تعرف على التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم 2026 أول دولة أوربية تستعد لتداعيات موجعة في حال غادر السوريون أراضيها وزارة الداخلية السعودية تطلق ختمًا خاصًا تحت مسمى «أهلًا بالعالم» قيادي حوثي رفيع يدخل في مواجهة وتحدي مع مواطنين بمحافظة إب و يهدد أرضهم وحياتهم الجامع الأموي بدمشق يشهد حدث تاريخي في اول جمعه بعد سقوط الأسد عاجل: قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع يكشف عن مخطط جديد لمبنى سجن صيدنايا تعرف على الشروط الأمريكية لرفع هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب ملك خليجي يبعث برسالة ''ودية'' إلى القائد أحمد الشرع ''الجولاني'' سقوط بشار يرعب عبدالملك الحوثي.. ''قال أن لديه مئات الآلاف من المقاتلين جاهزين للمواجهة'' صنعاء درجة واحدة فوق الصفر.. توقعات الطقس للساعات القادمة في اليمن
في مارس من عام 2007م انطلقت الاحتجاجات الشعبية في المحافظات الجنوبية بقيادة مجلس تنسيق جمعيات المتقاعدين العسكريين والمدنيين, ومنذ الوهلة الأولى كانت مطالب المتقاعدين حقوقية بحتة ذات منطلقات إنسانية واقتصادية, وكان أهم ماميز حركة المتقاعدين طابعها السلمي الذي رفض العنف للوصول إلى الحقوق, لقد أدرك القائمون على إدارة تلك الفعاليات والحراك الشعبي أن صراعهم مع السلطة لاستعادة حقوقهم الدستورية يجب أن يظل في دائرة العمل السلمي الذي يكفُله الدستور ويحميه القانون,ولقد كان هذا هو منبع قوة تلك الحركة في الواقع والتي مازالت إلى اليوم تتحاشى عملية إقحامها في دوامة العنف, والحقيقة ان العنف الذي قُوبلت به تلك الاحتجاجات (من قبل السلطة) كان يهدف بالأساس إلى حرفها عن طابعها السلمي باتجاه العنف المضاد ليسهل بالتالي إدانتها ومحاصرتها ومن ثم القضاء عليها في مهدها بعد أن تكون السلطة قد استوفت مسوغاتها القانونية لعمل ذلك,بيد أن خط النضال السلمي الذي سارت علية حركة المتقاعدين أحرج السلطات وأضعف موقفها, بل إنه وضعها في كثير من الأحيان في قفص الاتهام,ووضع أمام الرأي العام تساؤلات مُلحة! إلى متى ستظل السلطات ممسكة بعصا القمع والبطش في مواجهة مطالب مشروعة لأُناس يطالبون بحقوقهم بوسائل مشروعة؟
والحقيقة أن السلطة وقعت في الفخ الذي نصبته لهؤلاء المحتجين! فقد تمادت في قمعها وبطشها إلى أن سالت الدماء في الشوارع وامتلأت السجون بالمعتقلين وصار العنف هو خيارها الأوحد لمواجهة حركة الاحتجاجات المتصاعدة .
وفي حين بقيت السلطة على موقفها الرافض لأي شكل من أشكال التعامل والتواصل مع المحتجين أو الحوار معهم والسماع لمعاناتهم فقد اكتسحت الحركة الاحتجاجية بقوة الشارع الجنوبي والتحمت به, وعمدت وجودها فيه بتقديم المزيد من التضحيات حتى صار الشارع نفسه مصدر شرعيتها, وتحول إلى رصيد يتضاعف بشكل يومي في مسيرتها النضالية إلى درجة أفزعت معها قوى المعارضة من سحب البساط من تحت أقدامها, وأخافت النظام من تجييش الشارع الجنوبي باتجاه مطالب أخرى لا علاقة لها بالحقوق المشروعة.
وحدث بالفعل ماكان يُخشى منه, وما كان قد حذر منه في وقت سابق العميد ناصر النوبة رئيس مجلس تنسيق الجمعيات .
