لا لداحس النفط وغبراء الغاز
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 14 سنة و 5 أشهر و 27 يوماً
الأربعاء 30 يونيو-حزيران 2010 07:00 م

وطني سفينة المشاكل التي لا تنتهي .. سياسية واقتصادية واجتماعية وتعليمية وصحية وغيرها كثير.. ربانها وملاحوها تركوها تصارع الأمواج العاتية بمفردها .. يتقاذفها موج الهوى والعصبية والفساد والمحسوبية يمنة ويسرة فيتخبط ركابها بداخلها .. يتصارعون فيما بينهم ويتزاحمون على منافذ النجاة فيداسون تحت الأقدام .. وطني تتداخل فيه أطراف وأطراف وتتشابك خيوطه الصوفية فيما بينها فلا تعد تدري أين أول وأين منتهاه ..

ومشاكل نزاع الأراضي والثار والقتال القبلي إحدى أهم مشاكل اليمن عامة يعاني منها كل من اكتوى بنارها وذاق طعم مرارتها .. قطع أرحام وتمزق صداقات .. خوف وقلق وبغضاء وخصومات لا طعم لطعام ولا لذة لشراب يصبح فيها الإنسان أسير هدفه إما دفاعا وإما هجوما .. أخوه سلاحه ورفيقته ذخيرته .. عند أدنى صوت يهب وعلى أبسط شك يلتهب قومته ونومته ذئب وتواردت الأخبار بما حصل بين الأخوين الجارين بلحارث وعبيدة .. جبلان شامخان بين سلسلة جبال وتلال القبائل .. عملاقان لا تخطئهما العين .. تقاتلا على رمال في صحراء .. على وظيفة سائق أو عامل كهرباء .. حارس بوابة أو عامل بناء .. لقد حصل ما حصل قدر الله وما شاء فعل .. بلحارث وعبيدة ما القضية والى أين المسيرة ؟! أداحس النفط وغبراء الغاز بعد أن هدانا الله للإسلام ؟ أشركة أجنبية دخيلة كناقة البسوس بعد أن صرنا مؤمنين ؟ أبعد الحب جفاء ؟ أبعد الصلات قطيعة ؟ كيف سيتعامل فيما بينهم الأقارب ؟ هل سيقاتل الولد خاله ؟ ويقتل الزوج أبا زوجته ؟ والصديق صديقه !! كيف نتناسى في لحظة من الشيطان ساعات العشرة ولحظات الآلفة وسنين الأخوة ؟ كيف نحتوي ما قد كان ونستوعب غضب الإنسان .. كيف نخزي الشيطان ونصنع مأثرة خير تتحدث عنها الأجيال في مستقبل الزمان.. كيف نرضي الملك الديان من غير مذلة ولا هوان .. تستطيعون ذلك في وجود رجال خير وحكمة وانتم أهلها ومنبعها وبصدق المنطلق وإخلاص النية حتما ستفعلون ذلك .. وبالعقل والمنطق ماذا سيحدث بتقاتلكم .. مزيدا من القتلى .. كثيرا من الدماء والجرحى .. خسائر مادية وبشرية من اجل ماذا ليقال : هؤلاء حمران العيون ما نسيوا دمهم وها هي طبول حربهم تقرع .. وهؤلاء ما رضخوا لهم ولا سلموا أبنائهم للحكم ولا للشرع .. سأخبركم بما سيكون ولا تغضبوا مني فما عهدت نفسي إلا صريحا ومحبا لكم وقد تكون الكلمات مرة ولكنها الحقيقة :

ـ ستكونون محل تعلول المجالس في قاتهم وسمرهم ومناسباتهم الاجتماعية .. عن إخباركم وقتلاكم وحروبكم سيسألون القادم أعطنا أخبار عبيدة وبلحارث ..كم وصلوا قتلاهم وأيش أخر أخبار غاراتهم ؟ وسينفض المسمر في انتظار الحلقة القادمة من الأحداث ستكون الحجر من أرضكم والدماء التي ستسيل دمائكم .. فهلا أرضيتم ربكم قبل هواكم ونواقيس حربكم ؟!

