القائد أحمد الشرع يتحدث عن ترشحه لرئاسة سوريا أميركا تطلب من عُمان طرد الحوثيين من أراضيها مؤشرات على اقتراب ساعة الخلاص واسقاط الإنقلاب في اليمن.. القوات المسلحة تعلن الجاهزية وحديث عن دعم لتحرير الحديدة تعرف على ترتيب رونالدو في قائمة أفضل 100 لاعب في العالم قرار مفاجئ يفتح أبواب التحدي في كأس الخليج تقارير حقوقية تكشف عن انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية الكشف عن ودائع الأسد في البنوك البريطانية..و مطالبات بإعادتها للشعب السوري ماهر ومملوك والنمر وجزار داريا.. أين هرب أبرز و كبار قيادات نظام الأسد الجيش السوداني يُعلن مقتل قائد لقوات الدعم السريع في الفاشر إيران تطالب الحكومة السورية الجديدة بتسديد 30 مليار دولار ديون لإيران قدمتها لبشار
توقفتُ مطولا أمامَ معاناتِ نبي اللهِ يوسف ( عليه السلام ) ، وهو يصارعُ النفسَ أمام خيارين ، أيهما يختارُ ، حياةَ التنعمِ في قصر السلطةِ والسلطان ، ونيلَ العطايا وقبضَ الملايين ، والسياحةَ في الأرض بختمٍ ملكي ونفوذٍ أميري . كلُ ذلك وأكثر مقابلَ سقوطه في التبعية المطلقةِ لمطامع النفسِ ، والخيانة لسمو المنبتِ ، والتسليم لرغبات أصحاب المعالي . أم يختارُ السجنَ وأهوالَه ، والتشنيعَ عليه بالتهم الباطلةِ ، وبما ليس فيه من السوء والسَفَهِ ، مقابلَ ثباته على الحقِ ، وعدمِ اتباع الهوى وداعي الدنيا . إنَّه موقفٌ قاهرٌ لنفوس الرجال وصفوفِ الجماعاتِ ، إنَّه ابتلاءٌ لا يجتازه إلا المخلصون المتجردون . فكان اختيارُ يوسفَ مستعينا بربِه " رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ " . لقد كان في سعته أن يتنازلَ وينصاعَ ، مجتهدا بفقه الواقع ، بالاضطرار والإكراه ، حيث الغلبة لقوةِ السلطة أمام ضعفِه الفردي ووضعه الشبه استعبادي ، في كنف من قاموا برعايته ، والنفقةِ عليه ، وهم اليوم من يدبرون أمرَه ويديرون شأنَه ، بعد أن بغى عليه أخوتُه ، وسعوا في وأده واستئصاله . ولكنه قرر أنَّ السجنَ أحبُ إليه من خيانة دينه ومعتقدِه ، والمتاجرةِ بمآثر أهله ، وعلى أن يصبحَ مأجورا ، يرسمون له مهامَه ومهماتِه وفقَ مطامعِهم وأهوائِهم .
توقفتُ أمامَ هذا الشموخِ والثباتِ والتوفيقِ والتقوى ، وأنا أنظرُ لحالِ مكوناتنا السياسيةِ وجماعاتنا الحركية والدعويةِ ، وصفوةِ رجالِ أمتنا الإسلاميةِ وأوطاننا العربيةِ . هاماتٌ سياسية ووطنية ، ورموزٔ علمية وثقافية ، ومراجعُ دعوية وتربويةٍ ، كيف سقطوا في يَمِ الطغاة والمفسدين من الحكام والحكومات ، فصاروا يتنعمون بملذاتِ الحياة ورونق المركزِ ، وأصبحوا خاتما في أصبع حاكمٍ مجرم ، او شخشيخةً في يدِ سياسي غِرٍ . مفرطين في حياة أهلِهم وسيادة وطنهم ، يخذلون أمةً كانت ترى فيهم عزةً وإخلاصا ، فإذا بهم في فسطاط غيرِ الوطن ، وفي جمعٍ غير الشعب . في مدارٍ خُطِطَ لهم يسبحون ، وعلى خيطٍ رفيعٍ رُسِمَ يسيرون ، لا معارضة ولا مقاومة ، ولهم ما يشتهون ، حفظوا أرواحَهم وحريتَهم ، ونالوا مراكزَ عاليةً ، وكنزوا ذهبا وفضة ، وساح أهلُهم في الأرض ، صغارا وكبارا متنعمين . وهناك في الأمة من ثَبَتَ ، رافضا حياة التبعيةِ والعبودية ، فصاروا في السجونِ والمعتقلات يقبعون ، ومن نسمةِ هواءٍ يُحرَمُون .
اليومَ في إمكان أهلِ الثبات والصدقِ ، جماعاتٍ وفرادى ، أن يخرجوا من الضيق للسعةِ ، ومن السجنِ للحرية ، ومن القهر للنعمة ، فقط عليهم أن يسيروا في ركبِ المخطط العالمي ، ويؤيدوا الحاكمَ الفرعوني ، ويتعايشوا مع واقع التآخي الصهيوني ، عليهم أن يفعلوا ما يؤمَرون به ، أو ليُسجَنُنَّ ولَيكُونُن صاغرين . ولكنهم فئة صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، في فهم رسالتهم ، وإخلاص قضيتهم ، وصدق موقفهم . فأختاروا جنة السجن والسجان ، على نار القصر والسلطان .
بضعُ سنين قهرٍ فقط ، فاجتاز يوسفُ الامتحانَ ، ليخرجَ مبرئا من كل تهمةٍ ، معززا مكرما ، قد هيأ له اللهُ ثمنَ ثباته وصبره ، وجائزةَ تقواه وإخلاصِه . فليت أشباهَ الرجالِ يعلمون ، أما الرجالُ فهم في نورِ سجونِهم وقهرِ أوطانِهم قد عَلِموا ، وهم بما عَلِموا في سكينةٍ يتنعمون ، وبكل فخرٍ وسمو يَحيَّون . هم الأحرارُ حقا ، وغيرُهم هم المسجونون .