وسط تكتم شديد.. مصادر تكشف عن استهداف الطائرات الأمريكية ''فيلا'' وسط صنعاء مرجحةً سقوط قيادات من الصف الأول الحكومة الشرعية في اليمن تعلن عن أول تواصل واتصال مع الإدارة الجديدة في سوريا غارات هي الأعنف على صنعاء وغارة استهدفت جبل بالحديدة طقس جاف شديدة البرودة على هذه المحافظات خلال الساعات القادمة ضربة قوية تهز الهلال.. 6 نجوم على أعتاب الرحيل اسقاط مقاتلة أمريكية فوق البحر الأحمر.. والجيش الأمريكي يعلق جيش السودان يسيطر على أكبر قاعدة عسكرية 8 قيادات بارزة ضمن قائمة بأهداف إسرائيلية في اليمن.. وقيادات حوثية تفر إلى صعدة فتح كافة المنافذ الحدودية بين السعودية واليمن هكذا تعمق المليشيات معاناة المرضى بمستشفى الثورة بصنعاء
انه فعلا سؤال منطقي... و الإجابة: لان اليمن ليست مصر أو تونس...
و هذه الإجابة قالها الرئيس ليحبط الثورة، و لكن يمكن تفصيلها كالتالي:
1- صنعاء.. ليست تعز أو عدن
صنعاء اقل حداثة و مدنية من تعز و عدن، لذا تأخذ الثورة وقتا أطول قياسا بمصر و تونس، لأعاده تأهيل صنعاء، المثقلة بمراكز القوى.
و هذا يفسر لماذا انطلقت الثورة من تعز، المدينة صاحبة الأسبقية في المدنية و الوعي الحداثي، لكن يبقى على صنعاء حسم موقف الثورة بحكم موقعها السياسي.
فصنعاء هي قلب النظام الحاكم منذ 33 عاما، و هي الدليل على انه نظام متخلف. بينما تعز و عدن هما بواقي دولة حديثة، مدنية أجهضت. و هما دليل على ان هذا النظام عمد لتخريب اليمن كلها..
لذا، نحن لسنا تونس صاحبة مشروع المدنية، و لا مصر، الدولة الأقدم في التاريخ، فاليمن أصبح خلال 33 عاما بعيدا عن المجتمعات المدنية الحديثة، و الثورة هي مشروع حداثي، لذا تنجح بسهولة في مجتمع حداثي، و في اليمن تأخذ وقتا أطول .
و الوقت الذي يبدو أطول قياسا بثورة مصر و تونس، هو طبيعي جدا نظر لظروف اليمن الخاصة، و هو ضرورة يمنية، لان الثورة عليها ان تأخذ وقتها لمصارعه القوى التقليدية، الثقيلة و الموزعة، و ليس فقط لإبعاد الرئيس "علي عبد الله صالح" عن الحكم.
2- البناء السياسي عشوائي
ليس في اليمن، نظام مؤسسي، يشبه البناء الهرمي يجعل من السهل استقصاده و إسقاطه، و انهياره تدريجيا، و توقع موعد سقوطه.
فلا يوجد بناء سياسي بكتلة واحده، فالبناء السياسي اليمني، كتل متفرقة، و هذا يأخذ وقتا أطول، و جهدا اكبر، لتفتيته. انه بناء يشبه نظام البناء العمراني في صنعاء ، بينما البناء السياسي المصري، تماما كشكل القاهرة العمراني. فاليمن، لم يكن فيها نظام دولة حديث، فالقوى المؤثرة كلها رجعيه، ابتداء من المؤسسة العسكرية و القبلية و الدينية، و حتى الحزبية التي تحتفظ بالنخب القديمة التي لم تحدث أي تغيير حداثي ، طيلة خمسه عقود منذ أول ثورة يمنية في سبتمبر62.
و باختصار في مصر و تونس، هناك دولة مدنية ذات تنظيم معروف. أما اليمن فهناك مراكز الحكم تقليدية. التي يستقوي بها الرئيس حاليا و هي نفسها التي تضعفه بانسحابها من تحت سلطته
و تضعف القدرة على التبوء، بما هو قادم في زمن انهيار النظام، لذا من المرجح ان ينهار النظام في صنعاء فجاءه. بعد الانتهاء من تفتيت مراكز القوى، يساعد في ذلك انضمام هذه المراكز للثورة الشبابية، وهذا أيضا يعني كل هذا الوقت. لان الثورة تعيد تأهيل القوى المنظمة، ليكونوا ضمن الثقافة الجديدة التي تخلقها الثورة.
