حتى لا يكون نجاح خليجي 20 شماعة لأخطاء الفاسدين
بقلم/ فيصل مكرم
نشر منذ: 14 سنة و يومين
الأحد 12 ديسمبر-كانون الأول 2010 08:26 م

استضفنا بطولة كاس خليجي 20 بنجاح استحوذ على إعجاب الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي من محيطه إلى خليجه.. وأشادت وسائل الإعلام والصحافة العالمية بنجاح اليمن في استضافة المونديال الخليجي رغم التداعيات الأمنية والظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي سيطرت على واجهة المشهد اليمني، والتي سببت في إحاطة الاستضافة اليمنية بمخاوف أمنية وشكوك حول جاهزية هذا البلد لجهة توفير كل الإمكانيات والمنشآت الرياضية والإيوائية التي تتطلبها معايير نجاح الاستضافة وإقامة المنافسة الخليجية المميزة في أجواء آمنة وفي ظل زخم جماهيري مقنع للفرق والوفود المشاركة في البطولة.

المهم أن اليمن نجح في تقديم استضافة مثالية ومتميزة.. استكمل بناء المنشآت الرياضية والإيوائية في فترة زمنية قياسية لا تتجاوز 14 شهراً..

أنفق هذا البلد الفقير المثقل بمشاكله الأمنية وهمومه الاقتصادية وتداعياته السياسية أموالاً طائلة على هذه البطولة من موازنته وموارده المتواضعة بنحو 120 مليار ريال –بحسب ما أعلن رسمياً- وحشدت الحكومة كل إمكانياتها ومعظم مسؤوليها باتجاه مدينة عدن قبل أشهر على انطلاق البطولة.. كانت تسابق الزمن، حيث يجب أن تكون كل المنشآت جاهزة في الموعد وأن يصبح الوضع الأمني تحت السيطرة.. وأن يكون المنتخب الوطني لكرة القدم على أهبة الاستعداد لتقديم عروض ونتائج مشرفة يتجاوز بها لقب "منتخب أبو نقطة" في مشاركاته الخليجية السابقة، ويرسم الفرحة على وجوه الملايين من جماهيره المتعطشة للانتصارات والعروض الكروية الممتعة والمقنعة أمام المنتخبات الخليجية القوية والمؤهلة (دون استثناء) لإحراز كأس خليجي 20 في اليمن.

إهدار المال العام تحت ضغط الوقت

إن غياب استراتيجة التخطيط وترتيب أجندة التزامات اليمن على مختلف الأصعدة أسهم إلى حد كبير في تعرض الحكومة إلى ضغوط هائلة لجهة الوصول إلى الجاهزية المطلوبة لاستضافة خليجي 20 في عدن.. ذلك أن الحكومة ممثلة في وزارة الشباب والرياضة تعلم منذ أكثر من ثمان سنوات بأن اليمن سيستضيف بطولة كأس الخليج في نسختها العشرين، وفي اعتقادي أن هذه السنوات كانت كافية للإعداد والتجهيز للبطولة وتوفير متطلباتها وخلق الظروف والأجواء الرياضية والأمنية والسياحية، والاقتصادية لإنجاحها بعيداً عن الارتباك وضغوط اللحظة الأخيرة.

