قمة المنامة: رئيس الأركان يؤكد على أهمية الملف اليمني في الأمن الإقليمي مقاومة صنعاء تقيم العرس الجماعي الثاني لـِ 340 عريسا وعروسا بمأرب رئيس المخابرات التركية يصل دمشق في مهمه خاصة جدا .. تفاصيل حزب البعث السوري يعلن موته الصامت حتى إشعار آخر ويقرر تسليم كافة آلياته ومركباته وأسلحته مؤتمر مأرب الجامع: متمسكون بتحرير بلادنا سلما او حربا ولا يمكن القبول بأي مفاوضات لا تكون تحت المرجعيات الثلاث تحرك أمريكي لخنق الحوثيين عبر آلية التفتيش الدولية في مكافحة تهريب الأسلحة تعرف على اشهر الاشاعات التي غزت سوريا عبر منصات التواصل الاجتماعي بعد سقوط الأسد الكشف عن قيمة الأصول السورية المجمدة في سويسرا الحوثيون يدفعون بالأطباء في صنعاء إلى تدريبات عسكرية وتهدد المتخلفين بالخصم الحوثيون يجبرون المشايخ والوجهاء جنوب اليمن على توقيع وثيقة تقودهم للجبهات وترغمهم على التحشيد المالي والعسكري
عندما اتخذ الرئيس المصري الراحل أنور السادات قراره التاريخي الكبير بالذهاب إلى القدس في نوفمبر/ تشرين الثاني 1977 والشروع في محادثات سلام مع إسرائيل، اعترض وزير خارجيته آنذاك اسماعيل فهمي فقدم استقالته قائلا إن ما أقدم عليه السادات «سيضر بالأمن القومي المصري، ويضر بعلاقتنا مع الدول العربية الأخرى، ويدمر قيادتنا للعالم العربي». وحين تم اختيار محمد رياض وزير الدولة للشؤون الخارجية ليكون خلفا له، لم يتطلب الأمر سوى بضع دقائق حتى أعلن رياض بدوره استقالته بل وذهب لمنزل فهمي ليخبره بالقرار.
وعندما أختير أحمد ابراهيم كامل وزيرا للخارجية بعدهما وانخرط في محادثات كامب ديفيد إلى جانب السادات لم يرض في النهاية عما آلت إليه هذه المحادثات فاستقال بدوره قبل يوم واحد من التوقيع على المعاهدة في 17 سبتمبر/ أيلول 1978 من قبل السادات والرئيس الأمريكي جيمي كارتر ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن بسبب ما اعتبره حجم التنازلات التي قدمها الرئيس المصري الراحل لإسرائيل في ذلك الحين حول القضية الفلسطينية.
طبعا لم يعد في مصر هذا النوع من الرجال، ولكن استحضار هذه المواقف يأتي في سياق استغراب أن يحصل في بلادنا العربية مؤخرا كل ما حصل بين كل من إسرائيل والإمارات والبحرين والسودان والمغرب ولا نسمع بمجرد استقالة واحدة!! هل يعقل أن يكون كل الوزراء في هذه الدول، ونحن هنا لا نتحدث سوى عن هذا المستوى الأول من المسؤولين، على قلب رجل واحد ولا أحد منهم لديه تحفظات، ولا نقول اعتراضات، على ما جرى تجعله يقدم استقالته ليسجلها له التاريخ مثلما سجلها لغيره.
أن يكون كل وزراء الإمارات والبحرين والسودان والمغرب متفقين جدلا على مبدأ السلام مع إسرائيل شيء، وأن تصل الأمور بهم إلى القبول بكل تفاصيل ما جرى شيء آخر مختلف تماما، ومع ذلك لم يخرج من بينهم أي وزير يغلق الباب وراءه ويقول «سلام عليكم» ولو بحجج غير سياسية تحاول تبرير هذه المغادرة.
إسماعيل فهمي مثلا تحجج بالمرض للاعتذار عن عدم مصاحبة السادات في زيارته إلى القدس ورد عليه السادات بتلميح ذكي يقول إنه يتفهم ما لديه من مشاكل في معدته قبل أن يتخذ الوزير قراره ويستقيل رسميا.
ليس مطلوبا من أي وزير في هذه الدول إظهار بطولات قد تكلفه غاليا، خاصة في دول تعاقب على مجرد تغريدة في «تويتر» ولكن ما كان ملفتا للانتباه حقا أن لا أحد على الإطلاق تجرأ حتى على المغادرة دون ضجيج حتى ينأى بنفسه عن مسؤولية سياسية تاريخية لا يقبل فيها منه أعذار واهية، هي في الحقيقة لدى معظمهم تبرير للانتهازية أو الجبن أو كليهما.
ما يقال عن الدول العربية يقال أيضا عن الفلسطينيين أنفسهم، فعقب «اتفاق أوسلو» بين منظمة التحرير وإسرائيل لم نشهد استقالات كبرى على مستوى الصف الأول، رغم امتعاض ومعارضة عدد لا بأس به من القيادات، وهنا ربما لا نستحضر سوى استقالة الشاعر محمود درويش من اللجنة التنفيذية (حكومة المنظمة) واستقالة كل من إبراهيم أبو اللغد وإدوارد سعيد من المجلس الوطني (البرلمان في المنفى) بعد أن وصف هذا الأخير الاتفاق بأنه «صفقة خاسرة للفلسطينيين». كما أن حنان عشراوي هي الوحيدة التي استقالت مؤخرا في أعقاب ما يجري خاصة عودة التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل بحجج مهزوزة، وسخيفة أحيانا، تجنبت مصارحة الشعب بحقيقة الأوضاع التي أدت إلى قرار كهذا بعد أشهر من الاصرار على عكسه.
استقالة الوزراء لا ترتبط فقط بإسرائيل وإنما هي مواقف يسجلها أناس، يفترض أنهم محترمون وفي الصف الأول من المسؤولية، عندما يرون أنفسهم غير مرتاحين ولا مقتنعين بدرجة أو بأخرى بالسياسات القائمة، ولكن يبدو أن هذه «الطينة» من المسؤولين لم تعد موجودة في أغلب الدول العربية مع أن تونس شهدت عام 1978 استقالة خمسة وزراء تونسيين دفعة واحدة احتجاجا على موقف الحكومة المتصلب من النقابات والتصادم معها، وهو ما حصل فعلا في ما عرف بأحداث «الخميس الأسود» الذي سقط فيه عشرات القتلى والجرحى في الاضراب العام المعلن وقتها.
لا مجال للحديث عن الاستقالات عند الوزراء في الغرب، فهؤلاء في الغالب جاهزون دوما للرمي بها فورا لأي اعتراض جلي بين قناعاتهم والسياسات الرسمية، حتى وإن تعلق الأمر بموضوع خارجي كاستقالة وزير الدفاع الفرنسي جان بيار شوفنمان الاحتجاجية عام 1990 اعتراضا على طريقة تعامل فرنسا مع غزو واحتلال القوات العراقية للكويت.
ما لدينا في البلاد العربية أنكى من مجرد الاحجام على الاستقالة كأن يصبح من كان أمينا عاما لمجلس التعاون الخليجي مزهوا بأن صار وزير خارجية بلد يستقبله ترامب ويصافح نتنياهو ويوقع معه الاتفاقيات المُفرِّطة في كل شيء، وبعد أن صار وزير خارجية مصر الذي كان هدد بقطع أرجل أهالي غزة، إن هم عبروا الحدود والمبارك ضمنا لضربهم بصمته أمام وزيرة الخارجية الإسرائيلية، أمينا عاما لجامعة الدول العربية.
عليه العوض ومنه العوض!!