3 - الثورة هي مشروع حداثي أولا
الثورة الآن تصارع تراث رجعي ترسب لأكثر من 50 عاما، لان ثورة 1962 أجهض مشروعها الحداثي، و بقيت اليمن على حالها بعد ثورة سبتمبر كما كانت قبلها. و لهذا تظهر صور اليمنيين الآن مشابهه و تلك التي كنا نراها بعد ثورة سبتمبر، انه ذات البؤس و الجوع .
فالصور تتحدث عن شعب فقير ، يخرج ليطالب بسقوط هذا النظام الذي أفقره، و الفقر ، هو ذاته التكوين الذي كان يلف اليمن قبل أكثر من 5 عقود، وكان سببا للثورة في الشمال، و هذه الثورة الشبابية – الشعبية مختلفة عن أي ثورات سابقة عرفتها اليمن لان بنيتها الأساسية "الشعب" و الشباب تحديدا، الذي لم يستهدفه أي مشروع حداثي، فجاءت هذه الثورة كأول مشروع حداثي تلقائي، يعمد أولا على تنظيم الشعب ، و تغيير الثقافة التي تبناها خلال هذه العقود الطويلة، و هذا هو ما سيسقط النظام.
4- الشعب جزء من النظام
يمكن القول هنا، ان النظام بصفته ثقافة و ليس فقط منظومة سياسية، خلق شعب يلائم حكمه، و هذا الشعب بدأ في التغير الآن مع الثورة، و هذا يعني ان ما تبقى من النظام سينهار قريبا.
الثورة في الميدان خلقت وعيا جديدا و ثقافة جديدة، إنها أولا تعلم اليمنيين كيف يحبون اليمن، ثم تعلمهم كيف يعبرون عن أنفسهم، ثم تتقن تلقينهم دروس كيف يحترمون بعضهم، و ينظمون جموعهم المتزايدة، و يعاملون النساء كشريكات، إنهم يخلقون نواة دولة تتشكل لم تعرفها اليمن من قبل.
ان من يزور ميدان الحرية في جامعه صنعاء، سيدرك ذلك ان كان يعرف اليمن و صنعاء من قبل، فالتنظيم الذي تشكل خلال أيام و طريقة تعامل الحشود المختلفة مع بعضها، و قبول التنوع و الاختلاف الذي يوحده مطلب واحد، يخلق ثقافة جديدة لم يعرفها اليمنيون من قبل. و هذا لا يعني ان مراكز القوى الرجعية لا تحاول حكم الميدان، و الوقوف على رأس الثورة.
5 – قفز الرجعيين على رأس الثورة
يمكن القول ان اليمنيين لم يكونوا جاهزين للثورة، بمعناها الثقافي، برغم ان جميع عوامل و شروط الثورة متوفرة.
فالثورة بصفتها تغييرا و حرية لا تعني أبدا ان يحكمها من هم جزء من النظام المستهدف، الثورة تعني ثورة على هذه القوى الرجعية، من حزبية و دينية و قبلية، و لذا يحاول الميدان ان يذيب هذه القوى فيه، و يعيد تشكيلها، و يقاوم صعودها الانتهازي على رأس الثورة، لان هذا سيحبط الثورة و يفشلها، حتى لو سقط نظام الرئيس و حزبه. و هذا يفسر أيضا كل هذا الوقت، و لماذا طال وقت الثورة.
6- الوقت لصالحنا..
ان كل يوم يمر يشعر فيه اليمني انه بطل و ثائر و مهم، و يحترم فيه غيره، و يجيد تنظيم وقته و جموعه، ومعالجة مشاكله، و يقوم بما على الدولة القيام به، يعرف كيف يعامل النساء و لا يعتبرهن عيب أو عبء. و يؤسس دولة مدنية.
كل يوم يشعر فيه اليمني بثقة لم يشعر بها من قبل، و انه يستطيع ان يغير العالم، و ليس فقط ان ينتزع نظام سياسي من مكانه، الثقة تزيد بعد ان كان اليمني يشعر بعقده النقص.
الثورة عليها ان تأخذ وقتها، فكل يوم يخلق اليمن الذي ننتظره. المهم ان لا ننتظر...... 33 سنة أخرى.
monasafwan@hotmail.com *