آخر الاخبار

الدكتوراة للباحث إبراهيم اليمني من كلية الحقوق جامعة بني سويف مع مرتبة الشرف على غرار اقتحامات واتهامات نظام الأسد.. مليشيات الحوثيين تقتحم عمارة سكنية بمحافظة إب بقوة الحديد والنار وتروع سكانها اللواء سلطان العرادة يدعو الحكومة البريطانية الى تفعيل دورها الاستراتيجي في الملف اليمني وحشد المجتمع الدولي للتصدي للدور التخريبي لإيراني .. تفاصيل الاتحاد الدولي للصحفيين يناقش مع صحفيين يمنيين وسبُل محاسبة المتورطين في الانتهاكات التي تطالهم عاجل العميل الإيراني رقم إثنين .. الهدف القادم الذي ينوي الغرب والعرب استهدافه واقتلاعه.. ثلاث خيارات عسكرية ضاربة تنتظرهم ما يجهله اليمنيون والعرب ..لماذا لا يجب ترك شاحن الهاتف موصولاً بالمقبس الكهربائي بشكل دائم؟ من هو الأفضل في 2024 بحسب الأرقام؟ كريستيانو رونالدو أم ليونيل ميسي.. عاجل تحسن هائل في سعر الليرة السورية مقابل الدولار .. اسعار الصرف شاحن هاتف ينهي ويوجع حياة 7 أفراد من نفس العائلة في السعودية توافق دولي عربي على الوضع في سوريا

نهاية الأصنج الحائر.. قصة قصيرة
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: 9 أشهر و 23 يوماً
الخميس 22 فبراير-شباط 2024 08:56 م
  

حين صحوت ذلك الصباح وجدت في أذناي طنين خافت لم أعره اهتماما لكنه ما لبث أن أزداد حتى أجبرني على الذهاب للطبيب.

فحص الطبيب أذناي ثم طمأنني:

ــ الأمر بسيط ستستخدم هذه القطرات وتتعافى.

استخدمت القطرات لكن الطنين ازداد حتى نغص علي حياتي، صرت لا أسمع إلا بالصوت الذي يسمعه الجيران، ملت الزوجة والأطفال من الصراخ في البيت فبدأوا يتعاملون معي بلغة الإشارة ، وصرت أفهم ما يريدون ، لكن المشكلة ليست في التفاهم ، المشكلة في هذا الطنين الذي أزعجني بشكل لا يطاق.

أحدهم نصحني بقطرة زيت زيتون في كل صباح ، جربت زيت الزيتون ، ذهبت إلى العديد من الأطباء ، رغم نفوري من المستشفيات والعيادات ، استخدمت العديد من السماعات ، ولكن دون جدوى .

أذهب إلى المقيل يتحدثون ويشيرون إلي يطلبون رأيي فأبتسم وأهز رأسي قائلا :

ــ نعم صحيح أتفق معكم .

يعودون للحديث وأنا كالأطرش في الزفة ، يشيرون نحوي فأهز رأسي :

ــ نعم صحيح أتفق معكم .

وكلما أشاروا نحوي أهز رأسي وأتفق معهم .!

ولما استغربوا الأمر قلت لهم :

ــ بصراحة لا أسمعكم ، في أذني طنين وضجيج ولا أسمع شيئا .

ضجوا بالضحك .

ثم سألوني بالإشارة :

ــ هل ذهبت إلى طبيب ؟

رويت لهم القصة كاملة فأطرقوا ولم أدر ماذا قالوا ؟!

كانوا يتحدثون ويهزون رؤوسهم ، وربما أتفقوا معي أيضاً .!

دعيت إلى عرس ، في القاعة جلس بجواري أحد الزملاء ظل يحدثني لساعة وأنا كأنني أشاهد محاضرة بلا صوت ، أهز رأسي وأوافق على ما يقول ، بدأ يعقد حاجبيه ويستغرب موقفي ، وحتى يزول استغرابه أخبرته بأمري فظل يرفع سبابته للأعلى ويضرب كفاً بكف .

مرت أسابيع ولم يعد يتصل بي أحد أو يدعوني لأي مناسبة .

لقد علموا بأمري فتركوا الأصنج في حاله .

تفاقم الأمر كثيرا ، صرت لا أستطيع النوم من ورشة الخراطة التي تشتغل في رأسي .

لا أنام إلا بعد أن أجهد نفسي بعمل مرهق جدا بعده أنام بعمق كأنني ثور نام بعد أن حرث واديا بلا توقف .!

 من بعد العشاء حتى منتصف الليل أغسل الأطباق ، أنظف جدران المطبخ وأرضيته ، أعيد ترتيب مجالس البيت ، أغسل أرضيات الغرف ، أرهق نفسي بأي عمل حتى منتصف الليل لأحظى بنوم بلا ضجيج .

