إلى شباب الحراك والثورة في عدن.. هل نجحت خطة الاختراق؟
بقلم/ د. عيدروس نصر ناصر
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و 6 أيام
الأحد 05 فبراير-شباط 2012 04:10 م

أمر مؤسف أن تصل العلاقة بين شباب الثورة وشباب الحراك السلمي إلى هذه الدرجة من التدهور والانهيار، بل إنه من المعيب على طرفين في عملية ثورية واحدة تستهدف إسقاط نظام قام على الاستبداد والقمع والقهر والإقصاء والاستعلاء والفساد في كل شيء، أن ينسى الطرفان قضيتهما الرئيسية ، إسقاط نظام القمع والاستبداد والتمزيق والتفكيك، وأن يتجها بخناجرهما نحو بعضهما البعض، ولأنني أرفض استخدام العنف ضد أي غريم كان لو كان القتلة الذين أزهقوا أرواح شباب الثورة وقبلهم وأكثر منهم شباب الحراك السلمي فإنني أعبر عن غضبي واستيائي مما شهدته محافظة عدن من انحدار في العلاقة بين الطرفين وأناشدهما بالكف عن الشحن والتوتير بينهما مهما كانت الأسباب والمبررات.

ولأن سبب النزاع بين الطرفين هو الموقف من الانتخابات، ولأن الطرفان: الثورة والحراك قد اقرا مسبقا بأنهما لا يسلكان إلا النضال السلمي ولا سواه فإنه يمكن التأكيد على النقاط التالية التي ينبغي التمسك بها بدلا إزهاق الأرواح وبدلا من أن نقوم بقتل بعضنا البعض نيابة عن أجهزة القمع الرسمية التي لا شك أنها تحتفي طربا وهي ترى الدماء تسيل والجثث تتجندل في ساحات عدن أو في ساحة قد تشهد أحداث مشابهة، والملاحظات هي:

1.إن الموقف من الانتخابات هو حق شخصي لكل فرد وكل تجمع، سواء كان هذا الفرد أو هذا التجمع من شباب الثورة أو من شباب الحراك السلمي صاحب أو ل ثورة سلمية في الربيع العربي، وبالتالي فإنه لا يحق للرافضين للانتخابات إرغام الآخرين لتبني خطهم وموقفهم من الانتخابات.

2.إن اللجوء من أي طرف إلى القوة في إكراه الطرف الآخر على تبني قناعات وموقف الطرف الأول هو أمر مرفوض ومدان أما إن يكون هذا الإكراه عن طريق اللجوء إلى السلاح فالأمر يستحق أكثر من مجرد الرفض والإدانة.

3.إن الانتخابات التي يدور الحديث عنها هي انتخابات غير تنافسية وكل قيمتها تنحصر في إغلاق صفحة تاريخ ما قبلها، وطي صفحة علي عبد الله صالح وبالتالي فإن الإخلاص لها أو عدم الإخلاص لا يستحق إسالة قطرة دم واحدة وليس إزهاق أرواح وصناعة معوقين واستزراع فتنة نحن في غنى عنها.

4.من قراءاتي عن حادثة يوم 3 فبراير في المعلا وفي كريتر بل وقبل هذه القراءة تسرب إلى ظنوني الكثير من الشكوك عن وجود طرف ثالث يمكن أن يكون قد خطط لهذه اللحظة وما سيلحقها من تداعيات، ولنا أن نتصور أن جهاز أمني يتعاون مع تنظيم القاعدة ويسلمها محافظات بكاملها هل يمكننا تصور أنه لن يفكر في دق الأسافين بين شباب الحراك وشباب الثورة؟ أتصور أن الملثمين الذين شرعوا في إطلاق النار على الشباب لا يمكن أن يكونوا إلا مكلفين من طرف ثالث يريد إشغال شباب الثورة والحراك معا ليتفرغوا لبعضهم بدلا من الاتجاه نحو إنجاز مهمة إسقاط النظام ومن ثم التحاور حول المداخل المختلفة لحل القضية الجنوبية.

5.إن الجيل الشاب الذي تصدى لمهمة إنجاز إسقاط النظام ومعالجة القضية الجنوبية يجب أن يمتلك من الوعي والصبر والمرونة والقيم الأخلاقية ما ينبغي أن يتفوق به على أسلافه من الثوار والمناضلين، ومن غير شك أن قتل المناضلين لبعضهم لا يدخل في أخلاقيات النضال، وهو ما يستدعي إعادة النظر في العلاقة بين شباب الثورة وشباب الحراك في عدن وغيرها من مدن ومحافظات الجنوب.

