آخر الاخبار

مليشيات الحوثي تُدرج مادة دراسية طائفية في الجامعات الخاصة. اللواء سلطان العرادة: القيادة السياسية تسعى لتعزيز حضور الدولة ومؤسساتها المختلفة نائب وزير التربية يتفقد سير اختبارات الفصل الدراسي الأول بمحافظة مأرب. تقرير : فساد مدير مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة إب.. هامور يدمر الاقتصاد المحلي ويدفع التجار نحو هاوية الإفلاس مصدر حكومي: رئاسة الوزراء ملتزمة بقرار نقل السلطة وليس لديها أي معارك جانبية او خلافات مع المستويات القيادية وزير الداخلية يحيل مدير الأحوال المدنية بعدن للتحقيق بسبب تورطه بإصدار بطائق شخصية لجنسيات اجنبية والمجلس الانتقالي يعترض إدارة العمليات العسكرية تحقق انتصارات واسعة باتجاه مدينة حماةو القوات الروسية تبدا الانسحاب المعارضة في كوريا الجنوبية تبدأ إجراءات لعزل رئيس الدولة أبعاد التقارب السعودي الإيراني على اليمن .. تقرير بريطاني يناقش أبعاد الصراع المتطور الأمم المتحدة تكشف عن عدد المليارات التي تحتاجها لدعم خطتها الإنسانية في اليمن للعام 2025

حرب الأخبار.. حرب الأفكار
بقلم/ محمد علي صالح
نشر منذ: 17 سنة و 8 أشهر و 3 أيام
الأحد 01 إبريل-نيسان 2007 07:58 ص

مأرب برس – واشنطن - محمد علي صالح

يوم الثلاثاء، عرض تلفزيون بي بي اس الأميركي الحلقة الرابعة والأخيرة من سلسلة «حرب الاخبار» الوثائقية عن دور التلفزيونات والصحف والإذاعات في الحرب ضد الارهاب، التي اعلنها الرئيس بوش بعد هجوم 11 سبتمبر (ايلول) على اميركا. كانت الحلقة الاخيرة عن «حرب الأفكار»، اشارة الى جملة قالها، قبل خمس سنوات، الرئيس بوش: «نحن نحارب في جبهات مختلفة: عسكرية واقتصادية وسياسية وفكرية. ونحن واثقون من اننا سننتصر في كل جبهة».

وضع دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع السابق، اسس الحرب ضد الارهاب، واعترف بأن «الحرب الفكرية» جزء منها، وقال: «نخوض حربا فكرية مثلما نخوض حربا عسكرية. ونؤمن ايمانا قويا بان فكرنا لا منافس له. لكن، ما لا يعرفه الناس خارج وطننا، نريد ان ننشره بطرق يفهمها الآخرون، ويقتنعون بها».

لكن، يبدو ان مارك غنزبيرغ، السفير الاميركي السابق في المغرب، ومن خبراء واشنطن المتخصصين في شؤون الشرق الاوسط، اقل تفاؤلا. قال لجريدة «واشنطن تايمز»: «انهزمنا في الحرب الفكرية لسببين: اولا، لأننا تركنا الساحة للاسلاميين المتطرفين. ثانيا، لأننا لم نساعد الدول الاسلامية الحليفة لنا التي تواجه هؤلاء المتطرفين».

وقبل خمس سنوات، بدأ تاكر اسكيو، مدير الاتصالات العالمية في البيت الابيض، وضع خطة لنشر الافكار الاميركية في الدول العربية والاسلامية، ومهد الطريق امام تأسيس راديو «سوا» وتلفزيون «الحرة». وقال في ذلك الوقت: «نملك المال، ونملك الخبرة، ونملك الافكار. ولن يقدر انسان على الوقوف امامنا».

* بي بي اس لهذا، بعد خمس سنوات، زار غريغ باركر، مذيع في تلفزيون بي بي اس، دولا في الشرق الاوسط، ليعرف عن قرب ماذا حدث للمشروع الاعلامي الفكري الاميركي، خاصة بسبب نجاح قنوات تلفزيونية عربية مثل «الجزيرة» و«العربية». وكان هذا موضوع الحلقة الرابعة والاخيرة.

وصلت الحلقة الى خلاصتين:

اولا، قال باركر: ينظر الصحافيون العرب الى الاحداث نظرة مختلفة عن نظرة المسؤولين الاميركيين. قال ذلك وكأنه يعلن خبرا جديدا مفاجئا. لكن، طبعا، ليس هذا خبرا مفاجئا. ليس الحديث هو المشكلة، ولكن فهم الحديث هو المشكلة. ثانيا، قال باركر: ليس هناك شيء واحد اسمه الاعلام العربي. شيء نخاطبه، نتعاون معه، او نعاديه. قال ذلك وكأنه، ايضا، خبر جديد. وقال ذلك بعد ان وجد اختلافات كبيرة بين قنوات تلفزيونية مثل «الجزيرة» في جانب، و«المنار» في الجانب الآخر.

