أساطير عصرية عن إمام.. وجن.. وناهبي وطن
بقلم/ عبدالله الثلايا
نشر منذ: 13 سنة و 10 أشهر و 5 أيام
الأحد 20 فبراير-شباط 2011 04:59 م

أضحى المنظر مخيفاً، فما أشبه اليوم بالبارحة. فلقد رأيت فيما يرى النائم من كوابيس مريرة، أني أسمع عواء ذئاب مسعورة تداعت للعبث في تلك الليلة السوداء. ورأيت شخصاً يسمى \"الأمام علي\" قد أمر البورزان بالنفخ على بوقه القديم يحشد القبائل الجائعة على أسوار صنعاء العتيقة ويسلحهم بالمال والعشب والخناجر المعقوفة والعصي المدببة وبعض أوامر بالانطلاق لنهب أرواح وأمن سكان صنعاء وللدفاع على أنفسهم على غير أرضهم وعلى غير حقهم. كما سلط \"الإمام علي\" جنَّه المربّطين على الثوار من شعبه المسحوق المسالم. لكنهم بدو جنَّـاً بسلاح هذه المرة بعضهم على الأطقم العسكرية وآخرون على مصفحات ودبابات وكافتهم يكتتفون السلاح الناري والعصي. أولئك النفر الذين أمَّـر عليهم ولده وولي عهده المقدام عالي المقام على رأس الجيوش وتحكم بمقاليد الاقتصاد وأحكم بأصابعه الذهبية الناعمة بتلابيب الاستثمار واستأثر بحصة غير صغيرة في تنصيب غير وير ووالي على مال المسلمين. فالأرض أرضه والمال ماله وأبيه، فهل سيترك كل ذلك لشعب لم يراعِ المعروف ولم يعتد على حكام غيرهما!!

المشهد السابق بالطبع ليس رؤيا أو استرجاع للتاريخ أوإعادة استعراض لمجريات الثورة الدستورية عام 1948 ضد الملكية المطلقة المستبدة في شمال اليمن وإن تشابهت تفاصيلها ومدعياتها وملامحها وأسبابها ، لكن اختلف لاعبها الرئيس وهو \"الثوار\" فاليوم هم الشعب نفسه وليس مجرد أمراء ومسئولين وقلة من المتعلمين. واليوم تتحقق مقولة \"علي يا جناه\" و\"أنا ومن بعدي الطوفان\" وكلها تشكل شخصية الإمام الجبار \"أحمد حميد الدين\" كما كان يحكى لنا الذي فرض خيار السيف على رقاب من يرفض ولاية ولي أمر منتهي الصلاحية ميئوس منه الإصلاح وإن تسمى لفضاً بكل ذلك.

لقد حكم إمامنا قدر ما حكم الأئمة يحيى وأحمد والبدر حميد الدين دفعة واحدة وهو رئيس لجمهورية تزعم أن رئيسها خادم لشعبها الذي يغيره متى أراد. غير ان أولئك لم يجنوا من سلطانهم ثراءً يمكن مقارنته بثراء مواطنين مصريين مثلا في نفس العهد والمتحف الوطني خير شاهد على ذلك. كما لم يولوا فسدة في مناصب مسئولة عن مصالح الأمة ثم غضوا الطرف عن سوء استغلال مناصبهم لصالح الأنا. كما لم يتعودوا على العفو عن اللصوص وكبار خونة الشعب وقتلة الشهداء ولم يولوا إلا المتعلمين والفقهاء وأعلم أعلام الأمة لتمثيلهم في المناطق الداخلية والخارجية، وإن حرموا الشعب وأنفسهم من خيرات البلاد لكنهم لم يفروا فيها قد استطاعتهم ولم يبيعوها ودماء شعبها وحدودها وسيادتها لمن يدفع أكثر.

لقد تحمل إمام القرن الواحد والعشرين كل الانتقادات والمعايب ومضي طيلة العقود المملة الماضية في يناء القبيلة الأئمة على التعصب لصالح فرد والمصلحة الشخصية ونشر وتاجر بالسلاح ووتَّد للأصنام الفاسدة حوله وسيطر تماماً على المؤسستين الأمنية والعسكرية ليصنع نجاحاً للعرض يشهد له به الكثير، وإن فشل تماماً في مهمته الأولى والأخيرة في قيادة الأمة كون تلك الممارسات لا تقود إلا إلى مصالح فرد أو قلة. ورغم ما يعتمل على الساحة الاقليمية والوطنية فان تلك النظرة الضيقة هي السائدة في عقلية إمام القرن سنستفيق منها من كابوسها قريباً على فجر جديد تشع شمسه على وجوه عربية بيضاء خالية من البثور الداكنة التي تشوه جمال ما خلق الله.