معارك مازالت تخوضها فصائل المعارضة السورية التي أطاحت بنظام الأسد معلومات جديدة حول هروب المخلوع بشار الأسد من سوريا أسماء الخلية الحوثية التي صدرت بحقها أحكام إعدام وسجن طارق صالح يتوعد عبدالملك الحوثي بمصير بشار ويقول أن ''صنعاء ستشهد ما شهدته دمشق'' تطورات مفاجئة… الجيش الروسي يطوق قوات أوكرانيا بلينكن يحدد شروط اعتراف الولايات المتحدة بالحكومة السورية الجديدة دعوة إلي عقد مؤتمر مانحين عاجل لدعم اليمن وقف النار في غزة واتصالات سرية لإنجاز الصفقة شرطة كوريا الجنوبية تدهم مكتب الرئيس... ووزير الدفاع السابق يحاول الانتحار دول عربية تبدأ بإرسال مساعدات لدعم الشعب السوري بعد سقوط الأسد
مأرب برس - خاص
ليست المشكلة أن يطلق الإنسان زمام فكره يتجول فيما يقوله الآخرون , ثم يُعْمِل القواعد العقلية والشرعية في الفهم والتطبيق أو الرد, ولكن المشكلة عندما يسلم المرء زمام فكره للآخرين , ومن ثم يجند جارحة اللسان والقلم تبعاً لما يمليه عليه الغير من الأحكام المسبقة .
لقد فاجأ الدكتور عادل الشجاع الساحة الثقافية والعلمية بمقاله " كتاب يهدد الوحدة الوطنية" - الذي نشر في صحيفة الجمهورية بتأريخ 29/5/2006م - ؛ عندما خاطب معالي وزير الأوقاف مناصحا , واعتبر نفسه أنه أكثر حرصاً على نجاح عمل هذه الوزارة من الوزير, وأكثر حرصاً على وحدة اليمن من صناع الوحدة.
الشجاع يجيد قراءة العناوين!!
الشجاع يجيد قراءة عناوين الكتب , لكنه في نفس الوقت يمنع فكره من التجول في طياتها ,وعينيه من التصفح , ويظهر هذا جلياً للمقارن بين مقاله المذكور سابقاً وبين محتوى كتاب " يوم عاشوراء ومقتل الحسن رضي الله عنه بين الرافضة والناصبة " , إذ تبدوا للقارئ المثقف فوارق ذات بون شاسع بين المقال والكتاب منها:
1- عدم وجود أي ارتباط بين العنوان وبين موضوع الكتاب, إذ أن موضوع الكتاب دراسة فكرية , ونقل موضوعي لأحداث تاريخية كفلتها حرية الحوار العلمي قديماً وحديثا , وليس في الكتاب ما يدعو لشهر السلاح ولا دعوة لعصيان مدني ؛ حتى يسمه الشجاع بأنه يهدد الوحدة , وهنا يظهر الشجاع المفاجئة للجماهير التي طالما صور نفسه بأنه أحد دعاة الثورة العلمية والتحرر من قيود الإتباع , فإذا به يقف بصرامة أمام موضوع كتاب حمل راية الثورة العلمية أمام جمود التقليد , ودعا إلى حوار في ظل سعة أفق علمي وأخلاقي.
2- صور الشجاع ما ذكر في الكتاب من أن الصوفية ربيبة الرافضة قنبلة خطيرة , تتفجر, فحاد عن الأصالة اللغوية في انتقاء الألفاظ , وليس المقام مقام تعديل لغوي , إذ لو سلكنا تلك المسالك لما اتسعت الصفحات للنقد اللغوي , والتركيب اللفظي , والاستعمال النحوي , وإصلاح الخلل الذي وقع ويقع فيه الشجاع دائماً, لكن الأهم هو لفت نظر رواد الثقافة وأهل النهمة العلمية والتتبع التأريخي إلى أن هذه المقولة ليست لأحمد بن حسن المعلم ( مؤلف الكتاب ) , بل هي قول المؤرخين , وأهل السبر والتتبع للتأريخ , ومنهم : ابن خلدون واضع علم الاجتماع, وقد قدم الدكتور العراقي كامل مصطفى الشبيبي رسالة الدكتوراه في هذا الموضوع , وأثبت بمالا يدع مجالاً للشك أن الصوفية ربيبة الشيعة, بل إن فحول علماء حضرموت يثبتون أن الجد الأول للأسرة الحضرمية العريقة ( آل باعلوي ) جاء من العراق شيعياً إمامياً ؛ ثم تصوف أبناؤه من بعده , ولا زال يخرج من بين صفوفهم من يحن إلى مذهب الجد ويلتحق به , وبالذات في هذه الأيام حيث كثر التشيع فيهم في حضرموت وغيرها.
3- قال الشجاع :"وخطورة هذا الكتاب لا تتمثل بما يحمله من أفكار تكفيرية لفرق الصوفية فحسب , بل إن ....."وهذا أكبر الأدلة على أن الشجاع لم يتصفح الكتاب , وربما لم يره , بل ربما نقل له عنوانه مع حصائد أفكار الغير, وإلا فأنا أعطيه مهلة شهراً لتصفح الكتاب وإخراج ما فيه من أفكار تكفيرية تنطبق عليها قواعد الإلزام المعروفة عند العلماء , مع العلم أن أهل السنة من أبعد الناس عن تكفير المسلمين , واستحلال دمائهم فليس من عقائدهم تكفير أهل القبلة بذنب , ولا استحلال دم مسلم أو ماله أو عرضه , فهل الحوار العلمي صار تكفيراً عند الشجاع؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.
