القربي مع الخليج الاماراتيه
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 15 سنة و شهرين و 17 يوماً
الإثنين 28 سبتمبر-أيلول 2009 01:09 م

صادق ناشر - الخليج الاماراتية


* من الواضح أن الحرب السادسة الذي اندلعت قبل أكثر من شهر ونصف الشهر ليست كالحروب السابقة، كيف تقيمون ما يجري، ولماذا هي بهذه الشراسة وبهذا التكتيك الموجود لدى الحوثيين؟

القربي: الحكومة ومنذ إعلان وقف الحرب في يوليو 2008 ظلت لمدة عام تحاول عبر لجان متعددة إقناع المتمردين الحوثيين بضرورة العودة إلى طريق الصواب وطرح قضاياهم، لكنهم دائما ما كانوا يختلقون المبررات لرفض كل هذه الجهود، من بينها عمليات الاغتيال التي ارتكبوها في صعدة ضد المواطنين ورجالات الدولة وممثلي السلطة المحلية، والتدخل في إدارة شؤون البلاد في المديريات التي يتواجدون فيها، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل قاموا بفرض الضرائب على المواطنين.

هذه القضايا وغيرها خلقت ردود فعل لدى المواطنين في صعدة لدرجة ساد اعتقاد لديهم بأن الحكومة تخلت عنهم وعن محافظتهم، واستغرب الناس صمت الحكومة وبقاءها على هذا النحو من المهادنة وهي ترى هذه الأمور تتطور بشكل يسوء في كل حرب، وبالتالي كان من الضروري أن تتخذ القرار لوضع حد لمثل هذه الأعمال.

* ألا يعني أنكم تسرعتم في اتخاذ قرار شن الحرب الحالية، أم أن القرار كان صحيحاً وفي وقته؟

القربي: أي قرار حرب تفرضه الأحداث، وفي النهاية كان من المفترض أن يتخذ القرار من منطلق أن التأخير قد يؤدي إلى تعقيدات أكثر، ومن هذا المنطلق اتخذ القرار في العمليات العسكرية الأخيرة.

* برأيكم ما أطماع الحوثيين، ما الذي يريدونه بالضبط؟

القربي: الحوثيون يبدعون في طرح الانتقادات على الحكومة وشتمها وشتم رئيس الدولة، معتبرين أن الدولة خارجة عن الشريعة وعن أشياء كثيرة أخرى. عندما تسألهم ماذا يريدون فإن الأشياء التي يعلنون عنها تتمثل في حقهم في ممارسة شعائر المذهب الزيدي وكأن الملايين من الشعب اليمني وهم إخوتنا من المنتمين للمذهب الزيدي لا يمارسون شعائرهم ؛ هذا غير صحيح، إذ إن الملايين يمارسون حقهم في هذا الجانب لقرون طويلة، ولا يحتاجون إلى جماعة لكي تأتي الآن وتقول إنها تدافع عن المذهب الزيدي. ولديهم مطلب آخر وهو إنشاء جامعة لتدريس تعاليم الزيدية، وفي هذا المطلب لا توجد أية مشكلة، لأن هناك قانوناً ينظم الجامعات الخاصة، وإذا استوفوا الشروط سيمنحون الترخيص، كما يطرحون قضية التنمية لمنطقتهم، وهذا مشروع يطالب به العديد من المحافظات، بما في ذلك المحافظات التي لديها ما يكفيها، لكنها تظل تشكو من قلة التنمية، والحوثيون هم الذين يعيقون هذه التنمية، لأن الحروب معهم والممتدة على مدى خمس سنوات أعاقت التنمية وأعاقت إعادة الإعمار في صعدة وأضرت بالمواطنين، بل وأضرت بالحرث والنسل. يقولون إنهم لا يؤمنون بنظام جمهوري في اليمن، وحتى هذا الأمر إذا كان صحيحاً فهذا من حقهم، لكن عليهم أن يشكلوا حزباً سياسياً ينحو منحى سلمياً، وأن يضعوا هذا ضمن برنامج سياسي واضح ويطرحوه على الشعب اليمني والشعب هو الذي سوف يقرر وليس مجموعة من الشباب التي ربما بسبب طموحها أو جهلها تريد أن تفرض رؤيتها على الشعب اليمني بأكمله.

الدعم الإيراني

* برأيكم هل هناك صراع أيديولوجي في هذه الحرب؟

القربي: أعتقد أن احتمال الصراع الأيديولوجي بعيد لسبب بسيط أرجعه إلى أن المؤدلجين يدركون اليوم أن الصراعات الأيديولوجية لا تحل بحمل السلاح، وإنما يأتي حلها من خلال العمل السياسي والحزبي في إطار التعددية وفي إطار البرامج السياسية.

