آخر الاخبار
الشيخ حمود سعيد المخلافي ..ما وراء الخبر؟
بقلم/ الحاج معروف الوصابي
نشر منذ: 16 سنة و شهرين و 29 يوماً
السبت 20 سبتمبر-أيلول 2008 08:32 م

ماذا لو كان الشيخ مقصع ، أو القوسي ، أو المقدشي ، أو آخر من هذا الصنف تعرض للحادث الذي تعرض له الشيخ حمود سعيد ؟

هل كان سيتم توقيف ومساءلة هذا الشيخ ؟ الجواب في حادثة الحامدي الذي لم يتجرأ السيد وزير الداخلية العليمي يومها - رفع الله قدره -على مجرد التوجيه حتى بمذكرة استفسار .

أما لو كانت حادثة حمود سعيد طالت الشيخ مقصع ، أو حفيد عاطف ، أو بن عم زوجة فلان من هذا النفر لكانت حركة القبيلة بداخل الجهاز الرسمي انتفضت وتوجهت بجموع الرؤوس من المشايخ والآليات والأثوار لهذا الشيخ لاسترضائه أولا تمهيدا لقبوله التحكيم ..

هذه هي السلطة أو الوجه الآخر للقبيلة التي تحكم .

مواطن هنا بمائة مواطن هناك ، ومسمى الشيخ فخريا هنا دون فردا يتبعه يساوي مائة شيخ هناك ، والمنجزات والتنمية هنا تبعا لشريحة ( حقاني ) وحلما بعيد المنال عند فئة ( اجزع لك ) هناك.

هذه المواطنة الغير متساوية هي السبب وراء هذا الانقسام الذي بدا يتبلور حول الهوية والاندماج ، والحراك المناطقي البغيض الذي لم يعد همسا ، بل تصريحا وبولولة 0

كنا نتألم لصوت المناطقية الذي يرفع في الجنوب ، رغم يقيننا بثمة أسباب موضوعية وراءه إلا كنا نلقي بها على رأس الانفصال ومسمى الطابور الخامس ، واليوم بدا هذا الصوت يعاود بحدة وتحدي وحرقة من المثقف والكاتب والنخبوي في محافظة تعز ، وفي مناطق أخرى.

هذه المحافظة التي كانت ولا زالت تمثل الجامع للهوية والوطن والفكرة والثقافة الذي تعتمل ، يئن أهلها دائما كلما دخلت في نقاش مع احدهم أكان مؤتمري ، أو ناصري ، أو إصلاحي ، أو مؤتمري ، يهامسك ، أو يصرح بان السلطة تكره تعز لأسباب تاريخية ، أو شخصية ، أو غير معروفة ، رغم أن المؤتمر يموج في تعز من عند الصحن إلى الطاسة ، ورغم أنها – تعز – أنجبت هامات من أمثال البركاني ، ويسين عبده سعيد ، والجندي عبده ، والسيف العسلي ، والعليمي ، وقبلهم الأستاذ عبد العزيز عبد الغني الذي يحمل تحيات وتمنيات فخامة الرئيس للحجر والشجر، والجن والبشر .

الحاكم يرغب في تطبيق النظام والقانون على مناطق بعينها وأشخاص بعينهم .

محمد احمد المنصور على سبيل المثال قتل الجعاشن وسلخها وأكلها ، وهجر أبناءها ، وهي جريمة تعد إنسانية تستنكرها المواثيق الدولية ، والأعراف ، وكتب السماء ، لكنه لم يطاله حتى توبيخ أو لوم ، بل هدد الراعي حفظه الله بتشديق أفواه المستغثين من الجعاشن .

الحامدي في صنعاء ، والرعوي في اب ، ,و .........نماذج من هذا القبيل ، هذا السير المزدوج يبعث على الكثير من القلق .

لسنا ضد التحقيق مع حمود سعيد وأخذ أقواله ، فعندنا أن القانون لا يستثني أحد ، لكن لي الحقائق والقانون والإعمال على هذا الوجه المريب ، وفي فرز مناطقي صارخ وعلى الملا أمر يدعو إلى الفزع حول ماذا يراد بهذا البلد والى أين يتجه به.

حمود سعيد الشاب الشيخ الذي ملأ تعز ونال إعجاب بقية المناطق المجاورة ، ساهم إلى حد كبير في تحقيق قدر من الاستقرار والهدوء الاجتماعي من خلال الحضور التوافقي الذي يضفيه على أكثر من موقف وطرف اجتماعي ، وبسبب أداءه المخلص والراقي ، أجمع عليه أبناء تعز على انه شيخ المحافظة ورمزها ، في محافظة يحسن أهلها تماما قراءة الواقع ، فضلا عن الوعي العام المسكون فيهم الذي يقوم على المدنية والسلوك الحضاري ، وهذا يشهد لحمود سعيد كنموذج راقي لمجتمع متقدم بالنسبة للآخرين.

ويبدو أن ثمة حسابات - منها ما هو قبلي ومنها ما هو سياسي ، ومنها لتراكمات أخرى – وصلت إلى درجة من الضيق والحساسية في اكتساب تعز أو استعادتها الطابع القبلي التقليدي ، مع وجود زعامة من هذا النسيج تجيد الحشد والاصطفاف والتوجيه في محافظة غنية بالكوادر السياسية والثقافية والمعرفية ، والكم السكاني ، فضلا وهذا الأهم عنصر التجار والمستثمرين ..

وقد كانت السلطة معنية بالبناء التقليدي والحشد الاجتماعي في هذه المحافظة وأخواتها ، ولكن على غرار الظاهرة البركانية ، وثقافة ما لنا إلا علي ، وآخرين من هذا الصنف الذي نصيبهم الكراهية ومشاعر الغضب من بني قومهم وعند الآخرين وكل من جاورهم ، لكن أن تتبلور ظاهرة أخرى مغايرة على غرار حمود سعيد ، فان ذلك لا يسع ويكفي القوم مرارة فهد القرني .

والواضح فعلا أن الممارسات الخرقاء للسلطة والحزب الحاكم أدت إلى صوت مناطقي لمثقف تعز بدا يتحسس نفسه وطريقه ، وهذا أمر يؤذينا وتأباه قيمنا وسمتنا الذي تم وألفناه ، لكن عند المراجعة يظهر أن هناك سياسات ممنهجة وراء الكواليس الرسمية تبني نفسها مناطقيا وعشائريا ، وبطبيعة الحال فذلك على حساب حقوق الآخرين وآدميتهم ، الأمر الذي يدفعهم تلقائيا هم أيضا إلى أن يصطفوا ، ويبحث كلا عن مرجعيته وشجرة القبيلة من بطون الكتب والمخطوطات .

وليس هناك اخطر على الدول والمجتمعات الحديثة من حضور الخارطة القبلية على حساب خارطة المؤسسات وأبنية الدولة الحديثة.

إن العدوان على الشيخ حمود سعيد ومحاولة تصفيته لجهة حولها أكثر من قول وعلامة استفهام ، لن يفيد إلا على حساب الاستقرار واتقاد الفتن ، ومزيد من احتقان المشاعر .

وان العصبية فتنة لعن الله من أيقضها ، فدعوها فإنها منتنة لا نقبلها من أي طرف يتحسسها حتى وان كان مظلوما ، ولا من كاتب ما نحترمه حتى وان تحسسها في الظل.

Wesabi111@gawab.com