ـ ستظهر الخفافيش في سمائكم وستسبح الثعابين في مائكم .. وستصبح أرضكم مسرحا لكل شارد ووارد ممن يجيدون لعبة الحروب والمحن أو من حملة لافتات الفتن الذين سيجعلون منها منطلقا لحرب كبيرة في الوطن .. ولقد قرأت تعليقا في أحد المنتديات يقول : على بلحارث إعلانها قضية وطن أي ( جنوب ) وسترى ما سيحدث .. سيستفيدون من حربكم بيعا وشراء .. قصصا وأخبارا .. والخاسر الأكيد انتم وأبنائكم وأحفادكم.. فلماذا تورثونهم حربا ضروسا وشدة وقهرا !!

ـ إذا اشتعل فتيل الحرب فهل تظنونه سينطفئ قريبا .. صدقوني مع كل طلقة ستتعطشون للأخرى ومع كل إصابة ستنتظرون غيرها .. ستصبح هي تجارتكم وهي مدرستكم وهي جامعتكم وهي طعامكم وشرابكم بل هي كل حياتكم ويا لها من حياة .. بدلا من أن يحمل ابن العاشرة منكم كتبه للمدرسة سيحمل بندقيته للمعركة ! ويا له من جيل !!

سيطول الكلام الإنشائي .. فما هي الحلول والمخارج العملية لاحتواء المشكلة وتهدئة الأوضاع وعدم تفلتها وانتشارها .. الحل من وجهة نظر الفقير إلى عفو ربه وتوفيقه يكمن في مجموعة جهات إن تكاتفت وفهمت أبعاد الخطر فسيكون الخير بإذن الله فيها ومعها .. وأوجه إليهم رسائل دعوة وطلب ورجاء أن يستجيبوا :

الأولى ـ إلى عبيدة وبلحارث عليكم باليقين الكامل أن لا خيرا في القتال بينكما وانه سيستفيد من قتالكما من تسبب فيها وستكون فرصة له بالخلاص منكما وسيخلو له الجو والمكان بانشغالكما ببعض وسيدعمكما معا لتستمر الملحمة إلى أقصى حد وابعد مجال .. فعليكما الصبر والحكمة وان لا يعاقب الكل بجريرة البعض .. نعم المصاب كبير وجلل ولكن لماذا لا بد أن يكون الغد أكثر إيلاما للجميع .. وعلى العبيدي والحارثي أن يسلما من كان في موقعة القتلة إلى الدولة كجزء من درء الفتنة وأهوالها وبضمانات قبلية أخرى وان يتراضيا بذلك وتسير القضية في مجراها للطرفين .. أم ترون انه لا يصلح هذا إلا بعد أن نصل بقتلانا إلى المئات حتى نثبت للجميع أننا أهل شدة وبأس وشجاعة.. وأسمى وأرقى أنواع الشجاعة هما الصبر والحكمة في مواطن الغضب والحمية .. لا نقول لكم انسوا قتلاكم وجرحاكم وحقوقكم ومطالبكم ولكن نطلب التعقل والهدوء والسير نحو محاسبة المتسببين وفقا للشرع .. نطلب تفويت الفرصة على الذين قد يرون فيما حصل فرصة لتأجيج النزاع والتخلص من قبيلتين بهذا الحجم والتأثير في العملية السياسية والاقتصادية في البلاد .. ونقول للأخوة المتجنسين في المملكة والخليج : اتقوا الله في أهلكم عشتم بعيدا عن الوطن فلتكن عودتكم ميمونة ولها فضل وخير في لم الشمل والسلام والسعي للتوصل إلى ما يحقن دماء أهلكم بدلا من إشعال فتيل الفتنة وما أحسبكم إلا أهل خير فأرونا إياه .

