اليمن جنوباً: تسطيح السلطة والقصور الذاتي للحراك
بقلم/ محمد الغابري
نشر منذ: 14 سنة و 9 أشهر و 20 يوماً
الثلاثاء 23 فبراير-شباط 2010 05:30 م

في الأسبوع المنصرم شهدت الحالة اليمنية في جنوبها مجموعة من المتغيرات وليس تحولات تمثلت في رفع طارق الفضلي العلم الأمريكي .. وحديث الرئيس عن الانفصاليين إضافة إلى مقال تنظيري لـ محمد حيدرة مسدوس وعلى المستوى الخارجي حديث لوزير الشؤون الخارجية البريطانية عن أنه على الحكومة اليمنية الحوار مع الجنوب ..

* الجمهورية اليمنية ثمة أربعة مصادر لتهديد الدولة اليمنية ووجودها .

- سلطة اضعاف الدولة وتهديد وجودها .

- جماعة الحوثيين .

- الحراك الجنوبي .

- القاعدة .

وتعد السلطة المصدر الأساسي لما يعدها من مخاطر ولأنها مصدر مركب على مستواها الذاتي وعلى مستوى إنتاج المخاطر والتهديدات .

* إن الحوثيين والحراك والقاعدة نتائج لأسباب وعوامل تصل بالسلطة أولاً وأخيراً وأنها لمسئولة كلياً عن ظهور لك القوى.

* الحراك .. القصور الذاتي :

منذ ظهور ما يوصف بالحراك الجنوبي كان – ولا يزال – لدية نقاط ضعف ذاتية تتصل بالجوانب الفكرية والسياسية وعلى مستوى مهارات الأداء والقيادة. ومن ثم لم يكن مقنعاً لا على المستوى المحلي ولا الخارجي.

*يذهب محمد حيدرة مسدوس (الوسط) 10/2 إلى القضية الجنوبية تتطلب ثلاثة أركان الفكرية والسياسية والميداني ، أن الفكري والفلسفي يتمثل في الانطلاق من القول بأن اليمن ليست دولة واحدة وأنها دولتين .. والسياسي القيادة والنضال المطالب يقل الارتباط أو لانفصال ثم العمل الميداني وأنه لا يستغني الميداني عن السياسي كما لا يستغني السياسي عن الفكري والسؤال هل حقاً أن الأساس الفكري أن اليمن دولتين ؟

* الوحدة .. التجزئة نقطة الضعف الموضوعية إن المنظرين للانفصال والتجزئة والناشطين يبذلون جهوداً واسعة لمحاولة الإقناع بفرضية افترضوها ثم سلموا بها أن اليمن دوليتين ، وأن التشطير والتجزئة الأصل والوحدة والدولة الواحدة استثناء إنهم ربما يدركون قبل غيرهم أن مدخل لإيجاده حلول للأزمة اليمنية – والتي تشكل الحالة في المحافظات الجنوبية من أهم مظاهرها – يدركون أن المدخل في الحديث عن شمال وجنوب ويمين ودولتين وفك ارتباط ..وغيرها من العبارات هو مادخل خطأ بكل المقاييس والمعايير وأنه على المستوى الفكري غير مقنع لايوجد له أساس قوي أنها محاولات لبناء أسس هشة أن الأساس الفكري الذي ركن عليه مسدوس قد وجد مشقة كبيرة في محاولة بلورته وطرحه .

لقد اعتبر ماذهبت إلية الحركة الوطنية عبر الفترات الماضية كان خطأ فهل من المعقول والمنطقي أن الحركة الوطنية بتختلف اتجاهاتها لم تكن تدرك ما هو اليوم .

* إن الأصل هو أن اليمن واحدة ، بلد واحد شعب واحد ، مجتمعاته متنوعة ، لكنه لاتوجد فيه أقليات وأن الأصل أن البلد الواحد دولة واحدة .

