مليشيات الحوثي تختطف مواطناً من جنوب اليمن للضغط على شقيقه عاجل .. دعم سعودي لحكومة بن مبارك ووديعة بنكية جديدة كأس الخليج: تأهل عمان والكويت ومغادرة الإمارات وقطر دراسة حديثة تكشف لماذا تهاجم الإنفلونزا الرجال وتكون أقل حدة نحو النساء؟ تعرف على أبرز ثلاث مواجهات نارية في كرة القدم تختتم عام 2024 محمد صلاح يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي .. قائمة بأشهر هدافي الدوري الإنجليزي مقتل إعلامية لبنانية شهيرة قبيل طلاقها قرار بإقالة قائد المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت.. من هو القائد الجديد؟ دولة عربية يختفي الدولار من أسواقها السوداء تركيا تكشف عن العدد المهول للطلاب السوريين الذين تخرجوا من الجامعات التركية
ليست تكهن أو نبوءة عابر ، بل بشارة من سيد الخلق عليه الصلاة والسلام .
فقد مرت جنازة من أمام النبي صلى الله عليه وسلم ، فاثني عليها من معه وقالوا خيرا فقال صلى الله عليه وسلم وجبت ، أي أن لها الرحمة من الله والجنة ، ثم أردف صلى الله عليه وسلم بقوله انتم شهداء الله على الأرض .
ونحن نشهد بأنك كنت كطيف عبر ، وكنسمة لطيفة منعشة ، تنسمها على غير العادة الأشعث الأغبر ، والبائس الفقير ، والحزين المكدود ، وغيرهم على السواء .
وأنك كنت في مجملك الكلمة الطيبة ، والقول الحسن ، والقلب المكلوم بفواجع أمته وامتداد القهر على إنسان هذا الزمان .
وأنك كنت اللمسة الحانية ، وابتسامة الربيع بما تحمله من اتساع وأريحية وعفوية على محيا المعاق في تلك المديرية ، أو تلك العجوز الغائرة العينين في ذك السهل التي لا يحملها الجهد على أن تتكئ ، رفيقة العوز من جهاتها الأربع .
كثيرون مروا قبل يحيى فبكتهم القلوب ودمعت عليهم العيون وازدحم الناس في تشيعهم لدينهم ، ومروآتهم ، وحالهم في قضاء حوائج الناس ، ولمواقفهم الصادقة تجاه الوطن .
لكن شيئا من الضجة والزحام إثر وفاتهم يعود للمكانة الاجتماعية أو الرسمية التي كانت لهم ، وهي في النهاية رحمات من الله تتعاطف .
غير أن الصورة هنا مختلفة كثيرا من عند مرض ووفاة يحيى علاو .
اليمن كلها اهتزت بوجع وأنين ووجوم منذ لحظة إشهار بداية رحلته مع المرض .
لم يكن يحيى علاو بأكثر من إعلامي بسيط ، في كل الأحوال فهو مغمور بمقياس الضجة السياسية ، والمكانة الاجتماعية ،لم يصنع على عين السلطان ، ولم يسوقه للجمهور والمكانة والنفوذ مطبخ مهني متخصص .
بل كان وظل يُحاصر من وزارة الإعلام والفضائية اليمنية ، لا لشيء إلا لتلك المسحة الصافية في وجهه ، ولذلك الشيء العميق في صوته والذي يبعث على الطمأنينة والسكينة والسلام الاجتماعي .
لم يكن برنامج فرسان الميدان الذي عشقته الملاين بتلك الضجة الدعائية ، والحشد والتكلفة التي صارت عليها في الموازة برامج رمضانية أخرى كسندباد العابد ،أو مسابقات وحش الشاشة السماوي .
لكنه كان يسير بعفوية وتواضع ، وإمكانات وقدرات هي الأخرى بسيطة ،لا تحمل معها اتكتيك ،أو تخبئ المفاجآت .
لكن لماذا هام الشعب بكله في برنامج فرسان الميدان ، وبالدرجة نفسها من الحب والتقدير ليحيى علاو .
