طلاق طفلة يفجر قضية الزواج السياحي باليمن
بقلم/ محمد حسن
نشر منذ: 16 سنة و 8 أشهر و 3 أيام
الجمعة 18 إبريل-نيسان 2008 05:08 م

تعتبر ظاهرة زواج فتيات يمنيات من عرب أو أجانب فيما يعرف بـ" الزواج السياحى" و"الزواج المبكر" من المشكلات الإجتماعية التى تواجه المجتمع اليمني .

ويسفر " الزواج السياحى" غالباً عن فرار الزوج وترك الزوجة ضحية لنزوة عابرة و تشكل عبئاً إضافياً على أسرتها التي دفعها الفقر وقلة الحيلة وأوهام الزواج من أثرياء الخليج إلى الموافقة على اقتران فتاتها وخوض غمار هذه المغامرة غير المحسوبة.

البحث عن زوجة

 يجوب شوارع العاصمة اليمنية "صنعاء" عشرات من السعوديين الباحثين عن زوجات يمنيات بعد أن فشلوا في إيجاد زوجات سعوديات، بسبب ارتفاع المهور وتكاليف وتجهيزات الزواج في السعودية.

قال حمد الحمد أحد الشباب السعوديين: " إنه قدم إلى اليمن من أجل الزواج ، بعد أن أخذ موافقة من الجهات الرسمية في البلدين للزواج من اليمن، وذلك لقرب العادات والتقاليد بين البلدين ولقلة تكاليف الزواج في اليمن التي تقدر ما بين 5 آلاف إلى 10 آلاف ريال سعودي، وهذا المبلغ لا يمكن أن يزوج أحداً في السعودية ".

وأوضح الحمد أنه موظف ولا يتجاوز راتبه 2000 ريال شهريا، وأن مرتبه لا يكفي لمهر عروس في السعودية، مما جعله يلجأ للزواج من يمنية، حيث إن تكلفة الزواج يسيرة.

النسبة في تزايد 

وأشارت إحصائيات رسمية حديثة إلى أن حالات ما يعرف في اليمن بـ "الزواج السياحي" ارتفعت خلال النصف الأول من العام الماضى، إلي (470) حالة منها (333) موافقة زواج أجانب بيمنيات .

فيما بلغت خلال النسبة العام الماضي 2006 م بالكامل نحو (849) حالة، وفي العام 2005 م كانت النسبة (785) حالة.

وأوضحت الإحصائيات الرسمية التي نشرها موقع "نبأ نيوز" الإخباري المستقل ، أن الأزواج من ذوي الجنسية السعودية احتلوا المرتبة الأولي في سجلات عقود إثبات الزواج السياحي أو المختلط "أي أحد طرفيه أجنبي" .

و قدّر عدد الأزواج من ذوي الجنسية السعودية خلال النصف الأول من العام الجاري بنحو (166) زوج سعودي ، وفي عام 2006 بحوالي (378) حالة زواج سعودي بيمنية ، وفي العام 2005 بنحو (359) حالة زواج سعودي بيمنية .

وجاء حاملو الجنسية الإماراتية في المرتبة الثانية أي بنحو (59) حالة عام 2007، و85 حالة في عام 2006، و82 حالة في عام 2005، فيما توزعت بقية حالات الموافقات لزواج أجانب بيمنيات بين أكثر من 50 جنسية من مختلف أنحاء العالم.

وأوضح مصدر مسئول في السفارة السعودية باليمن أن هذه الزيجات رسمية، وتصحبها تأشيرات لاستقدام الزوجات إلى السعودية، وأن طلبات الزواج تأتي من جميع مناطق المملكة، ومن مختلف الأعمار، وأن غالبية الطلبات من المنطقة الجنوبية .

وأكد المصدر ذاته أن هناك العديد من الزيجات تتم بطريقة غير رسمية ولا تبلغ فيها السفارة، وهذه الزيجات لا تتدخل فيها السفارة، لأنه لم يتم تسجيلها لديها.

 

قانون لتنظيم الزواج 

أعلنت مصادر يمنية أن كثرة مشاكل الزواج متعدد الجنسيات جعلت الحكومة تصدر قانوناً خاصاً لتنظيمه .

وأشارت المصادر ذاتها إلى أنه منذ عام 2000 م، لا يسمح القانون ليمني أو يمنية الاقتران بأجنبي إلا بعد الحصول على موافقة من وزارة الداخلية في اليمن، وموافقة السلطات في بلد الطرف الآخر .

جاء ذلك بعد أن انتشرت ظاهرة الزواج السياحي التي تهدد الكثير من الفتيات اليمنيات، وتقضي على مستقبلهن .

وأضافت المصادر قائلة :" إن هذا النوع من الزيجات عادة ما يجمع بين أثرياء خليجيين وفتيات يمنيات غالبيتهن من الفئة العمرية 20 - 24 عاماً بنسبة 38%، تليها الفئة العمرية من (15 – 19) عاماً بنسبة 35%، وجاءت في المرتبة الثالثة الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين(25- 29) عاما " .

