آخر الاخبار

مليشيات الحوثي تُدرج مادة دراسية طائفية في الجامعات الخاصة. اللواء سلطان العرادة: القيادة السياسية تسعى لتعزيز حضور الدولة ومؤسساتها المختلفة نائب وزير التربية يتفقد سير اختبارات الفصل الدراسي الأول بمحافظة مأرب. تقرير : فساد مدير مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة إب.. هامور يدمر الاقتصاد المحلي ويدفع التجار نحو هاوية الإفلاس مصدر حكومي: رئاسة الوزراء ملتزمة بقرار نقل السلطة وليس لديها أي معارك جانبية او خلافات مع المستويات القيادية وزير الداخلية يحيل مدير الأحوال المدنية بعدن للتحقيق بسبب تورطه بإصدار بطائق شخصية لجنسيات اجنبية والمجلس الانتقالي يعترض إدارة العمليات العسكرية تحقق انتصارات واسعة باتجاه مدينة حماةو القوات الروسية تبدا الانسحاب المعارضة في كوريا الجنوبية تبدأ إجراءات لعزل رئيس الدولة أبعاد التقارب السعودي الإيراني على اليمن .. تقرير بريطاني يناقش أبعاد الصراع المتطور الأمم المتحدة تكشف عن عدد المليارات التي تحتاجها لدعم خطتها الإنسانية في اليمن للعام 2025

اللواء علي محسن: الرئيس يعتقد بأنه مخلد ولن يموت
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 13 سنة و 5 أشهر و 24 يوماً
السبت 11 يونيو-حزيران 2011 12:10 م
 
 

أكثر من 33 سنة وتحديداً لحظة توليه الحكم في 17 تموز (يوليو) 1978 في ما كان يعرف بـ «الجمهورية العربية اليمنية» انشغل الرئيس علي عبدالله صالح بـ «مراقصة» الثعابين، وترتيب منظومة تحالفات قبلية وعسكرية واجتماعية نخبوية لإرساء حكمه، وإبعاد الطامعين والطامحين والخصوم السياسيين والعسكريين عن محيط كرسي الحكم، ومنعهم من الاقتراب إلى خط الخطر الأحمر. كانت أجندة الرئيس مليئة بالأسماء، والجماعات، وكلها تبعث على القلق، لأنها، إن تمكنت واستقوت، فإن لسعاتها «تصبح مميتة» كلسعات الثعابين التي يرهبها الرئيس أو هكذا عرف عنه لا يطيق النظر إليها، وكان عليه أن يخترع الوسائل الناجعة لمنعها من الاقتراب منه ولم يخطر في باله أن يبحث عن الترياق الذي يرد سمومها، ولعل الرئيس صالح آثر ملاعبة «الثعابين» عن بعد، ربما عملاً بمثل فرنسي يقول «لا تشرب السم اتكالاً على ما لديك من الترياق».

لم يكن الرئيس يدرك أن من شغل نفسه بإبعادهم عن عرش سلطته المطلقة، كانوا يخططون ويرسمون لمشروع إسقاطه من فوق عرشه خلال كل تلك السنين الطويلة، إلى أن جاءت الفرصة التي ينقض عليه معارضوه ويسمعونه بصوت واحد ما لم يكن يتوقع سماعه في سنوات خلت «ارحل، الشعب يريد إسقاط النظام».

كان الرئيس يستند في تثبيت حكمه على ولاء المؤسسة العسكرية وأقاربه وأبناء منطقة «سنحان» التي ينتمي إليها، وقرية بيت الأحمر مسقط رأسه، وكبار قادة الجيش، ناهيك عن قبيلة حاشد، التي ينتمي إليها الرئيس مع عدد من قادة المؤسستين العسكرية والأمنية، ومعظم هؤلاء القادة لم تثر حولهم الشكوك في ولائهم وإخلاصهم غير أن «ثورة الشباب السلمية» التي بدأت بالتوافق مع موجة التغيير التي تجتاح الجمهوريات العربية أخيراً كشفت أن أوراق اللعبة السياسية لم تعد بيد صالح وحده يلعب بها متى اضطر لذلك، ويلاعب بها خصومه ومعارضيه في كل الأوقات وفي كل الظروف.

راهن الرئيس على ولاء المؤسسة العسكرية المطلق فإذا به يستيقظ صباح يوم 21 آذار (مارس) الماضي على بيان انضمام أهم وأبرز قادتها، وأقربهم إليه رفقة وموطناً اللواء ركن علي محسن صالح الأحمر قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية، قائد الفرقة الأولى مدرع، إلى صفوف الثائرين على حكمه، معلناً تأييده مطالبَ الشباب السلمية في التغيير والإصلاحات الشاملة، ومندداً بـ «المذبحة» ومؤكداً حماية المعتصمين والمحتجين في نطاق نفوذ قواته، وقوات والجيش وحداته التي أعلن قادتها تأييد المطالب الشبابية ليس بالتغيير وحسب وإنما بإسقاط النظام ورحيل الرئيس.

كان اللواء علي محسن هو الوسيط الذي أوكل إليه الرئيس الاتصال بأطراف المعارضة، كان الرئيس يراهن على علاقة اللواء علي محسن بحزب التجمع اليمني للإصلاح وقيادة حركة «الإخوان المسلمين» كما أن الرئيس اختاره ليكون الوسيط بينه وبين أبناء الشيخ الراحل عبدالله بن حسين الأحمر وفي مقدمهم الشيخ حميد لرأب الصدع الذي أحدثته تراكمات من الخلافات ربما تمتد إلى ما قبل وفاة والدهم.