* هل هناك دعم يتلقاه الحوثيون من أطراف إقليمية أو أجنبية؟

القربي: حصول المتمردين على الدعم أمر مؤكد، وإذا راقبت إمكاناتهم القتالية ومعداتهم وما يصرفونه من أموال فإنك ستعرف من أين يأتون بكل هذا المال، معنى ذلك أن هناك مصدراً لهذه الأموال، لكن السؤال هو من أين هذا المصدر؟ نحن قلنا أن هناك مؤشرات عن دعم يأتيهم من مجموعات شيعية في إيران وخارج إيران، وحاولنا دائما أن نؤكد أن الجانب الرسمي الإيراني لم يدخل في هذه الأزمة، لكن هناك مصادر تمويل من بعض الجماعات في إيران.

* هل تعتقدون أن إيران يمكن أن تفيد في الوساطة مع الحوثيين، بخاصة ان الرئيس علي عبدالله صالح قال ان الإيرانيين عرضوا الوساطة ووزير خارجية إيران منوشهر متكي قال ان إيران مستعدة لذلك؟

القربي: الإيرانيون أبدوا المساعدة، لكنهم لم يؤكدوا الوساطة بهذا المعنى، الذي أبدى الوساطة هو مقتدى الصدر، والمساعدة الإيرانية المطلوبة من وجهة نظري هي في تحييد الإعلام الإيراني وفي توجيه رسالة إلى الحوثيين بأن يستجيبوا للشروط التي وضعتها الحكومة لبدء الحوار.

حوار بلا سقف

* هل تعتقدون أن الحرب يمكن أن تطول أكثر في ظل سياسة الكر والفر بين الجيش والحوثيين؟

القربي: الحكومة دائما تحاول أن تراعي مسألة عدم الإضرار بالمواطنين الأبرياء، وحتى مع الحوثيين تحاول ان تستعمل العمليات العسكرية الدائرة حالياً لكي تؤكد لهم أن العمل العسكري يضرهم أكثر من عودتهم إلى طاولة الحوار، وهذا حرص من الحكومة لأنهم يمنيون في المقام والأول وهم منا وفينا، ودمهم غالٍ كما هو غال دم كل يمني، لكن إذا خرجوا عن الدستور والقانون وقرروا أن ينحرفوا فإن على الدولة تقع مسؤولية حماية أمنها وأمن مواطنيها من هذا الانحراف. كون الحرب تطول أو لا تطول فهذه عملية إستراتيجية، ومرتبطة بكيفية سير الحرب وتحولهم من المواجهات المباشرة كما يدعون، إلى حرب عصابات وتجارب الدول معروفة، وفي النهاية هذه كلها مشاريع تهزم في نهاية الأمر كما رأينا في سريلانكا مع نمور التاميل.

 

* إذا كان دم الحوثيين غالياً، كما تقولون ؛ فهل تقبلون الحوار معهم إذا ما وافقوا على الجلوس معكم؟

القربي: الحوار مقبول بالطبع، لكنه مرتبط بقبولهم الشروط الخمسة التي طرحتها الدولة مع بدء المواجهات في الحرب الأخيرة.

* هل هناك اتصال مباشر مع الحوثيين؟

القربي: لا، لا يوجد اتصال مباشر معهم في الوقت الراهن.

* إلى أي سقف من الحل يمكن أن تقبلوا به لحل الأزمة مع الحوثيين؟

القربي: لا يمكن أن يتكلم أحد عن سقف ما للحل، يكفي أن نقول إننا مستعدون أن نتحاور من دون سقف.

* ماذا عن الجبهة الداخلية، هل هي موحدة فيما يتعلق بموضوع صعدة؟

القربي: أعتقد أنها موحدة، وهي على قناعة واحدة مفادها أنه يجب أن تكون هذه الحرب هي الأخيرة حتى أحزاب المعارضة التي تطالب بإنهاء الحرب فإنه من خلال القراءة بين السطور تستشف أنها تريد ألا تتكرر الحرب مرة أخرى. هناك أطراف تحاول ان تستغل هذه الحرب إما في إطار المماحكات السياسية وإما في إطار أجندات خاصة، إذا نظرنا إلى القاعدة مثلا، فإن هناك قناعة من أن القاعدة تحاول الاستفادة من هذه الحرب، لكن الشعب اليمني بأغلبيته مع قرار الحكومة بضرورة إنهاء الأوضاع المتردية في صعدة التي استمرت لسنوات حتى الآن.

