أول اعتراف رسمي بعلم الثورة السوري في محفل عالمي كبير (صورة) تفاصيل لقاء وزير الدفاع بالملحق العسكري بالسفارة الامريكية في الرياض عاجل : استئناف 8 دول عمل بعثاتها الدبلوماسية في دمشق وأول تعليق يصدر للحكومة الإنقاذ السورية ماذا طلبت الحكومة اليمنية أمام مجلس الأمن وما الدعوة التي خاطبت بها إيران؟ 8 دول بينها السعودية تعلن استئناف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق رئاسة هيئة الأركان تنظم حفلا تأبينيا بمناسبة الذكرى الثالثة لاستشهاد الفريق ناصر الذيباني. تصعيد عسكري حوثي في تعز.. القوات الحكومية تعلن مقتل وإصابة عدد من عناصر المليشيات واحباط محاولات تسلل قرار جديد للمليشيات الحوثية يستهدف الطلاب الذين يرفض أولياء أمورهم سماع محاضرات زعيم الحوثيين تحرك للواء سلطان العرادة وتفاصيل لقاء جمعه بقائد القوات المشتركة في التحالف العربي الفريق السلمان إلى جانب اتهامات سابقة.. أميركا توجه اتهام جديد لروسيا يكشف عن تطور خطير في علاقة موسكو مع الحوثيين
من أبرز ما تميز به شيخنا العلامة العمراني رحمة الله تغشاه إضافة إلى العلم والفقه حسن الخلق والظرافة وطلاقة الوجه وخفة الروح والطرائف التي يحكيها والقصص التي يرويها بعفوية محببة وأسلوب رائع يشد انتباه المستمع وهو ما يجعل لحديثه لذة عجيبة ويضفي على مجلسه الكثير من الود والألفة والمؤانسة وما يجعل الجلوس معه متعة عظيمة لأنك بمجالسته تستفيد من علمه ويجذبك بأسلوبه وما يرويه من مواقف وأحداث وقصص وطرائف .
وقد شهدت دروس القاضي العمراني رحمة الله تغشاه في جامعة الإيمان وجلست معه في مناسبات عديدة وكذلك في زيارتي له إلى منزله برفقة عدد من المشايخ ، حيث جلسنا مع القاضي مع بعد صلاة العصر إلى المغرب ، أجريت معه مقابلة صحفية وكان حديثه خارج المقابلة أجمل وأروع حيث طاف بنا في قصص وذكريات ومواقف وما شعرنا إلا بقرب أذان المغرب وحينها استأذنا منه فأذن لنا بالانصراف وذهبنا للصلاة ويعلم الله أن تلك الساعات كانت من أجمل لحظات عمري وتمنيت أنها طالت وتكررت كثيرا . (1)
وكل من يجلس مع القاضي في منزله أو يحضر في مجلس يحضره القاضي يظل طوال عمره معجب بحديث القاضي العمراني ولا ينساه .
لقد كان الناس تهفو قلوبهم للجلوس مع القاضي والاستفادة من علمه وما يرويه من ذاكرته القوية من أحداث ومواقف وقصص طريفة ولذا لم يكد يخلو منزله من زوار في يوم من الأيام .
ومثلما كان القاضي في مجلسه بمنزله وحيثما حضر ظريفا أديبا مرحا فكذلك في دروسه العلمية التي يورد فيها الكثير من القصص والنكت لتدعيم الفكرة ودفعا للملل عن الطلاب وكذلك هي إشارة تنبيه فمثلا كان القاضي العمراني قد روى لطلابه في معهد القضاء وفي جامعة الإيمان قصة نصر الدين جحا الذي كان يبيع الخل على حماره وينادي على بضاعته : الخل الطيب من يريد الخل الطيب ؟ فكان كلما نادى ببيع الخل نهق الحمار وكلما سكت سكت ، وفي النهاية انزعج جحا وسأل الحمار : من الذي يبيع الخل أنا أم أنت ؟
أذهب بع الخل أنت وترك جحا الحمار وذهب .! (2)
ولذا كان القاضي إذا وجد بعض الطلاب يقاطعونه أثناء الدرس يقول : من يبيع الخل ؟
وهي إشارة لهم ليسكتوا بمعنى : من الذي يلقي الدرس أنا أم أنتم ؟!
فكانت بعض طرائف القاضي للتنبيه يلمح بها ولا يفصح .