قبل يومين من مذبحة «جمعة الكرامة» دخل اللواء علي محسن على الرئيس في مكتبه وكان إلى جانبه مستشاره السياسي الدكتور عبدالكريم الإرياني وآخرون ودار نقاش بين الرجلين اتسم بالصراحة التي أصابت الحاضرين بشيء من الذهول، قال علي محسن للرئيس إن المعارضة متصلبة في موقفها، رد الرئيس إنهم يريدون مني أن أقيل ابني وأقاربي من مواقعهم العسكرية والأمنية، رد علي محسن إنهم يريدون رحيلك أنت أيضاً، ذهل الرئيس والتفت إلى الحاضرين وسأل هل سمعتم؟

المخطط واضح إنهم يريدون انقلاباً على النظام والشرعية مارأيكم؟ بادر علي محسن مبدياً رأيه من دون تردد، قال إذا أردت رأيي لو كنت مكانك لأعلنت استقالتي ورحلت آمناً مطمئناً وسلمت للشعب بلداً موحداً ومستقراً، وأضاف علي محسن مختتماً رأيه سيحترم الجميع خيارك وسيذكرك التاريخ في أنصع صفحاته زعيماً وطنياً موحداً آثر تلبية مطالب شعبه على كل الاعتبارات ثم غادر تاركاً خلفه ذهولاً عبرت عنه ملامح وجه الرئيس وصمت الحاضرين وكأن على رؤوسهم الطير.

ربما إن هذا اللقاء شكل نقطة تحول مهمة في تأريخ العلاقة بين الرجلين.

جريدة «الحياة» اللندنية التقت اللواء ركن علي محسن الأحمر في مكتبه، داخل قيادة الفرقة الأولى مدرع، حيث لا تزال صورة الرئيس صالح الرسمية معلقة على جدار مكتب القائد العسكري المنشق وحاورته في ما يجرى.. وفيما يلي نص الحوا..

حاوره/ فيصل مكرم

> عُرف عنكم أنكم كنتم حتى 21 آذار الماضي السند الأول للرئيس علي عبدالله صالح في المؤسسة العسكرية، التي ثبتت نظام حكمه خلال 33 سنة، وإلى جانبه في كل الأحداث والتحولات التي شهدها اليمن خلال هذه الفترة، ما الذي حدث في اليمن منذ مطلع (شباط) فبراير الماضي وحتى اليوم؟

- أنا كنت ولا أزال وسأظل أؤدي واجبي في خدمة اليمن من خلال المؤسسة العسكرية التي أنتمي إليها منذ أكثر من نصف قرن كواحد من أبنائها المخلصين في انتمائهم الوطني، وكان لي شرف المساهمة في النهوض بهذه المؤسسة الوطنية الجبارة وتطوير كل قطاعاتها وتحديثها، بما يجعلها قادرة على أداء واجبها الوطني والدستوري في الدفاع عن سيادة الوطن واستقراره، وتكريس قيم الانتماء إلى المؤسسة العسكرية كمؤسسة وطنية لا تخضع لأهواء شخص أو فئة، ولا يستغلها حاكم في فرض إرادته وتحقيق مصالحه الخاصة على حساب إرادة الشعب اليمني. إن المؤسسة العسكرية ملك الوطن وأهم مكاسب الشعب، وفي طليعة منجزاته، وبالتالي فهي تنحاز إلى إرادة الشعب وتطلعاته في بناء الدولة الحديثة، وسيبقى ولاؤها المطلق لليمن ولا يمكن أن يتحول ولاؤها للحاكم أو لفئة بعينها، وبالتالي كانت ولا تزال وستبقى المؤسسة العسكرية اليمنية خالصة الولاء للشعب والوطن.

أما ما ورد في سؤالكم أنني كنت السند الأول للرئيس فذلك أمر لا أخفيه ولا أنكره، خصوصاً أن المؤسسة العسكرية كانت تساند الرئيس عندما كان الرئيس صالح منحازاً إلى الشعب ومدافعاً عن إرادته ومكاسبه، ولم يكن رجال اليمن الشرفاء وقادة الجيش المخلصون وأنا، نتردد يوماً في إسداء النصح للرئيس، وكان ينصاع ويخضع لآراء ما يسمى بـ «المطبخ السياسي» الذي يضم كوكبة من رجالات اليمن وبالتالي كان هناك دولة، وعندما تركهم وتفرقوا من حوله ظهر سوء إدارته للدولة كما نرى اليوم.

ولا أخفيكم أنني، ومعي كل القادة والشخصيات العسكرية والمدنية، دعمنا وصول علي عبدالله صالح إلى سدة الحكم قبل نحو 33 سنة، في حينه رأينا فيه الشخص الذي سيلتزم وعوده لبناء الدولة اليمنية بصدق، وأن بعد مقتل الرئيس أحمد الغشمي عام 1978 كان هناك خطر يُهدد بتفجير الأوضاع شمال اليمن، وكان الطامعون والطامحون بكرسي الرئاسة كُثراً، وكان البلد على حافة الانزلاق إلى مستنقع الصراعات والحروب الأهلية، في ذلك الوقت كان لا بد أن تتدخل المؤسسة العسكرية التي ينتمي إليها علي عبدالله صالح. استدعيناه من محافظة تعز، حيث كان قائداً للجيش هناك، وعرضنا عليه فكرة تولي الرئاسة فوافق وجاء إلى صنعاء وأتممنا كل الترتيبات الدستورية التي أوصلته إلى سدة الحكم من دون إراقة قطرة دم واحدة، وللعلم أنا شخصياً من مكنه من السلطة ثلاث مرات متتالية لكنه لم يتعظ.

