وزارة الأسماك.. إذ تغطي سوأتها بورقة توت
بقلم/ عبدالله دوبله
نشر منذ: 11 سنة و 7 أشهر و 24 يوماً
الأحد 28 إبريل-نيسان 2013 04:03 م
وجه رئيس الجمهورية - عند زيارته إلى الحديدة مؤخرًا - بإلغاء كل اتفاقيات الصيد في المياه الإقليمية اليمنية باعتبارها غير قانونية. وهي بالفعل غير قانونية.

الخميس الفائت وزعت وزارة الأسماك بيانا دعائيًا ومدلسًا، نشرته عديد من الصحف الرسمية، بأنها لم توقع اتفاقيات صيد منذ 2008، وأن كل ما في الأمر أن الوزارة المحترمة جدا تنفذ حكم محكمة بمنح مجموعة باقيس 150 رحلة بحرية لمدة ثلاث سنوات في البحر الأحمر، نفذت منها 50 رحلة بحرية في الفترة سبتمبر 2012 إلى إبريل 2013. وهي الصفقة التي كانت أحد أسباب التوتر في محافظة الحديدة بعد احتجاج الصيادين الذين احتجزوا إحدى سفن الجرف العشر التي أحضرها باقيس للاصطياد في البحر الأحمر.

 لكن إليكم هذه القصة عن هذا الحكم القضائي أو ما يبدو أنه أنجيل الخلاص لوزارة الأسماك. فهو ليس إلا واجهة لعملية احتيال وتلاعب قذر بالمصالح العامة، وخيانة مسؤولية أيضًا.

القصة هي أن مخلصا لمستحقات الوزارة لدى شركات الصيد بالجرف الأجنبية يدعى "باقيس" لم يفِ بالتزاماته في العام 1998 لتصادر الوزارة مبالغ الضمان التي كان يغطيها له أحد البنوك التجارية، وليتبقى عنده مبلغ اربعمئة ألف دولار، في العام 2008 تقدم التاجر بطلب تعويض إلى الوزارة لتعقد لجنة عليا في الوزارة اجتماعًا لأجل محضر تصالحي معه، حيث كان يطالب بمبلغ ثلاثة ملايين دولار، قالت اللجنة: إنه مبلغ مهول ومبالغ فيه، إلا أنها لم تقل ما هو المبلغ الذي يستحقه بالفعل، لتذهب إلى مقترح بإعطائه 150 رحلة بحرية إلى 200 رحلة بحرية في البحر الأحمر بامتيازات مثل امتيازات سابقة لشركة تدعى شركة الخولاني، هكذا بالنص، وهي امتيازات مخالفة لقانون الصيد للعام 2005. كما ذهبت اللجنة إلى تخفيض مبلغ الدين المستحق على التاجر من 400 ألف دولار إلى 80 ألف دولار فقط. إلا أن هذا المحضر كان يشترط في أحد بنوده توقيع الوزير والتاجر عليه ليصبح نافذًا، وحين رفض الوزير السابق محمود الصغيري التوقيع أصبح المحضر كأن لم يكن.

في 2010 تقدم التاجر بدعوى لدى المحكمة التجارية الابتدائية بصنعاء، لم تستغرق أكثر من شهر، وترافع فيها المحامي حمزة السقاف، نائب الشؤون القانونية عن الوزارة، وهو نفسه من كان أعد المحضر سابقا، ليقضي القاضي بتنفيذ المحضر كما ورد، ودحض شرط بند توقيع الوزير بدعوى رغبة التصالح لدى الطرفين ليصبح المحضر نافذا، وكما هو واضح لم تقم الدعوى على عمليات حسابية حقيقية أو مستندات فعلية عما إذا كان التاجر يستحق التعويض في الأصل. أو حتى ما هو المبلغ الذي يستحقه، حيث هو غير مذكور في المحضر وإنما هناك الـ150 أو 200 رحلة بحرية في البحر الأحمر بامتيازات الخولاني غير القانونية. 

وبما أن المترافع عن الوزارة هو من أعد المحضر سابقا حدث ذلك التهاون الفاضح في الترافع، في أمر يبدو واضحًا إنه دبر له، حيث لم يقم محامي الوزارة السقاف باستئناف الحكم ليصبح الحكم الابتدائي باتا ونهائيا، في قضية فساد روائحها تزكم الأنوف.

كذلك المحضر والحكم الذي يقضي به رغم مخالفاتهما الصريحة للقانون لا يتضمنان اتفاقية تفصيلية بالصيد، وقد تم بالفعل توقيع اتفاقية في العام 2012، وهي أيضا تحوي مخالفات فاضحة لقانون الصيد في عديد من بنودها،. لتفاصيل أكثر يمكنكم الاطلاع على مقال لي بعنوان "بالوثائق.. قصة فساد محبوكة بعناية"، نشر في يومية "الشارع" وموقع "المصدر أون لاين"، يمكنكم البحث عنه في "جوجل".

قمة الوقاحة أن يعتذر بهذا الحكم الواهي كبيت العنكبوت، فهو كمن يغطي سوأته بورقة توت.