آخر الاخبار

ضبط مصنع ضخم لمخدر "الكبتاغون" بريف دمشق في أحد قصور الاسد الحسيني يتنبأ بسقوط وشيك لجماعة الحوثي الدكتوراة للباحث إبراهيم اليمني من كلية الحقوق جامعة بني سويف مع مرتبة الشرف على غرار اقتحامات واتهامات نظام الأسد.. مليشيات الحوثيين تقتحم عمارة سكنية بمحافظة إب بقوة الحديد والنار وتروع سكانها اللواء سلطان العرادة يدعو الحكومة البريطانية الى تفعيل دورها الاستراتيجي في الملف اليمني وحشد المجتمع الدولي للتصدي للدور التخريبي لإيراني .. تفاصيل الاتحاد الدولي للصحفيين يناقش مع صحفيين يمنيين وسبُل محاسبة المتورطين في الانتهاكات التي تطالهم عاجل العميل الإيراني رقم إثنين .. الهدف القادم الذي ينوي الغرب والعرب استهدافه واقتلاعه.. ثلاث خيارات عسكرية ضاربة تنتظرهم ما يجهله اليمنيون والعرب ..لماذا لا يجب ترك شاحن الهاتف موصولاً بالمقبس الكهربائي بشكل دائم؟ من هو الأفضل في 2024 بحسب الأرقام؟ كريستيانو رونالدو أم ليونيل ميسي.. عاجل تحسن هائل في سعر الليرة السورية مقابل الدولار .. اسعار الصرف

ماذا لو...؟
بقلم/ محمد العلائي
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و 25 يوماً
السبت 21 مايو 2011 08:53 م

لعلي أمر بأكثر الظروف سوءا وقسوة. وأفكر أحيانا أن هذه الأزمة تمسني بشكل مباشر أكثر من أي شخص آخر، بل إنها توشك على تعطيل حياتي تماما. ومع ذلك سأسمح لنفسي مرة أخرى بممارسة نوع مما كان يطلق عليه نيتشه "التفكير التجريبي"، إثارة أسئلة، إيماءات، فتح ثغرات، بحثا عن منظور جديد للأشياء والأحداث. أي تلك الطريقة في النظر إلى الأمور لا تروق المزاج الثوري الميال غالبا لليقين.

مثلا، دعونا نغمض أعيننا ونتخيل لوهلة -والخيال لا ينوب عن الواقع ولا يلغيه- أن صالح نكث بجميع التعهدات التي يخجل من الحديث عنها شباب الثورة، في الوقت الذي يضغط العالم بأسره في سبيل التوقيع عليها. ولنتخيل أيضا، وهذا مما يصعب تخيله، أن صالح استيقظ ذات صباح وإذا بالثورة التي أقضت مضجعه، قد تبخرت فجأة وعاد الناس أدراجهم... لكن رغم ذلك علي محسن لا يزال منشقا مع الفرقة، في حين لا يزال الحوثيون يحتفظون بما تحت أيديهم من أراضٍ وسلطان، ومحافظة الجوف محل شد وجذب خارج سلطة الدولة بين قوى قبلية ودينية تتبنى عقائد سياسية هجينة، وغالبية المحافظات الجنوبية مضطربة يبحث فيها الحراك أفكار الانتقال إلى المستوى التالي من النضال والاحتجاج، وعائلة الأحمر، ومعها أجزاء واسعة من قبيلة حاشد، باقية في نفس المربع الذي وضعت نفسها فيه حيث تشعر على الدوام أنها عرضة للانتقام ما جعلها تتخذ حزمة تدابير لحماية نفسها، واللقاء المشترك بالطبع يستأنف نشاطه المعارض بنفس وتيرة ما قبل فبراير، والاقتصاد ينحدر وأنابيب النفط في مأرب تظل كما هي هدفا دائما للقبائل، والقاعدة تلملم صفوفها وتتأهب للثأر لمقتل الزعيم.

