ثورة للتغيير ضد الفساد في كل مؤسسات الدولة
بقلم/ د. فاطمة عبدالرحمن
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 28 يوماً
الأربعاء 14 ديسمبر-كانون الأول 2011 04:20 م

( الجامعات اليمنية - كمثال)

بدأت الثورة الشبابية السلمية باليمن في يوم الجمعة الحادي عشر من فبراير 2011م، مع بدايات ثورات الربيع العربي في ديسمبر 2010م، والتي بدأت في مدينة "سيدي بو زيد التونسية، وتلتها "الثورة المصرية في يناير 2011م"، وتوالت بعدها الثورات العربية في فبراير في كل من من اليمن وليبيا والبحرين ثم سوريا، والقادم آت باذن الله.

وكان لابد ان تفرز ثورة الشباب الشعبية السلمية باليمن كثير من الثورات الداخلية الهدف منها احداث تغييرات جذرية في كل مناحي الحياة اليومية وفي كل مؤسسات الدولة المختلفة. وكما هو معروف أن اساس التنمية فى اي مجتمع من المجتمعات العربية والغربية هوالتعليم، فالتعليم هو مفتاح النجاح واساس التقدم والنمو في المجتمع علميا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا... الخ، ويقاس تقدم الدول والامم بمدى ماوصل اليه التقدم العلمي والتكنولوكي ومستوى التعليم لدى تلك الدولة او الأمة.. ويجب أن تمثل مؤسسات التعليم باليمن محورا لثورة التصحيح الفعلي لكل اشكال الفساد الموجودة في مؤسساتنا، وعليه اذا اردنا البدء في التغيير فلنبدأ من المؤسسات العلمية والتربوية حتى نحقق التغيير والاصلاح الحقيقي في جميع المجالات التربوية والدينية والاجتماعية والصحية والاقتصادية والقانونية والرياضية والسياسية وغيرها.

من هنا كان لزاما على جميع اليمنيين البدء في عملية التغيير والاصلاح في كل المجالات المختلفة والتي من شأنها ان تحدث ثورة حقيقية على كل صور واشكال الفساد الاداري والخدمي والشخصي والقيمي والاخلاقي، بحيث تقضي على جميع المخالفات والتجاوزات والممارسات السلوكية الخاطئة التي كان وما زال كثير منا يمارسها مع علمه بأنها غير صحية وغير صحيحة وتضر بنا كأفراد وجماعات كما تضر بالمجتمع ككل، وقد خط لنا الشباب ومن ساندهم في ثورتهم السلمية بساحات الحرية والتغيير بكل محافظات اليمن الخطوات الأولية لهذه الثورات ووضعوا لنا نقطة البداية لهذا التغيير. وادعوا الجميع من هذه النافذة الى البدء كل منا من موقعه بعملية التغيير الفعلي في المؤسسة التي يعمل بها ولا ينتظر من الآخرين القيام بهذا التغيير، واقصد بثورة التغيير هنا تصحيح لكل الاوضاع والافعال والممارسات والمخالفات والسلوكيات الخاطئة التي كنا نمارسها ونشاهدها في حياتنا العملية في مدارسنا وجامعاتنا ومكاتبنا ومستشفياتنا وشوارعنا ومؤسساتنا بشكل عام، وللبدء في هذا التغيير علينا أن ننشئ هيئات او جمعيات علمية وعملية تتكون من عدد من الاعضاء من الموظفين بالمؤسسة والمؤمنين بالتصحيح وتاخذ الشكل الرسمي من قبل المؤسسة، وتكون وظيفة اعضاء هذه الهيئة هي رقابة، محاسبة، متابعة ومن ثم تصحيح حقيقي وليس شكلي كما كان في السابق، وعلى كل موظف يؤمن بأهمية ثورة التغيير الذي ستؤدي بالنهاية الى الاصلاح الجاد والفعلي وتعديل ماهو قائم اليوم ليبدأ بالتصحيح والتغيير الذاتي لنفسه اولا ويؤمن انه يستطيع القيام بذلك في الجهة او المكتب او المؤسسة الحكومية التي يعمل فيها او ينتمي للعمل بها.. وعلى سبيل المثال اذا كان (س) من الناس يعمل في وزارة التعليم العالي( مثلا) ويشاهد كثير من الممارسات والسلوكيات و المخالفات الخاطئة عليه ان يسجل مثل تلك الممارسات بالشواهد وبالوثائق ومن ثم يقوم بالتبليغ الى الجهة المخولة بالمحاسبة داخل المؤسسسة، ولا ينتهي دوره عند التبليغ بل يجب على اعضاء تلك الهيئة المتابعة حتى محاسبة المخطئ ومعاقبته داخل تلك المؤسسة اولا بأول اذا ما ثبتت المخالفة أوالخطأ أو التجاوز الذي ارتكبه ذلك الموظف، من اجل القضاء على مثل تلك الأخطاء والمخالفات والتجاوزات وعدم تكرارها مرة ثانية من اشخاص آخرين، وبذلك يتم تحقيق الاهداف التي قامت من اجلها الثورة في تلك المؤسسة، وينسجب هذا على باقي مؤسساتنا المختلفة.