 الطفلة اليمنية نجود   

وتابعت المصادر قائلة :" إن غالبية فتيات الزواج السياحي من الملتحقات بالتعليم الثانوي بنسبة 30%، ثم التعليم الابتدائي بنسبة 22.5%، وثالثاً الفتيات من حملة الشهادة الإعدادية بنسبة 17.5%، تلتها الجامعيات بنسبة 12.5%، ثم من يجدن القراءة بنسبة 7.5%، فيما تساوت نسبة الفتيات اللواتي يحملن شهادات الدبلوم مع مثيلاتهن الأميات بنسبة 5%، وأن 70% من هؤلاء الفتيات تم طلاقهن و30% من الحالات سافر فيها الزوج ولم يعد " .

لماذا اليمنيات ؟

ويعتبر الزواج المبكر في اليمن ظاهرة تحمل خصوصية ترتبط بالعادات والتقاليد اليمنية، وارتباطه أيضاً بالجانب الديني للمجتمع اليمني، الذي ينظر إلى الزواج على أنه واجباً دينياً، وإحصان للرجل والمرأة من الوقوع في الخطأ.

ويحمل الزواج المبكر في اليمن خصوصية معينة ، وينتشر بشكل واسع سواء في الريف، أو الحضر، وذات علاقة وثيقة بنظام القيم السائدة في المجتمع اليمني، الذي ينظر إلى الزواج المبكر باعتباره صيانة من الانحراف، واستكمالاً لنصف الدين، والزواج المبكر كظاهرة لها انعكاسات سلبية تؤثر على حياة الافراد بشكل خاص، وعلى المجتمع، وتنميته بشكل عام.

ووفقا لما ورد بموقع "المؤتمر نت" اليمني ، يعتبر الزواج المبكر من أهم أسباب ارتفاع المعدل السكاني في اليمن ، والذي يبلغ (3.5)% ومعدل الخصوبة الكلي (7.4) لكل امرأة، وهو من أعلى المعدلات على مستوى العالم، وكذلك يعد الزواج المبكر سبباً رئيسياً في ارتفاع وفيات الأطفال، دون سن الخامسة؛ حيث يبلغ حوالي (94.8) لكل (1000) مولود حي ، وارتفاع نسبة وفيات الأمهات الذي يبلغ (351) وفاة لكل (100.000) مولود حي.

وتشير الأرقام إلى ارتفاع نسبة النساء المتزوجات في أعمار صغيرة؛ حيث إن الفئة العمرية من (10-19) قد شكلت (75)% مقابل 25% للرجال في نفس الفئة العمرية.

ويشير تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء وفقاً لنتائج المسح الديمغرافي لصحة الأم، والطفل، إلى أن الزواج المبكر ينتشر بين الفئة العمرية من 15 وأقل إلى 18 سنة؛ حيث وصلت نسبته إلى (48)% منهن 13% قد تزوجت أكثر من مرة.

ويوضح المسح القاعدي للصحة الإنجابية عام 2000م ، أن (24.6)% من النساء قد تزوجن بين (10-14) سنة و( 6.5 % ) في عمر (15-19) سنة وإن المشكلة لا تكمن خطورتها في الزواج المبكر في حد ذاته، ولكن في الحمل والإنجاب المبكرين.

دوافع الظاهرة

أشارت العديد من الدراسات إلى أن أسباب الزواج المبكر في اليمن ترجع للعديد من الأسباب ومنها " الحالة الاقتصادية للأسرة، ومستوى الفقر ، وأنمعظم الأسر اليمنية تعتبر الزواج المبكر ضمان ، وصيانة لشرف العائلة ، التسرب من التعليم حيث إن الأسر المتعلمة لا تزوج أبناءها إلا بعد إكمال مراحل الدراسة والعكس ، والرغبة في زيادة عدد النسل نظر لسيادة بعض المفاهيم لدى بعض الأسر " .

وفضلا على ذلك يشير الباحثون إلى أن العادات والتقاليد تمثل أهم أسباب الزواج المبكر.

"نجود" شاهدة عيان

حصلت طفلة يمنية تدعى "نجود" في ربيعها الثامن على حكم قضائي بالطلاق بعد شكوى رفعتها ضد والدها الذي كان أجبرها على الزواج قبل شهرين ونصف الشهر من رجل في الثامنة والعشرين من العمر.

وقضت محكمة البدايات الغربية للعاصمة اليمنية صنعاء بتطليق الطفلة نجود محمد علي، وذلك بعد شكوى تقدمت بها نجود ضد والدها محمد علي الاهدل وزوجها السابق فائز علي ثامر.

وقالت الطفلة المطلقة وقد علت وجهها ابتسامة:" أنا الآن فرحانة بالطلاق وأريد ان أذهب لأدرس" ، مشيرة إلى أنها كانت تدرس في الصف الثاني ابتدائي قبل الزواج.

* المصدر محيط