''في صيدنايا ما في داعي أبداً لوجود غرف سرّية لأن كل شيء كان يصير على العلن''.. الدفاع المدني يعلن عدم العثور على أقبية أو سجون سرية معارك مازالت تخوضها فصائل المعارضة السورية التي أطاحت بنظام الأسد معلومات جديدة حول هروب المخلوع بشار الأسد من سوريا أسماء الخلية الحوثية التي صدرت بحقها أحكام إعدام وسجن طارق صالح يتوعد عبدالملك الحوثي بمصير بشار ويقول أن ''صنعاء ستشهد ما شهدته دمشق'' تطورات مفاجئة… الجيش الروسي يطوق قوات أوكرانيا بلينكن يحدد شروط اعتراف الولايات المتحدة بالحكومة السورية الجديدة دعوة إلي عقد مؤتمر مانحين عاجل لدعم اليمن وقف النار في غزة واتصالات سرية لإنجاز الصفقة شرطة كوريا الجنوبية تدهم مكتب الرئيس... ووزير الدفاع السابق يحاول الانتحار
مأرب برس - خاص
قبل أربعة أعوام صنعت الإدارة الأمريكية أكبر كذبة في التأريخ لتبرر هجومها على العراق وهي كذبة " أسلحة الدمار الشامل" .. صدق العالم هذه الكذبة ، وصدقها الأمريكيون أنفسهم ، واحتلت قوى البغي الأمريكي أرض العراق وبدأت رحلة البحث عن كذبتها .. بحثت حتى أضناها التعب عن أسلحة الدمار الشامل .. ولكنها لم تجد أسلحة الدمار الشامل بل صنعت بآلتها العسكرية الفتاكة دماراً شاملاً .
ومنذ بدء الاحتلال الأمريكي للعراق في إبريل من عام 2003م أصبح العراق بلداً مدمراً ، حيث فرّ أكثر من مليون مواطن عراقي إلى خارج العراق ، وتشرد مليونان آخران داخل العراق ، وقتل أكثر من مليون إنسان ، واستولى على الحكم عصابة صفوية تدير القمع الديني والتطهير العرقي ، هؤلاء الخونة الذين جلبوا القوات الأمريكية إلى العراق بدعوى تطهير العراق من أسلحة الدمار الشامل ، وتحرير شعبها من القمع والقهر ، هم الذين يديرون رحى الدمار الشامل للعراق أرضاً وإنساناً ، وهم الذين يمارسون القهر والقمع والتهجير للشعب العراقي ، هؤلاء هم الذين استقبلوا المحتلين بالأحضان ، وهتفوا لأمريكا ، ولرئيس أمريكا .
يقول أحد الجنود الأمريكيين القتلى في العراق في رسالة بعثها لصديق له قبل مقتله : " لا يمكنك المرور عبر مدينة الفلوجة من دون أن يطلق عليك النار ، الناس البعيدون عن المثلث السني سيلوحون إليك بأياديهم (يقصد الشيعة) ، لكن السنة سيشيرون إليك بأصابعهم الوسطى ويلقون عليك الحجارة ، حتى الأولاد الصغار يفعلون ذلك "
أصبحت العراق بعد الاحتلال الأمريكي خراباً بعد عمار، وخوفاً بعد أمان، وتخلفاً بعد رقي ، وتفرقاً بعد اتحاد .
أما الإدارة الأمريكية فقد خسرت الكثير .. خسرت على كل المستويات :
أ.على المستوى السياسي : سببت الحرب على العراق انقساماً سياسياً في المطبخ السياسي الأمريكي يوشك أن يطيح بالجمهوريين ويطردهم إلى شارع المعارضة لعشرات السنين ، حيث سيطر الديمقراطيون على الكونجرس الأمريكي بشقيه ، فيما يسيطر الجمهوريون على البيت الأبيض وهو أمر لم يحدث منذ تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية ، ونتيجة لهذا الانقسام أصبح كل قرار صادر عن البيت الأبيض خاضعاً للفحص والتدقيق ومعرضاً للإحباط من قبل الكونجرس ، وفيما تتزايد الأصوات المطالبة بالانسحاب من العراق في صفوف الشعب الأمريكي أقر الرئيس الأمريكي بوش بصعوبة الحرب في العراق خلال زيارته لقاعدة "فورت إيروين" العسكرية بصحراء كاليفورنيا مساء الأربعاء 4-4-2007، قال بوش: "إنها حرب صعبة.. ولقد مل الشعب الأمريكي هذه الحرب". أما القائد الجديد للقوات الأمريكية في العراق الجنرال (ديفيد بيترايوس) فقد قال : " أي دارس للتاريخ يدرك أنه ليس هناك حل عسكري لمثل تلك المشكلة في العراق ". أما كيسنجر (مهندس الانسحاب الأمريكي من فيتنام ) فقد صرح بأن : «الحرب في العراق أكثر تعقيدا من تلك التي واجهتها بلاده بفيتنام» وأوضح : أن «النصر العسكري بمعنى السيطرة التامة على التراب العراقي وإخضاع كل السكان العراقيين شيء مستحيل، على الأقل في الأمد القريب» .