ترحيل الاستعداد.. مصالح وأشياء أخرى

ثمة من يقول بأن ترحيل مراحل الاستعداد لاستضافة المونديال الخليجي لأكثر من ست سنوات ونيف كان متعمداً من قبل البعض ممن يعتقدون بأن ضغط الوقت سيصب في مصالحهم حينما تضطر الحكومة إلى ضخ الأموال دون تردد للإنفاق على المشروعات والأعمال المستعجلة، وسيتيح لهؤلاء تقديم أنفسهم كمنقذين ورجال اللحظات الحاسمة أمام القيادة السياسية.. وبالتالي يحصلون على امتيازات وصلاحيات دون قيود ولا رقابة ولا حتى تقييم، فالوقت يداهمنا ولا مجال لضياعه في تفاصيل روتينية من شأنها عرقلة المضي نحو تحقيق الهدف.. كل شيء له علاقة بالمال وما دام الوقت بضغط على الجميع فلا بد أن يكون هذا المال متحرراً من كل القيود ومتوفراً بسهولة ويسر دون إجراءات وتفاصيل تفرضها القوانين واللوائح المنظمة لإجراءات وأوجه الصرف والإنفاق، ودون حضور فعلي للجهات المسؤولة عن الرقابة والمحاسبة.

استحضار المصالح، واستبعاد المتخصصين!!

يقول هؤلاء بأن الذين لعبوا دوراً أساسياً في ترحيل مرحلة الاستعداد لاستضافة خليجي 20 واختصارها من ثمان سنوات إلى أربعة عشر شهراً، تمكنوا من السيطرة على كل تفاصيل الاستضافة.. كانوا على واجهة الحدث منقذين لليمن من كابوس الإخفاق أمام هذا التحدي.. اختصروا كل المهام في أنفسهم والمقربين والموالين لهم، واستبعدوا كل الشخصيات والكوادر المجربة والمتخصصة والمعروفة بأدوارها وخبرتها، خشية أن يتحول وجودهم على واجهة المشهد أو خلف كواليس الاستعداد إلى مصدر إزعاج وتشويش على ذوي الجهود الخارقة أو سحب البساط من تحت أقدام الأبطال "الجياد" ذخيرة القيادة السياسية ومحط ثقتها ومصدر اطمئنانها بأن كل شيء (تمام) وكل شيء (تحت السيطرة) والإنفاق المالي يسير على أكمل وجه وعلى مختلف المسارات و"الجيوب"، وفي النهاية المسألة مسألة بطولة لأسبوعين وكل واحد يرجع لحوله لا حسيب ولا رقيب، طالما والقيادة السياسية اقتنعت بأن الانتصار على التحدي هدف أكبر تهون لأجله كل الوسائل وتصغر أمامه كل الأخطاء والتجاوزات، حتى إخفاق المنتخب الوطني لكرة القدم وظهوره الهزيل ونتائجه المخزية وفداحة خسارته بين جمهوره وعلى أرضه لقب (أبو نقطة) الذي حافظ عليه في مشاركاته السابقة خارج أرضه لا يهم، ولا يهم أيضاً أن يكلف هدفاً وحيداً ويتيماً وكئيباً سجله المنتخب في خليجي 20 ستة مليارات ريال.

قف.. نحن لا نُكرّم الفاشلين!!

ورغم أن الفشل رياضياً لجهة ما قدمه المنتخب يوازي نجاح الاستضافة المكلفة، إلا أن القيادة السياسية عالجت هذا الفشل بمكافأته، وظهرنا أمام صحافة العالم التي تابعت فعاليات المونديال الخليجي في عدن كأننا أناس لا نكترث للفشل ولا نعترف بالإخفاقات، وإنما نكافئ الفاشلين ونطبطب على أكتافهم، فكيف يمكن انتقاد الفشل وهو يكافأ مثله مثل النجاح، ربما كانت لفتة الأخ الرئيس أبوية لإخراج لاعبي المنتخب من كآبتهم، غير أن السؤال يبقى جلياً: وماذا عن صناع الفشل وكيف سيكون مصيرهم؟

المنتخب يعكس واقع حال الرياضة!

