الاحتباس السياسي
بقلم/ محمد بن ناصر الحزمي
نشر منذ: 15 سنة و أسبوع و 6 أيام
الأحد 13 ديسمبر-كانون الأول 2009 08:54 م

على وزن الاحتباس الحراري الذي سيقضي على مناخ الكرة الأرضية بسبب ألامبالاة من قبل الدول المؤثرة فيه وصاحبت القرار فان بلادنا تعيش احتباسا سياسيا سيؤدي إلى خلخلة المجتمع وتفكيك بناه السياسية والاقتصادية، فالأوضاع التي تمر بها البلاد أوضاعا مؤسفة للغاية حرب في صعدة لا مؤشرات قريبة لنهايتها، ونزعات انفصالية لا بوادر قريبة للتعامل معها، وخلاف سياسي بين الحزب الحاكم والمعارضة المشروعة ، ،وأقول إن إهمال الحزب الحاكم للتعامل بجدية مع المعارضة الشرعية أنتج معارضة غير شرعية في صعدة وفي المحافظات الجنوبية والشرقية ، وكلما تأخر الوفاق بين شركا النظام السياسي في البلاد -الحزب الحاكم واللقاء المشترك- كان ذلك سببا لتقوية المعارضة اللاشرعية ،وكنا قد استبشرنا خيرا والمجتمع بأسره إلى الاتفاق الذي ابرم بين الحزب الحاكم والمعارضة ممثلة باللقاء المشترك والذي على إثره تم التمديد لمجلس النواب حتى يتسنى له إجراء التعديلات الدستورية القانونية المهيأة لإجراء انتخابات أكثر نزاهة وشفافية، والحقيقة لم يكن هذا الاتفاق لولا القرار الجدي الذي اتخذه الأخ الرئيس في هذا الشأن وهذا يدل على انه يستطيع أن يعمل الكثير كون القرار بيده ونتمنى أن يتخذ مثل هذه القرارات التي تلم الشمل وتقطع دابر الخلاف إن إجراء الانتخابات التكميلية بدون توافق سياسي كان قرارا خطأ في الوقت الخطأ لأنه زاد الاحتقان السياسي ومع هذا هل استفاد الحزب الحاكم من نتائجه من خلال المراجعة الحقيقية والموضوعية لتلك النتائج وما شهدته من عزوف لدى المواطن عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع أو من خلال المقاعد التي فقدها المؤتمر برغم انه نافس نفسه ولم يكن له ندا حقيقيا في هذه الانتخابات هذا يتطلب من الحزب الحاكم قياس التراجع الذي أصابه وهو نتيجة حتمية لسياسته العشوائية وقراراته الارتجالية ، صحيح أن الحزب الحاكم في أي مكان يستطيع أن يفرض انتخابات ديكورية ويفوز بها إعلاميا لكنه لم ولن يحل المشكلات القائمة التي يرجى حلها بالانتخابات ، ولن تكون إلا عود ثقاب يشعل كثيرا من الحرائق في الوطن وللأسف أن القادم أسوأ من الحاضر إذا سارت الأمور على ما هي عليه فالوقت المخصص لإجراء التعديلات المتفق عليها قد أزف على الرحيل والقوى السياسية لم تحرك ساكنا وهذا معناه أننا سندخل في أزمة سياسية أكثر تعقيدا إذا أصر الحزب الحاكم على إجراء انتخابات بمفرده أو الدخول في فراغ دستوري يحتاج إلى مزيد من الترقيع التوافقي بين القوى السياسية ، وهذا الترقيع اثبت أنه غير مثمر وانما هو فقط ترحيل للأزمات لتزداد تعقيدا ،وأما ما يحدث في جنوب الوطن وشماله – صعدة- فلا أمل في حلها إذا أصر جميع الأطراف على رؤيتهم الأحادية للحل دون إشراك الآخرين أو الاستماع للعقلاء الحريصين على سفينة الوطن فما يسمى بالحراك الجنوبي بدأ يتخذ خطوات تصعيدية غير محمودة العواقب فمن المظاهرات السلمية إلى القتل على الهوية ، إلى فرض العصيان المدني بالقوة كما فعل طارق الفضلي في زنجبار مؤخرا مما يعكس مدى السقوط الأمني الذي وصلنا إليه وضياع هيبة الدولة التي تعجز عن حماية نفسها ناهيك عن حماية المواطن، وقد أحسن تجمع العلماء والمشايخ في لحج عندما اعتبر قطع الطريق والقتل على الهوية محاربة لله ولرسوله وهذا هو الصواب وأما الحزب الحاكم ما زال يعيش في وهم أن الأمور مسيطر عليها وأن البلاد في خير وسلام وحب ووئام ، إن الحل الوحيد أن نصلح حالنا مع الله حتى يهدينا سبل الرشاد ويلهمنا البصيرة التي سلبت منا وهذه هي الحقيقة التي يغض البعض الطرف عنها مع أن الله تعالى يقول لنا في كتابه العزيز\" ومن يهن الله فماله من مكرم\" وقال \" أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أم من يمشي سويا على صراط مستقيم\" وقال صلى الله عليه وسلم (( إن الرجل من بني إسرائيل كان إذا رأى أخاه على الذنب نهاه عنه تعذيرا فإذا كان من الغد لم يمنعه ما رأى منه أن يكون جليسه أو يأكل معه فلما رأى الله ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم على بعض ولعنهم على لسان نبيهم داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده لتأمرن بالمعروف ولتهنون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطرا أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض ثم يلعنكم كما لعنهم )) ان المتتبع لوضعنا يدرك بعين الإيمان أنه كلما ازدادت علاقتنا بالله سوء زادت أوضاعنا تدهورا وحياتنا تعاسة والفتن انتشارا، وإذا أراد الله بقوم هلاكا سلبهم عقولهم فهل من عودة إلى الله ؟ عودة جماعية حكام ومحكومين عسى أن يرحمنا ربنا وينتشلنا من أزمتنا واختلافنا

al_hazmy65@yahoo.com