أول دولة عربية ستُعيد فتح سفارتها في سوريا جلسة جديدة لمجلس الأمن تناقش الوضعين الإنساني والإقتصادي باليمن تصريحات جديدة ''مطمئنة'' للجولاني والبشير بشأن مستقبل سوريا ''في صيدنايا ما في داعي أبداً لوجود غرف سرّية لأن كل شيء كان يصير على العلن''.. الدفاع المدني يعلن عدم العثور على أقبية أو سجون سرية معارك مازالت تخوضها فصائل المعارضة السورية التي أطاحت بنظام الأسد معلومات جديدة حول هروب المخلوع بشار الأسد من سوريا أسماء الخلية الحوثية التي صدرت بحقها أحكام إعدام وسجن طارق صالح يتوعد عبدالملك الحوثي بمصير بشار ويقول أن ''صنعاء ستشهد ما شهدته دمشق'' تطورات مفاجئة… الجيش الروسي يطوق قوات أوكرانيا بلينكن يحدد شروط اعتراف الولايات المتحدة بالحكومة السورية الجديدة
مأرب برس / لندن / خاص
سيصل الرئيس علي عبد الله صالح إلى لندن منتصف هذا الشهر للمشاركة في مؤتمر الدول المانحة على طائرة رئاسية " يمن فورس وان " من طراز جامبو مجهزة بأحدث وسائل الراحة والاتصالات وغرفة للاجتماعات لا يقل قيمتها عن 300 مليون دولار ، ناهيك عن صرفيات إبقاءها في الخدمة وقطع غيارها وطاقمها الخاص ، وكل هذه صرفيات تكلفتها بالملايين ، فكيف سنقنع العالم أن من سيهبط من هذه الطائرة رئيس لدولة فقيرة وصل ليبحث عن مساعدات لإنقاذ مصير الآلاف من ألأطفال أصبحوا سلعة للتهريب إلى الخارج للتسول في دول الجوار بسبب الفقر الذي يعيشونه في اليمن .. كيف سيتقبل عاقل أن الرئيس الذي ستحط طائرته الضخمة الخاصة في مطار " هيثرو " وصل ليوقع على شروط طلب مساعدات من جيرانه الخليجيين لتوفير فرص عمل بعد ان تضاعفت فيه طوابير العاطلين عن العمل من الشباب .. كيف سيقتنع الرئيس اليمني الذي كشفت ليالي رمضان حالة البذخ في قصوره المترامية على طول البلاد وعرضها والتي أنفقت المليارات من اجل بناؤها وتأثيثها بأرقى وأفخم أنواع " الموبيليات " الايطالية أن بلده تعيش ضائقة مالية ويريد المساعدات بأي ثمن .. كيف سنصدق أن فخامته وصل للحصول على مشاريع بنية تحتية تساعد على وضع أرضية سليمة للاستثمار ، وهو الذي قال في كل خطاباته أنه شق الطرقات وبني المستشفيات وشيد المدارس وادخل الكهرباء إلى كل قرية ، فإذا كانت خطابات الرئيس تلك صحيحة فلماذا إذن هذا الاستجداء ولماذا هذا الرضوخ والقبول بالوصاية التي أصبحت خيارا خليجيا لإنشاء صندوق لتنمية اليمن .