كان رئيس الجمهورية –قبل انطلاق البطولة على مستطيلاتها الخضراء في عدن وأبين- مثلنا مفعماً بالأمل والتطلعات لأن يحقق المنتخب الوطني نتائج مغايرة.. زار المنتخب حيث يقيم وحثهم على تقديم الأفضل وتشريف اليمن على أرضه وبين جمهوره، ووعدهم بمكافآت مجزية.. ريما أوحى القائمون على البطولة للرئيس بأن منتخبنا إن لم يحرز كأس البطولة فإنه سيكون فارسها الذي لا يشق له غبار، فصدّق الرئيس ونحن كنا مصدقين وإن بقليل من الحذر، ذلك أن واقع حال الرياضة في هذا البلد لا يشجع على إطلاق العنان للآمال بما هو أفضل مما كان، فما قدمه المنتخب يعكس واقع الحال المتردي للرياضة اليمنية.

توجهات رئاسية بالاهتمام بطفلين موهوبين.. كيف؟؟ إن تكريم الرئيس للطفلين الموهوبين اللذين ظهرا في حفل افتتاح خليجي 20 وعلى هامش مباريات البطولة، هي لفتة كريمة نشيد بها ونقدرها، غير أن توجيهاته الرئاسية برعايتهما تبقى محيرة لكل متابع ومراقب، حيث يفرض السؤال نفسه هنا: كيف وأين سيتم رعاية طفلين أظهرا موهبة في مداعبة كرة القدم على غرار ما يفعله نجوم كبار في استعراض مهاراتهم؟!.. إن لعبة كرة القدم هي لعبة رياضية جماعية وليست رياضة فردية، وبالتالي فإن هذين الطفلين الجميلين هما –ومثلهما العشرات وربما المئات من المواهب الصغيرة في اليمن- بحاجة إلى أندية رياضية لتطوير مهاراتهم وإلى مدارس وأكاديميات لكرة القدم تصقل مواهبهم على يد مدربين أكفاء وخبراء متخصصين في تطوير وتنمية المواهب الصغيرة والناشئة.

مدارس وأكاديميات رياضية

كنت أتمنى على الأخ الرئيس أن يوجه وزير الشباب والرياضة بإنشاء مدارس رياضية في العاصمة صنعاء والمحافظات الأخرى ولو بالتدريج، لاستيعاب المواهب الصغيرة والناشئة وتوفير الإمكانيات الأساسية لهذه المدارس أو "الأكاديميات" الرياضية وتحديداً لكرة القدم لاستيعاب مثل هذه المواهب، ورفد الأندية والمنتخبات الوطنية وفق استراتيجية واضحة وتخطيط علمي بحيث يتم بناؤهم جسمانياً وتأهيلهم رياضياً في إطار ترتيب المؤسسة الرياضية في البلد.

ملايين المنتخب، وفساد الإنفاق

وكم تمنيت على الأخ الرئيس تحويل مبالغ مماثلة لتلك التي كافأ بها المنتخب الوطني على فشله الذريع في خليجي 20 لتأسيس مدارس للمواهب الرياضية الصغيرة والناشئين، بالإضافة إلى تخصيص نسبة من موارد صندوق النشء والشباب لهذه المدارس والأكاديميات، خصوصاً وأن مليارات الصندوق تذهب في مشاريع رياضية لا يخلو بعضها أو جلها من شبهات الفساد والنهب والعبث والإنفاق على مجالات لا علاقة لها بالنشء والشباب.. ولعلي هنا لا أذهب بعيداً حين أضرب مثلاً في ملعب 22 مايو بعدن، الذي تم بناؤه قبل سنوات من موازنة الصندوق، وظل مغلقاً منذ افتتاحه، ثم يتضح أنه بجاحة إلى إعادة تأهيل لاستضافة مباريات خليجي 20 بمبلغ أربعة مليارات ريال، وهذا مثل من عشرات الأمثلة حول أخطاء وفساد الإنفاق من موارد الصندوق على مشاريع تحتاج فيما بعد إلى إعادة تأهيل، وربما إعادة بناء لتصبح مؤهلة لأداء الغرض الذي بنيت لأجله.

