مرحبا عيد النصر
بقلم/ د: عبد الملك منصور
نشر منذ: 13 سنة و 3 أشهر و 12 يوماً
الإثنين 29 أغسطس-آب 2011 08:50 م
 

يعود عيد رمضان وأمتنا تستقبل إشراقات انتصاراتها في كل مكان، يحمل العيد معه بشائر تحقق المنى وهو تحقق بات في حكم المؤكد وليس مجرد الامنية المرتجاة.

تجاوز الشباب بفعلهم الثوري أماني آبائهم وأحلام المظلومين وتطلعات المقهورين إلى فعل ثوري ناجز هو إنجاز من لحظة وقوعه، إنجاز يهدم صروح الإحباط التي اجتهد المستبدون في بنائها ويتجاوز سدود الفساد التي أبدع المستبدون في فنونها.

 ظن البعض أن طول المدة ربما سكبت في قلوب الثائرين بعض يأس، لكن الثوار أثبتوا قدرتهم على تحويل المدة إلى كثير من المدد لصمودهم وتحديهم لقوى الباطل وإكتسابهم روح المقاتل وعناد المناضل.

 واليوم يتطلع المخلصون في أمتنا إلى الشباب الثائر ليرفع راية النصر في صنعاء ودمشق كما رفعها من قبل في تونس والقاهرة وطرابلس، وكل نصر حققه الشباب الثائر في مكان من أرضنا الواسعة إنما يشكل حافراَ لصناعة فجر نصر جديد في مكان آخر حتى تغطى خريطة الوطن العربي بانتصارات متتالية، ويذهب الظلام تحت طرقات إشراقات نور الثورة إلى غير رجعة وتتسربل الأرض العربية كلها بنور النصر، نصر الشباب الأحرار ويرحل الإستبداد والفساد والطغيان.

 الجميع يتلمس في ظلام ضعيف يخلَّفه بقايا المستبد أنوار الثورة ليحسم القادرون أمرهم ويجتازون هذا الواقع إلى آفاق النصر المبين، إنهم سيغلِّبون حتما المصلحة العامة، مصلحة الأمة عموماً ومصلحة الشعب اليمني خصوصاً وهم يعلمون إن تأخر الحسم ربما أدى إلى اكتساب المرض مناعة ضد الدواء، ربما جدد الظلام في أسلحته وحول المواجهة بدلاً من أن تكون بين الثورة والظلام يحولها إلى مواجهة بين الثورة وقوى أُخرى لها مصلحة في التشبث بالظلام وبقايا الفساد.

 اليوم تنفرج أسارير ثوار اليمن وثوار سوريا وتشرق وجوههم وهم يشهدون إنتصار الثورة في ليبيا، فيتقدمون بالتهاني لإخوانهم معاهدين لهم على أن يسلكوا نفس الدرب بفارق واحد هو أنهم سيحرصون على طابع السلمية لثورتهم وهم مع حرصهم هذا سيحسمون أمرهم وسينتصرون قطعاً بإذن الله، ذلك لأنهم يمثلون الأمة كلها التي خرجت ترفض الظلم وتشجب الأساليب الملتوية للتلبث في الكرسي الذي خارت قوائمه وارتجت الارض من تحته وآن له وللجالس عليه أن يتبدل وأن يتغير.

 البعض يرى أن هناك من يعيش مستمتعاً بصمته أن عليه أن يرفع صوته اليوم مقتدياً بما فعله الثائرون السائرون على درب الحرية، على الصامتين نبذ صمتهم فالصمت يحمل في طياته الذلَّ وألف الناس أن يمارس طقوس الصمت المقهورون، فأين يضع كل امرئ نفسه، على الصامتين أن يخرجوا على صمتهم ويعلنوها مدوُّية في تأييد الثورة ونبذ الخوف وإجتراح التضحية.

 الصبر ميزة عظيمة لكن الصبر على الباطل والظلم مسبة، فلا يقبلنَّ أحد لنفسه الصبر على الظلم وهو قادر على رفضه فإن ذلك ليس من عزم الأمور، هيا فلنغير من الواقع ولنجتهد في أن يكون البديل القادم خيراً من الوضع القائم، فإن لم يكن أكثر خيرية منه فإن مجرد التغيير فيه وحده خير كبير فالجمود يجعل الماء آسناً وفي الحركة بركة.

 صحيح أن التغيير يصاحبه صعوبة ومراغمة للنفوس على فراق ما ألفته وتضحيات قد تصل إلى فقدان بعض المحبوبات لكن المنتظر بجماله بكثير مردوداته يعوض عن مشقة التضحية، فالجسم المريض العليل يعاني ويكابد سرطان الظلم والإستبداد فإن تركنا الجسم ليخلوا به السرطان أكله وقتله وإن حاربناه وإستخدمنا الدواء أبعدنا السرطان ولكن الجسم سينهك وهو تعب محتمل خير من موت محققٍ مع سرطانٍ من غير دواء.

 التغيير وإنتصار التغيير حتماً قادم، تلك سنة الله في الأرض تلك سنة الله في هذه الحياة، فلا شيء يبقى على حاله ودوام الحال من المحال فلنثق بنصر الله الذي نرى في الأفق تباشيره الآن تلوح ولنبارك لبعضنا بالنصر الذي بات أقرب من حبل الوريد ولنغلب ما يبقى على ما يفنى، ولنتذكر تلك القافلة النورانية من الشهداء الذين أسسوا هذا البناء الضخم للحرية وأرواحهم تتنظر اليوم ماذا نفعل.

  كل عام والثوار بخير، والشعب الذي إلتف حول الثورة بخير، والنصر والتأييد من عند الله للثوار المخلصين من المحيط إلى الخليج.