4- قال الشجاع: يقول مؤلف الكتاب: " ماذا يحصل في حضرموت في يوم عاشوراء؟...الخ" , فأوقع القارئ في إرباك فكري, وانقطاع في تسلسل الفكرة , الذي كثر في مقال الشجاع , ماذا يريد الشجاع من إيراد هذا النص ؟ وما وجه الانتقاد فيه ؟ وما مناسبة ذكره؟ حال الشجاع كحال من يأمر الناس بإيتاء الزكاة فلما قيل له ما الدليل على فرضية الزكاة ؟ قال قوله تعالى: (قل أعوذ برب الفلق...) ,إن الخطر يكمن في تصدر بعض الكتاب دون هضم مادة التعبير, وإتقان قواعد الربط للأفكار , وإيراد نصوص لا وجه للدلالة فيها, ولقد نهل من هذا الكدر كثير من أبنائنا الذين ينسبون أنفسهم للثقافة وهي منهم براء فشابوا على ما شبوا عليه.
الشجاع والوحدة الوطنية:
يقول الشجاع:"لقد كانت اليمن عبر تأريخها مفتوحة على المذاهب كلها , ...الخ", ويقول:"اليمن التي بدأت منها أنوار التسامح الأولى , وخرجت منها شعلة الحرية إلى مشارق الأرض ومغاربها, أمامها الآن رسالة إيصال التسامح إلى أبعد ما تستطيع , ولكي يتحقق لها هذا لا يكفي الحديث عن الوسطية والتسامح , فلابد من صياغة قانون يؤكد على حريات الآخرين...الخ" , والناظر فيما ذكره الشجاع , يظن به ظناً حسناً, إذ أن الرجل يصور نفسه بأنه حامل لواء التسامح والحرية الفكرية والوحدة الوطنية, لكن هذه الطلاسم التي ذكرها ؛ لا تثبت أمام إعصار التهم التي وجهها الشجاع للآخرين بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير, منها : التكفير, الأصولية, التأريخ الدامي, الرجعية,...الخ" وكذا تحريض السلطة على المواطن , ومطالبة السلطة بمنع حقوق الممارسة لأهل الكفاءات في مجالاتهم , يظهر ذلك جلياً من قول الشجاع:"نحن على يقين بأن الأخ وزير الأوقاف لن يقدم المساجد ولا أماكن الإرشاد لتلك الجماعة القادمة بكل تأريخها الدامي ورغبتها المحمومة في شفاء غل صدرها...الخ " , وقوله " لقد ظن وزير الأوقاف أنه سيرضي الإسلاميين ؛ ليقربهم إلى وزارته زلفى لكنه لا يدرك أنه قد فتح الطريق أمامهم ليحقروا ويعبثوا بخصومهم في الفكر" وقال:" الخوف كل الخوف أن يحدث ائتلافا بين الوزارة والأصوليين...الخ", وقال:" الأخ الوزير إننا نعاني من مشكلة ثقافية كبرى , وهي تتمثل في بروز هذه الجماعات , التي تريد أن يكون الماضي بكل أحداثه المرجعية التي تتحكم في قرارات الحاضر , بل والتي تتحكم في اتجاه المستقبل أيضاً" , وقال:" إن هؤلاء المغالين لم يتركوا شيئاً إلا وعبثوا فيه , ويفرضون على الناس ما يضيق حياتهم " وهنا تندثر إدعاءات الشجاع , بأنه من دعاة الوحدة الوطنية والحرية الفكرية والتسامح والتآخي , وبدلا من أن أفند شبهه شبهة شبهة , رأيت أن أضع طلبا أمام الشجاع - الذي ينادي بالوحدة الوطنية ويريد أن بقصي الملايين من أبناء اليمن - فأقول له ابحث للجماعات الإسلامية عن وطن غير اليمن , فإنهم لما ذكرت ؛ غير صالحين للعيش فيه , وليبق اليمن لك وحدك , وللقلة من أبناء نخبتك الفكرية - الذين لا يصلون ربما إلى عشر من حكمت عليهم بالإقصاء والنفي - هذه هي الوحدة الوطنية التي يدعو لها الشجاع وهي أشبه بقوانين لينين وماركس التي أعدمت ملايين الفلاحين تحت شعار إسعاد الطبقة الكادحة .
إن الذي يتابع مقالات الشجاع يتلمس فيها روح التقارب مع الفكر الحوثي ؛ وإن كان يحاول العزف على أوتار السلطة ؛ ليظهر تقيا من طراز جديد , توالي عدوها القوي , وتعيش في أكنافه , وتسلطه على عدوها الضعيف ,... دواليك ... دواليك... , حتى تتخلص من الكل .
فنقول للشجاع : كفى تحدثا باسم الوطنية , وكفى تحدثا باسم الدين , فالوطنية لها رجالها والدين له فحوله , ومقالك هذا الذي حَّولت فيه الحوار العلمي إلى تفرق طائفي , والنقد البناء إلى صدام مسلح , والتوثيق للحقائق إلى تأريخ دامي , ووسم المخالف بالصفة المعتبرة عند أهل التحقيق سميته تكفيرا , إن هذا المقال لهوا لمهدد الفعلي للوحدة الوطنية ؛ لأنك أردت إشعال فتيل الفتنة ؛ بدلاً من أن تتسلح أنت ومن ساءه الكتاب بالعلم , وتنزل إلى ساحة الحوار والرد.