مليشيا الحوثي تنقل الدورات الثقافية الى بيوت عقال الحارات وتفرض على المواطنين حضورها توكل كرمان: هناك طريقة واحدة فقط لإسقاط انقلاب ميليشيا الحوثي والغارات الخارجية التي تستهدف اليمن إرهاب مرفوض عاجل : قيادي حوثي من صعدة يقوم بتصفية أحد مشائخ محافظة إب طمعا في أملاكه عاجل: أول فوز تاريخي لليمن في كأس الخليج كاد أن يموت هلعا في مطار صنعاء الدولي.. المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يكشف عن أحلك لحظات حياته . عاجل لهذه الأسباب تسعى إسرائيل الى تضخيم قدرات الحوثيين العسكرية في اليمن؟ إسرائيل تسعى لإنتزاع إدانة رسمية من مجلس الأمن ضد الحوثيين في اليمن وزارة الأوقاف تكرم 183 حافظاً وحافظة بمحافظة مأرب وزير الأوقاف يدعو الى تعزيز التعاون مع الدول العربية التي حققت نجاحات في مجال الأوقاف رئيس دائرة العلاقات الخارجية بمؤتمر مأرب الجامع يلتقي رئيس المنظمات الأوروبية المتحالفة لأجل السلام
مأرب برس - خاص
التعليم الديني ، هكذا ، يراد به تمييع تعليم الشريعة الإسلامية وعلومها ، ولذا تَستخدم هذا المصطلح بعض الدوائر الإعلامية ، المشكوك في وطنيتها وانتمائها ، لأنه في اليمن ليس لدينا سوى الإسلام ، وبالتالي ، فالأصح هو القول التعليم الشرعي، بدلا من الديني ، إلا اللهم أن يراد به تعليم الدين المقارن ، كالنصرانية واليهودية وبقايا أهل الكتاب والمذاهب الوضعية المختلفة ، فحينذاك يصير الاسم أيضاً غير صحيح ، لأن تعلم هذه الأديان ليس من باب الاعتناق ، بل من باب المعرفة بها فحسب ، مقارنة بالإسلام الدين الحق ، وبالتالي فلست أرى التسمية صحيحة من كل الوجوه ، ولذا جيء هنا بواو الفصل الذي يفيد المغايرة فقلنا ، وماله وما عليه .
التعليم الشرعي هو التعليم الناصع الأبيض الذي بقي شامخاً وأصيلاً ومقاوماً وناهضاً ، أمام أمواج الانكسار العاتية ، ومحن التراجع والفشل المتوالية ، وأزعم بحق أنّ أنجح مؤسساتنا التعليمية وأفضلها هي المؤسسات الشرعية ، فهي قائمة في الغالب الأعم على الطلب والتضحية في سبيل العلم ، كما تقوم على حرمة الغش والتزوير في المؤهلات العلمية ، بل الكثير منها ليس يقوم على الشهادات العلمية أصلا ، إلا اللهم في مطلع العقد الثاني من القرن الخامس عشر الهجري حيث برزت بعض المدارس الفقهية وتطورت إلى جامعات في عدد من المحافظات كصنعاء والحديدة وحضرموت ، وأنشأت لها بعض المراكز والفروع ، وهو الأمر الذي يفرح القلب ويسر الخاطر ، فالأمة المسلمة اليوم في أمس الحاجة إلى التعليم الشرعي لرفع الجهل والغشاوة عنها ، أعظم من حاجتها إلى الماء والهواء .
ومن هنا فالواجب هو تعزيز هذا النوع من التعليم والسعي دوماً لتطويره وتحسينه ، والإفادة من مخرجاته ، في تبصير الأمة وتبصير أمنها وجيشها وإعلامها ومدارسها وشتى مرافقها ومؤسساتها ، سعياً لاستنهاض الأمة ورفع غمة الجهل عنها .
ومع شدة إعجابي الكبير بهذا الدور الذي تضطلع به هذه المؤسسات الشرعية في القيام بواجب شرعي عظيم وهو طلب العلم الشرعي وتعلمه وتعليمه ونشره ، إلا أني أود أن أسجل بعض الملحوظات الواجب مراعاتها حفاظاً على روعة السير، وجمال الطريق ، وصحة المنهج ، وشفافية التعامل بين جميع المحبين لهذه المدارس ، سائلين الله تعالى منه العون والتوفيق والسداد في القول والعمل ، وسأحرص جهدي أن أبرز الموضوع والقضية لا الشخص ولا المؤسسة ، فليس هنا مرادنا التشهير بل التسديد ، قدر الإمكان وحسب الحاجة والوسع ، والله من وراء القصد.
أولاً: ضرورة ربط هذه المؤسسات والمدارس العلمية بالمنهج الصافي والمعين الذي لا ينضب الكتاب والسنة، لا بشخص الشيخ وقصوره وهفواته وزلاته وأخطائه ، فغالباً وسرعان ما تذهب هذه المدارس أو المراكز العلمية سدى ، بجهودها وأعمالها وإمكانياتها ، بعد وفاة الشيخ ، لا سيما إن كان الشيخ -لا المؤسسة- هو الذي يتولى الإدارة والإشراف وتسيير الأمور ، وهو الأمر الذي نعيبه في أغلب هذه المراكز العلمية بل والجامعات الشرعية .