* هناك أزمة إنسانية عميقة في المناطق التي تشهد قتالاً عنيفاً، فكيف تقيمون أوضاع النازحين، وماذا عملت الحكومة لمعالجة هذه الأزمة؟

القربي: إذا ما قارنت أزمة صعدة بقضايا النازحين في العديد من الدول ستجد أن اليمن تميزت بمبادرتها قبل غيرها في مواجهة احتياجات النازحين، كما أن الشعب اليمني تحرك لتقديم العون والدعم للنازحين في صورة قوافل الإغاثة الشعبية. ومنذ اليوم الأول للحرب التقينا بالمنظمات الدولية والجمعيات الإنسانية والإغاثية وأبدينا لهم الاستعداد الكامل للتعاون معهم، وجاء تعليقنا للعمليات العسكرية قبل حلول عيد الفطر المبارك لهذا الغرض، أي لدواع إنسانية، لكن للأسف الشديد لم يلتزم به الطرف الآخر، وأدى ذلك إلى تجدد القتال. والهدف من الجهود التي تبذلها اليوم القوات المسلحة في بعض مناطق صعدة وعمران هو فتح الطرق التي لغمت وقطعت من قبل الحوثيين، لأننا نعتبر هذه القضية أولوية لتسهيل الإغاثة للمتضررين من هذه الحرب.

الخوف من التدويل

* ألا تخافون من تدويل قضية صعدة؟

القربي: أعتقد أن البعض يريد أن يقارن بين ما يحدث في صعدة اليوم بما يحدث في دارفور بجنوب السودان مثلاً، وهذه مقارنة ظالمة وغير صحيحة، في مشهد الأوضاع في صعدة نحن نتعامل مع مجموعة خرجت على القانون والدستور وحملت السلاح في وجه الدولة، أي أن المسألة ليست صراعاً عرقياً، فلا يوجد لدينا في اليمن عرقي عربي وآخر إفريقي، كما هو في دار فور الذي استغل من قبل دوائر خارجية، كما أن الحكومة لا توجه ضرباتها باستهداف هذه الجماعة لانتمائهم المذهبي رغم أنهم يحاولون أن يصوروا ذلك للأسف الشديد. لهذا فإن الجميع يعرف حقائق الأمور في هذه الحرب، لكن لا شك أن الجانب الإنساني يقلق الكل، مع ذلك فهذا الأمر لا يستدعي تدويلاً، بخاصة أن العالم كله يشهد أن الحكومة تبذل كل جهودها لمعالجة هذا الجانب، وتسهل لكل المنظمات التي تعمل في مجال العمل الإنساني بالاطلاع على حقيقة الأوضاع في صعدة.

* هل تعتقدون أن هناك أجندات إقليمية تريد جر اليمن إلى هذا الفخ، أي تدويل قضية صعدة؟

القربي: كل هذا محتمل، وهذه المساعي تأتي في إطار أجندات استهداف المنطقة كلها، لأننا نرى محاولات لجر المنطقة إلى صراعات، إما بين دول الجوار أو داخل الدول نفسها، وهذا أمر يضع المسؤولية ليس فقط على الحكومة وإنما أيضا على أحزاب المعارضة وعلى المجتمع بأكمله كي يفوت على الذين يريدون أن يجعلوا من اليمن بؤرة للصراعات أو جرها لحرب إنابة كما يقولون.

* وهل تخوضون فعلا حرب إنابة؟

القربي: لا نخوضها، نحن الآن نخوض حرباً ضد مجموعة خرجت على النظام والدستور.

* كيف هو التنسيق في هذه الحرب مع بعض الدول الإقليمية، بخاصة مع المملكة العربية السعودية؟

القربي: إذا كنت تريد أن تشير إلى أن السعودية شاركت في الحرب ضد الحوثيين فهذا كلام غير صحيح، لكن دور المملكة العربية السعودية، كما هو دور بقية الدول العربية، داعم لليمن في حربه ضد هذه الجماعات، وهي، كغيرها من الدول العربية، معنية بما يجري في اليمن من باب أن هناك اتفاقيات أمنية تلزم الدول العربية في إطار التعاون فيما بينها التشاور، كل هذه الأمور تفرض على اليمن ان تتشاور مع كافة الدول العربية حول مختلف القضايا وان توضح لهم الأمور على طبيعتها.

* هل وجدتم دعماً واضحاً من دول الخليج في هذه القضية؟

القربي:الدعم يكمن في قناعة هذه الدول من أنه من حق الحكومة أن تضع حداً لأية مجموعة تخرج على الدستور والقانون وحملت السلاح في وجه الدولة.