* هل يدرك دعاة الانفصال والتجزئة أن طرح فك الارتباط والانفصال من منطلق المصلحة المحضة هو ضدها وذلك لوجود حقيقة تاريخية وحاضرة فحواها : أنه ليستحيل على أي جزء من اليمن أن يزدهر في حالة التجزئة – إلا مؤقتا – لأنه يستحيل أن تكون في حالة استقرار ذلك أن وجود كيانين أو أكثر في البلد الواحد فإنها بالضرورة ستقع في صراع إرادات وصراع مصالح ذلك أن تعدد الدول تعدد إرادات وتعارض مصالح .

* إن عناصر ومقومات القوة اليمنية تكون مجتمعة واضحة مع الدولة الواحدة وتكون مفرقة مشتتة في التجزئة وقليلة الجدوى بل تتحول إلى نقاط ضعف .

* على افتراض القول بأن مقومات وعناصر الازدهار متوفرة جنوباًَ أكثر فإنها حينئذ ستكون بحاجة إلى قوة تحميها ، وهي قوة لابد أن تكون قوة استقلال ، وأن تكون الحروب التوترات جزء من سياساتها .

* أما من الجهة الشرعية فإن الإسلام – حتى وإن كان مسدوس وغيره لا يهتمون بهذا الجانب – فإنه لما كان اليمنيين جميعاً – باستثناء قلة ضئيلة – فإنه لمّا بكل الطرق أن الأمة الواحدة وبينها واحد أمرها واحد مع الأقرار بالتعدد و التنوع وإن التفرق والتمزق لا يكون ولا يصدر إلا عن قوم يجهلون أبسط المصالح أبجديات الشرع وهما يقدمون خدمات مجانية للعدو ويحاربون ذاتهم .

* إذاَ الأساس الفكري للتجزئة والتشطير غير موجود ومن ثم فإن الركن الأول للمطالبة بفك الارتباط معدوم .

* أنه نقطة ضعف موضوعية لابد للحراك ولا يغيره في وجودها أنها طبيعية 100% .

لماذا يقع الهروب من الحديث عن الدولة التشودة والتي فيها الحلول للأزمات إلى الحديث عن الوحدة؟

إن دعاة إصلاح مسار الوحدة يدركون أنها ليست المشكلة ، وكونها رافقها أخطأ ،فإنها في الأصل مسألة قد حسمت ، كونها حسمت شأناً طبيعياً إن المشكلة كل المشكلة هو غياب الدولة الحقيقية فالجمهورية اليمنية الدولة اليمنية تغولت عليها السلطة وحلت محلها بمعنى أخر أن الأصل هو أن يسعى اليمنيون جميعاً لإقامة الدولة على أسس جديدة ومن أبرز خصائصها أن تكون لك مواطنيها ، دولة لا يوجد فيه تمييز من أي نوع بل مساواه – جوهر النظام- لا توجد فيه امتيازات ، ولا تحيز مع اوضد لأسباب عرقية أو مناطقية أو مذهبه و هذه ليست مستحيلة بل ممكنة – ولاحياة لليمن إلا بها – دولة المؤسسات جاءت سلطاتها بالإدارة العامة للشعب ، تخضع للرقابة والمحاسبة ، لا يوجد أحد فوق القانون عند ذلك سيختفي الشعور بوجود شمال وجنوب ، أو زيدي وشافعي أومنطقة فلان أو بني فلان أو ولا تجد فيها أي حديث عن الصالح ، الذي يحل اليوم محل الدولة .

*نقاط ضعف ذاتية .

أن الحراك لدية نقاط ضعف ذاتية أنه غير قادر على الإقناع لغياب الأساس الفكري لأنه معدوم وهو غير قادر على ايجاد قيادة فاعلة أنه مفرق بين قيادات منقسمه ، ولقيادات التاريخية معها مشكلات مع الماضي ، والقيادات الحالية تبدو بعض جوانب أداءها صيانية .

* لقد أظهرت قصوراً واسعاً في :

1. استعداء الشعب في المحافظات الشمالية عبر إحداث وعمليات قتل وإتلاف ممتلكات أي صرف الفعل عن الجهة المسؤولة عن الأزمة الأزمات وهي هنا السلطة إلى الجمهور وتكوين بيئة ملائمة للاستخدام من قبل السلطة للجميع الحراك والناس في المحافظات الجنوبية والشمالية ولن تتردد في إدارة حرب أهلية يكون الشعب هم الضحايا .