من الحقوقي إلى السياسي
في الرابع من يوليو 2007م أكد العميد ناصر النوبة لصحيفة الوسط عزم المتقاعدين على التظاهر وتنظيم فعالية احتجاجية في ساحة العروض بمدينة عدن يوم 7/7 وجدد تمسكه بمطالب المتقاعدين التي قال إنها لن تكون حقوقية بعد هذا التاريخ وستتحول إلى مطالب سياسية لن تتحقق إلاٌ بقرار سياسي.
وهذا ماحدث, وكان النوبة نفسه هو أول من قاد عملية التحول تلك من حقوقية إلى سياسية,ففي الاعتصام الذي نفذه المتقاعدون يوم الثاني من أغسطس 2007م في مدينة عدن وصف النوبة السلطات بالمحتل,وطالب الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي الوقوف إلى جانب أبناء الجنوب ومساعدتهم في تطبيق قراري مجلس المن رقم 924 , 931 , كما طالب باستفتاء الجنوب حول الوحدة وحق تقرير المصير, ومنذ ذلك الوقت برزت على الساحة ما صار يُعرف اليوم بالقضية الجنوبية.
نجح المتقاعدون في تخطي سقف المطالب الحقوقية لفئة محدودة من الناس ونقلها إلى فضاء أوسع ,ولم تعد القضية محصورة في حقوق المتقاعدين بل صار هنالك قضية جنوبية أضحت عنواناً للحراك السياسي في الجنوب, وغدت مفتاح الحل للإصلاح الشامل في اليمن والبوابة التي يجب أن يبدأ منها الجميع لإصلاح أحوال البلاد بحسب أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني .
هؤلاء العسكريون تمكنوا – في فترة وجيزة – من تحريك الشارع ورائهم بصورة غير معهودة من قبل, لدرجة أن أحزاب المعارضة الأكثر خبرة سياسياً بدت وكأنها تتلمذ على أيديهم.
وهذا بدوه يضعنا أمام تساؤل قد يبدوا غريباً إلى حدٍ ما وهو: هل يتولى العسكريون قيادة عملية التغيير الحاصلة في البلد اليوم؟ ربما يعود أحد أسباب نجاح الحراك السياسي في المحافظات الجنوبية إلى وقوف قادة عسكريون سابقون وراءه , وهؤلاء بلا شك مُدربون ومحنكون ولا تنقصهم الخبرة الميدانية , لكن هل ينجحون في إدارة اللعبة السياسية مع السلطة مثلما نجحوا في قيادة حركة الشارع؟ لانستطيع الجزم بفشل أو نجاح هذه التجربة السياسية التي يقودها العسكر بالرغم من أن المؤشرات الحالية تصب في صالحهم,لكن مازلنا نعتقد أن نجاح هذه التجربة معقود بمدى حدوث توافق بين ثنائي الحراك السياسي المشترك والمتقاعدون كشرط ضروري لنجاح برنامج النضال السلمي الذي سيحقق بإذن الله تعالى التغيير المأمول .