> اليوم ما الذي يجرى في اليمن منذ مطلع (شباط) الماضي، هل انقلبتم على الرئيس صالح، القائد الأعلى للقوات المسلحة بحكم منصبه كرئيس للجمهورية؟

- ثورة الشباب سلمية، ومطالبهم مشروعة في إحداث تغيير وإخراج البلاد من مخاطر انهيار الدولة اليمنية وإنهاء تفشي الفساد، وتغييب القانون، والتصدي لمشروع تثبيت الحكم لشخص علي عبدالله صالح وتوريثه لأولاده. الثورة تريد إعادة البلاد إلى مربع الاستقرار والوحدة، والديموقراطية، كلها مطالب مشروعة، خصوصاً أن اليمن أصبح في السنوات الأخيرة محاصراً بأزماته الداخلية، التي تراكمت نتيجة عدم اكتراث الرئيس بمعالجتها في إطار مؤسسات الدولة، وتعمد تجاهل مطالب الشعب المشروعة في أنحاء البلاد، خصوصاً في المحافظات الجنوبية التي زادت فيها معاناة المواطنين من الفساد ونهب الأراضي، ورفض التجاوب مع المطالب الحقوقية ورد المظالم التي لحقت بهم منذ انتهاء حرب صيف 1994 حتى اليوم، ناهيك عن الانفلات الأمني، والزج بالجيش في ست حروب في محافظة صعدة، إلى غير ذلك من ظواهر انهيار الدولة اليمنية. من هنا كان لا بد من أن تقف القوات المسلحة مع ثورة الشباب السلمية، وتؤيد مطالبهم المشروعة، وتعمل على حمايتهم من الاعتداءات المتكررة من قبل قوات الأمن و «بلطجية» الحزب الحاكم، التي بلغت ذروتها في ما يُعرف بمذبحة جمعة الكرامة ضد المحتجين المعتصمين في ساحة التغيير بصنعاء، التي خلفت أكثر من 50 قتيلاً ومئات الجرحى بالرصاص الحي والمباشر، بعدها جاء إعلاننا موقفاً واضحاً وصريحاً بأننا نقف إلى جانب ثورة الشباب ومطالبهم السلمية، وأكدنا إدانة الجرائم التي يرتكبها النظام بحق المحتجين السلميين، وأعلنا صراحة أننا في القوات المسلحة سنوفر لهم الحماية في نطاق وجودنا.

> لكن الرئيس صالح اعتبر إعلان تأييدكم مطالبَ المحتجين وحمايتكم المعتصمين في ساحة التغيير تمرداً على المؤسسة العسكرية وعلى نظام الحكم، بل ومحاولة انقلابية على الشرعية الدستورية.

- ليس ذلك فقط، بل يتهمنا بمحاولة الاستيلاء على السلطة، وهو لا يزال يكيل لنا الاتهامات الباطلة، لا لشيء إنما لأننا في القوات المسلحة أعلنا رفضنا أيَّ أوامر بالاعتداء على أبناء الشعب، لأننا قلنا له الشعب يطالبك بالرحيل فارحل آمناً مطمئناً، ولا داعي لسفك الدماء وإدخال اليمن في فوضى وحرب أهلية... نعم، أنا قلت له ذلك قبل أيام من مذبحة «جمعة الكرامة» وأمام عدد من مستشاريه، الشعب اليمني الذي خرج بالملايين إلى الساحات والشوارع في كل المدن والمحافظات يطالبك بالرحيل، هو شعبك الذي تشدقت 33 سنة باحترام إرادته، وحين يطالب الشعب بإسقاط النظام فهو لا يطالب بسقوط الدولة، إنما بسقوط النظام المتمثل في رئيس الجمهورية وحاشيته الذين باتوا منبوذين لكثرة فسادهم وإفسادهم، ولما يرتكبونه من أخطاء وحماقات بحق بلدهم وشعبهم لحماية مصالحهم والاستيلاء على مقدرات الوطن وإمكاناته ومصادرة مكاسبه ومنجزاته لحساب الرئيس وأولاده وبعض مواليه. لم تعد تنطلي على اليمنيين الأكاذيب، ولا الشعارات البراقة، ولم يعد الشعب يحتمل مزيداً من الفساد ومزيداً من الفوضى، ومزيداً من انهيار الدولة اليمنية، لم يعد الشعب اليمني يقبل بحاكم يضع مصالحه وأهواءه ورغبات أولاده فوق كل اعتبار، ويتبع كل طرائق الفساد والإفساد لكي يبقى حكمه إلى الأبد، لكي يرثه أبناؤه من بعده.

قلنا له مراراً وتكراراً، إن الشعب اليمني يرفض التوريث، وإن اليمن ليس قصراً مهيباً يملكه علي عبدالله صالح أو حديقة يتنزه فيها وحيداً متى شاء، ويقطف ثمارها متى شاء، ويحرق أشجارها متى شاء، نعم قلنا له اليمن بلد جمهوري، وديموقراطي، ولن يقبل شعبه بتأبيد الحاكم، ولا بتوريث الحكم، لم يكن هذا الكلام مرضياً له، وهو يعتبر من يقوله خصماً وعدواً أو طامعاً بالسلطة يناصبه العداء ويضمر له الشر.

> كيف تنظرون إلى التفجير الذي استهدف الرئيس وأركان الدولة في مسجد دار الرئاسة وفي هذه الظروف التي يمر بها اليمن اليوم؟

- نحن في قيادة القوات المسلحة والأمن أصدرنا بياناً بعد الحادث أكدنا فيه موقفنا الرافض العنف بكل أشكاله وصوره، وبأننا في قيادة أنصار الثورة الشبابية الشعبية السلمية نجدد تمسكنا بسلمية الثورة وندين بشدة ونستنكر كل المحاولات الجنونية التي يحاول البعض من خلالها جر الوطن للاقتتال والحرب الأهلية، وإخراج الثورة عن مسارها السلمي، وحذرنا بكل وضوح من عواقب مثل هذه الأفعال، وبالطبع فإن هذا الحادث مدان من الجميع، وموقفنا مما حدث في مسجد دار الرئاسة يندرج في إطار موقفنا المبدئي الرافض العنفَ والقمع والاستبداد والنأي بالثورة السلمية عن كل المحاولات التي تسعى السلطة لجرّها إلى مربع العنف والحرب الأهلية. وأود تأكيد أن ثورة الشباب السلمية اختارت طريق النضال السلمي لتحقيق أهدافها، والقيادات العسكرية في القوات المسلحة والأمن المناصرة الثورة السلمية انحازت إلى جانب الشعب ومطالبه المشروعة ولم تنقلب على النظام الحاكم كما يدعي.