يقول القاضي اسماعيل الأكوع رحمه الله : ( للقاضي محمد العمراني مزية ينفرد بها فيما عرفت عن غيره وهي مزج الدرس بالفكاهات والنكت التي تتعلق بموضوع الدرس ، فتزيل الكآبة والرتابة من نفوس المستمعين من طلابه الملتزمين بالحضور وكذلك من غيرهم ، فلا يسأمون من طول الدرس ، مما يحبب الطلاب في الإقبال على دروسه ) . (3)
وعن ظرافة الشيخ العمراني رحمة الله تغشاه ومزجه الفكاهات في دروسه العلمية يقول الشيخ العلامة محمد يوسف حربة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الإيمان : ( وهو في دروسه يمزج درسه بالنكتة والفكاهة الأمر الذي يجذب طلابه إليه ، فهو محبوب لدى طلابه خلقه التواضع واللين ، عليه زي العلماء ووقارهم ، من لقيه أول وهلة هابه ، ومن جالسه وخالطه أحبه ، ولا أكون مبالغا إن قلت : أنه قل أن يوجد نظيره من علماء اليمن في وقتنا الحاضر ) . (4)
وعن أسلوب القاضي العمراني المتفرد في التدريس وايراده للقصص الطريفة والطرائف تحدث الكثير من طلابه منهم الشيخ محمد نايف الكريمي والشيخ نعمان الوتر الذي يقول عن هذه الخصلة حيث يقول : ( كان القاضي العمراني مدرسا بارعا والناظر لحياته العلمية يجد أنها مليئة بالدرس والتدريس ، الأمر الذي أكسبه موهبة فذة في تقريب المعلومات ، ونثر الفوائد على الطلبة بأسلوب بارع بعيدا عن الإملال ، حتى وإن طال وقت الدرس ، وتشعبت مباحثه ، ومن طريقته في التدريس أنه يقوم بالترويح على الطلبة بذكر بعض النكات والطرائف المسلية ، والمتعلقة بموضوع الدرس بطريقة تجعل الطالب لا ينسى الفائدة ومثال ذلك : عند شرحه لمسألة طهارة الميت ، ومناقشة حديث : ( المؤمن لا ينجس حياً ولا ميتاً ) ، يذكر قصة : "العلامة محمد بن يحي مداعس " ، وكان زيدي المذهب ، ويعمل أمينا للصندوق في مدينة إب الشافعية ، وما حصل له من نقاش حاد ، وجدال كبير حول مسألة : (نجاسة الميت ) ، التي يقول بها مذهبه ، واستعظام من يناقشهم من الشافعية هذا القول ، وتصلب كل من الطرفين على مذهبه ، وأثناء ذلك يدخل عليهم الشيخ حسين الدعيس أحد مشايخ إب ، وكان ظريفا ، وصاحب طرفة ، ونكتة ؛ ليقول لهم : ( لا داعي للجدال ، والنقاش في هذا ، واتركوا الشيخ مداعس وأصحاب من نقيل سُمارة ، وما فوق على نجاستهم ، لا نحاول نطهرهم ، " يقصد ديار الزيدية " ، ويتركونا من سمارة ومنزل طاهرين لا يحاولوا ينجسونا "يقصد ديار الشافعية" فيضحك الجميع ) .
ويبتسم الطلاب المستمعون لهذه القصة ، وكأني بهم جميعا بعد سماع هذه القصة يستحيل نسيان المذاهب والأقوال في هذه المسألة وأمثال هذه القصص كثيرة . (5)
فالقاضي العمراني رحمة الله تغشاه لم تكن القصص والطرائف والنكت لديه غاية بحد ذاتها ولكنها كانت وسيلة هامة للترويح عن الطلاب وإبعاد الملل عنهم وتثبيت المعلومات لديهم .