مكاسب الاستضافة:

وفي اعتقادي أن استضافة خليجي 20 في اليمن حققت مكاسب كبيرة –لا شك في ذلك- على صعيد البنية التحتية للرياضة في محافظتي عدن وأبين، وقدمت اليمن لأشقائها في الجوار الخليجي والعالم على أنها دولة غير فاشلة وإن كانت مهددة بالفشل من وجهة نظر بعض المراقبين، فإنها قادرة على تقديم مبادرات إيجابية على صعيد ترسيخ الأمن والاستقرار الداخلي وتجاوز الظروف والتطورات الاستثنائية التي تخلق عادة انطباعات سلبية في الخارج عن أحوال البلد ومستقبله.

حتى لا يبقى النجاح شماعة أبدية للفاسدين!!

إن نجاح اليمن في استضافة المونديال الخليجي لا يجب أن يتحول إلى شماعة نعلق عليها أخطاءنا أو يصبح أنشودة انتصار نرددها صباح مساء إلى ما لا نهاية.. إن هذا النجاح يفرض علينا مسؤوليات كبيرة لجهة مراجعة أخطائنا نحن كيمنيين حكاماً ومعارضين، ومراجعة مواقفنا وسياساتنا بما يواكب مصالح اليمن.. هذا النجاح الذي أثمرته البطولة الخليجية الكروية في عدن يجب أن يدفع الحكم وصناع القرار إلى التفكير بجدية في إعادة ترتيب أوضاع الحركة الرياضية بما يواكب متطلبات العصر ويعبر عن طموحات وتطلعات أكبر شريحة اجتماعية وسكانية، المتمثلة في شريحة الشباب، والتي هي عماد مستقبل البلد إن جرى الاهتمام بها اهتماماً مباشراً، وهي بالتالي كارثة على البلد وعلى المجتمع إن استمر الإهمال في التعاطي معها.

الرياضة التي نريد!!

ولعلي هنا لا أبالغ حين أقول بأن الرياضة تأتي في مقدمة القطاعات الوطنية المساعدة على انتشال شبابنا من البطالة والضياع والأمية، وهي وسيلة فاعلة لمنع تفشي الظواهر السيئة بين صفوف الشباب. بمختلف المراحل العمرية، كالإدمان على المخدرات، وتناول القات، والارتماء في أحضان الجماعات "الإرهابية" والتخريبية التي تهدد مستقبل الأجيال بالضياع وتنمي بؤر الفتن الطائفية، والدينية، والقبلية، وهذه مخاطر تبدو مؤشراتها واضحة وملموسة في الوقت الراهن، بل هي ظواهر تبعث على الخوف والقلق إذا ما استمر تجاهلها.

ملاذ الشباب الآمن!!

وحيث يجمع الخبراء والمراقبون والمهتمون بقطاع الرياضة حول العالم بأن الرياضة بمنافساتها وجماهيرها ومتابعيها تعد ملاذاً –أو أحد الملاذات- الآمنة لشريحة الشباب، وبالتالي يأتي اهتمام جميع دول العالم بتطوير وتنمية الرياضة ووضعها على أولويات سلم مسؤولياتها، فلماذا نحن في اليمن لا يكون الاهتمام بالرياضة في أعلى سلم أولويات الدولة ومؤسساتها المعنية برعاية شرائح المجتمع وتنميتها في مختلف المجالات؟!

إحصائيات خطيرة، وفساد أخطر

وإذا ما استندنا إلى الأرقام والإحصائيات الرسمية وغير الرسمية، فإن أكثر من 60 في المئة من سكان اليمن يمثلون شريحة الشباب ممن لا تتجاوز أعمارهم ثلاثين عاماً، وأن 95 في المئة من عناصر الجماعات "الإرهابية" و"التخريبية" و"الانفصالية" هم من شريحة الشباب ما دون سن الثلاثين عاماً.

