أحدث ما قاله العلم حول القيلولة
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 17 سنة و 6 أشهر و 5 أيام
الثلاثاء 05 يونيو-حزيران 2007 10:00 م

اعتدال سلامه من برلين: قدمت دراسة صادرة عن مؤسسة الحماية من الإرهاق ومعالجة الأرق التابعة لجامعة ريغنسبورغ الألمانية، تعريفًا علميًا للقيلولة أو السيستا كما المعنى اللاتيني، وهي الاستراحة أو النوم القصير، ويدوم ما بين العشرة إلى الثلاثين دقيقة، وذلك حسب المناخ المحيط بالإنسان والإمكانية المتاحة له. ويجب أن تكون في وقت الظهر بعد تناول الغذاء أو وجبة صغيرة، وبعضهم يفضلها قبل ذلك، وأهم فوائدها أنها تشكل تجديدًا لنشاط الجسم. وذكرت الدراسة ما أشار إليه علماء النوم في اليابان، أن القيلولة ترفع من نسبة التركيز فيما بعد والقدر على العمل والتفاعل، واكتشفوا بعد بحوث طويلة أن أفضل قيلولة تعود بالفائدة الكبيرة على جسم الإنسان تلك التي لا تتعدى مدتها العشرين دقيقة لكن يجب ألا تكون متقطعة.

ويسمي البريطانيون القيلولة Power nap وأصبحت مطلوبة في كل ا لمؤسسات الدولية والشركات الكبيرة، لأنها تزيل التوتر لدى الموظفين، لذا عمل بعضها على توفير أماكن في مبانيها فرشت بوسادات أو أسرة صغيرة أو حتى زوايا من أجل أخذ قسط من الراحة أو السيستا.

لكن حذر العلماء من أن تطول القيلولة عن النصف ساعة وإلا يكون مفعولها عكسيًا لأن المرء بعد هذا الوقت يدخل في نوم عميق يصعب الإستيقاظ منه بسهولة والعمل بعد ذلك بنشاط.

وهناك بلاد أوروبية خاصة في اسكندينافيا، بدأت تعي اهمية القيلولة بعد أن أثتبت صحة ذلك دراسات علمية كثيرة، منها واحدة نشرتها مؤسسة ابحاث النوم والقيلولة في دوسلدوف أشارت أيضًا إلى اهمية تمتع الموظفين أو العمال بالإستراحة من خلال الإستلقاء لفترة لا تقل عن 15 دقيقة في مكان هادئ وقليل الضوء، فهي لا تزيد من قدرات العمل والنشاط والإبداع بل تحارب النعاس الذي يكافحه الموظفون خاصة بعد الظهر بشرب القهوة أو المنبهات.

إلا أن 6% فقط في ألمانيا حتى الآن يأخذون استراحة يسرقون خلالها قيلولة صغيرة خاصة في المكاتب الصغيرة حيث خصصت زاوية لهذا الغرض يتناوب عليها من يريد، وتسمى استراحة وقت الغذاء لكن تظل صفة الكسل مرافقة لهم .

ومع انتشار القيلولة وتبريرها علميًا، اقلعت بلدان اوروبية عن الاعتقاد بأنها عادة سكان البحر الابيض المتوسط ودول الجنوب مثل ايطاليا فقط ، وترافقهم صفة الكسل بل واصبحت موضوعًا مثيرًا للاهتمام ايضًا في الولايات المتحدة ا لأميركية واليابان وكندا التي بدأت شيئًا فشيء تدخلها في برنامج العمل.

وإحدى أهم الدراسات وضعتها قاعدة التجارب الفضائية الأميركية ناسًا بعد تجارب طويلة أكدت أنه وبعد قيلولة تدوم نصف ساعة ترتفع ردة الفعل لدى الإنسان حوالى 16% اكثر وتقل قلة الإنتباه وقلة التركيز بمقدار 34%، وهذا ما أكد عليه علماء جامعة هارفرد البريطانية للعمل والقدرات العملية. حيث أجروا عدة تجارب اتضح خلالها ايضًا أن قدرة الدماغ على العمل تتحسن بعد القيلولة القصيرة خلال النهار، وبأن النوم الكافي في الليل ليس ضروري لوحده بل والاستراحة النهارية ايضًا من أجل تمرين الذهن .