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة اولبرايت : "إن التاريخ سيسجل حرب العراق على أنها أسوأ كارثة في السياسة الخارجية الأميركية " .
ب.على المستوى العسكري: أثبتت الحرب على العراق أن الآلة العسكرية الأمريكية التي لا تقهر إنما هي مجرد وهم يعيشه صناع الآلة الحربية الأمريكية ، فدباباتهم التي لا تدمر دمرت في العراق ....
يقول أحد الجنود الأمريكيين في رسالة بعثها لأسرته قبل مقتله : " تم تدمير دبابة (إم ون إبرامز) الليلة الماضية ، أسباب ذلك غير واضحة ، لكن من الواضح أن جديين أمريكيين قتلا ، وتم تدمير دبابة يروج لها على أنها لا تدمر". وطائراتهم التي لا يكشفها الرادار ولا تسقطها المضادات الأرضية يقتنصها المجاهدون بكل بساطة ويسقطونها بأبسط الأسلحة ، وقد شاهدنا جميعاً كيف استطاعت المقاومة إسقاط تسع طائرات خلال شهر واحد في يناير الماضي.
وجنودهم الأفضل تدريباً في العالم والأمهر قتالاً في الأرض أصبحوا فرائس سهلة للمقاومة العراقية . جنود المارينز ومشاة البحرية الأمريكية يتساقطون في العراق ، وهذه مقتطفات من رسائل بعض هؤلاء الجنود الذين قتلوا فيما بعد على أرض العراق ، أوردتها مجلة أمريكية هي مجلة (نيوزويك) في عددها الخاص الصادر بتاريخ 3 إبريل 2007م بمناسبة الذكرى الرابعة للاحتلال الأمريكي للعراق وضعت على غلافها عبارة لجندي أمريكي تقول : (any day I'm here coold be the day I die) أي : "أي يوم أقضيه هنا قد يكون يوم مماتي " .
ويقر جندي آخر بتعبه من وتيرة القتال في رسالة بعث بها إلى ابنته : " نحن مرهقون يا إيدي ، مرهقون جداً ، التعب يتغلغل إلى عظامي ، أحياناً عندما نعود إلى مقرنا ... بالكاد أستطيع جر نفسي من الشاحنة وأشق طريقي بصعوبة صعوداً إلى هنا لأنزع كل العتاد الذي علي أن أحمله ".
وجندي آخر في رسالة بعث بها إلى زوجته كشف عن كراهيته للعسكرية ، وهلعه الشديد من المعارك ، وجزعه من الموت ، حيث قال :" لا أريد ميداليات ، ولا أريد أن أكون بطلاً ، لا أود سوى العودة إلى دياري لأكون زوجاً وأباً من جديد" .
وآخر يعترف لأخيه بضراوة المقاومة حيث يقول : " الجو حارٌ جداً يا أخي ، أنا في الرمادي بمحافظة الأنبار ، إنها أشبه بحفرة في الجحيم" .
ويشكو جندي آخر من انهيار حالته النفسية بسبب مشاهد القتل التي تعرض لها زملاؤه قائلا : " إنني سأحتاج إلى الكثير من الدعم منكم حين أعود إلى الوطن " ثم يقول : " رأيت الرجال الذين أصابتهم قذائف الأر بي جي ، لقد مزقتهم إرباً إرباً ، كان علينا أن ننبش الحجارة والأوحال للعثور على الأيدي والسيقان وغيرها من الأجزاء البشرية لكي نعيدها إلى أرض الوطن " وفي جانب آخر من رسالته يقول : " لا أستطيع أن أنام ، إن رؤية أناس أصيبوا بحروق من الدرجة الثالثة ، أناس كانوا محترقين لدرجة أن جلدهم يتمزق حين تلمسه ، والصراخ بأعلى أصواتهم ، كل هذا فعلاً يترك لديك شعوراً فظيعاً من الألم والقلق".
