شاحن هاتف ينهي ويوجع حياة 7 أفراد من نفس العائلة في السعودية توافق دولي عربي على الوضع في سوريا جدل بشأن عودة السوريين اللاجئين في أوروبا إلى بلادهم بعد سقوط الأسد وزير الدفاع التركي يكشف عن عروض عسكرية مغرية قدمتها أنقرة للحكومة السورية الجديدة ماذا طلب الرئيس العليمي من واشنطن خلال اجتماع عقده مع مسئول كبير في مكافحة الإرهاب؟ قرارات واسعة لمجلس القضاء الأعلى القائد أحمد الشرع يتحدث عن ترشحه لرئاسة سوريا أميركا تطلب من عُمان طرد الحوثيين من أراضيها مؤشرات على اقتراب ساعة الخلاص واسقاط الإنقلاب في اليمن.. القوات المسلحة تعلن الجاهزية وحديث عن دعم لتحرير الحديدة تعرف على ترتيب رونالدو في قائمة أفضل 100 لاعب في العالم
هل كان علي عبد الله صالح بحاجة إلى كل هذه الدماء حتى يتأكد أن تاريخ صلاحيته للحكم قد انتهت، ما الذي بقى له من رصيد أو منجزات يمكن أن يغطي بها على الدماء التي سالت بسبب تمسكه بكرسي الثعابين الذي حاول عبر سنوات حكمه التعيسة تخويف البسطاء والرأي الخارجي بذلك..
اليمن ليست تونس وليست مصر والشعب اليمني لا يشبه أي شعب آخر، وكذلك صالح لا يشبه غيره من الحكام فهو الجنرال الذي حكم 33 سنة، تعيسة، منها 21 سنة كبيسة بعد الوحدة، لتكون أسوء سنوات مرت على اليمنيين شمالا وجنوبا بسبب الحروب والصراعات والأزمات التي عاشها اليمنيون من بعد الحرب ضد شريك الوحدة عام 1994، إلى الحروب الســت مع الحوثيين، والحراك الجنوبي وورقة القاعدة الرئاسية، مرورا بالأزمات الاقتصادية والتدهور بمختلف المجالات التعليمية والصحية، والاقتصادية...، فيما تحول الفساد إلى نظام يجري في وريد كل مؤسسات الدولة..
من السخافة أن يتم الحديث عن انجازات صالح في بناء المدارس والطرق والمستشفيات وغيرها، باعتبارها صورة مشرقة لتاريخ اليمن الحديث، وهي أكذوبة وسذاجة لم تعد تجدي هذه الأيام، لان التطور والتحديث يقاسا بمخرجات هذه المؤسسات، والأرقام الرسمية تفضح هذا النظام الذي جعل اليمنيين في الدرك الأسفل من العالم في مستويات الحياة، فضلا على أن التطور الحياتي يقتضي بالضرورة أن تزيد عدد المدارس والمستشفيات عما كانت عليه أيام الإمام أحمد بن يحي أو من جاء بعدهما، أذن فالعبرة هي بمقياس الوعي والرصيد الثقافي المجتمعي والأداء الحياتي اليومي للمواطن سواء في الشارع أو المؤسسات الحكومية أو غيرها.
نعود إلى المصيبة اليمنية ونقول ما ضير علي عبد الله صالح الذي اشتعل رأسه بالشيب؟!، لو أعلن من البداية موافقته على التنحي ليكون اليمن سعيدا بدونه ؟!، طبعا كان سيكتب اسمه بماء الذهب كطيب الذكر سوار الذهب، فما الذي جعله يعتقد أن اليمن ملكه وملك أسرته ؟!. وما الذي جعله يظن انه مرسل من السماء لحماية وحفظ البلاد من الفوضى والحرب الأهلية والانفصال ؟!.. اه اه منك يا صالح..
لقد عجزت عن التعرف على شخصية صالح خاصة طفولته وشبابه، وما كتب عنه الشاطر حسن أو البورجي أو غيرهما من الملمعين، محاولة ساذجة لصنع بطولة نضالية لا تمت للواقع بصلة فأقحموه في ميدان العسكرية وعمره12سنة، حيث التحق بالقوات المسلحة عام 1958، ثم جعلوه من مناضلي ثورة 26 سبتمبر، التي اندلعت وعمره 16 سنة فهو من مواليد 1946م، وكل ذلك تم نسجه وحبكه ضمن سيرته الذاتية، الصادرة من مصنع التوجيه المعنوي لصنع الحاكم البطل..
لقد تجاوزت ثورة الشباب السلمية الشهرين ونيف في الساحات وخلالها خطفت، رصاصات الغدر والخيانة لقناصة ومسلحين باعوا أنفسهم للشيطان من بعض وحدات الجيش والأمن أرواح شباب اليمن، فهل توقفت ثورتهم أو أخمدت الرصاصات التي دفع الشعب ثمنها لحمايته، شعلتهم؟!.