والثانية ـ للدولة الحاكمة المسئولة أمام الله ثم التاريخ عن هذا الشعب وعن أمنه ومصالح الناس ومعيشتهم .. ماذا انتم فاعلون ؟هل بقي فيكم مسئول فيه ذرة خير وإنسانية .. اخرجوا قوات أمنكم التي تستعرضون بها في ميدان السبعين للفصل بين الحيين .. طبقوا الشرع والقانون .. نفذوا العدل ..احيوا القضاء العجوز الكسيح المشلول .. أقنعونا مرة واحدة في الحياة أنكم حكام وأنكم دولة وسلطان .. أن لنا عندكم كشعب خاطر وقيمة .. أنفقوا من بيت مال المسلمين ما يصلح به الحال وتهدأ به الأوضاع بدلا من التفرج وترقب ما سيصير عليه الحال فربما يوما طار رمادها إلى أعينكم المرمدة وستصرخون ولكن بعد فوات الأوان .

والثالثة ـ للقبائل اليمنية شرقية وغربية .. جنوبية وشمالية هذه حرب لو استعرت ستمتد السنة لهبها ويتطاير شرارها إلى ابعد مما تتصورون وستصل إليكم حتما .. لان هناك من سينفخ في جمرها ويأخذ جذوة من حطبها ويرمي بها هنا وهناك لغاية في نفسه فعليكم بالحركة السريعة .. خذوا مبادرتكم الكريمة تحملوا مسئوليتكم في ظل غياب دولة النظام وفي وجود حكومة سياستها تأجيج ودعم الخصام .. انتم لها وقدها .. أين هرم بن سنان والحارث بن عوف فيكم ؟ فلتتحرك رجالكم وفق اتفاق وتنظيم إلى حدود القبيلتين .. احجزوا وأصلحوا بين أخويكم .. قوموا بتهدئة الوضع والتوصل إلى اتفاقات لا تضيع فيها حقوق أولياء دم المقتول ولا حق الحي المعلول .. ولن تعدموا حلا أو هدنة أو خيرا وصلحا فأنتم أهل للخير وعلى مر التاريخ وجوهكم ناصعة بيضاء ولو تطلب الأمر بقائكم شهورا وسنينا فالأمر يستحق وسيكلل عملكم بالنجاح بعون الله وإخلاص النية له وحده والرابعة ـ إلى العلماء والدعاة إلى حملة الأقلام الشريفة إلى المصلحين من أبناء اليمن عامة وأبناء المحافظتين خاصة .. هذا يومكم الحقيقي بينوا أضرار القتال وأبعاد الفتنة وضحوا للناس ما هو مخفي عنهم من أثارها وثمنها .. لا تعتزلوهم ولكن اخرجوا إليهم اكتبوا .. اخطبوا .. حاضروهم وعظوهم .. كل امرئ منكم على ثغرة فليسدها بما استطاعه من علم وجاه وقلم ومسئولية ..

إخوتي الكرام /والذي نفسي بيده لا شي ستحققونه بالقتال والدماء يساوي صراخ طفل خائف مرعوب من فقدان أبيه ..أو لوعة أم تنتظر كل يوم الدخول بولدها جثة هامدة .. أو قرقرة دموع في عين كهل يرى بحسرة أبناءه وأحفاده يكتوون بنار طالما تجاوزوها بسلام وحكمة .. ينظر في الأفق بأسى على تاريخ مضى كان الحيان فيه على وفاق وحب وإخاء .. طالما عاشا صديقين اخوين متراحمين .. يتسائل : هل عدموا وسائلهم ليبقوا لنا ذلك الحلم الجميل والتاريخ النبيل ؟ ويردد : لقد ورثوا شجاعتنا فهلا ورثوا حكمتنا .. فهلا كفيتموهم ذلك الهم والقلق والتساؤل الحزين .. حتما ستفعلون فأنتم أكرم من التهور وراء الهوى وأعز من الانجراف وراء ناعق الردى ... سائلا ربي لنا ولكم ولوطننا وشعبنا عامة السلامة من كل شر وفتنة وبلاء وان يجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين .. وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.