وإن كان مطلوب أيضاً أن يرتبط التلميذ بالشيخ إجلالا وتوقيراً واحتراماً، وأخذاً وتلقياً، لكن ليكن الدليل الشرعي ومقاصد الشريعة الغراء هو المتبع ، وهو الأحب إلى النفوس وإلى القلوب دوماً .
لقد أسهمت هذه الإشكالية في التبعية العمياء بين التلميذ والشيخ ، في هذه المؤسسات العلمية إلى كوارث كبيرة ، في واقعنا الفكري ونسيجنا الثقافي والعلمي ، حيث تجد أن كل مواقف الشيخ واجتهاداته ما كان منها صواباً أو خطأً هي مواقف التلاميذ بلا فرق ، بل حتى في الهيئة والشكل والهندام ، ويصبح التلاميذ نسخاً مكررة من شيخهم ، حتى في الأخطاء والاجتهادات ، كما هو الشأن والمشاهد في بعض الحوزات المتصوفة ، التي لا خلاف في ممارساتها اللاشرعية ، إلا أن مئات الطلاب يسايرون الشيخ في هذه الأخطاء ، دون إعمال العقل ، فضلا عن الشرع ، كالذبح للموتى والتبرك بهم وطلب الغوث منهم ، وغير ذلك مما يأباه العقل السليم ، فضلا عن عشرات الأدلة الشرعية المتواترة في حرمة هذه الفعال ، على أنّ التبعية العمياء تتسع كذلك لتشمل التبعية السياسية والمذهبية بحق وبباطل .
ثانياً: ضرورة قيام هذه المؤسسات الشرعية على تحري العدالة والشورى والمساواة ، لا سيما وأنها تعيش في الغالب خارج إطار نظام التعليم الرسمي في البلد ، وقوانينه ونظمه ، (عملياً لا قانونياً) مما يعني انعدام الرقابة والإشراف الرسمي عليها ، لقد رأينا مآسي كثيرة ، وانتفاضات واسعة ، داخل هذه المراكز الشرعية ، لا تطّلع عليها أجهزة الدولة ولا وسائل الإعلام ، كانت نتيجةً لغياب العدالة والمساواة بين الطلاب المريدين ، فما أن يتخرج الطلاب أو يتوفى الشيخ ، حتى تظهر العصبيات والأجنحة بين هؤلاء التلاميذ ، الذين صاروا مشايخ فيما بعد .
ولعل التيار السلفي خير شاهد على هذه الصورة من التشظي المقيت ، حيث لم نعد نر من السلفية إلا الأشرطة والمراشقات والتكفير والتفسيق ، عياذاً بالله ، ولست أنسى يوم أن دخلت مسجداً كبيراً لهم ، وفي قلب مدينة الحديدة ، وإذا بي أسمع الشيخ يلقن – وبالمايكروفون- طلابه قائلا لهم لا تزوروا فلانا ولا تسلموا عليه ، ولا تدخلوا بيته ،..إنه مبتدع ضال!!.
لقد تمزق السلفيون شر ممزق ، لعلّ من الأسباب أو العوامل كذلك طبيعة المنهج السلفي ، الذي اختطه هؤلاء، البعيد عن الواقعية ، وعن الدعوة المعتدلة ، ولعله بسبب غياب المساواة والعدالة بين الطلاب أيام الطلب والتلقي ، وغياب المعايير العادلة في توزيع الهبات والأعطيات والمنح .
إنها صورة تراجيدية تبعث على التوقف إزاءها قليلاً، لقد أمر الإسلام بالعدالة والمساواة حتى بين الأبناء الذين هم من بطن واحدة ، ففي حديث النعمان بن بشير أن أباه جاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهد النبي الكريم على موهبة وهبتها له أمه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ألك بنون سواه ؟) قال: نعم قال: ( فكلهم أعطيت مثل هذا ؟) قال لا قال ( فلا أشهد على جور) متفق عليه .
فلكم فرّق المال بين الإخوة والأحباب والأصدقاء والأصفياء والخلان .
إن فتنة المال لم يسلم منها حتى جيل الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم ، فكيف بغيرهم!! .
لا ينكر أحد ما اضطلع به التيار السلفي من محاربة البدع والذب عن السنة النبوية الشريفة قدر الإمكان والوسع ، بيد أن المراشقات التي لبّدت سماء هذا التيار شوشت كثيراً على هذه الرسالة السامية ، وبات صوتها أكبر بكثير من صوت صحيح البخاري ومسلم وكتب السنة الأخرى التي يدرّسونها مشكورين ، واقتصر دور هذه المدرسة على فقه التجريح والتجريح .