ويطلب جندي آخر من أهله الدعاء له بالتخلص من القلق الذي يصاحبه قائلاً : " أرجو أن تصلوا لي لكي أتوقف عن القلق من العبوات الناسفة العشوائية وأمثالها " .
ج. على المستوى الاقتصادي : فقد أكد خبراء اقتصاديون وعسكريون أن حرب العراق بسبيلها لتكون “أكثر الحروب الأمريكية كلفة في التاريخ”، و قال خبراء اقتصاديون وعسكريون ومراكز بحوث أمريكية مرموقة، إن كلفة الحرب في العراق حتى الآن بلغت (500 مليار دولار) ، أي ما يزيد على كلفتي حربي كوريا وفيتنام معا، وأشاروا إلى أن تكاليف الحرب باتجاهها إلى بلوغ تريليون دولار إذا استمرت الحرب في العراق حتى العام 2008.
وأكدت بروفيسور ليندا بيلمس من جامعة هارفارد، والحائزة على جائزة نوبل في الاقتصاد جوزيف ستيجليتز من جامعة كولومبيا في دراسة مشتركة أن كلفة الحرب لا تتحدد بالإنفاق العسكري المباشر، بل تشمل الإنفاق المستقبلي على علاج الجنود الجرحى وإحلال الأسلحة والمركبات والمعدات، وأشارا في هذا الصدد إلى أن كلفة علاج ورعاية الجنود بعد الحرب ستصل إلى 350 مليار دولار باعتبار أن كل قتيل أمريكي في حرب العراق يقابله 16 جريحا بين الجنود ، وقدرا أن الكلفة الحقيقية لحرب العراق ستصل إلى 2 تريليون دولار .
د.على المستوى البشري : بلغت الخسائر البشرية في صفوف القوات الأمريكية منذ بدء الاحتلال في العام 2003م (3230) قتيلاً و (23400) جريح حسب الأرقام الرسمية الأمريكية . وهي أرقام غير واقعية لأن التقارير الرسمية نفسها أكدت أنه مقابل كل جندي أمريكي يقتل في العراق يموت عشرون عراقياً ، ووفقاً للدراسات الغربية ومنها دراسة (لانست) فإن (655000) من المدنيين العراقيين قتلوا منذ الاحتلال الأمريكي في العام 2003م ، فإذا ما قمنا بقسمة هذا العدد على عشرين يكون عدد القتلى الأمريكيين في العراق (32750) قتيلاً وهذا العدد يقترب كثيرا من مصادر المقاومة العراقية ومنها موقع ( المختصر ) التي تؤكد أن عدد القتلى بلغ (35274) جندياً أمريكياً ، وأكثر من مائة ألف جريح ، هذا بالإضافة إلى عشرة آلاف جندي أصيبوا بحالات نفسية انتحر منهم حتى اليوم ما بين (300 -400) جندي .
ه. على المستوى الاجتماعي: شباب أمريكا يموت في العراق حيث أوردت مجلة النيوزويك في عددها الخاص السالف الذكر أن متوسط أعمار القتلى الأمريكيين في العراق هو (27) عاما ، وتركت المذابح في العراق آلاف العائلات الأمريكية من دون أحباء ، وأعادت تشكيل مجتمعات في جميع أنحاء البلاد ، وقسمت الأمة الأمريكية ، وكانت كل ولاية من الولايات المتحدة وطناً لعسكري واحد على الأقل ممن قضوا في الحرب ، وكان الدافع الأكبر للجنود للمشاركة في الحرب هو تحسين دخولهم المعيشية ، حيث تشير المجلة إلى أن (75%) من القتلى جاؤوا من بلدات في الولايات المتحدة دخل الفرد فيها أقل من المتوسط الوطن
. وهكذا تهوي أمريكا إلى الجحيم بسبب مغامرتها وحربها على العراق ، وهي اليوم إما أن تنسحب من العراق فيكون ذلك إعلان مبكر عن هزيمتها ، وإما أن تبقى في العراق وهذا يعني "الانتحار البطيئ " .
al_ghaili@yahoo.com