2. أن أداء طارق الفضلي الذي هو جزء من الحراك فيه دلاله على قلة العقل أنه يحسب أنه يرفع العلم الأمريكي قد أدهش الأمريكان وجذبهم ليكون وما يرفع من شعارات في حماية الدولة الكبرى وهنا يعبر عن أمية سياسية فالأمريكان لايبنون سياساتهم على ردود أفعال بل يسيرون وفق استراتيجيات أن رفع العلم الأمريكي أدانة كاملة للفضلي وهو ادانة للسلطة التي كانت – ولاتزال – سبباً أصلاً في ظهور هذه الحالة .

لم تشعر الموطنين بأنها دولتهم ، وأنه لن يكون هناك من المواطنين محتاج ولا خائف على العكس لقد تصرفت بطريق لزراعة ورعاية وتنمية بل وحتى توطيق المشاعر الانفصالية .

* حديث الرئيس

في خطابه بكلية الشرطة يظهر الرئيس نفسه طرفاً معادياً لطرف من الأطراف ،في حين أن مقتضيات موقعه تحتم عليه التعامل مع المواطنين بطريقة محترمة ومهذبه واشعارهم بأن البلد بلدهم ، وأن الرئاسة لخدمتهم وليس التسيد عليهم .

- لقد بدى في خطابه مثل أي طرفين يتبادلان الشتائم .

- لا يعرف ماذا يصنع متشاوره . اذلو كانوا حقاً مخلصين لـ قالوا للرئيس أن من مقتضيات كونك رئيس أن تظهر قدر كبيراً من الاحترام لمواطنيك ، وأنك تقدر مطالبهم المشروعة وأنك لمست لهما العذر في ما يخطئون وأنك تدعوهم لطرح مطالبهم ، وأنك تدعوهم وتحدث معهما بشأن المطالب ، وأنك ستعامل مع المؤسسات المختلفة لإيجاد حلول ، وان ذلك لا يمنع في المقابل وفي جلسات صدق ومصارحة .

أن نطالبه بالابتعاد عن الكراهية والأحقاد وأن بعض المطالب غير مشروعة وغير قانونية وأنك بعد قيام كل الجهات بإيجاد حلول هناك مؤسسات من حقها قانوناً المحافظة على وحدة الدولة وسلامتها بكل السبل بمافي ذلك القوة ذلك الأصل أو ينبغي أن يكون .

* أما الحديث عن القتلة والشرذمة والخونة والمرتزقة والعملاء والحديث عن الماضي والتذكير به وتصوير الذات بالمنفذ فإنه لا يليق بالرئاسة ، لا يليق بالرئيس تكبيت شعبه سعيد ومواطنيه ،تم إنه لن يكون حلاً بل العكس يريد الإشكاليات المعقدة تعقيداً ، وهو في الواقع مزيد من التغذية المشاعر العداوات والبغضاء والأحقاد والضغائن والمزيد من الانجراف نحو القطيعة والانفصال .

* خلاه هنا السلطة والحراك يعملان معاً على تفتيت و تمزيق النسيج الاجتماعي للشعب .

لو توقفت السلطة لأدركت فداحة ما صنعت وما تصنع يكفي أن الشعب الذي كان موحداً نفسياً وعلى مستوى المشاعر مع وجود التشطير قد انتقل إلى حالة من التشطير النفسي في ظل الدولة الواحدة هل هناك جناية على الدولة والوحدة على الشعب البلد .. أكبر .

السلطة والانفصال

- أن السلطة القائمة هي التجسيد الكامل للانفصال عن الشعب لا تعبر عن إرادته ولا معينة بمصالحة العامة ، وهي سلطة منقطعة عن العصر بكل معطياته ليست مؤسسات ولا تعمل وفق أسس ومعايير ، ولا نظم ولا قانون و يتحول جميع هذه المفردات إلى شعارات يتم فنائها بالممارسة والسلوك ويتم إعدامها بتحويلها إلى شعارات .

