آخر الاخبار

الدكتوراة للباحث إبراهيم اليمني من كلية الحقوق جامعة بني سويف مع مرتبة الشرف على غرار اقتحامات واتهامات نظام الأسد.. مليشيات الحوثيين تقتحم عمارة سكنية بمحافظة إب بقوة الحديد والنار وتروع سكانها اللواء سلطان العرادة يدعو الحكومة البريطانية الى تفعيل دورها الاستراتيجي في الملف اليمني وحشد المجتمع الدولي للتصدي للدور التخريبي لإيراني .. تفاصيل الاتحاد الدولي للصحفيين يناقش مع صحفيين يمنيين وسبُل محاسبة المتورطين في الانتهاكات التي تطالهم عاجل العميل الإيراني رقم إثنين .. الهدف القادم الذي ينوي الغرب والعرب استهدافه واقتلاعه.. ثلاث خيارات عسكرية ضاربة تنتظرهم ما يجهله اليمنيون والعرب ..لماذا لا يجب ترك شاحن الهاتف موصولاً بالمقبس الكهربائي بشكل دائم؟ من هو الأفضل في 2024 بحسب الأرقام؟ كريستيانو رونالدو أم ليونيل ميسي.. عاجل تحسن هائل في سعر الليرة السورية مقابل الدولار .. اسعار الصرف شاحن هاتف ينهي ويوجع حياة 7 أفراد من نفس العائلة في السعودية توافق دولي عربي على الوضع في سوريا

القراصنة الصغار
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: سنتين و 6 أيام
الجمعة 09 ديسمبر-كانون الأول 2022 06:26 م
 

قصة قصيرة

في الحصة الأخيرة نكاد من شدة الملل أن نهجم على شباك النافذة ونقتلعه ونفر من الفصل ، وما إن تنتهي الحصة حتى نتدافع يدوس بعضنا بعضا وكأننا نغادر سجناً بالغ الكآبة .!

