القطاعات النفطية تفتح شهية الطامعين: نافذون يسعون للسيطرة على قطاع 5 النفطي وسحبه من شركة بترومسيلة الحكومية لصالح شركة تجارية جديدة توكل كرمان: لم ينهب بيت واحدة في حلب ولم تحدث عملية انتقام واحدة هذا أمر مثير لاعجاب العالم هناك جيش وطني حر اخلاقي يعرف مايريد وكيف يحكم سوريا بريطانيا تحمل الرئيس السوري مسؤلية ما يحدث حاليا من تصعيد عسكري عاجل:بشار الأسد يطلب المساعدة من إسرائيل وتل أبيب تشترط طرد إيران من سوريا أول رد من الإدارة الأمريكية على المجزرة الحوثية بحق مدنيين في أحد الأسواق الشعبية هل يواجه الحوثيون مصير الميليشيات الإيرانية في سوريا؟ ما حقيقة مغادرة قادة حركة حماس وعائلاتهم قطر النشرة الجوية: ''طقس بارد في 11 محافظة وأمطار محتملة على هذه المناطق'' مليشيا الحوثي تستهدف منازل المواطنين بقذائف الدبابات جنوب اليمن جمرك المنطقة الحرة ومطار عدن يضبطان أجهزة مراقبة عسكرية وأدوية مهربة
تأمل في حركة البرع "البيضاني" ومن مسامات حركاتها الدقيقة تستطيع النفاذ إلى نفسية الشخصيّة البيضانية. البرع باعتباره فنا، والفن باعتباره نشاطا إنسانيا يعكس ــ فيما يعكس بالمقام الأول ــ نفسية الفنان ذاته: خفة الحركة، الالتفاف، القفز للأعلى، المرونة، الانسياب، الإيقاع، انسجام الحركات.. إلخ إبداع بيضاني خالص، هو نسيج وحده، يذكرك بالصورة الفنية الشهيرة في معلقة امرئ القيس، في وصف جواده:
مكر، مفر، مقبل، مدبر معا
كجلمود صخر حطه السيل من علٍ
الفنُّ هو الصورة الحقيقية التي تنعكس فيها شخصية الإنسان ذاته، سواء فنون الأفراد، أم فنون الجماعات. وقد عُرفت حضارات غبرت واندثرت من خلال ما تبقى من فنونها.
أحب اليمن، كل اليمن، بلا استثناء؛ لكني معجب بالبيضاء، متيم بحبها حد الثمالة؛ ذلك لأنني أرى بين وجوه أبنائها سيماء آبائي وأجدادي ملوك اليمن العظماء. أتأمل جغرافيتها الطبيعية فأجدها المحافظة الوحيدة التي تحفها ثمان محافظات من كل اتجاه، أربع منها شمالية، وأربع جنوبية، المحافظة المُحافِظة على قيم الآباء وشيم الأجداد، وناقلة جينات المجد الحميري المذحجي السبئي، نقيّا خالصًا دون أن يتلوث، كما هو الشأن مع بعض المناطق الأخرى التي تركت أفضل ما في القبيلة، وأخذت أسوأ ما في المدينة. البيضاء لا تزال حتى الآن محافظة على شرف الملوكية اليمانية، بالشهامة البيضانية، بالشجاعة البيضانية، بالكرم البيضاني، بالنبل البيضاني. البيضاء هي وجهنا جميعا.
في تاريخ صراعها الطويل مع الإمامة القاسمية "الشيطانية" هي المنطقة الوحيدة في اليمن كله التي نستطيع القول أنها صمدت أمام الهمجية الإمامية المعروفة، وحافظت على شرف الإنسان اليماني الأصيل. خاضت مئات الحروب الإمامية، لكن شوكتها لم تُكسر مرة واحدة. ظل البيضاني شامخ الرأس، رافع الهام. ظل البيضاني مضرب المثل في الثبات والشجاعة والنضال. ظلّ البيضاني النموذج الذهبي للشخصية اليمانية التي لا تنكسر، ولا يزال إلى اليوم يسطر أروع الصور وأنصع الصفحات في المواجهة، وإن كانت هامته اليوم دون هامة آبائه وأجداده. البيضاني اليوم خُذل من أكثر من جهة، خُذل وهو شرفنا جميعا. وما كان ينبغي لأحد أن يخذله.
منذ مطلع القرن العشرين حارب البيضاني ضد الإنجليز، مستعيدًا ذاته، وحارب ضد الإمامة، مستعيدا كرامته. ألم تقتل بندقية الإنجليز الثائر المناضل عبدربه العواضي، عبر "هبيلي بيحان"، وهو والد الشهيد المناضل أحمد عبدربه العواضي الذي اغتالته أذناب الإمامة في صنعاء بعد طول نضال في معارك سبتمبر، ومعارك حصار السبعين؟! من يقرأ بعمق تشكيلات الجيش البريطاني أثناء احتلاله للجنوب يجد أن ما عُرف بجيش "الليوي" الإنجليزي الذي تأسس في العام 1928م في جنوب الوطن تأسس ضد قبائل البيضاء على وجه التحديد التي أوجعته وكبدته الخسائر الفادحة، وعينت على رأسه الضابط الإنجليزي الشهير هاملتون. قبل ذلك صدت قبائل البيضاء أربعين غزوة لإمام واحد من أئمة القاسمية، هو المهدي محمد بن المهدي أحمد، المعروف بصاحب المواهب، حسبما ذكر المؤرخون. ناهيك عن عشرات ومئات الغزوات الأخرى التي جيشتها الإمامة ضد البيضاء، ولم تفلح.
البيضاء حاربت على جبهتين في وقت واحد معا: جبهة الإمامة وجبهة الاحتلال البريطاني، وكلاهما من الخبائث، وسلوا عن بطولات أبناء البيضاء معارك نجد مرقد وحيد جعدر وبيحان، وغيرها، وفي صنعاء سلوا عنها آكام الحيمة وبني مطر، واقرأوا ما قاله سنان أبو لحوم في مذكراته عن أبناء البيضاء، وعن الشهيد أحمد عبدربه العواضي.
من لم يعرف تاريخ البيضاء حتما لا يعرف تاريخ اليمن، ولا تاريخ الحركة الوطنية، ولا تاريخ النضال، ولا يعرف شيئا عن شهامة اليمني وكرمه وإبائه، كما لا يعرف شيئًا عن آثار اليمن وحضارتها القديمة. في البيضاء يكاد كل شبر فيها ينطق بأثر، ويكفي أنها أهدتنا ترنيمة الشمس الحميرية.
إذا أردت أن تنظر إلى وجه ملكٍ من ملوك اليمن الأقدمين فانظر إلى وجه البيضاني اليوم. في وجه البيضاني وفي وجدانه وروحه ستجد ذاتك، وستكتشف يمنيتك الأصيلة، تاريخا في ردمان، آثارًا في المعسال.
البيضاء، تلمحُها شرارة في بندقية العواضي، ترنيمة في غناء الرداعي، أهزوجة في شعر علي صالح الخضيري أبو جازع أو محمد شيبان، أو عبدربه الوهبي، عزيمة في حماسيات سحلول، إخلاصا في موقف الشهيد الأحمدي، ثباتا في شجاعة علي عبدالرب الحميقاني، ضربة قاضية في يد نسيم حميد كشميم.
البيضاء.. شرف الجمهورية. وهذا قليل في حقها.