نهب أموال العراق
بقلم/ احمد منصور
نشر منذ: 14 سنة و 4 أشهر و 14 يوماً
السبت 14 أغسطس-آب 2010 02:09 م

لم تقف جرائم الولايات المتحدة الأمريكية بحق العراق عند حد احتلاله وقتل وتشريد واختفاء ما يقرب من المليون من أبنائه ، وتدمير بنيته الأجتماعية والجغرافية وكيانه السياسي واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا ضد أبنائه ، وسرقة نفطه ونهب ثرواته وتاريخه وتراثه وحضارته ، لكن الأمر زاد علي ذلك بنهب أموال الشعب وثرواته بشكل يفوق كل صور السلب و النهب التى وقعت فى العصور الوسطي ، فقد كشف

تقرير لمراجعة وتدقيق الحسابات أصدره المفتش العام الأميركي الخاص بإعادة إعمار العراق، عن ضياع 8.7 مليارات دولار من أموال النفط والغاز العراقية, كانت مخصصة للحاجات الإنسانية وإعادة الإعمار بعد غزو البلاد عام 2003 ، والمشكلة لا تقف عند حد هذه الفضيحة التى تتعلق باختصار بضياع هذا المبلغ الخرافي ، ولكن الأكثر شناعة هو أن وزارة الدفاع الأميركية لا يمكنها التحديد على وجه الدقة مصير تلك المليارات التي تمثل قرابة 96% من مبلغ إجمالي قدره 9.1 مليارات دولار محول إلى وزارة الدفاع من صندوق تنمية العراق.

هذه الأموال التى فقدت هي أموال الشعب العراقي وهي من عائدات النفط التى دخلت ضمن الحسابات الأمريكية بعد الأحتلال لأن معظم عائدات النفط العراقي لايعرف أحد أين تذهب حتى الآن وكانت سلطة الائتلاف المؤقتة -وهي الإدارة المدنية الأميركية التي تولت تسيير شؤون العراق عقب الغزو- قد أنشأت صندوق " تنمية العراق " بهدف جمع أموال من صادرات النفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي والأرصدة العراقية المجمدة والفائض من برنامج "النفط مقابل الغذاء" الذي أدارته الأمم المتحدة, وإنفاقها على ما ينفع العراقيين ، لكن هذه السلطة التى كان يرأسها السفير بول بريمر انتهت مهمتها فى نهاية مايو من العام 2004 وسط غموض هائل فى كل مهمتها من البداية إلي النهاية ومع علامات استفهام كبيرة حول الأموال التى وضعت تحت أيديها وكيف أنفقت ؟ ولنا أن نتخيل أن هذه المبلغ قد بدد خلال عام واحد أو أقل من عمر الأحتلال ، وحينما سعي بعض أعضاء الكونجرس لطلب فتح تحقيق حول تبديد ثروة العراق رد عليه آخرون بأن هذه أموال عراقية وليست أمريكية ومن ثم فإن كل ما يتعلق بها يناقش خارج مجلس النواب الأمريكي وليس داخله ، وهذا ما جعل نهب هذه الأموال وكثير مثلها يخرج من إطار أي تحقيق أو مساءلة أمريكية جادة ليتحول إلي إجراءات داخلية عادية داخل وزارة الدفاع التى كانت مسئولة بشكل أساسي عن إدارة العراق آنذاك ، ولنا أن نتخيل أن مليارات الدولارات تضيع دون أن يكون هناك أية مستندات لمعرفة أين ذهبت بل يمكن إلقاء اللوم علي موظفين صغار أو أرشفة ورقية أو غير ذلك من الوسائل التى تستخدمها الأنظمة الفاسدة لتبرير نهب ثروات الشعوب وضياع حقوق أجيالها .

هذا المبلغ يتعلق بالعام الأول بعد الأحتلال ولنا أن نتخيل حجم الأموال التى سرقت ونهبت والتى لازالت تسرق وتنهب بعد ذلك سواء علي أيدي الأمريكيين بشكل مباشر أو علي أيدي رجالهم الذين أتوا بهم علي ظهور الدبابات والطائرات ليحكموا شعب العراق ، وكان كثيرمن العرب وغيرهم قد تفاءلوا بأن الأدارة الجديدة للولايات المتحدة المتمثلة فى الرئيس باراك أوباما سوف تغير سياستها تجاه كل من العراق و أفغانستان لكن أوباما سار علي نفس النهج الذي كان يسير عليه جورج بوش ولم يغير شيئا ، وقد انتقد لين وولزي وهو سيناتور أمريكي مناويء للحرب أسلوب أوباما فى الأنفاق علي حرب العراق وإدارتها بنفس الطريقة التى كان يديرها بها جورج بوش وذلك بعدما طالب أوباما فى العام 2009 الكونجرس بالموافقة علي تمويل الحرب " خارج الحسابات " وهي الطريقة التى جعلت بوش يبدد مئات المليارات من الدولارات بدعوي الحرب علي الأرهاب وصناعة نظام ديمقراطي فى كل من أفغانستان والعراق ، لكن الأمر فى النهاية لم يكن سوي عمليات سلب ونهب وصلت إلي حد العشوائية وضياع مليارات الدولارات من عائدات النفط العراقي دون أن يعرف أحد أين ذهبت وكأنها تبخرت .

وكانت تقارير كثيرة تحدثت عن وسائل عديدة يتم بها نهب نفط العراق غير السرقات المباشرة وهي السرقات غير المباشرة مثل تصدير مئات اللآلاف من براميل النفط دون إدراجها أوإدراج أسعارها ، علاوة علي تسعير النفط العراقي بأسعار تقل عن الأسواق العالمية بشكل مثير ،فقد سبق أن اتهم صباح الساعدي عضو البرلمان العراقي عن حزب الفضيلة وزير النفط حسين الشهرستاني أنه يبرم عقودا لبيع النفط العراقي بأسعار تصل إلي 17 دولار للبرميل فى الوقت الذي يتجاوز فيه السعر العالمي 70 دولارا للبرميل مما يعني أن الفروقات اليومية التى تهدر من ثروات العراق حسب الأسعار المعلنة وحسب الكميات المعلنة أيضا تصل إلي ما يقرب من 35 مليون دولار يوميا ولنا أن نتخيل هذا إذا ضربنا هذا المبلغ فى عام كامل ماهو الناتج العام الذي ينهب من نفط العراق كل هذا يتم تحت سمع وبصر وترتيبات سلطات الأحتلال والمتعاونين معهم ، ومن ثم فإن جرائم أمريكا فى العراق يجب أن تسجل كلها حتى تفتح حينما يأتي يوم الحساب حتى يأخذا لشعب العراقي حقوقه حينما يسترد أرضه وحريته وحقوقه ويطالب أمريكا بدفع الثمن ، ثمن كل جرائمها فى العراق .