يوضح البرنامج ان هناك ما يشبه «حوار الطرشان» بين الجانبين، لأن هناك اختلافا اساسيا في الكلمات الاساسية: من هو «المسلم المعتدل»؟ ومن هو «المسلم المتطرف»؟ ما هي القناة التلفزيونية «المتطرفة»؟ وما هي القناة التلفزيونية «المعتدلة»؟

«الحرة» لكن، على الاقل، وصل البرنامج الى خلاصة مؤكدة وهي ان تلفزيون «الحرة»، الذي يعكس رأي الحكومة الاميركية، لا يعكس رأي المواطن العربي او المسلم. لم يقل هذا، في البرنامج، صحافي عربي او مسلم، ولكن قاله دنكان ماكينيس، مسؤول اعلامي في وزارة الخارجية الاميركية. قال: «حتى اذا قدم تلفزيون الحرة صورة جندي اميركي يبني مستشفى في العراق، ينظر اليه العرب، اساسا، كجندي اميركي في العراق. العرب غير مرتاحين لوجود قوات اجنبية في العراق».

تدل هذه الجملة على المشكلة الاساسية، لأن ماكينيس، عندما وصف رأي العرب والمسلمين في احتلال العراق، استعمل كلمة «ابسيت» (غير مرتاح)، بدلا عن كلمة «اوبوز» (يعارض)، او «انغري» (غاضب). وطبعا، لم يستعمل المسؤول، ولا يستعمل تلفزيون «الحرة»، كلمة «اكويوبيشن» (احتلال)، ولم يستعملها البرنامج نفسه، رغم انه قال انه سيقيم الحرب الاعلامية بين تلفزيون الحكومة الاميركية والتلفزيونات العربية.

* «واشنطن بوست» شاهد بول فارهي، صحافي في جريدة «واشنطن بوست»، البرنامج، وكتب عنه. لكنه صار طرفا في الحرب الفكرية، لانه وقف ضد الصحافيين العرب، وانتقد مقدم البرنامج لانه لم ينقد الصحافيين العرب نقدا مباشرا. انتقد فارهي التلفزيونات العربية لاكثر من سبب: اولا، لانها تجري مقابلات مع شخصيات ارهابية (مثل اسامة بن لادن وايمن الظواهري). ثانيا، لانها تعرض مناظر «قبيحة» مثل صور الجنود الاميركيين القتلى. ثالثا، لانها «تبالغ» او «تكذب».

انتقد فارهي اكثر من «كذبة»:

الاولى، قدم البرنامج فقرة من مقابلة في قناة عربية مع جنرال اميركي عن عمليات انفجارية في مدينة الصدر في بغداد، قتلت اكثر من 200 شخص. وسأل الصحافي العربي الجنرال الاميركي، اذا كانت الانفجارات «مؤامرة» اميركية. اغضب هذا السؤال صحافي «واشنطن بوست»، الذي اعتبره جزءا من «اكاذيب» الصحافيين العرب. طبعا، ربما كانت الانفجارات مؤامرة، وربما لم تكن مؤامرة. لكن يبدو ان الصحافيين الاميركيين لا يفهمون ان اساس المشكلة هو وجود الجنرالات الاميركيين في العراق، تآمروا، ام لم يتآمروا.

المثال الثاني: غضب صحافي «واشنطن بوست» لأن البرنامج قدم مقابلة مع صحافي في تلفزيون «الجزيرة»، قال فيه ان التغطية الصحافية الاميركية لضرب اسرائيل للبنان، في السنة الماضية، «لم تكن متوازنة». وكأن الصحافي العربي يجب الا يقول ان الاعلام الاميركي يؤيد اسرائيل اكثر مما يؤيد العرب.

