يتجاوز صافي ثروته 400 مليار دولار.. تعرف على الملياردير الذي دخل التاريخ من أثرى أبوابه أول تهديد للقائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع عاجل :قيادة العمليات العسكرية تصدر قرارا يثير البهجة في صفوف السوريين أول تعليق لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد فوز السعودية باستضافة كأس العالم عاجل.. دولتان عربيتان تفوزان بتنظيم كأس العالم الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية بجنيف تصدر كتابًا حول الجهود السعودية لدعم الاستقرار والسلام في اليمن اليمن ..انفجار قنبلة داخل مدرسة يصيب 7 طلاب ويكشف عن مأساة متفاقمة في بيئة التعليم مليشيات الحوثي تعتدي على مختل عقليا في إب بسبب هتافه بتغيير النظام- فيديو من جنوب اليمن :وزير الداخلية يدعو لرفع الجاهزية الأمنية ويشدد على توحيد القرار الأمني والعسكري واقع المرأة في زمن الانقلاب الحوثي نقاشي حقوقي بمحافظة مأرب
كم هو مؤلم وقاسٍ لأولئك اليمنيين الشرفاء الذين يتابعون مبعوث منظمة الأمم المتحدة جمال بن عمر وهو يتنقل من معسكر إلى آخر ومن شيخ قبيلة إلى آخر في إطار إشرافه على دورات الاستلام والتسليم بين قيادات الجيش اليمني وغيره وذلك لما فيه من إذلال وانتقاص من شموخ وعزة وسيادة اليمن واليمنيين ، وليس المقصود هنا التقليل من شأن بن عمر كموظف دولي بل بالعكس. بيد أن الملاحظة على انتدابه من قبل الأمم المتحدة ، بصفته العربية وقدراته الإيجابية الأخرى ، لم تكن من قبيل الصدفة بل أن اختياره قد تم بعناية فائقة للقيام بهذه المهمة وذلك مراعاة لتخفيف وطأة المهانة على اليمنيين من قبل المجتمع الدولي. وللتذكير ؛ حتى لا يعتقد البعض أن هناك مبالغة في هذا الطرح ؛ رفض الحاكم السابق علي عبدالله صالح في سنة 1993 طلب الجهات الخارجية لمراقبة الانتخابات لنفس ذلك العام بذريعة أنها تمس السيادة كما كان يعتقد. فتخيلوا الفرق الآن بين رفض المراقبة الدولية على الانتخابات في السابق ، رغم أن ذلك لا يمس السيادة بحسب العرف والقانون الدولي ، والتدخل الحالي بالإشراف الكلي لمجمل القضايا الوطنية في أدق تفاصيلها وخصوصياتها ذات الطابع السيادي والأمني والقومي وغيره من الخصوصيات اليمنية الأخرى.!!
لم نكن لنصل إلى هذا الدرك الأسفل المتقزم والحقير لولا أن مجموعة صغيرة جداً من اليمنيين استأثرت لنفسها بكل الوطن معتقدةً أنها قادرة على ابتلاعه مقابل بيعها لأمانيه وترابه وسماءه وشرفه وحرمته وعزته وسيادته !!. ماذا كان سيحدث لو أن هذه الثلة المنحطة أدركت ولو في وقت متأخر بأن "الوحدة اليمنية" التي حققها الشعب اليمني جنوبه قبل شماله في 1990 وضحى من أجلها بدمائه وأرواحه طيلة عقود من السنين كانت بمثابة الدرع الواقي لكل حبة رمل على أرضه التي كان من المفروض المحافظة عليها بأحداق العيون ، وارتضت الشراكة الوطنية مع أبناء جلدتها الذين قدموا بنوايا أخوية وحدوية صادقة بدولة كاملة للوحدة بدل من اغتيالها بتلك الطريقة الد نيئة والخبيثة بهدف ابتلاع الوطن أرضاً وإنساناً.!
