آخر الاخبار

رئيس المخابرات التركية يصل دمشق في مهمه خاصة جدا .. تفاصيل حزب البعث السوري يعلن موته الصامت حتى إشعار آخر ويقرر تسليم كافة آلياته ومركباته وأسلحته مؤتمر مأرب الجامع: متمسكون بتحرير  بلادنا سلما او حربا ولا يمكن القبول بأي مفاوضات لا تكون تحت المرجعيات الثلاث تحرك أمريكي لخنق الحوثيين عبر آلية التفتيش الدولية في مكافحة تهريب الأسلحة تعرف على اشهر الاشاعات التي غزت سوريا عبر منصات التواصل الاجتماعي بعد سقوط الأسد الكشف عن قيمة الأصول السورية المجمدة في سويسرا الحوثيون يدفعون بالأطباء في صنعاء إلى تدريبات عسكرية وتهدد المتخلفين بالخصم الحوثيون يجبرون المشايخ والوجهاء جنوب اليمن على توقيع وثيقة تقودهم للجبهات وترغمهم على التحشيد المالي والعسكري خيارات محدودة أمام عبدالملك الحوثي بعد استسلام ايران لهزيمتها في سوريا ...نهاية الحوثيين البشعة الحرس الثوري الإيراني يقر بالهزيمة في سوريا ويدعو إيران الى التعامل وفق هذه التكتيكات

كلمة صدق للرئيس السابق!
بقلم/ نصر طه مصطفى
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 13 يوماً
الأحد 29 إبريل-نيسان 2012 12:54 ص

في عالم السياسة لا يوجد شخص يمكن أن يكون شرا محضا أو خيرا محضا، كما لا يوجد شخص يمكن أن صالحا كليا أو فاسدا كليا، وكذلك لن نجد شخصا صادقا تماما إلا فيما ندر أو آخر كاذبا تماما إلا فيما ندر أيضا، وبالتالي سيكون من الصعوبة إصدار أحكام قطعية ثابتة لا تتغير بحق أي سياسي أيا كان موقعه رئيس دولة أم رئيس حزب أم غير ذلك... وفي ضوء هذه القاعدة التي لا يختلف عليها أغلب الساسة والأكاديميين والباحثين يمكن لكاتب ومحلل سياسي مثلي وهو يسقطها على الرئيس السابق علي عبدالله صالح أن يتمكن من رؤية إيجابياته وسلبياته على السواء ولن يعتبره بالتأكيد شرا محضا أو خيرا محضا ولن يقيمه كقائد صالح كليا أو فاسد كليا وهكذا، فهذا حال معظم الساسة والقادة وخاصة في العصر الحالي حيث شاعت مفاهيم من نوع أن السياسة هي الكذب والفهلوة والتدليس وغير ذلك من المفاهيم السلبية... ناهيك عن أن الله تعالى حثنا في محكم كتابه على تحري الصدق والعدالة في الحكم على الناس بما فيهم الخصوم، فقوله تعالى (ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) واضح في الحض على عدم الفجور في الخصومة... وهنا عندما أريد تقييم أكثر من ثلث قرن من حكم الرئيس علي عبدالله صالح فبإمكاني جيدا التمييز بين إيجابياته ولو كانت قليلة وسلبياته وإن كانت كثيرة، لكني لا يمكن بحال من الأحوال أن أجرده من كل الإيجابيات، كما لا يمكنني اعتباره عهدا راشدا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه... كما أن تقييم أي عهد سياسي يجب أن يتم بفهم ظروف كل مرحلة من مراحله خاصة عندما يكون عهدا طويلا يمتد لثلث قرن كعهد الرئيس صالح، فعلى سبيل المثال لا يمكنني تقييم أول عشر سنوات من عهده بنفس تقييمي لآخر عشر سنوات منه، وكذلك لا يمكنني تقييم عامه الأخير في السلطة وهو أسوأ سنوات حكمه على الإطلاق بأي عام آخر قبله... ولذلك فالبناء على أساس هذه القواعد يمكن أن يساعد على الخروج بتقييم واقعي منصف وموضوعي.

