ماذا انجزت ثورة الشعب اليمني(2_4)
بقلم/ علي محمد صالح المغدي
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 17 يوماً
الأربعاء 18 إبريل-نيسان 2012 05:16 م

تكلمت في مقال سابق عن منجز جوهري حققته ثورة الشعب اليمني المباركة هو (القدرة على التغيير) او عودة الأمل للشعب إنهم أصحاب القرار... لكنني اكتفيت بالتقديم واود هنا ان أتكلم بشئ من التفصيل عن هذا المنجز

فأقول أولا : ان التغيير في المواقع الحساسة ومراكز القرار .. سوا كان ذلك على مستوى الحكومات .. او الإدارات العامة ..او حتى في المؤسسات والشركات-يصبح ضرورة ملحة بين كل فترة وأخرى ... حيث أثبتت الدراسات ان الاستمرار في موقع ما أكثر من ثمان الى عشر سنوات يفقد صاحب الموقع _على اقل التقديرات _ يفقده القدرة على الإبداع والتجديد... فضلا الفساد الذي قد يمارس والمحسوبية واستغلال هذا الموقع بطرق سيئة مما يحول المسؤول عنه من مسؤول الى مستبد...

والمعروف ان الاستبداد إذا حل بأرض أفسدها .. وحول جمالها الى قبح .. وحضارتها وعمرانها الى أطلال .. وجعل خيرها شرا؟؟ بتسخيره لظلم الناس بدلا من إسعادهم ونفعهم..؟؟

وهذا ما عاشته شعوبنا العربية طيلة عقود وأزمنة مضت ... ولا زالت بالطبع,,, لكن المؤمل في ثورات الربيع العربي ان تعيد الامور الى نصابها...

ان التغيير او الإرادة التي ظهرت في ألامه بمجموعها فانطلقت للتغيير إنما هي نبتتة طيبه كانت قبل ان تظهر في ساحات الثورة... بذرة في نفوس الشعب شيبا.. وشبابا.. ونساء .. موجودة هي منذ زمن ؟؟ بل هي فطرة لديهم ..؟ بل هي دين وعقيدة..

لكنها وئدت في النفوس طيلة العقود الماضية بسبب الاستبداد السياسي الذي افسد الحياة كما اسلفنا ...

فالتغيير فطرة لدى الناس وسنة كونية... لان الماء إذا وقف ركد ... ولان الشمس لا يمكن ان تتوقف... ولان الليل والنهار في تغيير وتبديل مستمر ... ولان النهر لابد ان يسير الى الأمام ..

 فكأن من يريد ان يوقف سنة التغيير يقول للشمس قفي .. وللنهر ان يرجع الى مصبه .. وكأنه يحرص على إطالة الليل بحيث يظل دائما ... فعجبا لهولاء !!!

التغيير دين وعقيدة لأنه لا يرضى بالباطل الا بطال ولا يرضى بالظلم الا ظالم ... وقد حرم الله الظلم بين العباد ..

ولذلك جاء الإسلام والدين الخاتم ليكون من أهدافه ما ذكر ذلكم الصحابي ربعي بن عامر رضي الله عنه(جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد... ومن الجور الى العدل)

بل ان الجهر بالسوء أمام الظلمة والمستبدين مما يحبه الله (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم)

وقادة الأمة الأحرار من أمثال عمر بن الخطاب يقولون تاكيدا لهذا المبدأ(متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا)

ثانيا : التغيير ضرورة ملحة .. بالذات في هذا الزمن لأننا كل يوم في تقدم ...ولأننا نعيش ثورة تكنولوجية ومعلوماتية .. فاليوم مختلف عن الأمس!! باكتشافات جديدة على مختلف الصعد ... وأبناء اليوم أكثر حنكة وأوفر حظا في العلم.. والمعرفة ممن سبقهم من جيل الأمس...

ولا أدل على ذلك من تلكم المفاجاءت التي فاجأ بها شباب الثورات العربية .. شيوخ السياسة وكهولها الذين كان قد أصابهم الاستبداد بشئ من اليأس في التغيير ...

فجاء الشباب ليقودوهم وليقولوا لهم ان لدينا وسائلنا الجديدة والحديثة .. والناجعة في نفس الوقت...