لذلك كان الرئيس عبد ربه منصور هادي صادقاً ومحقاً عند التأكيد على ضرورة استعادة هيبة الدولة الذي شدد على أهميتها في خطابه التاريخي يوم الخامس من الشهر الجاري حين أثبت من خلاله للجميع أنه وصل إلى مركز الرئيس ليكون رئيس دولة بحق وليس مطية لأحد كما كانت تعتقد الغالبية العظمى من الناس.. بل أننا تفاجآنا به وهللنا وفرحنا لذلك عند سماعه ، وتفاجعوا هم بمن فيهم الحاكم السابق علي عبدالله صالح وشركائه السابقين لقدرته الهائلة وتمكنه على سحب البساط من تحت أقدامهم جميعاً بكل حنكة وسلاسة وذكاء ليصبح الرجل الأقوى على الساحة اليمنية دون منازع لدرجة أنه لم يدع للقوى الوطنية الحقيقية على الساحة السياسية والثورية أي خيار سوى الوقوف إلى جانبه ومساندته حتى يتجاوز اليمن محنته الحالية على طريق بناء دولة النظام والقانون شريطة السيطرة الكاملة على كل المنفلتين بدون استثناء.
بيد أنه قبل الحديث عن استعادة "هيبة" الدولة التي أكد عليها الرئيس عبد ربه منصور ، على الجميع أن يقر أولا بضرورة استعادة الدولة نفسها المخطوفة من قبل قطاع الطرق وقراصنة البحر وتجار الحروب.. قد نتفق بأن استعادة هيبة الدولة شيء ضروري وهام.. ولكن عندما يكون ثمة وجود حقيقي لدولة !!. وقد أعترف هادي بشفافية كاملة يشكر عليها في معرض حديثة بأنه حتى هذه اللحظة لا توجد دولة وذلك عندما قال "ما يجعل الجميع يرتضون سواءَ من كان في السلطة أو في المعارضة أن تكون الشرعية الدستورية تحت إشراف أممي ودُولي خلال الفترة الانتقالية" بالإشارة إلى توقيعهم على المبادرة الخليجية وقبولهم بها ، وهذا يعني بصريح العبارة أنهم سلموا اليمن ليُحكم من قبل أطراف خارجية وهذا ما هو ساري مفعوله حالياً شئنا أم أبينا إلى أن يتم استعادة الدولة ، لذلك أحرج مذيع الجزيرة بالإنجليزي باسندوة وجعله يفقد أعصابه ويخرج من الأستوديو دون إكمال المقابلة بسبب سؤاله عن التدخل الأمريكي لأنه لا يريد أن يعترف بالوصاية الخارجية رغم حضورها وبقوة ، على العكس تماماً من شفافية الرئيس هادي ، لأن الدولة الافتراضية التي ينبغي أن تكون ، ليست موجودة حالياً أي بمعنى أنها "مختطفة" وهذه حقيقة ينبغي علينا جميعاً الاعتراف بها حتى نتمكن من معالجتها. وعملية الاختطاف هذه لم تتم اليوم بل منذ أكثر من ثلاثة وثلاثين عاماً في أحسن تقدير وتريد القوى المتنفذة مواصلة هذا التعتيم.. وفي مثل هذه الحالة ينبغي على القوى الوطنية أن تدرك هذه الحقيقة من حيث الاعتراف بوجودها والتعامل معها وهذا لا يعني بالضرورة قبولها أو الرضوخ للأمر الواقع كما يروج البعض بل يعنى العمل على تغييرها بالطرق السلمية المتدرجة مع استمرار الثورة.
ويزداد الأمر سوءاً عندما نعرف أن الذين وقعوا على المبادرة الخليجية هم الأطراف المتنازعة على اقتسام السلطة وليس على استعادة الدولة وبالتأكيد ليس على هيبة الدولة أيضاً لأنهم يفضلون بقاء الحال كما هو في حالة اختطاف دائم ليستمروا في نهبهم للبلاد ، بينما لم يتبادر إلى أذهانهم وهم يهمون بالتوقيع على المبادرة الخليجية بأنهم سيقعون في شرِ أعمالهم بواسطة المواطن النزيه عبد ربه منصور هادي الذي أجمعت عليه القوى الغربية واختارته ليكون المُخلص وقدمت له شيك مفتوح في اتخاذ قراراته المدعومة دولياً دون قيدٍ أو شرط ، وهو دعم لم يحصل عليه أي زعيم عربي من قبل حتى الآن.. بينما من وقعوا على المبادرة لم يكونوا يعرفون أو حتى يظنون بأن هادي على هذه الدرجة من المكانة والحكمة والتعقل والدهاء بل اعتقدوا بأنهم سيتمكنون من استخدامه لاغتصاب اليمن مجدداً ، وساد هذا الاعتقاد الخاطئ حتى عند معظم القوى الوطنية نتيجة أخطاء الماضي المتراكمة وعدم الشفافية والافتقار للمعلومة الصحيحة والحقيقية ، ولذلك رفضت هذه القوى الوطنية والمستقلة بالخصوص المبادرة واعترضت على انتخاب هادي رئيساً وذلك خوفاً على اليمن من أن تقع في فخ جديد من خلال سرقة الثورة واغتصاب السلطة وهذا ما حدث ويحدث بالفعل حتى هذه اللحظة ، لكن اقتضت الحكمة بحسب مقولة قديمة " الوصول إلى الحق قد يمر بطرق متعرجة أحيانا" ، لذا فإن المبادرة التي اعتبرت مؤامرة وهي فعلاً كذلك لو لم يكن هناك وطني شريف اسمه عبد ربه منصور هادي تولى المنصب الأول في البلاد "لاستعادة هيبة الدولة" كما أشار في خطابه وأيضاً لو لم تفشل جريمة وعلمية اغتيال النهدين لأختل التوازن ولكانت الأمور قد مضت في حالها وانتقلت إلى مرحلة الاغتصاب الثانية لليمن دون رجعة.