> ألم يحدث الهجوم على مسجد الرئاسة تحولاً مهماً على مسار الأزمة الراهنة وتداعياتها، خصوصاً أن الرئيس وعدداً من كبار قيادات الدولة استهدفهم التفجير وأصيب الرئيس وأولئك القادة إصابات مباشرة وخطيرة؟

- أعتقد أن ما حدث في المسجد شكل من أشكال العنف الدموي الذي ينبغي إدانته، ونحن عندما ندين العنف والقمع الذي يمارسه النظام بحق المحتجين السلميين والمعتصمين في الساحات وميادين الحرية والتغيير لمجرد أنهم يعبرون عن مطالبهم المشروعة، ندين كذلك تفجير مسجد الرئاسة وأي حوادث أو أعمال عنف تحت أي مبرر كان ويأتي هذا من حرصنا على عدم إراقة الدماء بين أبناء الوطن الواحد، والتصدي لكل المحاولات، التي يُخطط لها النظام للانزلاق بالبلد إلى دوامة العنف والحرب الأهلية، ومن دون شك كان للحادث تأثير محدود في مسار الأزمة غير أنه لن يغير من القيم السلمية التي يرسيها شباب الثورة وحتى تحقيق كل تطلعاتهم.

> لكن الرئيس يستند إلى الشرعية الدستورية، ولا يزال يتمتع بشعبية مؤيدة وأنصار يحتشدون أسبوعياً في مهرجانات تأييد للشرعية التي يمثلها في ضوء نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وهو يتزعم الحزب الحاكم الذي يستحوذ على غالبية مقاعد «البرلمان» في انتخابات تنافس فيها مع أحزاب المعارضة، وهو يقول إنه صمام أمان البلاد ورحيله عن الحكم لن يكون بالتظاهرات والاحتجاجات التي يقف وراءها خصومه ومعارضوه، خصوصاً أحزاب المعارضة، التي يعتقد أنها تريد تحقيق أهدافها بالوصول إلى السلطة عبر حشد أنصارها في الساحات بعدما فشلت في صناديق الانتخابات.

- أولاً أود أن أذكركم بأن أحزاب المعارضة في «اللقاء المشترك» تخوض أزمة سياسية استمرت لسنوات مع الرئيس وحزب المؤتمر، وخاض الطرفان جولات وجولات من الحوار والتفاوض حول القضايا الخلافية وكلها باءت بالفشل بسبب تعنت الرئيس وسيطرته على إرادة حزبه وقراره، هذه الأحزاب عانت الكثير من الإقصاء، وتعرضت لحملات تشويه إعلامية وسياسية منظمة، وفي السنوات الأخيرة اقتصرت مطالبها على التوافق مع الحزب الحاكم في إصلاح النظام الانتخابي، وإعادة النظر في التشريعات القانونية والدستورية، بحيث تضمن نزاهة الانتخابات وتكافؤ الفرص، وتداول السلطة سلمياً. ولم يكن سقف مطالبها رحيل الرئيس أو الانقلاب على الشرعية الدستورية كما يدعي، كانت مطالبهم معقولة وممكنة التحقيق، وكانت تحظى بتشجيع الأشقاء والأصدقاء الحريصين على استقرار اليمن وعدم انزلاقه إلى مصاف الدول الفاشلة. نعم، أحزاب المعارضة تهاجم الفاسدين وتنتقد أخطاء الحاكم وتطالب بالتغيير، وتناضل من أجل تحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية وأمنية وتعليمية في البلاد، وهي تطالب بشراكة في الثروة والسلطة، وهذا حقها باعتبارها الشريك في العملية السياسية، لكن لم تكن يوماً تملك القدرة على تثوير الشعب، وبالتالي الثورة الشبابية والشعبية خلقتها إرادة الشعب اليمني، وهو مصدر السلطات وهو صاحب الشرعية كما يؤكد الدستور، وهو من يحق له انتزاع هذه الشرعية ممن وهبها له بإرادته. بأي شرعية يتحدى الرئيس شعبه، وبأي شرعية يضرب شعبه بسلاح الجيش، ويقتل الأمن ويجرح ويعتقل من يطالب باستعادة الشرعية إليه، لأنه مالكها.

الرئيس، للأسف، يعتقد أن من يؤيدونه ويمضون في طريق الفاسدين، والفاشلين، التي يرسمها أنهم هم الشرعية، الأحزاب السياسية في المعارضة وجدت في ثورة الشباب السلمية وسيلة سلمية مشروعة لتحقيق التغيير المنشود في اليمن، وجدت فيها ونحن معها سبيلاً للخلاص من الاستبداد، والتخلف، والفساد، والفوضى، وجسراً متيناً للعبور نحو دولة يمنية مدنية حديثة، مستقرة ومزدهرة، هذه الثورة تؤكد من خلال الشباب اليمني الطاهر بأن علي صالح ليس صمام أمان اليمن إنما العكس تماماً، لقد أصبح مكشوفاً وبات معلوماً لدى الشعب اليمني، وعند الأشقاء والأصدقاء في العالم، أنه يتجه باليمن إلى الفوضى، والحروب، والصراعات التي تعيده إلى عصور التخلف والظلام، والفقر، والجهل، والمرض، في حين يتطلع هذا الشعب إلى المستقبل، إلى مواكبة العصر، إلى تحقيق التنمية والعدالة والمواطنة المتساوية.