في البداية فرحت زوجتي بهذا الأمر ، تجلس تقرأ وتشاهد التلفاز وأنا أشتغل دون توقف ، أنظر إليها فتبتسم وترسم شارة القلب وأنا أشتغل مثل الشيول ، لا أهدأ ولا أتوقف ولا يهمني أي شيء إلا أن أنسى هذا الضجيج وأنام بعمق .

في البداية كنت أصحو محطماً كنملة داسها جنود سليمان أجمعين ، مفاصلي ملتهبة ، وأفخاذي متورمة ، أجرجر نفسي لأصلي ثم أصنع لنفسي القهوة والإفطار وما إن أكمل إفطاري وأبدأ بالقراءة حتى تبدأ ورشة رأسي بالضجيج .!

بعد ذلك تعودت على العمل وصرت أصحو نشيطاً خفيفا كأنني لم أعمل حتى منتصف الليل.!

ثم بدأت زوجتي تضيق من نشاطي الزائد بالبيت ، بدأت الأعمال تنتهي سريعا ، فأقوم بتخريب المجلس وأعيد ترتيبه عدة مرات ، غرفة النوم أغير مكانها ، أعيد ترتيب أدوات المطبخ ، ثم تنتهي الأعمال وأجد متسعا من الوقت فماذا أفعل ؟!

ما إن تجلس الزوجة حتى أذهب إليها قائلاً :

ــ قومي سأرتب المجلس من جديد .

بعد ترتيب المجلس وما إن تجلس حتى أبدأ بترتيبه من جديد ، تذهب لغرفة النوم فألحق بها وأبدأ بتخريب الغرفة لأعيد ترتيبها .!

لقد صرت شخصا لا يطاق .

تتحدث نحوي ووجهها غاضب وتشير بيديها ، تأتي إلي وتهزني بعنف ، وتواصل حديثها الغاضب ، لا شك بأنها تشتمني لكن لا يهم ، المهم أن أنسى الضجيج وأنام بعمق .

 ذات مساء فوجئت بها تسلمني ورقة ما إن قرأتها حتى شعرت كأنها قد صفعتني بحذاء متسخ .!

لقد طلبت مني أن أذهب إلى بيت ابنة عمها لغسله وترتيبه لأن لديهم مناسبة قادمة .

لقد صارت تنظر لي كالخادم .!

هذه آخرتها .!

لملمت أغراضي وبعض الكتب وغادرت البيت وأنا أكاد أتميز من الغيظ .

ركبت الباص ولا أدري إلى أين سأذهب ؟!

وفي الباص تذكرت صديقي الذي يعمل مديرا لإحدى المؤسسات الخيرية ، ذهبت إليه وحين قصصت عليه القصص ضحك حتى دمعت عيناه ثم كتب على الورقة :

ــ لدينا حملة إغاثة في تهامة وأقترح أن تذهب معنا وتساعدنا في تحميل وتفريغ السلال الغذائية من الشاحنة ، فتكسب الأجر والثواب وتغير جو . فما رأيك ؟

قبلت على مضض السفر ، لم يكن لدي خيار آخر ، أسابيع ونحن ننقل السلال الغذائية من مدينة الحديدة إلى مناطق تهامة ثم نوزعها ونعود من جديد ، ورغم الحر الشديد والبعوض إلا أنني كنت ما إن يأتي منتصف الليل حتى أغط في نوم عميق .

رصدوا لي مكافأة على كل كيس أو كرتون أحمله فكنت أشتري بها سلال غذائية وأوزعها بنية الشفاء.

بعد انتهاء الحملة ذهبنا إلى مدينة الحديدة ، ارتحنا لعدة أيام ، أنزل البحر واغتسل ثم أعود للفندق وأزيل الأملاح بالماء النقي ، أذهب للكورنيش أمضغ القات واكتب خواطري ، وبشكل مفاجئ أختفى الطنين والضجيج حتى نسيته .

حين عدت إلى صنعاء ، كانت البيت قد عاثت فيها الفوضى والأوساخ فقمت أنظفه وأرتبه وسط فرح الزوجة والأطفال ، أخفيت عنهم أنني تعافيت ، وبعد أسابيع وأنا أستمع إلى الزوجة تحدث أهلها عني بكلام لا داعي لقوله أخبرتها بأنني قد تعافيت في الحديدة فصدمت وخجلت وطلبت السماح ، ثم ظلت بعد ذلك تتحسر على الأيام التي كنت فيها أعمل بلا توقف .!

الآن عاد الطنين من جديد ، لم أذهب إلى الطبيب ، إنني أستعد للسفر إلى تهامة لأوزع السلال الغذائية وأتعافى .

  
محمد مصطفى العمرانيقصة قصيرة .. زمن للبراءة
محمد مصطفى العمراني
مشاهدة المزيد