- إن السلطة وفرت البيئة الملائمة لظهور الحراك بجميع أبعاده وأطروحاته لأنها لم تقدر ضرورة تعديل سلوكها – خاصة بعد 94م – وإن تعامل مع جميع مواطنيها ، وتحسين مستوى الحياة العامة لقد تعاملت مع الشعب في الحافظات الجنوبية باعتباره طرافاً مدوماً مغلوباً مع أنه بجميع فئاته كان العامل الحالسم في هزيمة الانفصال .

- إن السلطة ارتكبت أخطا استراتيجية قاتلة حين لم تراعي التحولات وأثارها على المجتمع في المحافظات الجنوبية ، ولم تعطي المواطنين الثقة ، كانت الحالة تقتضي برنامجاً موضوعياً لإقناع مواطننا في كل المحافظات أنهم تنتمون إلى دولة .

* الأبعاد الإقليمية والدولية :

من الواضح أن السلطة والحراك كلاهما غائب عن الوعي ، أو مغيب للذات عن عمد ، ومن تحت فإنهما لن يصلا إلى حلول ، بل في ظل العقلية المشتركة بينهما فإن الحالة اليمنية ستظل في حالة من الشلل ، قد توفر عوامل وأسباب لتغلب أحدهما على الآخر – وقد لاتتوفر – وذلك يعني الموت البطئ للشعب ، والتناقص المستمر للبلد .

* الأبعاد الإقليمية :

هناك في دول الجوار ، وبعض الدول البعيدة – تسبباً منها من ترى مصالحه في التشطير والتجزئة ، لأنها حينئذ سيكون لها نفوذ أكبر ، وهنمة وسيطرة والبعض قد يقدر أن علمية إسناد المطالب بالانفصال يعني مجازفة ومخاطرة بأمن المنطقة والبعض ينظر أن الانفصال سيوفر له هيمنه وسيطرة عل كيانات مجزأة .

هناك المملكة / الخليج / إيران / ليبيا / قطر / وأن كانت الأخيرة الأقرب في سلوكها للمصالح اليمنية .

* العوامل الدولية :

ما يمكن القول أنه أصبح على درجة من الوضوح في المواقف الغربي خاصة بريطانيا والولايات المتحدة هو على النحو التالي :

الحالة اليمنية بمعطياتها تثير مخاوف من سقوط اليمن في حالة الدولة الفاشلة (كالصومال) ذلك خطر واسع يهدد المصالح الحيوية للغرب في المنظقة ، اليمن والممرات المائية و مضيق باب المندب ، الخليج / ومصادر الطاقة المملكة ووجودها .

* يفضل وجود إصلاح سياسي في اليمن وتتوقف فيه الحروب ويحافظ فيه على الدولة الواحدة ذلك أن التعامل مع دولة واحدة في اليمن أقل تكلفة من التعامل مع أكثر من دولة .

ثمة معطيات لها مؤشرات على أنه قد يصعب المحافظة على وحدة الدولة اليمنية ، وأنها أمام احتمالات ثلاثة :

- الانيهار الكامل – التجزئة والانفصال – بقاء الدولة الواحدة ضعيفة .

- بين الاحتمال الأول (الانهيار) ولاحتمال الثاني (الانفصال) فإنه يصح خيار قيام دولة على جزء من اليمن أقل تكلفه من الانهيار اليمن كلها .

* وهناك اشارات في تقارير غربية فحواها : وجود إمكانيات لقيام دولة في (الجنوب) .. ومزدهرة مما يعني أن هذا الخيار قائم وأن الغرب طويل النفس فأن السير في الخطة ما بخطوات عملية والذهاب إلى مجلس الأمن الدولي متى ما أدرك امكانية ذلك ووجود قيادة (جنوبية) مقنعه أن حديث السلطة أن الوحدة منجز تاريخي ، وأنها عظيمة كلاماً لا يقدم ولا يؤخر ولايعدو عن كونه التعبير الحقيقي عن الإفلاس .

* هناك العامل الأكثر أهمية من ذلك كله لوكان متوفراً أنه الوعي العام القادر على إدراك المصالح العامة و القادر على الفعل والتعبير عن الإرادة العامة . فهل يمكن أن تصحو السلطة على وعي عام يقول لها: يكفي أرحلي ويقول للحراك لست وصياً على الشعب في المحافظات الجنوبية .

* نقلا عن صحيفة العاصمة