ما دعاني لطرح ما سبق هو تساؤل يحز في نفسي منذ عدة شهور حول سبب عدم قدرة مئات الآلاف من شبابنا – الذين خرجوا ثائرين في يناير من العام الماضي – على رؤية أي إيجابيات في عهد الرئيس الذي ثاروا ضده، وهذا التساؤل ناتج إما عن مناقشات مباشرة بيني وبين العشرات منهم أو مناقشات عبر الفيس بوك أو انتقادات أقرأها على أي مقال لي نشرته أثناء الثورة وأشرت فيه بشكل عابر إلى بعض إيجابيات صالح وعهده... كنت أستغرب في البداية لكني مع مرور الوقت بدأت أتفهم وجهات نظرهم وهم بالتأكيد عينة لمئات الآلاف من الشباب يتحلون بروح واحدة ويفكرون برؤى متقاربة وتجمعهم أماني واحدة وتطلعات واحدة وتراودهم دوما أحلام واحدة بدولة مدنية حديثة يشاهدونها قائمة في الكثير من دول العالم ولا يجدون لها أثرا في وطنهم، تماما كما حدث في عهد الإمام يحيى – مع الفارق طبعا – عندما ابتعث العشرات من الطلاب للدراسة في الخارج فعادوا للثورة عليه، أما في عهد صالح فقد فإن الشباب الذين لم يدرسوا في مختلف بلدان العالم أصبحوا قادرين على معرفة كيف تعيش تلك الدول من خلال وسائل الاتصال الحديثة... معظم أولئك الشباب ولدوا في عهد صالح وبالتحديد في الثمانينيات وبدأوا يتحلون بالإدراك والوعي في ريعان شبابهم أواخر التسعينيات وهي بالفعل الفترة التي بدأ الفساد الشامل يصبح سمتها الرئيسية وكذلك أصبحت الفوضى الشاملة هي المشهد الذي لا يعرف أولئك الشباب غيره في حياتهم اليومية في معظم المجالات... لم يعرفوا دولة نظام وقانون ولم يحظوا بمستوى معيشي لائق ولم يشعروا بالأمان مطلقا ولم يجدوا فرص عمل كافية... شيء واحد استفادوا منه وتعلموا من خلاله قيم الحرية ومقاومة الاستبداد هو الهامش الديمقراطي الذي كان قائما بقوة الواقع ومتغيرات العصر وإلى حد ما قناعة الحاكم الذي كان يقول علنا أنه لا يجتمع الفقر وتكميم الأفواه، وهو في الحقيقة كان أضعف من أن يكمم الأفواه لأنه أصلا كان أضعف من أن يقيم حكم القانون على خاطف لسياح أجانب أو على أولاد الذوات الذين يشيعون الفوضى أو على فاسد كان فساده ملء سمع اليمنيين وبصرهم... وتلك السلبيات جميعها كانت كفيلة بتغطية أية إيجابيات يمكن أن تحدث، بينما كان الساسة الذين تعايشوا مع صالح في العقد الأول من عهده يحاولون إقناعه بإصلاح الأوضاع والعودة إلى مربع الشراكة والابتعاد عن فكرة التفرد بالسلطة لكن صالح في العقد الأخير من حكمه – وإن حافظ على العديد من سجاياه الإيجابية – لم يعد كما كان في العقد الأول لأن المشروع الخاص طغى وأصبح يسعى لخلطه بالمشروع العام لاستخراج منتج جديد لكن لا المنتج خرج للحياة ولا هو حافظ على حلفائه فخرج الشباب ثائرين ليخسر كل شيء. 

لم أعد ألوم شبابنا، وهم على كل حال ليسوا في لحظة تسمح لهم بتذكر إيجابيات الرجل، بل لعلنا جميعا لسنا في هذه اللحظة خاصة مع إصراره على الاستمرار في المشهد السياسي رغم حصوله على حصانة قضائية كاملة... لذلك كم أتمنى على هذا الرجل الذي حكم اليمن ثلث قرن أن يغادر المشهد السياسي بشكل عاجل، إذ أن استمراره في المشهد السياسي إنما سيسيء لتاريخه وكرامته وسيجعله يخسر كل يوم أكثر من اليوم الذي قبله، وهو ما نشاهده اليوم تماما... إن عليه أن يدرك تماما أن متطلبات الاستقرار السياسي اليوم تقتضي منه مغادرة الحياة السياسية بالكامل وفي أقرب وقت، كما أن عليه أن يقنع أقاربه من الدرجة الأولى بترك مناصبهم العسكرية والأمنية بدلا من مصادمة الشرعية الدستورية والدولية وأن ينصرفوا للعمل السياسي والمدني والتجاري إن أرادوا... وقد أكدت الأحداث التي حصلت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية منذ لحظة رفض أخيه لقرار إقالته من القوات الجوية أن تنفيذه للقرار ليس سوى مسألة وقت، وأن التمرد الذي قام به لم يزدهم جميعا إلا خسارا... فما هي الحسابات السياسية أو العقلانية التي يبني عليها هذه المواقف غير المسئولة وغير المدروسة؟ ومتى سيدرك أن صقور حزبه لا يفعلون شيئا سوى تدمير ما تبقى له من ذكرى طيبة في نفوس من عرفوه في سنوات مجده؟!