واليوم أدرك بعض أرباب عمل في الولايات المتحدة هذا الأمر، فحوّلوا ما هو نظري الى عملي بتوفير اماكن للموظفين لديهم مريحة لقضاء القيلولة، وبدأت شركات الطيران تمنح طياريها القيلولة في الرحلات الطويلة. وفي انكلترا وكندا تحولت غرف في العديد من الشركات إلى ركن للراحة قليلة الضوء وألوان جدرانها هادئة ومريحة، وفيها كراسٍ طويلة مع موسيقى هادئة. وتوجد شركات في اليابان حيث خصصت غرفًا صغيرة لموظفيها مظلمة بعض الشيء أطلق عليها اسم Relax center . وتحقيقًا للربح أسست شركات في طوكيو محلات قيلولة فيها خيم مريحة أو أنابيب خشبية مفروشة بطول مترين وعرض متر ونصف تكون أجرتها حسب المساحة والمدة.

وعلى الرغم من أن القيلولة ما زالت بعيدة عن فلسفة العمل في ألمانيا، ومن يعمل أطول، ومن دون انقطاع يكون رمزًا للعامل النشيط ، إلا أن ذلك سوف يصبح في الذكريات بعد انتشار تقارير الباحثين في شؤون العمل من بينهم ألمان يتحدثون عن فائدة الإستراحة القصيرة خلال النهار.

ويقول هؤلاء، إنه من الأفضل على المرء أن ينجز الاعمال الصعبة ما بين الساعة العاشرة والحادية عشرة من قبل الظهر أو بعد الظهر ما بعد الثالثة بدلاً من البدء بها بمجرد الوصول إلى المكتب في الساعة الثامنة أو التاسعة صباحًا أو الواحدة أو الثانية بعد الظهر. أي باختصار من يستغل قدراته البيولوجية على أفضل وجه في الاوقات المذكورة والتمتع باستراحة قصيرة يكون أكثر قدرة على العمل والإنجاز، أكثر من الذين يعملون لساعات طويلة من دون انقطاع فيصيبهم التوتر العصبي والتضجر من العمل.

ويعكف بعض مصممي المكاتب بالتعاون مع علماء في شؤون العمل على تصميم زوايا أو خيم للقيلولة إلى جانب كراسٍ ومقاعد مريحة للإستلقاء، إضافة إلى الكراسي الخاصة بمكاتب المدراء، وتريد بعض المؤسسات الصحية الأوروبية تقديم حلقات عن القيلولة وكيفية الاستفادة منها من أجل العمل بنشاط أكثر فيما بعد إلى جانب حصص لأفضل وسائل التغذية للعاملين مدة ساعات في المكاتب، واول المدن التي استفادة من ذلك فيشتا في شمال المانيا وتتوفر حاليًا لأكثر من 200 موظف قيلولة لمدة 20 دقيقة يوميًا في زوايا ضمن قاعة كبيرة.

ويقدم علماء شؤون العمل والإستراحة بعض النصائح إلى الذين يمضون ساعات طويلة في العمل منها:

عند الشعور بالتعب يجب عدم إضاعة هذه الفرصة أو التغلب عليها بتناول المنبهات مثل القهوة أو الشاي أو النيكوتين أو القيام بحركات رياضية بل اللجوء إلى استراحة قصيرة.

وفي حال التواجد في مكتب يتوفر فيه مقعد مريح فلا داعي للبحث عن مكان آخر بل اغلاق الباب والنافذة وايقاف المكالمات الهاتفية واقفال الجوال والطلب من الآخرين عدم الإزعاج والإستسلام لقيلولة لا تتعدى الربع ساعة.

لا داعي دائمًا لمقعد مريح أو زاوية للاستلقاء من أجل أخذ قسط من الراحة بل يكفي الجلوس على مقعد العمل مع تغطية القدمين بغطاء بعد وضعهما على كرسي مقابل وإغماض العينين.

لا يجب أن تطول القيلولة عن نصف ساعة وإلا يحتاج المرء إلى جهد من أجل العودة إلى نشاطه ويكون ايضًا على حساب النوم ليلاً، لذا من الافضل اللجوء الى منبه في البداية لكن مع الوقت يصبح المنبه داخليًا.

والنصيحة المهمة بعد الاستيقاظ من القيلولة التنقس بعمق وتمديد العضلات والتمطي بعد الوقوف ومن المفيد القيام ببعض الحركات الرياضية او غسل الوجه بماء بارد ، فهذا كله يعيد النشاط بسرعة الى الجسد. وقد لا يتمكن المرء في اول مرة من النوم بسرعة في القيلولة لكن لا داعي للتخلي عنها بل ممارستها في اوقات منتظمة قدر الامكان، فبعد ذلك تصبح جزءًا من مسار يوم.