الرئيس علي عبد الله صالح الذي سيصل بالطائرة الرئاسية اليمنية تقليدا لطائرة الرئاسة الأمريكية " يو اس فورس وان " التي يتنقل بها أي رئيس أمريكي يدخل البيت الأبيض ستستقبله في لندن روائح فساد نظام حكمه الذي صنعه في الداخل ووصل إلى الخارج ، فها هو القنصل اليمني في لندن ( عبد الله الشمام ) معتكف في منزلة منذ أكثر من شهر تقريبا بسبب خلاف حاد نشب بينة من جهة و السفير والمسئول المالي بالسفارة من جهة أخرى بسبب الفساد المالي في السفارة .. وهناك روائح فساد كبيرة كشفت عنها مصادر روسية في السفارة اليمنية في موسكو بسبب صفقات الأسلحة التي يشرف عليها الملحق العسكري اليمني يحي محب النبي وصلت إلى عشرات المليارات وهو شخص يستمد قوته من الرئيس لا من وزير الدفاع . فهل يعقل أن يصرف اليمن رسميا من عام 1994حتى 2003 فقط 8 مليار دولار لشراء أسلحة من روسيا لا ندري اين ذهبت هذه الأسلحة عندما اقتحمت القوات الاريترية جزيرة حنيش ، وفي عام 2004 اشترت اليمن أسلحة من روسيا أيضا بأكثر من مليار غير الصفقات التي يقوم بها رجل إعمال يمني كبير من روسيا والذي يحمل جواز دبلوماسي مسجل علية مستشار رئيس الجمهورية ، ويملك فلة في ضواحي موسكو في الحي الراقي تقدر ب 20 مليون دولار ، وهناك سفير أخر في دولة أوربية يلملم إغراضه استعدادا للرحيل من سفارته واللجوء إلى بلد آمن بعد أن فاض به الكيل من نظام أصبح مرتعا للفساد.. نظام بدون رؤية لا سياسية ولا اقتصادية للمستقبل .. نظام يقود 20 مليون يمني إلى المجهول بشطحات رجل واحد وحزب لا رأي لأي عضو فيه .. أليست هذه مؤشرات على إن تدهور الأوضاع في اليمن قد وصلت إلى تدمر حتى من هم في الخارج ؟ .
ففي مقالي الأخير قلت أن على الدول المانحة والدول الضامنة والتي ستشارك في مؤتمر لندن بعد أيام قلائل أن تفرض " الوصاية " على النظام في اليمن إذا أرادت بالفعل مساعدة الشعب اليمني لا إنقاذ النظام في اليمن ، وأكدت في ذلك المقال أن النظام في اليمن سيقبل بذلك لأنه أصبح مكشوفا بفساده للعالم ، كما أن 28 عاما من حكم الرئيس علي عبد الله صالح لن يتجادل حوله عاقل بأنه فشل فشلا مخزيا .. ما بقي للنظام في اليمن الا التشبث بـ " قشة " المساعدات التي ستمنحها الدول الخليجية ولن يمانع أيضا إذا خرج مؤتمر لندن بقرار يسمح للدول المانحة بتفتيش حسابات المسئولين في الحكومة بعد إصدار قانون الذمة الجديد ، بعد القبول بفرض الوصاية على تنفيذ المشاريع عبر صندوق الدول المانحة ، وهي مقدمة لمشروع كبير يجعل من النظام في اليمن صوريا ، وسيتأكد أي مراقب من هذا المشروع الذي يرسم لليمن من خلال تصريح بسيط قاله مارتن دنهام مدير إدارة أوروبا والشرق الأوسط والأمريكيتين في وزارة الخارجية البريطانية إن "اليمن بلد فقير للغاية ودولة قابلة للاختراق" ، والاختراق الذي قصده المسئول البريطاني تعبير واضح على " هشاشة " النظام الذي يمكن اختراقه بسهولة بعد أن أصبح لكل رأس فيه ثمن بسبب تفشي الفساد وتحول المتنفذين الى مراكز قوى في النظام ، وبسبب ترهل النظام أيضا وفقدانه لأية رؤية مستقبلية لإحداث إصلاحات سياسية جوهرية لا شكلية .
