السبت

كان هذا اليوم بالنسبة له يوما ومهما كبداية لأسبوع حافل ، ارتدى ملابسه وتمنطق بجنبيته على مإزرٍ أسود مزركش الأهداب ، ربط عمامته بإتقان واهتم بحوافها ، ثم مشط لحيته وخللها بالطيب ، وضمخ رقبته بنفحات منه ، إمتشق بندقيته ووضعها على كتفه ، ثم توجه إلى الغرفة المعتمة فقد أوكلت له مهمة عظيمة ، كان عليه اليوم أن يحز رقبة أحد عملاء الطواغيت الذين ظنوا أنهم قادرين على الحاق الضرر بأنصار الشريعة المجاهدين ، كان موقنا أن هذا البائع المتجول يستحق الموت بطريقة تزرع الخوف في قلب كل من تسول له نفسه الوقوف في طريق الجهاد . دخل الغرفة كانت أجواء الموت تسكن المكان بدأ المصور بتشغيل الكامرا ، بدأ هو بقراءة بيان الجماعة بصوت جهوري متئد وقد تلثم بجزء من عمامته و أحاط به اثنان من الإخوة الحرس ، إنتهى من البيان ثم قام بفصل الرأس الذي امتلأت عمالة ، شخب الدم من الأوداج فوق ثيابه التي أنهى للتو من تأنقه بها . الصوت الصادر من الحنجرة المجتزة كان كافيا لخلع اشد القلوب فتكا ، لكنها كانت بالنسبة له لحنا يبحث على الابتسام أمام الكامرا ، ترك الجسد المكبل ينهي صراعه مع الموت وينتفض من كل خلية تسلم الروح ، عاد هو لغرفته ووقف أمام المرآة ، إبتسم لنفسه لقد كنت رائعا يا أبا حفص كنت أفضل سوبر مجاهد سيجذب القلوب المتعطشة للدم ويجعل قلوب الأعداء ترتجف وأسنانهم تصطك .

الأحد

كان اليوم ذا صباح صافٍ مميز على غير العادة ، كأن روح عميل الأمس غيمة داكنة تلبدت بها سماء الإمارة الموعودة وانزاحت بإزهاقها ، كان اليوم مواتيا لتنفيذ عملية في وسط المدينة فقد مر مسرعا بدراجته النارية من أمام قسم الشرطة ومن شباكه المنزوع القضبان ألقى بقنبلة يدوية ، سمع دوي انفجارها قبل أن يختفي في الزقاق وسمع لاحقا من سكان قريتة الذين عادوا من تسوقهم أن الضابط المناوب قد لقي حتفه وبترت ساق أحد الجنود ، تجهم كثيرا عند سماع الخبر فعدد الضحايا في صفوف العدو أقل بكثير من العدد الذي خطط له ..

الإثنين

قبل أن تبدأ تباشير الفجر كان هو وبضعة نفر من إخوانه المجاهدين يجهزون لإخضاع القرية المجاورة لتقبل إعلان الإمارة الناشئة في المدينة ، ساعات قليلة كانت القرية كلها تحت السيطرة من جميع اطرافها ، حمد الله أن أيٍ من أخوانه المجاهدين لم يصب بأذى في حين أن إمام مسجد هذه القرية الظالم أهلها كان بين الهالكين ، كم كان سعيدا أن هذا المرتد قضي عليه وعلى فتنته فلقد كان يحرض الشباب للتصدي للشريعة .

الثلاثاء

توجه منذ الصباح الباكر برفقه قافلة من السيارات إلى منطقة أحراش تبعد عدة كيلومترت عن الساحل إنتظروا جميعا طوال اليوم بعيدا عنها وبقوا يراقبونها حتى المساء كانوا يمشطون المنطقة بين الفينة والأخرى من ثلاث جهات ، بدأ الظلام يسدل أستاره كان منظرا بديعا وكان شفق الشمس التي تلامس صفحة الماء من بعيد يذكره بإنشودته المفضلة فأخذ يتمتم (خندقي قبري وقبري خندقي - وزنادي صامت لم ينطق - فمتى ينفث رشاشي متى - لهبا يصبغ وجه الشفق -ومتى اخلع قيدا هدني - وثيابا نسجت من خلق -أشرق النور على كل الدنا - فمتى يغمر أرض المشرقِ ) وحين حانت لحظة الصفر توجه مجموعة من رفاقه إلى الأحراش وهناك كانت الغنائم مجهزة ، أسلحة وعتاد من كل الاشكال والأنواع تركها لهم أحد القادة العسكريين المتعاونين الذين نور الله بصائرهم للحق رغم أنه من أعمدة الطاغوت، حملوا غنائمهم وعادوا بعد العشاء تقريبا ، كان يقود سياراته بسرعة عالية وفجأة خرج من بين الأشجار خيال رجل عجوز محدودب الظهر ربما لم يسمع صوت هدير سيارته ، لم يكن أمامه مفر فأي توقف قد يؤدي إلى تسرب سر العملية ، لم يعط نفسه فرصة للتفكير وقبل أن يرتد إليه طرفة كان العجوز جثة هامدة على قارعة الطريق ، وحين وصل إلى ثكنته تفقد مقدمة السيارة جيدا إطمأن أخيرا أن شيئا لم يحدث لها ، لكن كانت هناك قطرات من الدماء فوق الغطاء ، سحب خرقة متسخة من خلف الكرسي ومسحها جيدا ثم ذهب الى مخدعه يغط بالنوم العميق بعد يوم مرهق .

الاربعاء

كان هذا اليوم يوما مريحا بالنسبة له ، لم يبذل فيه أي مجهود ، فكل ما قام به هو أنه ذهب للساحة وشارك الحشد الذي حلق حول أحد اليافعين الذي استسلم بذهول وقنوط وياس للجلاد قبل أن يضع يده على التكية الخشبيه ويهوي عليها بالفاس العريضة طارت اليد السارقة بعيدا عن المعصم وشقت صرخة الغلام سكون المكان قبل أن يسقط مغشيا عليه .

الخميس

كان في ذلك اليوم على موعد مع محاضرة مخصصة لعدد قليل من نخبة المجاهدين استمع فيها لكلام يقطر عسلا عن النعيم المقيم الذي ينتظر الشهداء والمجاهدين ، وبعدها كان على موعد مع الكامرا ليقرأ أمامها وصيته ، نام تلك الليلة هانئا وراودته أحلام الشهادة وحور العين .

الجمعة

بعد خروج المصلين من صلاة الجمعة توجه مباشرة إلى هدفه الذي حدد له ، ضابط الأمن السياسي الذي أقض مضاجع المجاهدين في المنطقة وما إن وقف أمامه مباشرة بين الزحام حتى ضغط على زر الحزام الناسف وحول نفسه والضابط والمحيطين به إلى أشلاء ، عم الهرج والمرج باحة المسجد ، تمزق جسده كله وتدحرج رأسه على الأرض معفرا بالتراب ، لم يكن قادرا على تجميع أفكاره فقد تمزقت أشلاء لكن علته الدهشة لماذا يتذكر الآن قول الرسول ( شر قتلى تحت أديم السماء ) ثم إبتسم : الحديث ينطبق تماما على الضابط والمصلين .