توكل "ليست" ككل الرجال!!
بقلم/ شفيع العبد
نشر منذ: 13 سنة و 11 شهراً و يومين
الأحد 23 يناير-كانون الثاني 2011 09:06 م

إقدام سلطة الحرب والفيد، على إختطاف وإعتقال الناشطة السياسية والحقوقية والصحافية "توكل عبد السلام كرمان" رئيسة منظمة صحفيات بلا قيود، ليس فعلاً مستغرباً من سلطة أدمنت الانتهاك، وأدمت قلوب ضحاياها، إنتهاك يفوق عمره ثلاثة عقود، حيث غابت شمس الحق، وصار الفجر غروب، ليغطي جميع المساحات الجغرافية، مخلفاً مساحات تفوقها من الوجع النفسي والشعور الآدمي بامتهان الكرامة، وسلب الحقوق وقمع الحريات العامة، يجتهدون ايضاً لتوريثه لعشاق البيادات!!.

توكل، أضحت عنواناً لمناهضة الانتهاك، ليس لاعتقالها، بل لأنها منذ سنوات خلت لم تمل للصمت و الجلوس على قارعة الانتظار للحظة الخلاص، والتأمل للسماء علها تمطر "ثورة" أو "انتفاضة" تقتلع الانتهاك من جذوره، لم تتوان عن استخدام وسائل النضال السلمي المشروعة، ليس كلما سنحت لها الفرصة فحسب، بل عملت على خلق فرص شتى في أزمنة وأمكنة متعددة، وما ساحة "الحرية" واعتصام "الثلاثاء" إلا واحدة من تلك الفرص الذهبية.

لعلي لا أبالغ إذا ما قلت أن توكل أحرزت ما عجزت عنه أحزاب المعارضة المثيرة لشفقة البسطاء على الحالة التي وصلت إليها، واكتفاءها ببيانات وخطابات ومقابلات صحفية تحمل تهديداً واحداً مفاده الانتقال للشارع، ربما يقصدون به الشارع المؤدي لدار الرئاسة ولخيمة الحاكم، لممارسة مزيداً من إهدار الفرص وقتل الوقت، بينما الحاكم متفرغ كلية لترتيب شئون خليفته وولي عهده!!.

معارضة أطالت من عمر الحاكم، فكلما دنى من اجله نجدها تسارع لإغلاق غرفة العناية المركزة ومده بالأكسجين في اللحظة المناسبة، ليعود "مبترعاً" على أوجاع الجميع!!.

لعل المعارضة بمعارضتها تلك تسعى لإبقاء الميدان السياسي على حالته البائسة لتمارس دورها الذي لا يقل بؤساً عنه، والابتعاد عن الشارع الحقيقي الذي يتطلب تواجدها فيه حيناً من الدهر لإعادة الثقة لقلوب الغلابى في قدرتها على مقارعة الانتهاك!!.

توكل إمرأة في زمن الرجال، لكنها ليست ككل الرجال، انتصرت على نفسها، وتفوقت على الجميع، اختارت الشارع الذي ظلت طريقه أحزاب المعارضة وكثير من الساسة والحقوقيين الذين تئن المقايل من تنظيراتهم وعنترياتهم التي لا طائل منها!!

تضامنت مع الجميع دون انتظار جزاءً ولا شكورا، اعتصمت في صنعاء، وتعز، وردفان وعدن وغيرها، لم يرهبها خطاب الحراك السلمي الجنوبي ومطالبه بفك الارتباط، نظرت له كحق مكفول إزاء ما تعرضت له الوحدة من وأد بحرب صيف 94م، بينما توارى كثير من الساسة والحقوقيين خلف تأييدهم الصامت لما يتعرض له الحراك، مبررين صمتهم بمطالبه بفك الأرتباط!!.

 لإيمانها المطلق بالتضامن كفعل إنساني تواجدت في بعض فعاليات الحراك وقالت كلمتها ولم تمض، بل واصلت اعتصاماتها التضامنية مع معتقليه وناشطيه وليس أخرها اعتصامها أمام مكتب محافظ عدن للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية بطولة خليجي20، هذا غير نقلها لمعاناة الجنوب في المؤتمرات الدولية لحقوق الإنسان، ليس الجنوب فحسب، فتضامنها واعتصاماتها لم تعترف بجغرافيا، ولا أيدلوجيا سياسية وحزبية أو مذهبية، لقد كسرت الأعراف والتقاليد التي ارتهن لها الكثيرون، باقتصار التضامن على من يتفق معنا، ويحمل قناعاتنا، وجعلت الانتصار للحقوق والحريات ديدنها وغايتها.

مرات كثيرة تعرضت لشتى صنوف الإهانات، والتشكيك في ولاءها، ليس من السلطة فحسب، بل نالها شيء من هذا داخل أحزاب المعارضة، و لجنة الحوار الوطني لاعتراضها على طريقة الأداء، ومحاولات تقليد السلطة في تمجيد الشخوص على حساب القضايا المصيرية!!.

توكل تقبع بجسدها خلف قضبان السجن المركزي بصنعاء، بعد أن تم اختطافها من بين زوجها وأطفالها، ربما لا يدرك النظام أنها كروحاً حية تسكن قلوب وأفئدة من وقفت إلى جانبهم في محنهم، وان الدعاء يرفع لأجلها، بينما نصيب هذه السلطة آلاف اللعنات بصورة دائمة!!.

توكل هي من اعتقلت السلطة والمعارضة والمجتمعين الحقوقي والمدني ونقابة الصحفيين، وحشرتهم جميعاً في زاوية ضيقة مظلمة، بينما خطفت الأضواء من الجميع!!.