تطورات عاصفة
مع بداية العام الجاري شهدت الساحة تطورات مُلفتة بشأن حركة الاحتجاجات الشعبية وقيادتها ي مجلس تنسيق المتقاعدين, هذه التطورات المتلاحقة زادت من مخاوف المراقبين في مدى قدرة الحركة الشعبية على مواصلة السير والنضال السلمي بنفس الوتيرة السابقة؟ فقد تم خلال الأيام الماضية الإعلان عن تشكيل الهيئة الوطنية العليا لقيادة الحراك الشعبي السلمي بقيادة كل من ناصر النوبة وحسن باعوم, في المقابل تم تشكيل لجنة جديدة من ستة أشخاص للقيام بمهمة إدارة مجلس تنسيق المتقاعدين وإعفاء النوبة من رئاسة المجلس , إلى ذلك تم الإعلان عن فتح باب العضوية ( لغير المتقاعدين العسكريين) للانتساب إلى عضوية جمعيات المتقاعدين , وبالنظر إلى كل ذلك فإن الوضع قد يبدوا مُقلقاً بالنسبة لمستقبل الحركة الاحتجاجية الشعبية لجهة بروز تجاذبات في أوساطها تتنازع أحقية توجيهها وإعادة رسم مسارها. بيد أن ذلك القلق المشروع على مستقبل هذه الحركة المطلبية لن يلبث أن يتلاشى في حال علمنا أنها – كغيرها من الحركات الشعبية – تمر في طور بلورة المشروع السياسي الحامل للقضية , وهي مرحلة ضرورية ومهمة بالقياس إلى حجم الحراك الشعبي الهائل الذي بات يتطلب إطار سياسي أوسع من مجلس التنسيق .
إن ما يحدث اليوم في أوساط المتقاعدين هو تطور طبيعي لحركة الاحتجاجات في سياق تطور المطالب نفسها التي تحكم طبيعة وشكل الإطار السياسي الحاضن.
قد يبدوا الأمر وكأن هنالك من يحاول استباق الأحداث وقطع الطريق على المشترك الذي يحاول ترشيد العملية الاحتجاجية وتجييرها لصالحه كما يقال , لكن يبقى خروج مشروع سياسي واضح معبر عن حركة المتقاعدين امراً ضرورياً لابد منه لضمان تحقيق أهدافها , وهنا لابد من الاعتراف بحقيقة أن هؤلاء المتقاعدون صاروا شركاء أساسيين في صناعة مستقبل الجنوب السياسي شئنا أم أبينا , كما أن حل القضية الجنوبية بات يعتمد بدرجة أساسية على مدى تفهم النظام الحاكم لأهمية إشراك هؤلاء في أية حوارات مستقبلية تبحث آلية الخروج من الأزمة القائمة اليوم.
لكن المشكل أن السلطة لاتمتلك مشروعاً وطنياً (بحسب المعارضة) يستطيع أن يُخرج البلاد من حالة الاحتقان السياسي الذي تعيشه , وهي لم تُقدم إلى الآن مبادرة لحل الأزمة , في حين أن المشترك مازال في طور الإعداد لمبادرة خاصة به .
الخارج قد يتوسط
المتوقع بالنسبة لحركة الاحتجاجات أن تستمر بشكل متصاعد خلال العام الحالي, وربما تأخذ منحى جديداً معارضة النظام إذا ظل هذا الأخير على تعنته مُفضلاً أسلوب القمع في مواجهتها , وسيكون على المشترك التنسيق بشكل أكبر مع تلك الفعاليات لضبط حركتها من جهة ولإثبات وجوده على الساحة من جهة أخرى ,وعلى مايبدوا فإن توجهات لدى غالبية قادة المتقاعدين للعمل والتنسيق مع المشترك , وهذا يتضح من خلال الكلمة التي ألقاها النائب صلاح الشنفرة في مهرجان المتقاعدين بالضالع (24/1) حيث قال: نؤكد أننا سنكون مع المشترك ونحن وفق مايريد , إن أرادوا وحدة فنحن معهم أو فيدرالية أو حتى إنفصال , نؤكد أننا لن نحيد عنهم .
أم عن الموقف الخارجي فإن من المرجح أن يغير باتجاه تحميل السلطة نتائج ما يجري في الجنوب في حال استمرت الاحتجاجات دون التوصل إلى حل مُرض , وإذا كانت السلطة قد قبلت (مكرهة) الوساطة الخارجية لحل مشكلة الشمال (صعده) فمن غير المستبعد أن تقبل الشئ نفسه لحل مشكلة الجنوب , إذ أن التدخلات الخارجية في الجنوب ربما تكون أكبر مما هي علية في الشمال بالنظر إلى حجم المصالح الدولية المتسعة هناك .
* مدير تحرير صحيفة (العاصمة)