أنا شخصياً أشعر بالحزن والأسف في آن واحد لما وصل إليه تفكير الرئيس وقناعاته التي تكشفها أفعاله ومواقفه بوضوح وجلاء وتتمثل في «إما أنا وإما الطوفان» وهذا تفكير خاطئ، ونكران فاضح لحق شعبه، الذي منحه الزعامة لأكثر من ثلاثة عقود، في العيش الكريم والوطن الآمن، والتنمية العادلة، وحقه المشروع في التغيير، لأنه هو مصدر السلطة وصاحب الثروة.

>هل تعتقد أن الرئيس يغرّد خارج سرب شعبه، وأن تفكيره محصور في ترسيخ الزعامة الأبدية له ولأولاده، وأنه لا يعي متغيرات العصر، ولا يكترث لهموم شعبه ومستقبل بلده؟

- أنا لا أعتقد، أنا متأكد من ذلك تماماً بحكم علاقتي وتجربتي معه، الرجل لم يقرأ التاريخ جيداً، هو يعتقد أن من يملك المال، ومن يستطيع تبديل وتغيير منظومة تحالفاته، ومن يسخر لنفسه ولاء القبيلة، وطاعة الجيش وسطوة الأمن، ومقدرات الدولة، هو من يحكم اليمن وهو من يملك الشرعية.

ولأن علي عبدالله صالح لم يتعظ من السير السابقة، والمتغيرات المعاصرة، ولا يؤمن بتقلبات الأحداث، يصر على رأيه ولا يقبل برأي غيره، حتى وإن انفضّ الجميع من حوله، وهنا مربط الفرس، الرجل دأب على المراوغة والكذب، وبالتالي فقد ثقة الآخرين وأثار على نفسه غضب شعبه وكأنه يعتقد نفسه مخلداً لا يموت، وكأن الزمن توقف بكبسة زر من أصابعه عند اللحظة التي أصبح فيها رئيساً لليمن.

> لكن الرئيس صالح لا يزال يملك رصيداً من المنجزات التي تحققت لليمن في عهده، ومن الجحود إنكارها لمجرد أنه يرفض الاستسلام لخصومه ومعارضيه؟

- أنا شخصياً، لا أنكر بأن للرجل منجزات تحققت في عهده، لكن لا يجب علينا أن نجيّر مكاسب الشعب اليمني لشخص الرئيس، الوحدة اليمنية تحققت بفضل إرادة الشعب اليمني في جنوبه وشماله، وهي تحققت باتفاق بين قيادة الشطرين نص على أن يكون نظام الدولة الموحدة نظاماً ديموقراطياً يقوم على التعددية الحزبية، وعلى انتخابات حرة وديموقراطية تضمن تداولاً سلمياً للسلطة، ومن دونها يصبح فاقداً للشرعية. الوحدة اليمنية تحققت بفضل الشعب اليمني ولولاه لما استطاع ألف علي عبدالله صالح تحقيقها وتجييرها لنفسه.

ولو كان حريصاً على الوحدة لما رأينا جحافل المحتجين تجتاح المدن والمحافظات الجنوبية والشرقية في السنوات الأخيرة تطالب بالعدالة والمساواة والشراكة في السلطة والثروة والتنمية، ولما رأينا جماعات، تطلق على نفسها «الحراك الجنوبي»، تطالب بالانفصال وترفع شعارات تقوض أركان الدولة اليمنية الموحدة كرد فعل على تجاهل مطالبها الحقوقية، وتعمد إهمالها حتى باتت الوحدة مهددة وبات اليمن يواجه خطر التشظي والانقسام، ليس إلى دولتين، إنما إلى أكثر من ذلك.

ولو كان الرجل يؤمن فعلاً بالديموقراطية سبيلاً للاستقرار وضماناً للسلم الاجتماعي، عبر التداول السلمي للسلطة، فبماذا تصف ما يحدث من أزمات خانقة ومستدامة بين منظومة حكمه وأحزاب وقوى المعارضة، وكيف يمكن اعتبار مشروع التعديلات الدستورية الأخير، الذي طرحه مجلس النواب، وتسبب في تفاقم الأزمة الراهنة، ذلك المشروع الذي ينص على تأبيد الحكم وتوريثه صراحة؟ أليس انقلاباً على الديموقراطية؟

أنا أؤكد لك أن اليمن سيكون أفضل حالاً وأكثر أمناً واستقراراً وتوحداً من دون علي صالح، وسيكون بلداً خالياً من كل المخاوف التي تُقلق الأشقاء والأصدقاء بعد رحيله، وأنا لا أكشف لك سراً حين أقول إني بذلت جهوداً مضنية في التوسط بين الرئيس وأحزاب المعارضة قبل اندلاع ثورة الشباب السلمية، ولم أفلح لأنه كان ينقلب ويتقلب في آخر لحظة.

قبل اندلاع ثورة الاعتصامات والاحتجاجات وأثناء تداعيات الأزمة الراهنة طلب مني ومن آخرين معي التوسط لإقناع «أحزاب المشترك» بالعودة إلى الحوار والتوصل إلى توافق لحل كل المشاكل العالقة، غير أن قيادات المعارضة فقدت الثقة بأقواله ووعوده والتزاماته، وقبل أيام من مذبحة جمعة الكرامة ذهبت لمقابلته في دار الرئاسة وبحضور عدد من مساعديه، وفي مقدمهم الأخ الدكتور عبدالكريم الإرياني المستشار السياسي للرئيس، أبلغته بأن قادة أحزاب المعارضة لديها مخاوف نتيجة عدم الثقة بوعوده، وهم يشترطون إقالة أبنائه وأبناء أخيه من المناصب التنفيذية في المؤسستين العسكرية والأمنية كبادرة حسن نية، وقبل أن أكمل ثار غضباً، واعتبر ذلك تجاوزاً للمحرمات، ثم طلب رأيي، فقلت له، لو كنت مكانك لبادرت بإعلان التنحي عن السلطة في مراسم وداع رسمية وأعلن للشعب اليمني بأنني قررت الرحيل مختاراً لا مجبراً وأترك له بلداً موحداً وآمناً ومستقراً، ربما لم يكن يتوقع هذا الرأي مني، غير أنني عبّرت له عن قناعتي بكل صدق وأمانة، حينها سكت وانتابته موجة غضب ثم افترقنا.

