ماذا بقي لصالح والمؤتمر؟
بقلم/ عامر الدميني
نشر منذ: 7 سنوات و 11 شهراً و 28 يوماً
الثلاثاء 13 ديسمبر-كانون الأول 2016 04:26 م

الوثائق التي نشرتها قناة بلقيس الفضائية مساء أمس الاثنين كشفت العديد من تحركات الحوثيين وأساليبهم ومساعيهم في تثبيت انقلابهم على الشرعية في اليمن.

فهم يعملون في أكثر من إتجاه، سواء على المستوى السياسي، او على الصعيد الميداني، وحتى في دهاليز المجتمع الدولي، الذي ينظر بعض رجاله ودوله بتعاطف كبير مع هذه المليشيا، من منطلقات المصالح، او تقاطعات السياسة، او غياب الرؤية الصحيحة للطرف الآخر.

فلو عدنا الى الوراء ثمان سنوات فقط، لمقارنة وضع جماعة الحوثي عما هي عليه اليوم، فستتضح حجم الكارثة التي حلت بالبلد بعد صعود هذه الجماعة، وانتشارها في جسد الدولة كالمرض الخبيث الذي يفتك بضحيته حد الموت.

ولو أعدنا النظر تجاه ما حدث، فسيتبين بوضوح كيف استطاعت الجماعة ان تصعد على ظهر حصان المؤتمر الشعبي العام، حتى وصلت الى المستوى الراهن لها، و لايستبعد أن تستغني لاحقا عن هذا الحصان وسائسه وخداميه، بعد أن نالت منهم جميعا مرادها.

لقد ظل المؤتمر الشعبي العام طوال العقود الماضية مظلة للفساد والمفسدين الذين هيمنوا على الدولة، والحكم في اليمن، واحتموا فيه من المساءلة والمحاسبة، وعاثوا في اليمن الفساد، مخلفين ورائهم تركة ثقيلة، لازال اليمن شعبا ودولة يدفعون ثمنها حتى اليوم، وستظل حتى المستقبل القريب.

وبعد قيام الثورة الشعبية في الحادي عشر من فبراير المجيد، وضع المؤتمر يده في يد المليشيا، لينقذ نفسه من رحيل محتوم، لكنه لم يكن يعلم أنه بذلك قد قدم نفسه قربانا لمليشيا ليس لها من اليمن سوا الاسم، بعد انسلاخها من الوطنية والعروبة والدين.

اليوم ينخرط رجال المؤتمر وقياداته في صفوف المليشيا، مثلما انخرطوا في الفساد المالي والسياسي سابقا، وأثبتت الاحداث المتتالية منذ منتصف العام 2014م أن حزب المؤتمر كان المطية التي ركبها الحوثيين من صعدة الى صنعاء، والمدية التي ذبح بها الشعب اليمني من صنعاء الى عدن وتعز وإب والبيضاء ومأرب.

فعلى إثر الثورة الشعبية، لم يفقد حزب المؤتمر السلطة كليا، بل خرج زعيمه من القصر الرئاسي فقط، وظل الحزب فاعلا في ميدان السياسة والساحة المحلية.

 

لكنه آثر الانجرار وراء رغبات المخلوع صالح، في الآنتقام ممن يعتبرهم خصوما داخل اليمن، وفي سبيل اشفاء نزوته وأحقاده دمر صالح البلاد بكل مقدارتها وامكانياتها، عندما أحيا ورقة الطائفية عبر مليشيا الحوثي، وسلم لهم عتاد الدولة العسكري ورجالها الذين اقتتاتوا من ثروات البلاد.

وما كان لجماعة الحوثي أن تتوغل في الدولة وتستحوذ عليها لولا التسهيلات التي قدمها صالح ورجاله في حزب المؤتمر للمليشيا منذ الخطوة الاولى لها في مدينة صعدة.

واليوم رجاله من سياسيين وبرلمانيين واعلاميين ومشائخ نفوذ، باتوا واجهات للمليشيا وأذرع تابعة لها، وهو ما كشفته تلك الوثائق التي نشرتها قناة بلقيس وأكدته المعلومات الواردة فيها.

فلم يستوعب هذا الحزب الدرس جيدا ولم يدرك أنه بهذه الخطوات، انما يقدم نفسه بنفسه نحو الهلاك المبين، والمحرقة التي ستقضي عليه وتذهب به إلى جحيم التأريخ.

وعلينا اليوم أن نتسائل ما الذي بقي اليوم لدى صالح كحزب ورئيس حكم اليمن لثلاثة عقود؟ فثورة سبتمبر التي كان يزعم أنه يعمل انطلاقا منها، انسلخ عنها وعن أهدافها الستة، ورمى بنفسه وحزبه الى احضان المليشيا التي قامت عليها تلك الثورة العظيمة.

والجمهورية التي ورثها صالح وحكمها تمرد عنها وجعل منها اقطاعية خاصة، ثم قدمها للمليشيا الناقمة عليها لتنهش في جسدها وتقطع اوصالها.

والوحدة السامية بين الشطرين هي الأخرى دمرها صالح بسياسته الحمقاء وتصرفاته الطائشة واساء إليها بعد أن ظل يتغنى بها كمنجز لعقدين متتاليين.

ومثلها التعددية السياسية التي ربطها صالح بشخصه وزعم أنه رائدها وعرابها في اليمن، أجهز عليها المخلوع، واستدعى كل الامراض المندثرة من المناطقية و الطبقية والمذهبية لتحل محلها.

فماذا بقي له اليوم؟