الحاكم في لحظات الانتصار على الوطن..!!
بقلم/ أحمد محمد عبدالغني
نشر منذ: 14 سنة و يومين
الأربعاء 22 ديسمبر-كانون الأول 2010 11:38 ص

المتتبع لمسار الاتفاقات والحوارات التي جرت بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة منذ اتفاق المبادئ (18 يونيو 2006م) وحتى الآن، لا يمكن أن يستغرب ما أقدم عليه الحاكم، عندما أعلن إغلاق باب الحوار والتوجه نحو إجراء الانتخابات منفرداً..

فالحاكم منذ عرفناه ظل يستخدم موضوع الحوارات والاتفاقات للتنفيس اللحظي وتهدئة الأجواء في أوقات الشدة، حتى إذا ما تحقق هدفه انقلب متنكراً ومتنصلاً من أية التزامات واستحقاقات سبق أن وافق عليها. وبإمكان أي باحث أن يدرس أجواء اللحظة التي تم فيها التوصل إلى أي اتفاق وأجواء اللحظة التي انتهى فيها الحديث عن ذلك الاتفاق.. كما هو الحال بالنسبة للاتفاق الأخير (17 يوليو 2010م) الذي لم يزد عمره عن ثلاثة أشهر وأربعة عشر يوماً.. وبإمكان أي باحث أيضاً أن يدرس مضمون الخطاب الإعلامي الرسمي في كلا اللحظتين، كيف يتفنن هذا الإعلام في استحضار معاني التفاهم والوفاق والشراكة الوطنية وأهميتها للوصول بسفينة الوطن إلى بر الأمان، ثم كيف ينقلب هذا الخطاب في استحضار قاموس الشتائم وقائمة التخوين والتكفير وإطلاق أقذع الألفاظ في حق الخصوم والمعارضين، الذين يصبحون في نظر الحاكم مرتدين، حاقدين وموتورين، وكلاب مسعورة..

ولاشك أن الحاكم لم يقدم جديداً بإعلانه الاخير، وانما أراد التأكيد أنه متمسك بأساليبه وتصرفاته التي ظلت طوال حُكمه سمة رئيسية من سماته ومعلماً بارزاً من معالمه، وأنه بذلك على هذا المنوال ماضٍ، وبالتالي فعلى الآخرين أن يعرفوا هذه الحقيقة، وأن يسايروها كما هي، أو أن يختطوا لهم طريقاً آخر. فالحاكم ليس مستعداً أن يخطو ولوخطوة واحدة فيما يخص إنهاء الازمات والاحتقانات، واجراء إصلاحات حقيقية في الجوانب السياسية والاقتصادية وبنا دولة النظام والقانون. وسواء كان ذلك من باب العجز أو من باب الإصرار والمكابرة على الخطأ، فإن كل الشواهد تؤكد بأن الحاكم يرى أن بقاء الأوضاع على هذا الحال هو الضمان لبقائه واستمراره، بغض النظر عما يترتب على استمرار هذه الأوضاع من معاناة في حياة المواطنين ومستقبل الأجيال، وبغض النظر عما يدفعه الوطن من تكاليف وأثمان باهظة حاضراً ومستقبلاً..

ولو كان الحاكم صادقاً مع نفسه فقط، كان بإمكانه خلال السنوات الأربع الماضية أن يعمل على تحقيق وعوده وما قدمه من برامج، وأن يقول للشعب أن احتكاره لكل شيء وسيطرته على كل شيء قد عاد بمردودٍ يُذكر، ولكنه ظل منهمكاً في زرع الفتن وإشعال حرائق الصراعات وإدخال الوطن في أزماتٍ متوالية، بهدف شغل الناس عن مطالبته بالإنجاز ومحاسبته على التقصير، وفي نفس الوقت لم يتردد الحاكم في بذل الجهود المضنية من أجل تحميل الآخرين مسئولية فشله وعجزه وتقاعسه، بل وتنكّره لواجب الأمانة الذي يفرض عليه أن يكون صادقاً مع شعبه ومع المهام الملقاة على عاتقه..

ولذلك فإن إعلان الحاكم الأخير بشأن إغلاق باب الحوار والدخول في الانتخابات منفرداً ليس سوى فصلاً من فصول المسرحية الهزلية التي عمل على أن يكون بطلها..

وهو بهذا الإعلان ربما أراد الشعور بالانتصار على خصومه السياسيين دون التنبه لطبيعة النتائج السلبية التي يمكن أن تحدث على المستوى العام، ودون الالتفات إلى أن الانتصار على خصوم سبق أن جردهم بسياساته الاحتكارية من كل شيء، هو انتصار وهمي وزائف، بل وهزيمة للذات، ودون إدراك أن الاستقواء بالخارج على خصوم الداخل هو هزيمة للوطن أولاً وأخيراً.

وفي كل الاحوال، إذا كان معروف أن الحاكم في اليمن غالباً ما يتعامل مع فرقاء الحياة السياسية بعيداً عن قواعد الشراكة ونظم وأخلاقيات المواطنة.. فإن هذا الحاكم لا يملك الاستراتيجيات بعيدة المدى وليس لديه النفس الطويل في التعامل مع الآخرين، وسريع التراجع ومتقلب المزاج، وهو ما يعطي للخصوم – برغم ضعفهم – وسائل وأدوات ناجعة في التعامل السياسي، هي أبلغ أثراً وأقوى فاعلية. المهم.. من يلتقط اللحظة التاريخية، ويوجه سهامه نحو أهدافها الحقيقية..؟

Ahmdm75@yahoo.com