حيال واقع كهذا الواقع المتخيل، لنتساءل: كم بمقدور الرئيس صالح أن يحتفظ بالسلطة؟

هناك خرافة مفادها أن الثورة لو أجهضت عن طريق المبادرات والتفاوض التي يرجح الكثيرون ان صالح سيتنصل عنها، فإن صالح سيكمل الأربعين سنة!

هواة الاستنتاجات الجاهزة، ذات الطابع الهزلي، يجادلون بأن الرجل على استعداد للبقاء في الحكم حتى على منطقة السبعين. وهذا يمكن التسليم به من قبيل التعريض الساخر بشخصية الرئيس المتعطشة للسلطة مهما كانت الظروف والأحوال, غير أن مسارات التاريخ هذا العام أخذت منحى لم يكن في الحسبان.

شخصيا أرى أنه حتى لو التف على الاتفاقيات، حتى لو حزم الثوار أمتعتهم ورجعوا بيوتهم، لن يتمكن من إكمال ولايته إلى 2013. ولهذا، مع إيماني العميق بأن الرجل محتال ومتقلب المزاج، إلا أنني لست خائفا من الحلول السياسية ولا على الثورة، الثورة كانت تتويجا مميزا لسلسلة مقاومات وتمردات وانشقاقات، ولقد أنجزت مهمتها فيما يتعلق بتقويض ركائز حكم الرئيس صالح. بقي فقط كيف نوفر ممرا آمنا لرجل لم يحسب لهذه اللحظة حساب. وحين نشدد بحرص على توفير ممرا آمنا، ليس رأفة به، ولا خيانة للحالة الثورية، بل لتجنيب البلد المخاطر التي أعتقد أنه لم يفقد بعد القدرة على الزج به في أوتونها.

لا يظنن أحد أن اللحظة التي يقال أن صالح تنصل فيها عن وثيقة "العهد والاتفاق"، هي نفسها التي نخاف فيها من أن الرجل لا يزال يمتلك فيها ترف التنصل عن خطة خروجه من الحكم الآن. أكيد الزمن وحقائقه ورجاله مختلف بما لا يقاس عن منتصف التسعينات. والراجح أن صالح يدرك ذلك وكيف أنه يقف وجها لوجه مع الحصيلة الإجمالية لفترة حكمه من الخصوم الذين تراكم بعضهم على بعض، وتجمعهم هذه الخصومة كأرضية مشتركة يقفون عليها ومعهم قطاعات واسعة من شعب مستاء وبائس وبلا أمل.

يمكن القول أنه يتصرف حاليا على غرار لويس السادس عشر قبيل اندلاع الثورة الفرنسية، حينما كان يقدم الوعود مدفوعا بالخوف ثم ما يلبث أن يتراجع عنها مدفوعا بالأمل الكاذب، الفارق أن صاحبنا هذا في كلا الحالين هو مدفوع بالخوف أكثر مما هو مدفوع بأي شيء آخر.

ثمة عنصر آخر كثيرا ما نغفله عند تناولنا وفهمنا للأزمة والتاريخ اليمني الحديث عموما: إنه الدور الكبير الذي يلعبه إرث العلاقات الشخصية في السياسة اليمنية. ذلك أن الطبقة السياسية التي يبدو أنها تقرر مصيرنا الآن يجمعها تاريخ شخصي زاخر بالمشاعر المتناقضة، الصداقات والعداوات، الذكريات والمكائد والمؤامرات والمنافسات الضارية، ومقايل القات. وهذا، من وجهة نظري، عامل آخر من عوامل ظهور الرئيس على هذا النحو المتقلب، بحيث يقدم حينا ويحجم حينا آخر، إذ تحضر في ذهنه كل التفاصيل الصغيرة التي تجمعه بأشخاص مثل علي محسن واليدومي وباسندوة وياسين سعيد والآنسي وآل الأحمر.

بقي أن أطرح هذا السؤال وبكل صدق: هل كتب علينا حقا أن نترك للخرافات والأوهام البالية وفوبيا المبادرات "المغدورة"، الفرصة كي تقود بلدنا إلى حتفه؟

alalaiy@yahoo.com