6.إن القضية الجنوبية قضية حية وشرعية ولها من الأحقية والمشروعية ما يجعلها غير قابلة للشطب والإلغاء، ولا يمكن أن تندثر لا بالانتخابات الرئاسية ولا بالحملات العسكرية ولا بغيرها من الوسائل بعد أن اعترف بها القاصي والداني.

على شباب الثورة في عدن والمحافظات الجنوبية أن يدركوا أن ساحات عدن ليست ساحات صنعا أو تعز، وأن القضية الجنوبية بها من الحساسيات ما لا يمكن تجاوزه بمجرد السخط على فعاليات الحراك، كما على شباب الحراك أن يعلموا أن الثورة ليست مؤامرة على الحراك لكنها رديف للثورة الجنوبية ومدخل لتحقيق أهداف أول ثورة سلمية في الوطن العربي ـ ثورة الحراك السلمي الجنوبي المنطلق في 2007 ـ. . .لستم أعداء حتى تقتلوا بعضكم بعضا والثورة الشبابية السلمية ستجتث نظام على عبد الله صالح دونما حاجة لاقتتالكم مع بعضكم، لكن القضية الجنوبية قد تخسر مضمونها إذا انشغلنا نحن الجنوبيين بقتل بعضنا، ولنا في الحرب الأهلية في العام 1967م خير عبرة وعظة.

إنني بكل تواضع أدعو شباب الثورة وقيادات ومكونات الحراك في عدن ومحافظات الجنوب ومعهم كل النشطاء السياسيين من مختلف الأحزاب والقوى السياسية إلى الجلوس الفوري لتدارس ما جرى يوم 3 فبراير في عدن من خلال:

1.اللقاء المباشر بين ممثلي الحراك وشباب الثورة والقوى السياسية في عدن لتقييم ما جرى وكشف الأسباب الحقيقية للحادثة.

2.الكف عن الشحن والشحن المتبادل والتعامل مع بعضنا على إننا ظاهرتين سياسيتين شرعيتين ووطنيتين لا يحق لأحد أن يلغي الآخر أو يقصيه.

3.الاتفاق على حق كل طرف بالدعوة إلى ما يراه بشأن الموقف من الانتخابات أو أي قضية أخرى بالوسائل السلمية والمدنية المعروفة، وإدانة كل من يلجأ إلى القوة والإكراه.

4.أخذ الحيطة والحذر من اللعبات المخابراتية للأجهزة التي لم نعرف منها إلا إتقان إشعال الفتن ودق الأسافين بين شركاء الحياة السياسية في كل مكان.

5.الإدانة المطلقة لكل عمل من شأنه إذكاء الفتن بين المواطنين وبين مختلف القوى السياسية ونشطاء الحراك السلمي وقوى الثورة الشبابية السلمية.

6. تحميل أجهزة الأمن المسئولية الكاملة عن كل توتر تشهده المدينة وغيرها من المحافظات، وحماية الفعاليات السلمية.

7. الإصرار على الطابع السلمي لكل فعالية يمكن القيام بها.

إن الأيام القادمة تستدعي المزيد من اليقظة من قبل الجميع والمسئولية مسئولية الجميع، ولنا أن نتصور حجم الخدمة الكبيرة التي يمكن أن نقدمها لأجهزة القتل والفتنة عندما نغرس سكاكين بعضنا البعض في أجساد بعضنا البعض ونحن الذين أبينا على أنفسنا أن نرد على من أراق دماءنا وأزهق أرواح أبنائنا إلا بالوسائل السلمية.

برقيات:

 * أصدق آيات الدعاء لروح المناضل القاضي عبد السلام صبره الذي وافته المنية في الاسبوع الماضي بعد حياة حافلة بالمواقف النضالية والوطنية. . . تغمده الله بواسع رحمته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون"

*ما تعرض له الزميل الوزير والنائب علي العمراني عمل دنيء يستحق ما هو أكثر من الإدانة، وهو يمثل اختبار حقيقي لوزارة الداخلية لكشف المدبر والمخطط والمنفذ لتقديمه للقضاء لينال جزاءه.

* قال الشاعر الفلسطيني الشهيد عبد الرحيم محمود:

سأحمل روحي على راحتي  وألقي بها في مهاوي الردى

فإما حـــــــياةٌ تسر الصديق وإما مماتٌ يغـــــــيظ العدى