من أين تستمد الثورة شرعيتها؟
بقلم/ بندر حزام
نشر منذ: 13 سنة و 5 أشهر و 9 أيام
الأحد 03 يوليو-تموز 2011 05:58 م

اخطأ كثير ممن أسند ما يحصل اليوم في اليمن إلى مرجعية الشرعية الثورية فحسب، مجردين الثورة عن الشرعية الدستورية، و متناسين أن الثورة ولدت أصلا من رحم الدستور الذي أعطاها صفة الشرعية التي سلبت من النظام شرعيته المزعومة، لتكن بذلك هذه الثورة، ثورة الشرعية الدستورية، فهي لم تكن ثورة على الدستور، بل على النظام الذي عجز وفق هذا الدستور عن أداء مهامه، وممارسة الحكم الدستوري، بسبب تعطيله للدستور وتقويضه للشرعية الدستورية، ليحل محلها الرغبة الفردية، والإرادة الشخصية مما استدعى الإرادة الشعبية لاستعادة الحكم الدستوري، والشرعية الدستورية.

فقسم رئيس الجمهورية بالله العظيم أن يرعى مصالح الشعب وان يحافظ على النظام الجمهوري والسيادة اليمنية، يعد يمينا دستوريا، أما أقسم بالله العظيم أن أرعى مصالحي الشخصية وان أقتل الشعب إن لم يقبل حكمي، وأن أسمح للأجانب بانتهاك السيادة اليمنية وقتل اليمنيين، وأن لا أحترم النظام الجمهوري، فأورث الحكم لأولادي, وأعطيهم المناصب السيادية، كل تلك أيمان غير دستورية، بل هي أيمان غموس تغمس صاحبها في نار الشرعية الثورية وجحيم الإرادة الشعبية، ناهيك عن الأيمان الانفصالية التي أقسمها صالح في صيف 94 وما سبقها من الحلف بالاغتيالات لكوادر الحزب الاشتراكي اليمني، فظلا عن يمين الحرب الأهلية التي حلفها في 21 مايو2011 ما لم تأتي المعارضة إلى دار الرئاسة لأمرا كان مفعولا وبحجة توقيع المبادرة الخليجية.

وعليه فإن الثورة الشعبية لم تكن إلا وليدة المادة 116 من الدستور اليمني، والتي تنص على انه (في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو رحيله أو عجـزه الدائم عن العمل يتولى مهام الرئاسة مؤقتاً نائب الرئيس لمدة لا تزيد عن ستين يوماً) ولما كان العجز الدائم وفقا لتلك المادة غير محددا، فلا اعتقد انه من حق احد أن يرد ذلك العجز إلى العجز الطبي وحده، فقد يكون هذا العجز عجزا طبيا وقد يكون عجزا سياسيا؛ لأن العجز الدائم عن العمل في المجمل يكون بمعنى (عدم المقدرة) الدائمة، وقد تبين عجز الرئيس عجزا جليا في سنوات حكمه الأخيرة عن أداء مهامه كرئيس للجمهورية منوط به حفظ وصيانة وحدة الجمهورية اليمنية، فجر البلاد إلى حرب أهلية أدت في نهاية المطاف إلى إيجاد شرخ وطني على طول حدود ما قبل حدود 1990، أسست لمرحلة خطيرة من الفرقة والتناحر بين شطري الجمهورية، وأدت إلى بروز الدعوة لما يسمى فك الارتباط وحق تقرير المصير، أو الدعوة للفدرالية في أحسن الأحوال، فضلًا عن تسببه في الآونة الأخيرة جراء إصراره على البقاء في سدة الحكم بقتل مئات اليمنيين (57 شخصا فقط في يوم واحد وهم في ساحة الصلاة والحرية، إضافة إلى المجزرة الجماعية بحق أكثر من 65 شخص في ساحة الحرية بتعز، و مئات ممن قضوا بدم بارد في أنحاء شتى من اليمن، بنيران الأمن والحرس الجمهوري ليس لشيء سوى أنهم رفضوا حكم صالح) وتشريد الآلاف وكره ملايين الشعب لحكمه، إضافة إلى تعطيل الحياة السياسة والأخلاقية والاقتصادية في البلد، وبث الرعب في أوساط اليمنيين وإقلاق السكينة العامة، وعدم قدرته على حفظ الأمن.

وعلى ذلك, واستنادًا للمادة 116 من الدستور, فقد تحقق عجز الرئيس تماما عن أداء مهامه كرئيس للجمهورية، ومن يقول بأن العجز المشار إلية سابقا ليس بالعجز الصحي الموجب للرحيل، فنقول له إن حادثة مسجد النهدين حسمت النقاش في هذه المسألة وأصبح الرئيس عاجزا عجزا سياسيا وصحيًا عن أداء مهامه كرئيس للجمهورية وبذلك فإن المادة 116 المشار إليها، والتي تنص على انه (في حال خلو منصب رئيس الجمهورية أو رحيله ..) قد تحققت وقد خلى منصب رئيس الجمهورية بعد تلك الحادثة ورحل إلى خارج البلاد ولم يتمكن من العودة بسبب تلك العوارض الطبية والشعبية، وعجز عجزا دائما بدليل أنه إلى الآن لم تعطي أي من الجهات الطبية الرسمية في السعودية والمعنية بصحته أي تقارير طبية تفيد بعكس ذلك.

ولما كان الفريق عبد ربه منصور والمدعو وفق العرف السياسي اليمني نائب رئيس الجمهورية، لا يحمل أي صفة قانونية، فإنه يبقى لزاما على الثوار، المطالبة بنقل السلطة إلى الشعب، والدعوة إلى تشكيل مجلس انتقالي فورًا، ولمدة 60 يوم يتم الدعوة فيها إلى انتخابات برلمانية ورئاسية، تمهد لإعداد دستور جديد للبلاد يحق الحقوق، ويعيد السلطة إلى الشعب بعد معاناة طويلة استمرت لعشرات السنين من عمر اليمن السعيد.