أضف إلى ذلك أن أكثر من 70 في المئة من نسبة العاطلين عن العمل على مستوى السكان هم من شريحة الشباب دون سن الثلاثين عاماً.. وأن نحو 40 في المئة من الشباب هم إما أميون أو أنصاف متعلمين أو بالكاد يجيدون القراءة والكتابة.. قد لا تكون هذه الإحصائيات دقيقة، غير أنها إحصائيات تقريبية يقرها واقع الحال المعاش في هذا البلد.. وهي بالتالي إحصائيات مقلقة وكارثية على مستقبل الأجيال وعلى مستقبل البلد إذا ما قورنت مع موارد اليمن ودخله القومي السنوي الذي لا يتجاوز 15 مليار دولار، ولا تتجاوز الموازنة السنوية 7 مليارات من الدولارات، خصوصاً وأن هذه الموارد لا تزال عرضة للسطو والسرقة والفساد من قبل بعض القائمين عليها.. هؤلاء البعض من الفاسدين، واللصوص، والفاشلين، والعاجزين، لهم اليد الطولى في تحديد مستقبل اليمن، والأدهى والأمر أنهم لا يزالون يمثلون الواجهة الأسوأ لليمن وعقبة رئيسة أمام ثقة الدول والمنظمات الخليجية، والدولية المانحة أو ما بات يعرف بالشركاء الدوليين المانحين لليمن.

جيل الرئيس يتطلع إلى اهتمام الرئيس

وهنا يجدر بنا أن نلفت انتباه الأخ الرئيس علي عبدالله صالح إلى أن أكبر شريحة سكانية في هذا البلد يمثلون جيل النشء والشباب الذين ولدوا وترعرعوا منذ بداية توليه مسؤولية الحكم وحتى اليوم.. ولعل الأخ الرئيس لا يغيب عن ذهنه أنه معني أولاً برعاية هذه الشريحة التي ولدت وترعرعت في عهده وبحكم مسؤوليته الوطنية، والدستورية، والتاريخية كرئيس لهذا البلد، بيده مفاتيح التغيير وإصلاح الاختلالات وإنهاء الأخطاء والعبث وقمع الفساد ومحاسبة الفاشلين، ليس على مستوى المؤسسات الرياضية المتمثلة في وزارة الشباب والرياضة، وإنما على مستوى كل مؤسسات الدولة.. هذه مسؤوليته، وهذا هو دوره، وهذا واجبه، وهو قبل كل شيء استحقاق الوطن وعليه الوفاء بهذا الاستحقاق قولاً وعملاً، حيث أن الرئيس هو من يقود سفينة البلد وعليه أن يجنبها الأمواج المتلاطمة وأن يجعلها تمضي بأمان إلى حيث ينبغي أن ترسو في النهاية.

اقتراب الرئيس.. هل يحقق التغيير المنشود؟؟ ولازلت أعتقد أن وجود الأخ الرئيس في عدن قبل وأثناء وبعد بطولة كاس الخليج (خليجي 20) وإشرافه المباشر على استضافة اليمن لهذه البطولة لأول مرة في تاريخه، يمثل مكسباً حقيقياً للرياضة اليمنية.. فمما لا شك فيه أن الأخ الرئيس اقترب كثيراً –وربما أكثر من أي وقت مضى- من واقع حال الرياضة اليمنية وهمومها واحتياجاتها، وأدرك عن قرب أهمية الرياضة في تعزيز استقرار وأمن البلد وإظهار صورته الإيجابية أمام العالم، بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه الرياضة في استقطاب الشباب ورعايتهم وصقل مواهبهم وإبعادهم عن مخاطر الاستقطابات السيئة، وكيف تمكن اليمن خلال بطولة خليجي 20 من رسم صورة رائعة لهذا الوطن وهذا الشعب العريق، وترك انطباعات مغايرة عن هذا البلد العربي بتاريخيه وحضارته لدى عشرات الكتاب والصحافيين ووسائل الصحافة والإعلام الخليجية والعربية والعالمية، عما كانت عليه قبل انطلاق الاستضافة بأيام.. وأتمنى على الأخ الرئيس أن يجد الوقت لقراءة عشرات المقالات ومئات التقارير والتحقيقات الصحافية التي نشرتها صحافة الخليج والبرامج التي بثتها عشرات الفضائيات عن اليمن ونجاحه في استضافة خليجي 20، ذلك أن ما حققته بطولة رياضية خلال 13 يوماً لليمن ربما يكون أكبر ألف مرة مما تحققه سفاراته حول العالم خلال عشر سنوات.