> ما هي رؤيتكم كقيادات عسكرية مؤيدة لثورة التغيير لإخراج اليمن من الأزمة الراهنة عبر انتقال سلمي وآمن للسلطة، ثم ألا تزال المبادرة الخليجية خياراً مطروحاً بعد تراجع الرئيس عن التوقيع عليها ثلاث مرات؟

- بكل أسف الرئيس ليس في وارد التخلي عن السلطة سلمياً، وهو واقع تحت تأثير أولاده وإخوانه وأبناء إخوانه وحاشيته، منذ بداية الأزمة الراهنة انقلب أكثر من مرة على اتفاق مع المعارضة يضمن انتقالاً سلمياً للسلطة، أعلن أكثر من مرة قبوله بشروط المعارضة، وبما اقترحته لجنة العلماء، ثم تراجع بين ليلة وضحاها. نحن في القيادة العسكرية المؤيدة ثورةَ الشباب لا نطلب السلطة كما يعتقد ويقول، أنا شخصياً أعلنت وأكدت أن حل مشاكل اليمن هو بانتقال إلى دولة مدنية حديثة، بأن ينتهي حكم العسكر، هذا موقفي، وبالتأكيد موقف كل القيادات العسكرية، نحن نؤمن بأن القوات المسلحة يجب أن تقف على الحياد وأن تؤدي مهامها وفقاً للدستور بعيداً من ميدان السياسة، ولا أكشف لك سراً بأن الرئيس كان وافق على التنحي والرحيل بحضور السفير الأميركي في صنعاء في منزل نائب الرئيس الأخ عبد ربه منصور هادي، وكنت حاضراً، بعد أيام قليلة على إعلان تأييد الثورة ومطالب الشباب السلمية، يومها وفي وجود قيادات في الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة قال لي إنه لن يرحل من دوني، فأجبته من دون تردد أنا موافق ونرحل سوياً، كان ذلك الاتفاق، ثم في مساء الخميس وفي صباح اليوم التالي تراجع، ووضع شروطاً جديدة لإفشال الاتفاق. إن المبادرة الخليجية، التي تبنّتها دول مجلس التعاون لحل الأزمة جاءت من منطلق حرص الأشقاء على أمن واستقرار ووحدة اليمن، ومن حرصها على تحقيق خروج مشرف وآمن للرئيس من السلطة، وبحيث لا تتم مصادرة طرف على حساب طرف آخر، وهو من دعا إلى تدخل دول الخليج وطلب وساطتهم، وهو من وعد الأميركيين والأوروبيين عبر سفرائهم بالتعاطي الإيجابي مع المبادرة الخليجية، ثم رفض التوقيع عليها ثلاث مرات، وفي آخر مرة هو من دعا الوسيط الخليجي الدكتور عبداللطيف الزياني أمين عام مجلس التعاون إلى العودة وزيارة صنعاء لكي يوقع على اتفاق المبادرة بعد إجراء التعديلات التي طلبها، وعلى رغم أن أحزاب المعارضة استجابت لجهود الأشقاء الخليجيين، والأصدقاء في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلا أنه في المرة الأخيرة رفض التوقيع بعدما حرض مئات المسلحين من «البلاطجة» لمحاصرة السفارة الإماراتية لكي يبرر للوسيط أن رفضه التوقيع كان نزولاً عند رغبة الشعب، على رغم أن الحزب الحاكم وقع الاتفاق، بعد المعارضة، يومها شعرت وكل أبناء اليمن بحرج من هذه التصرفات التي لا تليق بنا كيمنيين ولا بأخلاقنا ولا بالأعراف والتقاليد المتبعة مع الوسطاء.

وهنا أود أن أعبر عن تقديري للجهود التي يبذلها أشقاؤنا في الخليج، والأصدقاء من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي لحل الأزمة اليمنية، وأشكر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي على صبره وتحمله متاعب التفاوض مع كل الأطراف، وخصوصاً مع الطرف الأساسي المتمثل في شخص الرئيس.

> تأييدك الثورة السلمية يثير مخاوف الشباب من عسكرة الثورة واحتمال توجهها إلى حكم عسكري جديد وليس إلى دولة مدنية كما يحلم شباب الثورة ما هو ردكم؟

- منذ اللحظة الأولى لإعلان تأييدنا ثورة الشباب السلمية أعلنت التزامي دعمهم في تحقيق هدفهم الأساسي وهو إقامة دولة ذات حكم مدني يعود العسكر فيها إلى ثكناته وتصبح مهمة الجيش فيها بالفعل حماية الشرعية بعيداً من التنافس السياسي، ومن خلال صحيفة «الحياة» أعيد تأكيدي على هذا الأمر. أنا شخصياً لا طموح لدي للحكم خصوصاً أنني بلغت السبعين من العمر كما أنني أثق بأن جميع القادة العسكريين الذين أعلنوا تأييدهم ثورة الشباب لا طموحات سياسية لديهم بل إنهم مثلنا جميعاً يحلمون بإقامة الحكم المدني الذي يؤسس دولة النظام والقانون والعدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان. لقد تعبنا من الأنظمة العسكرية التي أثبتت فشلها في تحقيق هذه الأهداف النبيلة، نحن قمنا وسنظل نقوم بواجبنا في حماية ثورة الشباب السلمية ومساندتها حتى اقتلاع هذا النظام المستبد وتحقيق طموحات الشباب وتطلعات الشعب.

