات ان يعلنوا لكل الثائرين ان من يرتشي فانه محسوب على النظام وليس له سهم في الثورة وانه يمنع منعا باتا اخذ او اعطاء الرشوة، ويتم تأسيس لجنة محاربة الرشوة في كل الساحات تكون مهمتها استقبال ومتابعة قضايا الرشوة وفضح كل المسئولين الذين يصرون على استغلال حاجة الناس في انجاز معاملاتهم، ولا شك ان هذا الموضوع يجب ان يكون ضمن اهتمامات الدولة اليمنية القادمة.

ايضا لدينا مصيبة اسمها الشرطة، فنحن بحاجة الى تغيير عقيدة هذا الجهاز القائم على الفوضى والرشوة والغاء ما يسمى بالطقم الذي لا يتحرك لخدمة المواطن الا بدفع الرشوة ، لقد اصبح هذا الجهاز عار على اليمن لانه يمثل نظام علي صالح وحزبه وهو جزء من منظومة الفساد التي يرعاها هذا النظام الذي ثبت عقلية القرون الوسطى في تعاملاته لدى كل من اليمنيين وغير اليمنيين ولابد لأي حكومة قادمة ان تعمل بشكل عاجل على تغيير نظام الشرطة واستبدال كل من يثبت عدم قدرته على التغيير بشباب لا يقل مؤهلهم عن الثانوية العامة ويتم تدريبهم تدريبا مكثفا على تطبيق القانون حتى نخرج من هذا القمقم الذي وضعنا فيه النظام، ولكن هناك امر في غاية الأهمية وهو ان يتم اعادة هيكلة نظام الرواتب لا نه لا يمكن القول اننا سوف نمنع الفساد ونعيد للقانون هيبته في حياتنا بينما لا يكفي راتب الشرطي لشراء ضروريات الحياة ان التغيير تلزمه تكلفة ويجب ان ندفعها.

واخيرا لابد من اعادة الاعتبار للقضاء في اليمن الذي اصبح ملوثا وعار على كل يمني وهذا الامر يحتاج الى لجنة من القانونيين الثقات لاعادة تنظيم القضاء بحيث يصبح قضاء مستقل له قوته، وعنده من الصلاحيات ما يمكنه من تنفيذ كل أحكامه حتى لو كان المتهم رئيس الجمهورية او وزير او شيخ قبيلة، فلا يمكن لليمن ان يتقدم اذا لم يكن لديه قضاء قوي ومستقل وشرطة قوية قادرة على الضرب بيد من حديد على كل فاسد.

إن النظام السابق في اليمن كان سببا رئيسيا في فساد القضاء بعدم السماح لا حكامه ان تنفذ، ولاشك ان لدينا قضاة محترمون وان كانوا قلة الا ان النظام لم يسمح لهم ان يقوموا بعملهم وواجبهم بما يرضي الله، وقد اطلعت شخصيا على قضية احد المستثمرين اليمنيين المغتربين الذين استمرت قضيتهم في المحكمة اكثر من عشر سنوات مما دفع القاضي المحترم ان يقول له بصراحة ان غريمه رجل من شلة الرئيس (وهو شخصية معروفة ومن كبار المتنفذين في اليمن) وان عليه ان اراد استرجاع حقوقه ان يذهب الى الرئيس، وفي اجتماع للرئيس مع المستثمرين اليمنيين المغتربين تقدموا له بالشكاوى وتم تسليم الملفات لشخص مكلف من قبل الرئيس حتى يعرضها على سيادته، وقدم صاحبنا ملفه مثل غيره، وبمراجعة الملفات تم استثناء ملفه لان غريمه على علاقة وثيقة بالمسئول المكلف من قبل الرئيس ولم تنتهي مشكلته حتى اليوم وقد مر عليها اكثر من خمسة عشر عاما.

اخيرا اقول اذا كان لليمن امل في ان تتغير الى الافضل فان املنا بالله وبهذه الثورة المباركة التي نسأل الله ان ينصرها وان يعجل لليمن بالفرج من هذا الكابوس، انه ولي ذلك والقادر عليه.