ورغم هذه الحقيقة إلا أننا قد نختلف بعض الشيء مع الرئيس هادي في مسألة "استعادة الهيبة للدولة" لأنه ينبغي استعادة الدولة ذاتها أولاً حتى يمكن من استعادة الهيبة لها.. وليس ثمة أي مبالغة في غياب الدولة لأنه لا يمكن أن نتحدث عن وجود دولة وأرضها تقضم يومياً دون أن تجد من يدافع عنها أو يحميها غير مواطنين أقحاح من سكان المناطق الحدودية.. ولا يمكن أن نقر بوجود دولة وهناك من يقوم ببيع أكثر من نصف أرض هذه الدولة دون مقابل أو رادع لعائلة واحدة وهي عائلة آل سعود.. ولا يمكن أن تكون هناك دولة مع وجود قطاع طرق يقيمون النقاط في شوارع العاصمة.. ولا يمكن أن تكون هناك دولة دون وجود من يحمي مواطني هذه الدولة على طول وعرض البلاد وخارج الحدود.. ولا يمكن أن يكون هناك دولة في ظل تدخل أجنبي سافر في كل المجالات العسكرية والمدنية.
إذن نحن أمام مفارقات جدلية عجيبة كوننا بحاجة أولاً إلى استعادة الدولة حتى نعيد لها هيبتها. ولا يمكن أن نستعيد الدولة بمن هم ناهبوها أصلا وسارقوها وبايعوها والبعض منهم يجلس أمام الرئيس هادي بينما هو يصيح بأعلى صوته عن "استعادة الهيبة" وهم يصفقون له بكل وقاحة.. ولا يمكن أن نستعيد الدولة ونحن مازلنا ننظر بأهمية كبرى إلى دعوة من اختطفوا الدولة والسلطة والثروة والثورة إلى الحوار الوطني.. أي حوار وطني هذا لمن قاموا بارتكاب كل هذه الجرائم ، ثم ما هي محاور هذا الحوار ، هل هي إعادة اقتسام اليمن بين البلاطجة الجدد والحرس القديم .. أم ماذا؟
ولذلك نحن رفضنا المبادرة الخليجية لأنها تحمل روح الفتنة وإجهاض الثورة علاوة على إعادة إنتاج النظام السابق بتجديد واجهته بواجهة أخرى مماثلة بل ومن طينة أسوأ مع رفع سقف نمطية الأداء المرتهن وهذا ما كان معلومٌ أيضاً ومخطط له من قبل الأطراف التي رعت ووقعت على المبادرة الخليجية ولذلك هي ارتضتها ووقعت عليها.. بيد أنهم الآن يعيشون في حالة من الضنك والخيبة والانفصام والرعب إزاء الورطة التي وقعوا فيها بوجود عبد ربه منصور هادي الذي لم يتعرفوا عليه في السابق جيدا والذي أكد لهم ذلك بقوله ”إن الأحزاب بتحالفاتها المختلفة لم تستطع مغادرة الماضي والعبور مع الشعب إلى اليمن الجديد الذي ارتضاه وصوت عليه" وهذا يعني أنهم لم يتوقعوا هذا المأزق الذي وقعّوا عليه ووقعوا فيه.