> أنت متهم بقربك من حركة «الإخوان المسلمين» وحزب الإصلاح، وهو ما يثير مخاوف الشركاء السياسيين في الداخل خصوصاً لدى أطراف «اللقاء المشترك» وحتى مخاوف في المحيط الإقليمي والدولي من سيطرة الإسلاميين على الحكم في اليمن بعد رحيل صالح، كيف تردون على هذه المخاوف والحسابات؟ وما هي طبيعة العلاقة بينك وبين الإصلاح؟ وما هو في تصورك لشكل النظام المقبل؟

- بحكم طبيعتي كرجل عسكري لم يكن لدي أي انتماء حزبي، إلا قبل الوحدة فقط عندما كنت عضواً في المؤتمر الشعبي العام، أما بالنسبة لعلاقتي بالإخوان قبل «الوحدة والإصلاح» بعد الوحدة علاقة قائمة على الاحترام والتقدير مع هذا الحزب، وكذلك الحزب الاشتراكي اليمني والحزب الناصري، والأحزاب كافة تربطني بها علاقة جيدة قائمة على التقدير والود والاحترام، وبحكم علاقتي بالأحزاب السياسية وأحزاب «اللقاء المشترك» وقياداته ظللت طوال الفترة الماضية أحاول إعادة التفاهم بينها وبين صالح من دون فائدة.

أنا هنا أؤكد أننا جميعاً في الجيش وأحزاب «المشترك» ومنظمات المجتمع المدني نقف كلنا مع الشباب في ثورتهم السلمية حتى تحقيق كامل أهدافها باقتلاع هذا النظام المستبد وإقامة نظام جديد يقوم على حكم مدني يديره شباب الثورة لأنني أدرك يقيناً أن الأوان قد آن لجيلنا أن يتقاعد فقد خلق هذا الشباب لزمان غير زماننا.

> أحزاب المعارضة وجهت قبل أيام رسالة إلى الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أكدت فيها أن المبادرة الخليجية لإنهاء الأزمة في اليمن انتهت برفض صالح التوقيع عليها للمرة الثالثة، وكانت دول الخليج علقت المبادرة، غير أنها أبدت استعدادها لاستئناف جهودها بين أطراف الأزمة اليمنية، في رأيكم ما هو المخرج الآمن لليمن من هذه الأزمة؟

- للأسف علي صالح أصبح مكشوفاً للداخل والخارج بأنه مراوغ، ومغامر ولا يهمه غير البقاء على كرسي الحكم حتى لو تدمر البلد، نحن كقيادات عسكرية مؤيدة للثورة الشبابية والشعبية السلمية نراهن على هذه الثورة وعلى إرادة الشعب في إجبار علي صالح على الرحيل وتفويت الفرصة على مخططاته، ومغامراته الكارثية، وفي اعتقادي أن استمرار هذه الثورة على نهجها السلمي كفيل بإجباره على الخضوع عند إرادة الشعب الذي يتطلع إلى مستقبل يسود فيه الاستقرار والازدهار، كما أننا نعقد آمالاً عريضة على الأشقاء والأصدقاء لمواصلة الضغوط عليه وإجباره على التسليم بخيار الرحيل الفوري.

> هناك قلق لدى دول الجوار الخليجي، خصوصاً في السعودية، من أن يؤدي تنحي الرئيس صالح إلى انزلاق اليمن للفوضى، والحرب الأهلية، وبالتالي يُشكل تهديداً لأمنها ومصالحها؟

- هذه المخاوف يثيرها علي صالح، وأشقاؤنا في الخليج وغيرهم، والسعودية تحديداً يعرفون تماماً أن بقاءه في الحكم هو ما يثير القلق، إنه يحاول دائماً الاستفادة من إنتاج الأزمات في الداخل لابتزاز الخارج، وهو يدعي بأنه صمام أمان لليمن ولدول الجوار، وهذا كذب، وهنا أود تأكيد أن اليمن بعد رحيل صالح سيكون أكثر أمناً واستقراراً، ومصدر أمن واستقرار المنطقة كلها.

> لكن هناك ملفات عالقة ومهمة بالنسبة للجوار الخليجي، والولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، تتمثل في ملف تنظيم «القاعدة» الذي يمسك بزمامه الرئيس صالح، وكذلك «قضية الجنوب»، هناك مخاوف على الوحدة اليمنية بعد رحيله، إضافة إلى ملف التمرد الحوثي في صعدة المتاخمة للحدود السعودية.

- دعني أوضح لك بأن علي صالح يعمل منذ زمن بعيد على ترتيب ملفات لقضايا تهم الخارج لكي يستعملها فزاعة، وهو يحاول أن يكسب من خلالها ثقة الخارج ودعمه، ومنها ملف تنظيم «القاعدة» في اليمن.

الحقيقة أن تنظيم «القاعدة» خدم مآرب علي صالح وأهدافه واستغل التنظيم هذا التكتيك جيداً لكي يوسع من نطاق وجوده في بعض المحافظات، وينفذ عمليات «إرهابية» فيه ليعلن عن وجوده، وعلى رغم أن معظم تلك العمليات استهدف جنوداً في الجيش، وعناصر في الأمن، ومباني ومراكز حكومية، استفاد عناصر «القاعدة» من ضعف الدولة وترددها في قمعهم والحد من نشاطهم ومن مآرب علي صالح لجعلهم فزاعة للأطراف الخارجية، وسيُدرك الجميع بعد رحيل صالح أن أسطورة «القاعدة» في اليمن لم تكن بهذا الحجم، وعندما ينتقل اليمن إلى الدولة المدنية الحديثة، ويسود القانون، وتتحقق العدالة والمواطنة المتساوية، ويصبح القضاء نزيهاً، والاقتصاد الوطني ثابتاً ومتطوراً وناجحاً، فلن يصبح لـ «للقاعدة» وجود في اليمن، خصوصاً أن الشعب اليمني يرفض الإرهاب بكل أشكاله وصوره وينبذ التطرف ويؤثر الوسطية والاعتدال، ولا يقبل على نفسه أن يكون مصدر قلق للآخرين، أشقاء وأصدقاء.