يعود الطلاب إلى منازلهم لكني أذهب إلى المزرعة لأحرسها ، أصعد إلى الديمة التي تطل على المزرعة وأظل فيها ، أرمي الحقيبة جانبا وأبدأ المراقبة ، أنظر بعيون صقر ، عين على منزلنا متى سيأتي الغداء ، والعين الأخرى على المزرعة ، قبيل المغرب يأتي عمي ويتفقد أشجار الخضار التي نبتت مؤخرا ، وكذلك أشجار القات ، إذا أكلت المواشي بعض الأشجار فلن أسلم من توبيخه لي .! أنظر إلى البيوت ومن المطابخ المجاورة لها يتصاعد الدخان ، الآن يجهزون الغداء ، يزداد جوعي ، يمضي الوقت بطيئا والشمس ترسل أشعتها الحارقة ، لا شك أنهم نسوني وأنا مرمي هنا مثل الكلب المغضوب عليه ، يطول الوقت علي وأنا أنتظر متى سيرسلون لي بالطعام ؟! عادة يرسلون لي الطعام مع أي طفل ، أو فتاة تأتي لتجلب الماء من البئر . ـ لماذا لست في المنزل مثلهم ؟! ـ متى سأكمل دراستي وأعود إلى البيت مثل بقية الأطفال ؟! أغادر الديمة وأصعد فوقها ، أنظر إلى الشمس التي ما تزال في منتصف السماء لم تمل إلا قليلا ، أتساءل : ـ متى ستغرب الشمس حتى أعود إلى البيت ؟! أسمع صوت خروف ، أنطلق من الديمة والحبل بيدي ، أراها من بعيد قادمة وقد جذبتها خضرة الأشجار في هذا الشتاء القاحل ، أكمن بجوار شجرة السدر ، تقترب كثيرا أهاجمها فجأة فتفر لكني ألحق بها وأمسكها من الخلف أجرها من أذنها ، أضع الحبل على رقبتها وأربطها على الشجرة ، لن أتركها إلا بعد أن يدفع صاحبها مائة ريال . كلهم يدفعون إلا أقارب زوجة عمي الذي يحذرني بدوره من ربط أغنامهم ، قلت لفنسي : لقد ربطت خروف وإذا جاءت خروف أخرى وربطتها فهذا يعني 200 ريال ، سوف أشتري حذاء جديدا فهذا الحذاء بدأ يتمزق ، إذا جاءت أربع خراف سوف أشتري حذاء وكرة أيضا . لم تمر سوى نصف ساعة حتى جاءت خروف أخرى ، لم أنتبه إلا وهي بين الأشجار ، من أين أتت هكذا فجأة ؟! أسرعت إليها لاحقتها لكنها فرت بعيدا ، عدت إلى الأشجار وجدتها قد أكلت شجرة طماطم ، سأقول لعمي بأن الخروف المربوطة هي من أكلت الشجرة ، حمدت الله في سري أن لدي حلا يجنبني توبيخه لي . المزرعة بجوار المدرسة وكم يغيظني أن يأتي الأطفال بعد العصر ويلعبون الكرة في ميدان المدرسة وأنا لا أستطيع اللعب معهم . في المرات القليلة التي تركت فيها المزرعة ولعبت معهم هجمت الخراف على المزرعة وأكلت من أشجار القات بعدها ظل عمي يوبخني لأيام حتى كرهت اللعب وتمنيت أن رجلي كسرت ولم ألعب الكرة . ها هو الزول معتصم نجل المدرس السوداني قادما وبيده صحن ، يدفعني الجوع لألقاه في منتصف الطريق يخبرني : ـ دي كسرة ( لحوح ) ودي " ملح بامية " جابتها أمي ليك . أذهب إلى البئر يتبعني معتصم ، أغسل يدي ثم أعود للأكل ، يسألني : ـ لما يثمر الخيار راح تعطيني ؟ أهز رأسي : ـ سأعطيك. أسمع صوت معزة أخرى آخر قادمة نحو المزرعة ، أركز عليها نظراتي ، تقترب أترك الأكل ، وأكمن خلف الشجرة ، معتصم يراقبني باستغراب ، أشير إليه بأن يختبئ هو الآخر ، تقترب أهاجمها بسهولة وأجرها لأربطها على شجرة السدر . يقترب معتصم مني : ـ يا زول ما تترك الغنمات دي ؟! أنظر إليه شزرا فيصمت ، أعود لأكمل الأكل ويذهب معتصم ليلعب في الطين . تمر ساعة وتأتي زوجة مرشد سعيد لتجلب الماء من البئر ترى خروفهم مربوطة ، تصرخ في : ـ لماذا تربط المعزة حقنا ؟ ـ أكلت من الأشجار . وأقدم لها العرض : ـ هاتي 100 ريال تعويض وخذيها . ـ أنت كذاب ، أعرف شقاوتك تريد النقود . أقودها إلى الشجرة التي أكلتها الخروف الهاربة ، تراها وتصمت ثم تسألني : ـ تربطها لأجل شجرة واحدة ؟! وتضيف : ـ حرام عليك يا ابني . تمد يدها إلى جيبها وتظل تتحسس ثوبها حتى تخرج 50 ريالا ، أرى النقود مطوية لكنها جديدة ، أرفض وأصر على المائة ريال ، تعيدها إلى جيبها وتخرج 100 ريال وحينها أذهب إلى الخروف وأفك رباطها وأسلمها إياها ، تقودها إلى البئر تسقيها ثم تملئ جرتها من الماء وتسوقها وتمضي . لا يأتي المساء حتى يكون في جيبي مائة ريال أخرى ، أنطلق إلى الدكان أشتري الحذاء الجديد وأعود . في اليوم التالي ألقيت القبض على ثلاث من الماعز واشتريت كرة جديدة ، لقد بدأت النقود تعرف طريقها إلى جيبي ، بدأت أحوالي تتحسن ، لم أعد أنتظر الغداء الذي يأتي من منزلنا بعد العصر ، أشتري علب التونة ويأتي معتصم بالخبز ونأكل. بدأ أولاد عمي يتحلقون حولي ، يغادرون معي من المدرسة إلى المزرعة ، لقد شكلنا فريقا للقبض على الأغنام ، اشترينا الكثير من الحبال ، أي خروف تقترب نلقي القبض عليها ولا نتركها إلا بالنقود . جهزنا ملعبا للكرة قرب المزرعة ، كنت ألعب معهم وذهني مشغول بالمزرعة ولذا كان فريقي يتعرض دوما للهزائم ، كنا نأمل بالمزيد من النقود عندما تثمر أشجار الخضروات لكن الذي حدث خيب آمالنا تماما ، لقد جاء عمي ومعه الميزان وتولى هو عملية البيع للناس ، حتى الأغنام توقفت عن الاقتراب من المزرعة ، لقد عدنا نتحسر على الأيام الماضية ، تلك الأيام التي كنا فيها ننهب الأغنام ثم نطلق سراحها مقابل النقود .!