فكأن الشباب يقولون للأجيال التي سبقتهم انظروا لقدرتنا على التغيير ...ها نحن نسقط أنظمة شاخت في الإفساد.. والاستبداد.. وكنتم قد عجزتم؟؟ الا عن مسايرتها بل أصبحتم شبه مستسلمين لها _مع عدم إنكارنا لفضلكم علينا ورعايتكم وإعانتكم لنا_ لكننا كنا أصحاب السبق...

ثالثا : من نتائج التغيير المنشود والذي بدات الشعوب تشعر انها قادرة عليه .. بل وبدأت تمارسه عمليا

-عدم السماح مطلقا لما كانت تتبناه الأنظمة العربية في كل من اليمن , ومصر , وليبيا., وما تم ممارسته في سوريا من توريث السلطة للأبناء بدعوى حقهم في الترشح كمواطنين؟؟ وخبرتهم في الحكم ..!! وترسيخ مبدأ (جني تعرفه ولا انسي ما تعرفه)

فلا مجال اليوم لهذه الترهات بل اصبح الحديث عنها محل سخرية الناس بعد اعتقال نجلي مبارك وسيف القذافي -عدم السماح بما كان يتم التعامل به من مبدأ تم تشويهه (الرجل المناسب في المكان المناسب) فهذا المبدأ معروف عنه انه مبدأ رائع ان يوضع الرجل المناسب .. علما .. وخبرة .. وكفاءة ... في المكان المناسب له...

لكنهم حولوا كلمة (المناسب _ فجعلوها من النسب او الصهر بمعنى القريب _ بدلا عن الكفاءة) ووضعوه فعلا في المكان المناسب ... لكننا اليوم سنعيد لهذا المبدأ اعتباره (فيوضع الرجل المناسب في المكان المناسب) بغض النظر عن صلته وقرابته..

-النزعة للتحرر من الفاسدين والمستبدين من أعلى المستويات الى أصغرها... والدليل ثورة المؤسسات .. فحين تمر بجوار أحدى مدارس العاصمة فتجد طلاب المدرسة يعتصمون لخلع مديرة طال أمد بقاءها وازداد فسادها ... تشعر بان هؤلاء الطلاب قد استوعبوا الدرس .. وطمحوا الى الحرية .. بل وأصروا الا ان يعيشوها فلا مكان للاستبداد أبدا.. ولو على ابسط المستويات... العساكر .. أحرار الجوية .. القضاة .. أحرار البحرية .. أحرار الإعلام ... كلها نماذج رائعة نفاخر بها...

-أصبحت كلمة التغيير متداولة على الألسن ... بل واثرت في العادات والتقاليد ... فتجد الشيخ والقبيلي بدون سلاحه؟؟ !! تسأله لماذا .؟؟ يجيبك ... التغيير... تجد الكثير من الشباب تخلوا عن القات مثلا ونادوا بشعار يمن بلا قات؟؟ تسألهم لماذا يجيبونك... انه التغيير ... يختلف سائق الأجرة مع الراكب او احد الركاب مع من بجواره فيسب او يشتم فيبتسم له الآخر ويعتذر اليه ؟؟!! لماذا لاترد بالمثل؟؟؟ إنها ثقافة التغيير... قد عمت وشملت كل شئ

-وبعد هذا وقبله فالتغيير ... مظهر من مظاهر الجمال في الأمة وفي الشعوب ... بل به يكون التقدم .. والتطور .. والإبداع .. والتنافس في تقديم الأفضل .. وظهور الوجوه الجديدة .. والتداول السلمي والحضاري ..

-وأخيرا أصبح التغيير وثقافة التغيير والقدرة عليه امرا مشاعا ومقبولا بين الناس في المجتمع .. آمن بها الكثير وسيلحق البقية ممن لا زالوا الى الآن في سكرة المفاجاءت التي وقعت للامه حيث كانت بالأمس أحلاما لكنها اليوم حقائق يعيشونها في وضح النهار ... وسيكون به _اي التغيير_ ترسيخ الكثير من المبادئ الجميلة والقيم الرائعة.. التي غيبها الاستبداد خلال الفترات الماضية.