استوي في ذلك الصغير والكبير ، المرأة والرجل ، المثقف والعادي ،الرسمي تبع السلطة أو المعارض في الجهة الأخرى سيان ؟
ما وراء كل هذا الحزن الشعبي العميق والصادق تجاه يحيى علاو ، وقبل ذلك ما وراء كل ذلك الحب الذي سكن قلوب البسطاء ومساكين الشعب تجاه يحيى علاو .؟
عشرات الألف يحملون جنازته ويبكونه ويصطفون في الصلاة عليه والعبرات تخنقهم ، ولو تم تأخير الدفن يوم آخر لكان العجب .
فضلا عن صلاة الغائب التي استوت لها الكثير من الأسر ، والناس جماعة ، وفردا .
مرة أخرى لماذا أحب الناس يحيى كل هذا الحب ، وتلك أماراته الصادقة ، لا فيها زيف ، أو يُراؤن؟
أزعم أن عندي الجواب ، ولو كان لآخر غيره فننتظر أن يطرح ، لأن مثل هذا الموقف لا ينبغي أن يمر دون الغوص فيه واكتساب الدروس والعبر .
كان يحيى مؤمنا صادقا ، وتلك كانت سيماؤه ، ويبدو أنه كان له في كل خطوة نية ، وفي كل مفردة من مفردات برامجه يخبئ ويدخر النية نفسها ، أحب الله سبحانه وتعالى ، وأحب لأجله الناس ،والسهل والجبل ، فأحبه الله سبحانه وتعالى ، وألقى له المحبة والقبول في قلوب من رآه أو سمعه ، وزوده بجمال الطلعة ، وحسن البيان ، والحكمة ، والحضور المؤثر .
والله سبحانه وتعالى إذا أحب أحدا ألقى له القبول حتى تحبه الكائنات ، وكل ذرة في الكون تلقاه بالمحبة واليسر والطواعية ، وإذا ابغض الله سبحانه وتعالى شخصا ابغضه في الكون كل موجود ، وحلت عليه اللعنات والعنت من كل ذرة تلقاه .
كان علاو ، ويحيى اسمه ، لبنة صلبة ، وبمثابة التهيئة والتوطئة بممكناته ـــ في ظل التعبئة القصوى ـــ بين يدي مشروع الخير القادم .
كان إنسانا يحيى ، ويحيى الإنسان .
بخلق المسلم يتحرك ويُشافه ، وبهموم الأمة والإنسان يفعل ويتفاعل ، حمل رسالته فأوصلها على خير قيام وبأنقى نية وجهد ، وتلك البينات تطلع من بين تلك الجموع والحناجر والدموع .
من لنا بمثل سيره المتئد ، يمشي الهوينى ، ويجيء في الأول .
أحبه الله ،فاختاره إليه ، ونحسبه والله حسيبه قد أوفى ما عاهد الله عليه ، فإن نقص عليه زاده ولم يبلغه الدرجات العلى ، فتلك له صدقة جارية باقية تلحقه وتراكم له الرصيد ، كلما جاء رمضان سيذكره مليون من قائل (( يرحم الله يحيى ويسكنه الجنة ، قد كان هذا موعده ، في تلك عبادته ، وكم عبدنا لله معه ))..
وسيتذكره آخر قد نيف على التسعين من فوق ذك الشاهق بــ ((يرحم الله يحيى ، من هنا مر ، وفي تيك الوهاد داعبنا وذكرنا بالله ، وأحسن إلينا بجائزة كأنها صلة من ذي رحم ، جاء بها يجرها إلى ذي مسغبة ، أو مقطوع)) ..
على الآخرين ، وكلنا واجب أن نعي الدرس ، ونستشف بصدق المشهد .
وهل إذا متنا ، سيقولون أراحت أم استراحت ..؟
وهل وجبت لنا ، أم وجبت الأخرى ... ؟
الحمد الله ،إذ أبقى الله لي في العمر ولو مقدار ساعة أتدارك خلالها أمري ، وقد تكون منتهى أمنية من رحلوا ولو قايضها بكل هذا الملكوت في هذا الكون الفاني ...
(وركعتي الفجر خير من الدنيا وما فيها )
وماذا يغنيني ويفيدني ما أنا تاركه من مال وبنين إن لم استودع منه وفيه إلى موعد ما أغنى عني مالية هلك عني سلطانية ..
alhager@gawab.com