ولعلّ من العوامل التي أسهمت في هذه الصورة أيضاً ، عدم قدرة التيار السلفي مسايرة متغيرات المجتمع والأمة ومتغيرات الحياة السياسية والفكرية والثقافية والاقتصادية.. التي يمر بها المجتمع ، مما أوجد رأيا تجديديا ، داخل هذه المراكز الشرعية ، ورأياً آخر جامداً ، مما نشأ عنهما هذا التفكك ، بين هذين الاتجاهين والرؤيتين ، والذي لا نريد له أن يتكرر، في أوساطنا الشرعية ، رغم بروز بوادر تكرر هذه الصورة في بعض المدارس الأخرى ، قد تكون بشكل أشنع وأقبح ، ما لم تداركنا عناية الله ولطفه ورحمته ، ونُعْمل موازين الحق والشريعة بعدالتها ومساواتها بيننا .
بيد أنّ من العوامل أيضاً الأخرى هي غياب المؤسسية ، وسيادة الفردية والشخصانية والاستبداد ، في هذا التيار ، مما نجم عنه الاختلاف والتنازع والفشل .
ونتمنىّ للإخوة السلفيين العودة إلى أجواء الأخوة الإسلامية الصافية والحب والمودة ، والإعذار والسعي للتأليف والتقريب ووحدة الصفوف ، رغم رؤية البعض أن هذا التيار قد انقرض ، وتجاوزه الزمن ، لكن يبقى التواصي بالحق والتواصي بالصبر بين المؤمنين .
ثالثاً: لا بد من إشاعة أجواء الحرية في هذه الأوساط العلمية والشرعية ، وليعذرني إخواني أن أقول أن كثيراً من هذه المراكز العلمية تفتقر إلى الحرية وإبداء الرأي والنقاش العلمي ، إنه ليصعب علينا كثيراً أن نتخيل حزبياً يطلب العلم في مركز سلفي ، أو أن نرى سلفياً في مركز صوفي ، والعكس ، وإن وقع وحصل فهو من النادر، أو الكرامات النادرة ، وتجده منبوذ ، وكأنه من أهل الكتاب ، رغم أن الشريعة لا تحرم الإحسان والمعروف والدعوة بالحسنى حتى مع أهل الكتاب ، بل تأمر بذلك وتلح عليه ، بخلاف بعض مراكزنا الشرعية هذه .
بل أزعم أن شيئاً من الجفاء والوحشية في التعامل حتى مع أبناء المدرسة الواحدة ، الذين ربما يختلفون في بعض الآراء والاجتهادات الفقهية ، فتجد لغة الإقصاء والجيبية والشلالية المقيتة بصورة أو بأخرى تغشى هذه الأوساط .
وتجد في بعض أوساطنا الشرعية شيئاً من النفاق والتصنع الكاذب ، نتيجة لكبت الحريات والاستبداد والإرهاب الفكري والثقافي والاقتصادي .
إننا إذا أردنا لهذه المراكز والمدارس الفقهية الاستمرار والديمومة والنفع العام المتعدي إلى الأمة ،علينا أن نشيع فيها أجواء الحرية العلمية ، بعيداً عن الاضطهاد الفكري والتضييق على لقمة العيش بسبب الرأي أو المذهب أو الاجتهاد .
تبقى هناك إشكاليات أخرى مشتركة بين هذه المراكز العلمية والمدارس الدعوية والفقهية وغيرها من مؤسسات التعليم العام في البلد ، من أهمها:
- البطالة وعدم قدرة المجتمع وأجهزة الدولة استيعاب هذه المخرجات التعليمية عموماً ، وهم بالآلاف ، وهذا بحد ذاته يعد كارثة أخرى ووبالاً على النظام والمجتمع ، إن أي شاب يتخرج من الجامعة أو المؤسسة التعليمية ولا يجد فرصة عمل ، وقد بلغ الثلاثين ، لا شك أنه يلقى ضغوطاً نفسية وعائلية وأسرية ، فماذا تنتظر منه؟! ، إنه قد يتحول إلى قنبلة موقوته ، تنتظر الانفجار في أي لحظة ووقت ، ومن هنا فإن من أوجب الواجبات على الدولة والمجتمع أن يوفر لهذه المخرجات التعليمية فرص العمل والعيش الحر الكريم .
- توفير المهن الحرة كتعليم الحدادة والخراطة والميكانيكا والبيع والشراء ، بمعنى أن نعطي مع العلم الحرفة والمهنة الني يتعيش عليها هذا الطالب ويقتات منها ، ذلك أن المعاهد الحرفية والمهنية الموجودة لا تفي بالغرض ، وحبذا لو تم التنسيق بين الدولة وهذه المدارس الشرعية لاعتماد معاهد مهنية داخل هذه المراكز العلمية ، للإفادة منها ، في مستقبل هذه الآلاف من الطلاب ، الذين تقذف بهم هذه الجامعات والمؤسسات التعليمية ، إلى ميدان الحياة ، وكثير منهم لا يجيد صنعة أو حرفة يعول بها نفسه وأهله .
بقي أن أقول إن التعليم الشرعي هو إحدى الصور المشرقة في وطننا الإسلامي الكبير ، يجب أن ترعاه الأمة وتحافظ عليه ، وتزيل كل ما يعلق به من شوائب وصعوبات وتحديات داخلية وخارجية . والله تعالى من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.
Moafa12@hotmail.com