عاجل :إسرائيل تستعد لتوجيه ضربات وصفتها بالقاضية للمليشيات الحوثية في اليمن المليشيات الحوثية تقتحم مجمع أبو بكر الصديق التربوي بحملة مسلحة وتعتقل أحد التربويين اللواء سلطان العرادة يطالب الشركاء الإقليميين والدوليين إلى تصحيح مسار العملية السياسية في اليمن والتحرك العاجل لردع المليشيات الحوثية مليشيا الحوثي تفرض حراسة مشددة على جثث الأسرى بعد تصفيتهم جنوب اليمن والأهالي يطالبون الأمم المتحدة بالتدخل العاجل اللواء سلطان العرادة يوجه إنتقادات لاذعة للإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي لتعاملهم الناعم مع المليشيات الحوثية ويضع بين أيديهم خيارات الحسم - عاجل السلطة المحلية بأمانة العاصمة تحذر مليشيا الحوثي من تزوير ونهب الممتلكات العامة والخاصة من الأموال والأراضي والعقارات أول رئيس يدعو لرفع هيئة تحرير الشام من قائمة الإرهاب ويعرض مساعدات عسكرية لسلطة سوريا طلاق شراكة جديدة: 30 شركة بولندية تعتزم فتح مقرات في دولة عربية وزارة الأوقاف والإرشاد تكشف عن قائمة أسعار وتكاليف الحج للموسم 1446هـ مأرب برس يكشف أساليب وطرق المليشيات الحوثية في عسكرة جامعة صنعاء وطرق تحويلها الى ثكنات ووقود للأجندة الطائفية
عام كامل مر على اشتعال ثورة شعب تونس ضد طاغيته الهارب زين العابدين بن علي عندما أشعل الشاب الفقير محمد البوعزيزي النار في نفسه احتجاجا على إهانته من شرطية تونسية كانت تصرفاتها تمثل باختصار شديد رمزا لاستبداد النظام الأمني الذي كان قائما في البلاد وقاده رجل أمن محترف منذ عام 1987م حتى فراره ذليلا مساء يوم 14 يناير 2011م بعد أربعة أسابيع من مظاهرات حاشدة غير مسبوقة شكلت علامة فارقة في حياة التونسيين خاصة وفي الحياة العربية المعاصرة عامة ونقلت الأمة العربية إلى ما أصبح متعارفا على تسميته بعصر ثورات الربيع العربي ضد الاستبداد والفساد، إذ تلاحقت الثورات والانتفاضات العربية في اليمن ومصر وليبيا والمغرب والأردن والبحرين وعمان ولازالت دول أخرى مرشحة لحالات مماثلة... وفيما تم استيعاب الغضب الشعبي في بلدان كالمغرب وعمان والأردن وتهدئتها في البحرين فإن هذه الثورات اشتعلت ومضت في تحقيق أهدافها في اليمن ومصر وليبيا وسوريا بأنماط وصور وأشكال مختلفة فمنهم من سقط ومنهم من ينتظر وما بدلت الشعوب تبديلا بعد أن كسرت حاجز الخوف واستمرت في التضحية من أجل تحقيق أهدافها إلى النهاية حتى في الأنظمة التي سقط حكامها السابقون مثل مصر وتونس وليبيا.