> الرئيس وجه اتهامات مباشرة لكم وللوحدات العسكرية التي أيدت ثورة الشباب بأن هذه القيادات والوحدات توجد فيها عناصر «إرهابية» تابعة لـ «القاعدة»، وتحتضن عناصر متطرفة ما هو ردكم؟

- إنه يكذب، ثم يكذب، ثم يكذب، ولن يصدقه أحد، لقد قال إن هناك عناصر «إرهابية» بين صفوف الشباب المعتصمين في ساحات التغيير، وهو يستخدم مثل هذه الاتهامات ليثير قلقاً هنا، ومخاوف هناك، والكل يعرف أن بعض العناصر «الإرهابية» موجود ضمن حراساته الخاصة، لقد ظهر معه وإلى جانبه في أكثر من مناسبة، وللعلم إن الجماعات الإرهابية التي يخوف بها الداخل والخارج يُشرف عليها نجلا أخيه قائد حرسه الخاص طارق محمد صالح، ووكيل جهاز الأمن القومي عمار محمد صالح، أما القوات المسلحة والأمن فهي مؤسسة وطنية تبعث على الفخر عند كل يمني، وعلي صالح بهذه الاتهامات يسيء لنفسه، حين يعتقد أنه يسيء إليها.

> هل تعتقد بأن لدى قوى المعارضة، وحركة الاحتجاجات المناوئة لنظام الرئيس صالح رؤية بعينها تضمن بقاء اليمن موحداً نظراً لارتفاع سقف مطالب الجنوبيين في السنوات الأخيرة إلى المطالبة بالانفصال، وحق تقرير المصير، واستعادة دولة الجنوب؟

- اليمن بعد رحيل صالح، وانتصار الثورة السلمية سيكون أكثر توحداً، والدولة اليمنية المدنية الحديثة كفيلة بتحقيق مطالب اليمنيين في الشمال والجنوب، ولا خيار في ذلك سوى فتح صفحة جديدة تلبي مصالح اليمنيين وطموحاتهم وتتعاطى بوضوح وإيجابية مع قضاياهم، خصوصاً في المحافظات الجنوبية والشرقية التي عانت من الظلم، وأصاب أبناءها اليأس والقنوط من فساد النظام وأكاذيبه وألاعيبه، ومغامراته، أعتقد أنه سيكون هناك حوار مع كل القوى الوطنية من أبناء هذه المحافظات في الداخل، والخارج، لا يستثني أحداً، ولا يقصي أحداً.

أنا لا أقول كلاماً للاستهلاك، إنما أستند إلى حقائق وبراهين واقعية لعل أهمها ما حدث ويحدث في المحافظات الجنوبية والشرقية بعد اندلاع ثورة التغيير الشبابية السلمية، لقد اختفت الشعارات المطالبة بالانفصال، وبدلاً عنها ارتفعت أعلام الجمهورية اليمنية وشعارات مطالبة بإسقاط النظام ورحيل صالح، توحدت مشاعر اليمنيين وطموحاتهم وهمومهم في ساحات التغيير وميادين الاعتصامات شمالاً وجنوباً.

> لكن الرئيس أعلن مراراً أن رحيله يعني تفكك اليمن إلى دويلات، وقال أن تنظيم «القاعدة» لن يسقط إنما ستسقط محافظات بيده وسمى أبين، وشبوة، ومأرب، وحضرموت، والجوف، وهي محافظات تُعد ملاذاً آمناً لعناصر «القاعدة»، هل يمكن أن يتم ذلك؟

- بعد خطاب علي صالح، الذي تحدث عن سقوط محافظات بيد «القاعدة» انظر ما الذي حدث، لقد سلم النظام محافظة أبين للعناصر «الإرهابية» المسلحة، كانوا يهاجمون وينسحبون في الماضي، هذه المرة يهاجمون مديرية جعار، والقوات العسكرية والأمنية هي التي تنسحب من معسكراتها ونقاطها ومواقعها، ثم يدخلون زنجبار من دون مقاومة، واستولوا على أسلحة الأمن المركزي، وثكنات الجيش، وبسطوا نفوذهم وسيطرتهم على عاصمة المحافظة، القوات العسكرية والأمنية انسحبت بأوامر عليا، إن علي صالح يتحدث عن أمور يخطط لها فعلاً، وأنا أخشى أن يسلم النظام المحافظات التي ذكرها الى العناصر «الإرهابية»، والجماعات المسلحة الأخرى، وقطاع طرق، ان اليمن سيبقى موحداً والشعب اليمني وثورته السلمية سيسقطون مخططات التخريب، وسيتصدون لمغامرات علي صالح في إدخال اليمن في حرب أهلية، وفوضى عارمة، لن تكون هناك حرب أهلية في اليمن على رغم أنه أشعل فتيلها بالعدوان الإجرامي على منزل الشيخ صادق الأحمر، وقتل الأبرياء من المواطنين، ودمر المنازل والمنشآت الخاصة، والعامة، لكي يشعل حرباً أهلية، ان الجميع مدرك لخطورة مغامراته، ولن يتمكن من استدراج اليمنيين ولا قبائل اليمن، ولا جيش اليمن وقواته المسلحة إلى حرب أهلية مهما حاول ومهما بلغت أساليبه الاستفزازاية.