* ضيوف آخرون قدم البرنامج، بالإضافة الى المقابلة مع ماكينيس، مسؤول الحملة الاعلامية في وزارة الخارجية، مقابلات اخرى. انتقد بريان كونيف، مسؤول في تلفزيون «الحرة» الصحافيين العرب ايضا، وقال: «توجد في الشرق الاوسط اكثر من 250 قناة فضائية. لكن، لا توجد فيها قناة واحدة تقدم صورة صحيحة لأميركا وقيمها وسياساتها، ولا حتى تقدم صورة صحيحة لأي شيء آخر». وقال محمد عفيف، مدير الأخبار في قناة «المنار» اللبنانية: «نحن تلفزيون المقاومة ضد العدو الصهيوني». وكأنه يرد على صحافي جريدة «واشنطن بوست» عندما قال: «عندنا قضية، وليس سهلا ان نفرق بين القضية والخبر». وسأل: «هل تعرف اي تلفزيون محايد في العالم؟ هل بي بي سي محايدة؟ هل سي ان ان محايدة؟ لكن، رغم ذلك، اصر محمد عفيف على «نحن صحافيون محترفون».

وقدم البرنامج مثالا آخر على الشقة الواسعة والعميقة بين صحافة اميركا وصحافة العرب عندما انتقل، في بيروت، من مكتب تلفزيون «المنار» الى مكتب تلفزيون «الحرة». كان محمد عفيف قال له ان الشيخ حسن نصر الله، زعيم حزب الله في لبنان، سيلقى خطابا، وستنقله القناة مباشرة. لكن، قالت له كلوديا ابي حنا مراسلة تلفزيون «الحرة»: نقلنا ثلاثين ثانية من خطاب نصر الله. (جملة قال فيها: لا يترأس حكومة لبنان رئيس وزراء لبنان. يترأسها السفير الاميركي في لبنان).

* «الجزيرة» و«العربية» وخلال البرنامج قالت بشرى عبد الصمد، في مكتب «الجزيرة» في بيروت: من الصعب ان تكون محايدا، بعد الحرب ظن الناس اننا موالون ونعمل لحساب حزب الله، وذلك بسبب موقفنا من الحرب، لكن موقفنا ليس مع حزب الله، ولكن ضد ما تفعله اسرائيل، ولا يمكن ان يكون لك موقف اخر. وزار مقدم البرنامج مكاتب «الجزيرة»، ومكاتب «العربية»، وقيادة القوات الاميركية. قال له وضاح خنفر، مسؤول في «الجزيرة»: اتهمنا الاميركيون، بعد سقوط بغداد، بأننا نثير المشاعر ضد الجنود الاميركيين... لكننا لم نكن نفعل ذلك بالتأكيد. واضاف حول طرد «الجزيرة» من العراق في عام 2004: الوضع كان متوترا انذاك.. وظنوا ان اغلاق مكتبنا سيسمح ببث صور مختلفة عن العراق، ولكن برهنت احداث السنتين الماضيتين المتدهورة، بان ما يحدث في العراق ليس بسبب «الجزيرة». ويوضح مقدم البرنامج «لكن القناة مسؤولة.. عن اعطاء رسائل بن لادن كل هذه الأهمية» (مضيفا انها تغطى في سياق اخباري حيث يتم تحليلها في ما بعد). وخلال البرنامج يقول عبد الرحمن الراشد، مدير «العربية»: ربما السياسة والأخبار في الغرب جزء من الترفيه. لكنها هنا مسألة حياة او موت. ووصف البرنامج «العربية» بأنها ذات نبرة معتدلة بالمقارنة بـ«الجزيرة»، لكن ذلك لا يعني انها موالية لأميركا.

قال البرنامج ان «الجزيرة» لا تزال الاولى مقارنة بـ«العربية»، لكنها تعمل للانتصار عليها. وقال الراشد: «نحن نفوز بدون شرائط بن لادن... واعتقد ان ذلك ظاهرة وتحد بحد ذاته».

* «حوار الطرشان» في نهاية البرنامج، قال مسؤول اميركي: انا لا اخاف من اي فكر، اميركي او اجنبي. وعلينا، نحن الاميركيين، ان نواصل تراثنا ونقبل اي فكر. اولا، لن يقتلنا اي فكر. وثانيا، يجب ان نعرف افكار غيرنا. واضح ان البرنامج، بتقديمه هذه الجملة غير العدائية في آخر ثانية، يتمنى ان يصل المسؤولون الاميركيون والصحافيون العرب الى نقطة في الوسط. (ربما لهذا قال صحافي «واشنطن بوست» ان البرنامج جامل الصحافيين العرب). لكن، لم يكن الوصول الى نقطة في الوسط سهلا: اولا، لأن اغلبية الصحافيين الاميركيين تنظر نظرة دنيوية للصحافيين العرب، مثل الاتهامات السابقة بانهم «يكذبون» و«يبالغون». ثانيا، لأن العرض الاميركي يميل نحو العقلانية، بينما يميل العرض العربي نحو العاطفية. ثالثا، لان روح الوطنية تنعكس على الصحافيين الاميركيين

 المصدر / الشرق ألأوسط