مثلت تونس نموذجا متميزا في التغيير وفي المضي نحو إنجاز أهداف الثورة... فبعد عام كامل هاهي تنتخب رئيسا جديدا للجمهورية وتنتخب مجلسا وطنيا تأسيسيا بانتخابات نموذجية شهد لها العالم بالشفافية والنزاهة فعلا وليس قولا، وسيكون على المجلس التأسيسي صياغة دستور جديد للبلاد يؤسس لدولة مدنية حديثة بعيدة عن هيمنة الحزب الواحد والأجهزة الأمنية، واختارت تونس اليوم حكومة جديدة تعبر عن خيارات شعبها الديمقراطية سيكون عليها أن تمضي نحو تحقيق عدد من أهداف ثورته السلمية... ومن المهم القول أن ثورة الياسمين التونسية التي أطاحت بواحد من أعتى أنظمة الحكم في العالم كله كانت نموذجا ملهما لبقية الشعوب العربية، فالإرادة القوية التي عبر عنها التونسيون في غضبهم على نظام بن علي كانت مفاجأة حقيقية ربما لهم أنفسهم قبل أن تكون مفاجأة للعالم كله، ولعلهم لم يكونوا يتوقعون بالمرة أن يسقط بن علي بتلك السرعة وأن يهرب حاملا معه كل ذلك الذعر، فيجعلنا نستحضر بيت شعر قاله أبو الأحرار الشاعر الكبير الأستاذ محمد محمود الزبيري (إن اللصوص وإن كانوا جبابرة لهم قلوب من الأطفال تنهزم)... فلقد كان فرار زين العابدين بن علي بتلك الطريقة المهينة أمرا أذهل العالم كله، لكنه عكس حقيقة نفسية مرة تتمثل في أن المستبد الفاسد عادة يكون أكثر هشاشة مما يمكن للمرء أن يتصوره، فاللص كما صوره الأستاذ الزبيري أكثر جبنا حتى وإن بدا جبارا مرعبا أو حاكما مستبدا وهي حقيقة لم تتغير عبر الأزمان، وجاءت أحداث الربيع العربي المتعاقبة لتؤكدها وليعبر كل مستبد فاسد عن رعبه من شعبه بطريقته.
سقط بن علي وظلت رموز من نظامه تدير الفترة الانتقالية تحت رقابة الشعب التونسي والقوى السياسية التي كانت محظورة أو ملاحقة في عهده... تم حل الحزب الحاكم لكن الرئيس المؤقت السابق فؤاد المبزع كان من رجال عهد بن علي ورئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي عمل معه لفترة محدودة فيما وزير الدفاع وقادة الجيش الوطني هم أنفسهم وظلوا حتى الآن (وهم بالطبع ليسوا من عائلة الرئيس السابق)، فالمسألة لم تكن عملية تصفية حسابات أو استئصال كامل للعهد الذي انتهى، ذلك أن الحفاظ ولو على الحد الأدنى من مؤسسات الدولة أمر في غاية الأهمية حتى لو كان الفساد مستشريا فيها، لأن الفساد يمكن معالجته وتجفيف منابعه فيما يصعب استعادة المؤسسات إذا تم تدميرها أو تصفيتها... كان التونسيون يعرفون طريقهم جيدا وتعاملوا بشكل حضاري رغم الاضطرابات المطلبية التي ظلت مستمرة خلال الشهور الأولى التي أعقبت الثورة ثم هدأت... مضت الأمور بشكل جاد ومعقول ومقبول في التحضير لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي، وأسفرت عن نتائج منطقية تعكس الثقل الطبيعي للقوى السياسية... وهاهي تونس اليوم تحصد أولى نتائج ربيعها السياسي البديع باختيار رئيس جديد من المناضلين المشهود لهم بالاحترام والتقدير من شعبه... فالمنصف المرزوقي خصم بن علي الصلب واللدود يتربع اليوم على رأس النظام الديمقراطي الجديد معززا مكرما، ليسجل بذلك أول سابقة من نوعها في المنطقة العربية إثر انطلاق ثورات ربيعها المزهر .
لم يكن الشهيد محمد البوعزيزي يدرك بالتأكيد أنه وهو يشعل في نفسه نيران الموت أنه قد أشعل في ذات الوقت جذوة حياة جديدة لأمته ممتلئة بعبق الحرية والمدنية والعدالة والمساواة... كان يوم 17 ديسمبر 2010م نقطة انطلاق جديدة للأمة نحو مستقبل أفضل وأكثر أمانا للأجيال الجديدة التي لم يصبها اليأس كما أصاب الأجيال التي قبلها والتي استسلمت للواقع المر ومضت تواكبه مرغمة مضطرة معتقدة استحالة تغييره دون ثمن فادح أو حرب أهلية، فلم تمتلك أي إرادة لاستجلاب نموذج الثورات البرتقالية السلمية التي حدثت في شرق أوروبا في التسعينيات والعقد الأول من الألفية الجديدة، لكن الأجيال العربية الجديدة ابتدعت نموذجها الخاص بها في الاحتجاج والثورة فقدمت للعالم كله نموذج ثورات الياسمين الربيعية التي انطلقت من تونس لتكتب تاريخا جديدا لهذه الأمة ولتعيد صياغة روحها على أساس من العزة والكرامة والأشواق المتطلعة للعدالة الاجتماعية والمساواة والحرية ودولة القانون والحكم الرشيد.