إن كل شهيد يسقط هو في ذمة علي عبدالله صالح فهو المسئول الأول والأخير عن ذلك باعتباره من يدير هذه الوحدات العسكرية والأمنية ويدفع أموال الشعب للبلاطجة، فلماذا لم يقبض ويحاكم أي متورط من تلك الجرائم؟!.
لقد وجدنا من خلال التجارب العربية الأربع تونس، مصر، ليبيا، اليمن، ان أسوء الشعوب من يكون حكامها مثقلين بثقافة عسكرية. فالحاكم العسكري العربي لا يترك الكرسي إلا مضرجا بدماء شعبه، لكنهم يختلفون من حيث الوحدات العسكرية التي جاءوا للحكم من خلالها، فمثلا زين العابدين جاء من الاستخبارات التونسية فحكم شعبه 24سنة، أذاقهم الخوف والرعب وبقدر خوف شعبه من نظامه، فقد انعكس ذلك عندما أوقد بوعزيزي شعلة الثورة، ليعلن بن علي على الفور انه فهمهم ويفر هاربا إلى السعودية ليصبح زين الهاربين، أما حسني مبارك فقد ترقي في العمل العسكري وتخرج من كليات عسكرية وحكم مصر 30 سنة، لتنتقل شعلة تونس إلى شباب مصر، فانطلقت ثورة 25 يناير، ليسقط العشرات من المصريين برصاص الأمن والمخابرات والبلاطجة، أما الجيش فقد عجز مبارك عن تطويعه في قمع شعلتهم، وتمكن قادة الجيش من إعلان خلعه من الكرسي، ليفر بطائرته المروحية، الى شرم الشيخ يعيش ذكرياته برفقة مرضه، ويعلن بعدها المدعي العام المصري سجنه مع أولاده.
أما القذافي فاسمه يدل على شخصيته الدموية وكما يقال لكل إنسان من اسمه نصيب، أضف الى ذلك اضطراباته النفسية التي جعلت منه حاكما أضحوكة، مصاب بمرض العظمة والكتاب الأخضر، فصبر شعبه عليه 44 سنة، وبعد سقوط نظام رفيقه بن علي ، ظهر بصورة مقززة ليعلن امتعاضه مما حدث، لتمر بضعة أسابيع فقط فاذا بشعلة الشباب تنتقل إلى عقر خيمته، لتلسعه شموس الحرية والثورة، ليعلن بعدها بجنون الحرب المقدسة على سنة التغيير، والنتيجة أكثر من عشرة الف ليبي سقطوا شهداء بالأسلحة الثقيلة ورصاص مرتزقة وعملاء له، ليختار نهايته بيده فالموت من أمامه ومن خلفه أينما ذهب، والأيام ستبث ذلك.
أما حقنا الرئيس المشير الركن علي عبدالله صالح فقد ظل يحكمنا 33 سنة، وهو أيضا جاء من السلك العسكري، لكنه يختلف عن رفقائه في مصر وتونس وليبيا، في خلفيته العسكرية المتواضعة مقارنه بغيره. لكنه تمكن عبر مجموعة من أوراق التوازنات والصراعات في المجتمع من أن يجعل من ثعابين الكرسي أداة تخويف لمن يرفع صوته ضده، فسيطر على اليمنيين المسالمين بطبعهم، وحين حاول أن يورث لنجله احمد الكرسي وجد الصخور أمامه فقرر ان يزيلها بستة حروب في صعدة، واللعب بورقة القاعدة، فماذا كانت النتيجة ؟!، دماء ودمار وأزمات وصراعات قبلية. كما تمكن من السيطرة على كل الموارد النفطية التي لا يعرف أنتجاها الحقيقي إلا أثنين هو والرئيس الأميركي، أما الجيش والأمن فقسمهما بين أولاده وأشقائه وأولادهم وأقاربه ومعاونيه بالتساوي، وطوال 33 سنة أجاد صالح صنع استغلال سياسة فرق تسد.
ما هو المطلوب؟!
المطلب الأساسي لثورة الشباب بعد رحيل النظام هو إقامة نظام مدني ودولة حديثة، تقوم على الولاء للوطن فقط، وليس للأشخاص أو شيوخ القبائل، أو الأحزاب أو غيرها مهما كانت مكانتهم في المجتمع ومهما قدموا من تضحيات لهذا الوطن.
ونصيحة أخيره أقولها من شاب عاش حياته بموازاة سنوات حكم صالح للبلاد،:" يمكنك أن تراجع مذكراتك في مصّيفك بعد الرحيل في دبي أو أوربا أو جدّة، وتسأل نفسك هل كان يستحق الكرسي كل هذه الدماء، كل هؤلاء الضحايا ؟!. ويمكنك ترديد شعر أبو الأحرار الزبيري:
العسكري بليد للأذى فطن
كأن إبليس للطغيان رباه
عن الحقيقة أعمى ليس يبصرها
وللنصيحة يبقى فاغرا فاه.