القوات المسلحة تعلن جاهزيتها لخوض معركة التحرير من مليشيا الحوثي الاستراتيجية الأميركية التي ينبغي أن تتخذها إدارة ترامب المقبلة تجاه ملف اليمن؟ أميركا تتسلم مواطنها الذي كان معتقلاً في سجون الأسد بسوريا عاجل : قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع : دخلنا مدننا وليس طهران وما حصل في سوريا هو انتصار على المشروع الإيراني بعد احتلالها أراضي سورية...تركيا تحذر إسرائيل ... إدارة العمليات العسكرية تفرض هيمنتها وسيطرتها على كل الأراضي السورية ماعدا هذه المساحات برئاسة اليمن.. قرار لمجلس الجامعة العربية يخص فلسطين صقيع وضباب على هذه المناطق في اليمن خلال الساعات القادمة هكذا خدع بشار الأسد جميع المقربين منه ثم هرب.. تفاصيل اللحظات الأخيرة للمخلوع في دمشق الإعلان عن قائمة المنتخب اليمني المشاركة في خليجي26.. ومباراة ودية أخيرة أمام عُمان
حين قامت الثورة شعر الناس بتبدل الأخلاق، فكنت ترى التسامح والنجدة والإيثار والتسابق إلى فعل الخير، والتطوع بفعل المعروف، وكنت ترى الوطنية في أجلى مظاهرها، في التضحية بالنفس، والبذل للمال، واستفراغ الوُسع في خدمة الوطن، ونُصرة الثورة.
وما علة ذلك إلا أننا خرجنا من الجو المسموم الوبيء الذي كنا نعيش فيه، ودخلنا في جو الحرية الصحي، فاسترددنا بلدنا بعد أسره، وصار أمره إلينا، وصار أمانة في أيدينا.
الأخلاق منظومة متشابكة، يؤدي بعضها إلى بعض، ويؤثر بعضها في بعض، وقد ظهر أن الحرية التي هي من تكريم الله للإنسان من أسباب استخراج الأخلاق الحسنة، والنوازع الخيرة، في الإنسان، لأنها ارتفاع به إلى مكانته الكريمة التي جعله الله فيها، وبها تكتمل إنسانيته، فتتهيأ الأسباب لكل خلق حسن، ولكل عمل صالح، وأما استعباد الإنسان للإنسان فهو انحطاط به عن رتبته وكرامته التي أنعم الله بها عليه.
ليس معنى الحرية أن يفعل المرء ما يشاء، ولكن من معانيها بلا شك أن يكون للمرء القدرة على المشاركة في سياسة بلده، وإدارة شؤونه، وأن يكون لرأيه وزن، ولصوته سامع، ولعمله أثر، ولإنجازه تقدير.
علينا أن نحافظ على هذه الحرية التي اكتسبناها بدماء الشهداء، فإن أردنا ألا تذهب دماء الشهداء هباء، وألا نرجع إلى عهد الاستبداد، فلنرفع الصوت بالمطالبة بالحقوق، ولنعلِّم أبناءنا إنكار المنكر، وتعريف المعروف، ولا نترك لسلطةٍ أن تتضخم، حتى تتغوَّل، وحتى يحول الوديع شرسًا، والودود جافيًا، والوقور أرعن.
إن خلق الجرأة في الحق، والمشاركة في الشأن العام، خلق أصيل في ديننا، فلطالما حضَّنا ديننا على التواصي بالحق، والتواصي بالصبر، والنصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والاهتمام بأمر المسلمين، وقول كلمة الحق ولو عند سلطان جائر.
الأصل في ديننا مخالطة الناس، والمشاركة في شؤونهم، والعمل معهم، ومحاولة إصلاحهم والإصلاح بينهم، وهو ما يقال له في التعبير العصري: الإيجابية. وأما العزلة والانفراد وتحاشي الاختلاط بالناس، والابتعاد عن الشأن العام، فإنما هي استثناء، يكون من شأن الضعفاء أو العاجزين، أو يكون في أحوال الفتن التي لا يُعرف فيها المحق من المبطل، ولا الظالم من المظلوم، أما إذا تبين الحق للمرء، وكان قادرًا على نصرته، والصدع به، فلم يكن له إلا أداء ما عليه من النصر له.
إن خلق عدم المبالاة وقلة الاكتراث من الأخلاق المذمومة، المتبرَّأ منها، وحال العجز والكسل من الأحوال المرذولة، المتعوَّذ منها، ولن تجتمع المروءة وهذه الخلال أبدًا.
لقد عشنا أزمنة طويلة ونحن عالة على غيرنا، نُقاد ولا نقود، ونتكلم ولا نفعل، ونتمنى ولا نحقق، ونتقاعس ولا نبادر، ونتردد ولا نُقْدم، ونتخلف ولا نتقَدّم، فقد آن الأوان أن يكون أمرنا بأيدينا، فنعمل ما في وسعنا، ولا نتكل على غيرنا، ولا نرضى أن يُهضم حقنا، ولا أن يُستهان بشأننا.
عشنا زمنًا ننتظر أن تفعل الدولة، وأن يتذكر المسؤول، وأن يتفطن الرئيس، وأن ينجز الأمين، وأن يخطط المكلف، وأن يعمل الآخر، فحياتنا انتظار بلا مبادرة، وقعود بلا عمل، فهم سيفعلون، وهم سيعطون، وهم سيقولون، فالشأن ليس شأننا، والعمل ليس عملنا.
أما اليوم فقد انقطعت الأعذار، وسقط الاستبداد، وذهبت دولة الجبر، فكل تهاون في إنكار المنكر، أو تصحيح الأوضاع، وكل تقاعس عن أداء الواجب، والجهر بالحق، وكل تراجع وتباطؤ وتواكل، إنما يضيّع الحق، ويتيح الفراغ، ويجرّئ المسيء، ويُطمع السارق، ويرغّب الطامح، فلا نلبث أن نجد الفساد قد استفحل، والشر قد استشرى، والأمر قد استصعب.
فلنأخذ الأمر من أوله، ولنُحكم البناء من أساسه، ولنمسك بالحرية قبل أن يأتي يوم نتحسر فيه على فرصة ضاعت، وحرية سلبت، وثورة سُرقت.