ويؤكد الشيخ علي القاضي أن القاضي العمراني هو " إمام الفقه والظرف " حيث يقول : (لن نوفي الإمام العمراني حقه من الثناء مهما قلنا فهو الإمام المجتهد وهو امتداد لمجددي اليمن كابن الوزير والمقبلي والصنعاني والشوكاني رحمهم الله ولن أتكلم عن فقه الإمام العمراني وعلمه فهو مفتي اليمن لعقود وقد اطبقت شهرته الفقهية الآفاق ولكني سأتكلم عن خصلة وهبه الله تعالى إياها الى جانب العلم والفقه وهي حسن الخلق والظرافة وطلاقة الوجه والنكت الملاح التي تجري بسجية بلا تكلف ولا ثقل وقلما يجتمع مع العلم هذه الصفات : الود والألفة والمؤانسة وحسن العشرة لذلك توافقت القلوب على حبه وإجلاله والفرح اذا ذكر اسمه فضلا عن علمه رحمه الله ). (6)
كما يرى الأستاذ خالد الرويشان بأن القاضي العمراني هو: ( آخر ظرفاء عصره أيضا مثلما هو كبير علماء وقته وزمانه وحين تجلسُ إليه تجلِسُ إلى روح اليمن الذي نعرف ونحب ، تجلس إلى روح مدينة صنعاء وبياض قلبها وضوءِ شُرُفاتها عِلْماً يضيءُ عقلك ، وبساطةً تسحرُ روحك ، وظرافةً تأسرُ قلبك فلا تعرف حينها كيف مرّتْ ساعتُك بين يديه ، حتى أنّك تتمنى أن تطول الساعةُ ساعاتٍ كانت هي الأروع بين ساعات عمرك ). (7)
ويعد الدكتور محمد عبد الرحمن غنيم أول من قام بجمع طرائف القاضي العمراني في كتابه (قصص وحكايات من اليمن ) (8) .
وذلك بعد أن لازمه لسنوات ، يقول عن طرافة القاضي العمراني : ( ما تجلس في مجلس من مجالسه إلا وقد خرجت مسرور النفس مرتاح القلب من كثرة لطائفه ونكاته وحكاياته التي تدل على تواضعه وسلامة صدره ، وطيب قلبه وسعة اطلاعه ).
ويضيف الدكتور غنيم : ( هذه الخصلة التي هي من أبرز خصال القاضي العمراني ، كانت من أبرز أسباب توسيع مكانته في القلوب ، وجعلته من أبرز أدباء وظرفاء العصر الذين لهم قدرة على ابتكار النكتة ، وسرعة بديهة ، تمكنه من الاستفادة من المواقف والخروج من المآزق ، وهذه الخصلة أكتسبها القاضي العمراني من كثرة المطالعة في كتب الأدب ، فهو ينقل منها كثيرا عند المناسبة ، وأيضا معاشرة القاضي العمراني للناس ، واختلاطه بهم في أفراحهم وأتراحهم وسع عنده هذه الدائرة ) .
وقد روى الدكتور غنيم في كتابه العشرات من القصص والطرائف التي رواها القاضي العمراني رحمة الله تغشاه وكان لهذا الكتاب انتشارا كثيرا وطبع عدة طبعات وكان له قبول كبير بين سائر القراء على مختلف اهتماماتهم وانتشرت هذه الطرائف كثيرا .
كما يروي طلاب القاضي العمراني رحمة الله تغشاه الكثير من القصص والطرائف والمواقف التي عايشوها مع القاضي
وقد تميز القاضي العمراني رحمة الله تغشاه كذلك بسرعة البديهة والردود اللاذعة وإجاباته الساخرة أحيانا فمما يروى في هذا المجال أن أحد الأشخاص جاء إليه وسأله :
ـ يا قاضي زوجتي استأصل الأطباء منها الرحم فهل يمكن أن تحمل ؟
فرد عليه القاضي باستغراب :
ـ وكيف ستحمل وقد تم استئصال الرحم ؟!
رد الرجل :
ـ بقدرة الله
فقال القاضي ساخرا :
ـ أما بقدرة الله فيمكن أن تحمل أنت .!
وجاء إليه آخر يشكو من مغص في معدته فنصحه القاضي بتناول الفتة مع العسل على الريق فقال للقاضي :
ـ وإذا لم يذهب المغص ؟
فرد القاضي :
ـ واذا لم يذهب المغص قدوه صبوحك .!
أي اذا لم يشفك العسل فأعتبر ما أكلته إفطارا لك .
وكانت تأتي للقاضي فتاوى كثيرة حول الطلاق فكان يعلق مازحا : ( لا يأتونا إلا وقت الطلاق ، ما يأتونا وقت الزواج ) .
يقصد أن الناس لا يذكرونه وقت الزواج ويسألونه عن أحكامه ولكن بعد أن يتزوجون ويقعوا في مشكلة الطلاق فيأتون إليه ليفتيهم .
رحم الله القاضي العمراني ونفعنا بعلمه آمين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