هاكان من سوريا يتوعد : لا يمكن التسامح مع سلب إسرائيل للأراضي السورية شابة سعودية حذرت سلطات ألمانيا من منفذ حادثة الدهس العثور على أحد الضباط اليمنيين المفقودين من أصل سته آخرين بعد خروجه من معتقلات الاسد وهو في وضع شبه منهار عاجل : قوات المقاومة المشتركة تدك مواقع المليشيات الحوثية بالمدفعية وتسقط مسياراتها جنوب اليمن مليشيا الحوثي تتجاهل جثامين ضحايا القصف الإسرائيلي بميناء الحديدة دون انتشالهم وزير الأوقاف يرأس اجتماعا لمجلس المعهد العالي للتوجيه والإرشاد وفاة القيادي البارز في الإخوان المسلمين يوسف ندا ...مهندس استعادة جزر حنيش اليمنية هل ينجح أردوغان في حل الخلاف بين السودان والإمارات.. وماهي فرص نجاح الوساطة التركية؟ أول دولة أوروبية تتخلى عن ميليشيات قسد المدعومة امريكيا وتقف في صف تركيا الجمارك في سوريا تلغي 10 قرارات أرهقت المواطنين خلال نظام الأسد.. تعرف عليها
كلنا يعرف أن المشكلة الأساسية في العالم العربي هي مشكلة ثقافية فكرية بالدرجة الأولى، وأن أم المشاكل أننا أمة لا تقرأ، وأن علة العلل أننا نؤمن بالأشخاص أكثر من الأفكار، وأننا لا نجرؤ أن نستخدم فكرنا الخاص، وأن حياتنا كلها مرهونة بقرارات فردية ولهذا تكون أفكارنا وحريتنا محدودة، وحركتنا شبة مراقبة، وأننا لا نعرف كيف نتصرف إزاء القضايا التي تواجهنا في الحياة بسبب المشكلة الثقافية والفكرية خاصة المتعلقة بالتاريخ.
إنه قبل معاناتنا من الاستبداد السياسي نحن أصلاً نعاني من استبداد ثقافي فكري، جعلنا نربي أبناءنا وأتباعنا على العداء للناس وكرههم بحسب انتمائهم السياسي أو المذهبي أو القبلي، نعلم أبناءنا وأتباعنا كيف يردون بقسوة على الطرف المناوئ لهم، كيف يعنف كل من يتحدث عن حزبه وقبيلته ومذهبة، الاستبداد الثقافي تجلى في حربنا الفكرية ضد أعدائنا المحليين واهتمامنا بالشأن السياسي دون غيره، الشأن السياسي البعيد عن التثقيف (أي تنشئة الفرد تنشئة ثقافية فكرية تؤهله لأن يقود)، حيث السياسة ليست كل شيء في الحياة العامة بل إنها تبدو غير مجدية في ظل البعد عن الحياة الثقافية الفكرية، وكلما ابتعدت السياسة عن الثقافة ازداد الجهل وترسخ التخلف وتكثر الغوغاء والزقزقة تماماً كمزرعة الدواجن مع الأسف الشديد، حيث تتشابه الأصوات وتتماثل وتتشابه الصور بعد أن يلبس الجميع زياً واحداً ويطلقوا عبارات التخوين والتبليه والتسطيح والتجهيل.
لا يدرك الكثير من الفرقاء السياسيين أن العته بعينه هو الظهور الإعلامي بدون فكرة بدون مشروع حقيقي يستطيع أن يخرج بلد من أزماته، مشروع يعرض للنقاش ويتم دراسته من كل الجوانب على أساس احترام الرأي المعارض والمختلف، بعيداً عن إفرازات الديمقراطية التي تصطنع المهاترات الإعلامية وكأن البلد مسرح حرب وهي في الواقع ليس أكثر من حراكاً كلامياً أتقنه العرب منذ زمن طويل ويعد متنفس كبير سواء للإعلاميين والمتحدثين باسم الهيئات أو الأحزاب أو حتى الصحفيين, هذا طبعاً بعد أن أتقنته الأنظمة العربية وقادتها.