صراع على أجهزة ومعدات خليجي 20.. من يستحوذ عليها؟؟ والجميل أن يعود الأخ الرئيس من زيارته القصيرة لألمانيا لإجراء فحوصات طبية اعتيادية إلى عدن أقله يكون قريباً من حالة الصراع الهستيري بين الجهات التي تولت إدارة بطولة خليجي 20 والذي طرأ بصورة مخزية ومخجلة بعد يوم أو يومين على اختتام بطولة خليجي 20 الصراع على الأجهزة والمعدات الفنية والإعلامية التي تم توفيرها للبطولة.. أشخاص وجهات.. نافذين ومتنفذين، كل يحاول الاستيلاء على هذه الإمكانيات والمعدات والأجهزة الحديثة ومصادرتها بمبررات وحجج واهية لا تمت للمصلحة العامة ومصلحة الرياضة بصلة.

الرئيس في الملعب، فأين مسؤولو الرياضة؟!

وجميل جداً أن يحضر الأخ الرئيس عصر الجمعة المباراة التي جرت بين نادي التلال بعدن، ونادي الشعب بإب في عدن، ضمن بطولة دوري النخبة.. هذه بادرة عظيمة من جانب الرئيس وربما تأتي نادرة أو لأول مرة.. بالطبع لا نطالب الرئيس بحضور مباريات الدوري ولا منافسات الكأس.. وإنما ندعوه إلى السؤال عن مسؤولي وزارة الشباب والرياضة، واللجنة الاولمبية، والاتحادات الرياضية، فمعظمهم غائبون عن هذه الملاعب وهذه المنافسات يتصارعون صباحاً في مكاتب الوزارة وأروقتها على المخصصات والموازنات، والمكافآت، والامتيازات،، ويتجمعون بعد الظهر في مقايل القات كل مع جماعته و"شلته" يحيكون المؤامرات ضد بعضهم، وكل يكشف عورات الآخر، وكل يتحدث "بلا حياء" عن دوره وأدوار "جماعته" القريبة إليه في خدمة الرياضة وتطويرها..

يتحدثون جميعاً عن إنجازات لم تتم –ولن تتم على أيديهم- ويتحدثون عن رضا القيادة السياسية عما يقدمونه من إنجازات و"خوارق".. إنما شللية فارغة لا صلة لها بالرياضة ولا علاقة لها بما يتطلع إليه الشباب من جيل عهدك وربما الأجيال القادمة، وهناك كوادر رياضية تم استبعادها وأخرى جرى تهميش دورها ومحو تاريخها، وربما المحاولات مستمرة لمحو تاريخها.. الرياضة يا فخامة الرئيس تحتاج إلى الكوادر المؤهلة والصادقة من أبنائها والمحسوبين عليها.. تحتاج إلى رعايتكم رعاية حقيقية تعيد لها الاعتبار وتعيدها إلى أهلها.

ولعل بطولة خليجي 20 تكون منطلقاً جديداً وجاداً لإحداث التغيير في مفاصل المؤسسة الرياضية والشبابية، وفتح تحقيق موسع عن مواطن الإخفاق والاختلالات ومحاسبة من أخطأ ومن قصّر ومن شارك في الفشل، ومن عاث فيها فساداً، ذلك ما نرجوه وما نتمناه.. وللحديث بقية.

fmukaram@gmail.com