سيناريو إنقاذ النظام في اليمن كشف عنه الباحث الأمريكي " روبرت برويز " وهو من المقربين جدا من عبد الكريم الارياني عراب العلاقات اليمنية الأمريكية ، وكان برويز حاضرا في اليمن أثناء حملة الرئيس الانتخابية الأخيرة ليبلور فكرة بقاء الرئيس في السلطة وان الأزمة اقتصادية وليست سياسية ، في الدراسة التي قدمها برويز قبل أكثر من عامين في جامعة " هاروفرد " الأمريكية ، والتي حلل من خلال 51 صفحة تركيبة النظام في اليمن الذي وصفة بأنه أشبة بـ " العصابة " تسيطر على موارد الدولة ، وحذر من خلالها من انهيار الوضع في اليمن سيساعد البلاد في الدخول بدوامة الأفغنة او الصوملة وهو ما ردده بعده الرئيس صالح الذي يسير وراء نظرية روبرت برويز الباحث الأمريكي الذي اعتقد أن الخروج من أزمة الوضع في اليمن لن يأتي الا عبر ضخ أموال وجذب الاستثمارات إلى اليمن .. غير أن البروفيسور البريطاني الفريد هوليداي أستاذ العلوم السياسية في ( لندن اسكول اوف ايكونومي ) قال في محاضرة له قبل عامين أيضا وأمام السفير اليمني وقتها مطهر السعيدي وبحضور السفير السعودي في لندن في تلك الفترة الأمير تركي الفيصل : بأن اليمن تعيش وضعا مأساويا وأن الرئيس الذي يطلق على نفسه فارس العرب لا يزال يردد نفس شعارات الثورة التي انقضى على قيامها 42 عاما .. ولخص هوليداي وجهة نظره أن اليمن بحاجة الى تصحيح وضعه السياسي ليخرج من المأزق الذي يمر به .. وهي نفس الرؤية التي يشاركه أيضا كثير من السياسيين اليمنيين في الخارج من علي ناصر محمد إلى حيدر ابوبكر العطاس إلى الأستاذ عبد الله الاصنج والسفير اليمني السابق في سويسرا عبد الله النعمان وغيرهم الكثير من السياسيين الذين يجمعون أن الخطوة الأولى إلى استقرار اليمن تكمن في فكفكه النظام الذي أصبح مقتصرا على مقربين من الرئيس وعددا من المتنفذين وهي العقبة التي ستظل تعرقل أي تقدم في اليمن ، وبات النظام في اليمن شبيها لنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين ، وأن تحسن الأحوال الاقتصادية في اليمن لن تتحقق الا عبر استقرار سياسي لنظام يشارك فيه الجميع عبر حكومة وحدة وطنية لا تستبعد أحد اذا كان الرئيس بالفعل يؤمن بأن اليمن يتسع للجميع وليس له ولأسرته فقط ومجموعة من المتنفذين الذين وصفهم روبرت برويز بـ " العصابة " .
ويبدو الإدارة الأمريكية قد أخذت بنظرية الأمريكي برويز في جانبه المالي وتجاهلت الجانب السياسي ، وشجعت دول الخليج على ضخ الأموال الى اليمن واستثمار فائض دخلها من النفط في بناء البنية التحتية في اليمن عبر مشاريع الطاقة والمياه والطرقات ، ولكن الخليجيين الذي صبوا مساعدات بالمليارات منذ سنوات طويلة مضت الى قربة النظام اليمني "المخرومة " لم يعودوا مغفلين فاشترطوا صندوقا " الوصاية " للإشراف على المشاريع وأولوياتها وتمويل تنفيذها ، وهو ما رفضه اليمن من قبل ، لكن وكما أشرت ان اليمن لم يعد يمتلك أوراق قوة ، فخرج الرئيس علي عبد الله صالح مستسلما ورافعا الراية البيضاء ليكشف من تلقاء نفسه عن أكبر عقبة كانت تعترض نجاح المؤتمر هي مبدأ " الوصاية " والإشراف المباشر على القروض وتنفيذها من قبل الدول المانحة ، وأعلن وبوضوح " ضمنيا " بالوصاية ، بأن اليمن لن تعارض على قرار كهذا ليقينه أن النظام " الهش " الذي يرأسه منذ 28 عاما لم يعد يملك اية ورقة للمناورة ، وأن مفاتيح " اللعبة " خرجت من يديه ، بعد أن أصبح النظام في اليمن قاب قوسين او أدنى من الانهيار الكامل ، ووصول البلاد إلى حافة " هاوية " اقتصادية ستدمر البلد ومن عليها ، لذا فمقترح الباحث الأمريكي روبرت برويز الاقتصادية نجح ويجري تطبيقه ألان عبر مؤتمر لندن ، ولكن نسى الباحث برويز أن فقدان الرؤية السياسية للنظام الحالي ستدمر أي مشاريع استثمارية في اليمن قد يوافق عليها مؤتمر لندن ، لان الضمانة الوحيدة لاستمرار تدفق الاستثمارات وعودة الرأسمال الوطني المهاجر هي في وجود نظام سياسي مستقر لا يعيش على الأزمات وقابل للاستمرارية ويجنب البلاد شطحات وغرور النظام القائم والمتغطرس بإجادته فنون الضحك على المتحالفين معه والتراجع عن تعهداته واستمراءه للكذب على مواطنيه . ولعل بعض الكتاب الذين حملوا المعارضة مسؤولية عدم طرحها لمقترحات حول مؤتمر لندن ، او انها لم تقدم رؤية واضحة للخروج من الوضع الذي يمر به اليمن ، قد تناولوا ذلك بكثير من التسطيح ، و كشفوا عن قصر نظرتهم السياسية بل وفضحوا عن معاناتهم من نقص الشجاعة المهنية التي تتطلب قول الحقيقة لكسب المصداقية ، فما بلك بواقع مكشوف يعاني منه 20 مليون يمني .. فالمعارضة اليمنية قدمت أقصى ما تستطيع تقديمه في مواجهة نظام له مليون وجه .. أليس النظام هو من يتشدق بالديمقراطية للخارج ويعمل على وأدها في الداخل .. أليس النظام هو من يعمل على تفتيت المعارضة وتفريخ الأحزاب وإغلاق الصحف وإرعاب معارضيه كما حدث للدليمي الذي رفض الأمن السياسي توجيهات الرئيس بالإفراج عنه الا بضمانة تجارية ، وعابد المهذري والقائمة الانتقام السياسي تطول .. أليس النظام هو من وصف المعارضة بأنهم مرضى نفسيا وعليهم الذهاب إلى مصحة للإمراض العقلية.. أليس النظام من اتهم معارضيه بأنهم إرهابيين وأنهم " كروت " استخدمهم وقت الضرورة .. أليس النظام هو من كان وراء أعمال تفخيخ السيارات أثناء الحملة الانتخابية والتي لم يظهر لها صاحب حتى ألان ليقول للعالم إن الإسلاميين والاشتراكيين قتلة وإرهابيين .. إلا يعتبر رئيس النظام كل من يتحدث عن الفساد بأنه فاسد ، فكيف تريدون من المعارضة فعل شيء ورئيس الدولة يخون من يخالفه ويقتل من يفضح فساده ..
اليمن تمر بأزمة حقيقية والصامت عنها سيتحمل مسؤولية الكارثة التي ستحل على الشعب اليمني.. والأزمة ظاهرها اقتصادي وباطنها سياسي.. فاليمن مشكلتها لن تحلها قروض صندوق الوصاية الخليجي ، ولا ضمانة الدول والصناديق المانحة ، الأزمة تكمن في الرأس الذي لا يريد الاعتراف بالآخرين ، ولا يريد الاعتراف أن البلد ليست ملك لإفراد يتحكمون بمصير شعب بكامله .. اليمن تعيش جنونا سياسيا ومصير 20 مليون أصبح في كف عفريت.. و الحل لن يأتي عبر صندوق التنمية بل عبر إصلاح سياسي وجوهري في تركيبة وشكل النظام .. اليمن بحاجة إلى عقل يجنبها شطحات الجنون ومرض داء العظمة الذي سيهبط بعد أيام في لندن بطائرة جامبو خاصة للبحث عن مساعدات قليلة وأطفال بلدنا يشحتون على قارعة طرقات ومساجد دول الخليج .
والله المستعان .