كل هذا يصب في إطار المشكلة الثقافية حيث تتجلى الثقافة في السلوك وفي القول وفي الممارسة الديمقراطية أو السياسية ونحن نرى أن المعيار الثقافي هو آخر المعايير وأن عالمه هو آخر العوالم الذي يفكر به الجميع بعد أن أصبح الكل يبحث عن التجييش والتجييش المضاد بدون فهم أو وعي بما سوف يحدث مستقبلاً ونتائجه, ويتجلى هذا بما يحصل الآن في جنوب اليمن وما حدث ويحدث في جنوب السودان، فالسلوك الثقافي والحراك الثقافي الفكري لا يقود إلى حرق الإطارات وتجييش العامة بدعوى الحاجة وقطع الطرقات والقتل على الهوية وزرع الفتنة، كما أن سلوك الاعتقال والقمع الذي تنتهجه السلطة ليس دليل السلوك الثقافي الذي يجب للتعاطي مع مثل هذا الحراك، فالحراك الثقافي الفكري المضاف إلى رصيد الشعوب بالتجارب الحياتية يجعل الناس أكثر وعياً بالسلوك الإنساني الحقيقي؛ لأنه يجعل السلوك يعبر عن المستقبل أكثر مما يعبر عن مخلفات ماضي لا يحب الكثير العودة إليه حتى من عاشوا فيه زاهيين، لأن هذه سنة كونية والكل يتوق إلى حركة التاريخ الأمامية ولو كان هناك زمن مضى كان جميلاً يراد تكراره ليس بالضرورة أن يكون اليوم جميلاً بل ربما قد يكون وبالا كبيراً. فما عشناه بالماضي ليس بالضرورة تطبيقه الآن وليس صلاحه في حينه دليل صلاحه الآن بعد ما حصل من تقادم زمني وفكري كبير.
إن حركة الشعوب الكبيرة وسيرها تجعلنا نتوق إلى ما هو أفضل لدولنا ولعالمنا ، وتجعلنا نميز هذه الحركة بوعي حقيقي ينطلق من ثقافة تنظر إلى الصالح العام أولاً وأخيراً ، كما أن حركتها تجعلنا أوسع أفقاً في التعاطي مع الكبوات التي تواجهها وتعيق حركتها ، كما أن هذه الشعوب وحركتها يجب أن تغلب مصلحة الأوطان حتى تكون ناصعة البياض وحركتها بارزة الظهور وسيرها واضح المعالم ، كما أن حركتها تجعلنا ننطلق من منطلقات أوسع وخيارات أعمق وبدائل أكثر من مجرد الهجمات على مصالح العامة واقتحام ا لمحلات وقتل الأبرياء .
إن حركة الشعوب وخروجها للشارع بإرادتها بدون عنف وبدون مساس بالمصالح العامة، وبدون رفع شعارات تسيء للداخل العربي وللنفسية العربية وللشعور العربي وللطموح العربي كاف للتعبير عن الرفض وعدم الرضى عن كل ما يجري في الواقع، بل إنه كاف لو استمر بهذا النهج للتعبير عن الثقافة الواعية التي ينطلق منها مثل هذا الحراك الذي يعبر عن مطالب حقيقية تُصدق عندما تسمع ويراها القاصي والداني، هذه الحركة بدون عنف وبدون تخوين وبدون قتل وبدون تمييز يجعل الكل يتآزر ويلتف ويتعاون بدون توجس أو ريبة أو خوف بعكس ما يحدث الآن بعد أن بدا للجميع بأن البروز الحركي والنتوء الذي ظهر لم يكن كتلة ثقافية وحراكا ثقافيا سياسيا بل كتل مختلفة ومشارب سياسية شتى، هذه المشارب المختلفة ظهرت خلافاتها على السطح وما فتئت أن خفتت لاعتبارات أخرى مناهضة للصلح الحقيقي بحسب فهمي، فالحراك لا يمكن أن يكون حراكاً ثقافياً سياسياً فكرياً اجتماعيا متسقاً مع حراك سلطوي مشيخي قبلي هذا على الأقل فضلاً عن اعتبارات أخرى تدفع بالحراكيين نحو الفوضى. ولأن مناطق معينة تلتف حول أشخاص لم يعودوا مرغوبين لدى مناطق أخرى فإن الحراك المقابل يرفع شعار أشخاص ليسوا مرغوبين لدى الغالبية من الشعب، وهذا ما جعل الحراك يبدو شخصياً أكثر منه حراكاً اجتماعيا ثقافياً سياسياً.
ربما كان على الجنوبيين أن يحدثوا أولاً حراكاً ثقافياً سياسياً يجعل مطالبهم وخروجهم منظماً وأقدامهم ثابتة وأهدافهم سامية أرقى من مجرد الدعوة إلى الانفصال حتى يلاقوا قبولاً لدى أطراف محلية وإقليمية ودولية، وحتى يكون هذا الحراك انطلاقا للتغيير الذي يريدونه في الحقيقة.
أما إذا كان عداء الحراكيين لشخص الرئيس علي عبد الله صالح, كما يزعم البعض, فالوحدة ليست مرتبطة بفرد ولا بزعيم وكما أنها بقت بدون علي سالم البيض فستبقى بدون علي عبد الله صالح؛ لأنها حلم لهذا الشعب وسبب كبير لعزته وقوته.
فليصلح النظام ما أفسده وليعِ الجنوبيون خطر ما يقولونه.
tahaaladreesi@yahoo.com