من وجهة نظري أرى ان نبدأ ثورة التغيير الحقيقية بالمؤسسات العلمية والتربوية والثقافية وبالاخص الجامعات اليمنية وتحديدا بجامعة صنعاء باعتبارها العمود الفقري للجامعات اليمنية التي ترتكب فيها كثير من المخالفات والتجاوزات والممارسات السلوكية الخاطئة المتراكمة الموجودة فيها، فاني ادعوا جميع زميلاتي وزملائي اعضاء هيئة التدريس بالجامعة وفي كلياتها المختلفة وفروعها الى تشكيل هيئات علمية اكاديمية وطلابية مشتركة للعمل في مسار ثورة التغيير والاصلاح الحقيقي والجاد في الرقابة والمحاسبة والمتابعة والتصحيح حتى تحقيق الاهداف، ولا ننتظر من يقوم بهذا العمل غيرنا لأننا المسؤلين عن كل ما يجري داخل الجامعة وفروعها واداراتها المختلفة، كما ادعوا ابنائي الطلبة ان يشاركونا نحن المدرسين واعضاء هيئة التدريس ويشكلوا هيئة طلابية علمية مشتركة من الجميع دون اقصاء للآخر، والقيام بالعمل الدؤوب في اظهار المشكلات والمعوقات التي يواجهونها في كلياتهم وتعيق العملية التعليمية، ونوعية التعليم الجامعي الذي يصبون اليه و.. و... وذلك بشكل علمي وعملي ومنهجي.

ولا بد لنا من البدء فورا بالتغيير عند عودتنا الى الدراسة، وها قد عدنا الى مقاعد الدراسة بعد فراق دام اكثر من عشرة اشهر..وعليه فان يجب علينا البدء بانفسنا نحن اعضاء الهيئة التدريسية الاكاديمية والادارية ومن نحمل اعلى الشهادات ونمثل اعلى الصروح العلمية والاكاديمية بالوطن! وليبدأ التغيير في كل شئ بدءً بتعاملاتنا مع زملائنا وطلابنا وموظفينا ويسود الود والعطف والاحترام المتبادل والمنافسة العلمية الشريفة بدلا من الحقد والمناكفات والمشادات والمكايدات والابتعاد عن اقصاء الآخر والترفع عن استخدام الالفاظ غير اللائقة، ء ثم ننتقل الى ما هو اهم وهو تغيير أو تعديل المناهج الجامعية العتيقة والطرق والاساليب التدريسية البالية والمهترئة والتي عفى عليها الزمن ولم يعد احدا يستخدمها غيرنا في جامعاتنا اليمنية وهكذا تستمر ثورة التغيير على كل ماهو سلبي وسئ داخل اروقة الجامعة بشكل عام.. فاذا لم نستطيع ان نبدأ بالتغيير الحقيقي منا كافراد ننتمي الى هذا الصرح العلمي الرفيع فمن سيبدأ بالتغيير غيرنا( قال تعالى:" ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم .... الآية" صدق الله العظيم ).

وأتوجه بالشكر الجزيل الى شبابنا وابنائنا الطلبة الذين نوروا لنا الطريق نحو ثورة التغيير من خلال ما قاموا به في جميع الساحات اليمنية، بتقديم البطولات والتضحيات الغالية بدمائهم وارواحهم وجهودهم ووقتهم الثمين في ثورتهم السلمية منذ عشرة اشهر، وعلمونا دروسا راقية اذهلتنا واذهلت العالم أجمع في الالتزام بالصبر والصمود والتحدي وفق مجموعة من القيم والاخلاقيات للوصول الى اهداف واضحة وضعوها كمعايير لنجاح ثورتهم -فاستمروا في صمودكم والدفاع عن ثورتكم التي بدأتوها حتى تحقيق كامل اهدافها بالنصر الاكيد – وقد كانت ثورتهم السلمية ليس من اجل مصالح شخصية او تقليد كما قيل عنها ولكن من اجل تصحيح الاوضاع المزرية والقضاء على الفساد الذي نعيشه نحن اليمنيين بكل الوطن اليمني من اقصاه الى اقصاه، ومن اجل ان يوقضوا الجميع من سباتهم ونومهم العميق والذي طال كثيرا فهل نفيق الآن ام ان الوقت لم يحن بعد؟! 

وفي الاخير ادعو كل الخيرين من ابناء يمننا الغالي والذين يحبون اليمن فعلا ان يضعوا ايديهم بأيدينا من اجل بناء اليمن الجديد وانشاء الدولة المدنية الحديثة والتي نسعى اليها جميعا، والعمل على القضاء على كل اشكال و صور الفساد واعادة بناء الانسان اليمني من الداخل نفسيا وقيميا واخلاقيا كما علمنا ديننا الاسلامي الحنيف