الريال اليمني يحافظ على استقراره أمام العملات الاجنبية بايدن يوافق على تقديم مساعدات عسكرية بقيمة 571 مليون دولار لتايوان كتائب القسام تكشف عن عملية نوعية ومفاجئة في جباليا انطلاق بطولة كأس الخليج الـ26 في الكويت: مهرجان رياضي وثقافي يجمع الفرق العربية عاجل: الخارجية الأمريكية تعلن عن هدية خاصة لأحمد الشرع عقب لقاء شخصيات أمريكية رفيعه به في دمشق حصة تدريب على القيادة تتحول إلى كارثة مأساوية تفجع أسرة بأكملها في صنعاء خلافات تعصف بالمجلس السياسي الأعلى للحوثيين.. تحركات للإطاحة بمهدي المشاط وحزب المؤتمر يوجه صفعة جديدة لعبدالملك الحوثي.. عاجل السلطة المحلية بمحافظة ذمار تعلن موقفها من العفو الحوثي عن قاتل المواطن طارق الخلقي نقابة المعلمين تحذر الحكومة اليمنية وتمهلها أسبوعاً واحد .. الخديعة الكبرى التي اجتاحت العالم .. شحوم المواشي علاج للبشر ام كارثة على البشرية
التطور الأبرز في حرب صعدة يتمثل في تحولها من حرب يمنية داخلية الى حرب بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية، اي انها اصبحت مشكلة سعودية داخلية، ويمكن ان تتحول في القريب العاجل الى حرب سعودية ايرانية غير مباشرة، نرى ارهاصاتها عبر وسائل الاعلام في البلدين.
الرئيس علي عبدالله صالح لم يجاف الحقيقة عندما قال ان هذه الحرب بدأت قبل يومين فقط، لأنه يؤرخ لانطلاقتها الفعلية من خلال تورط القوات السعودية رسميا فيها، بعد تقدم متسللين تابعين للتمرد الحوثي الى المناطق الحدودية السعودية، وقيام القيادة السعودية بتحريك ترسانتها العسكرية الجبارة، من طائرات ودبابات ومدفعية لمواجهة المتمردين، ودك معاقلهم في منطقتي صعدة وحرف سفيان.
ولا نعرف ما اذا كان الرئيس اليمني قد خطط فعلا، بدهائه المعروف وهو الذي حكم اليمن حوالى ثلاثين عاما، وهي مدة قياسية غير مسبوقة، لتصدير هذه الأزمة الى جيرانه السعوديين، والقائها بعيدا عن كاهله، لتخفيف الضغط على قواته، بما يؤدي الى تفرغها لمواجهة الحراك الجنوبي الانفصالي، والمشاكل الناجمة عن توسع تنظيم 'القاعدة' في الاراضي اليمنية، ام ان الحوثيين، بقصد او بدون قصد منهم، قدموا له هذه الخدمة الجليلة، لانقاذه من مأزقه الذي شكّل ويشكل التهديد الاخطر لنظامه.
الامر المؤكد ان الرئيس علي عبدالله صالح يشعر بارتياح كبير هذه الايام، ليس فقط لان القوات السعودية باتت تتحمل بشكل اكبر مسؤولية التعاطي مع التمرد الحوثي، نيابة عن القوات اليمنية ضعيفة التأهيل والتسليح، وانما ايضا لان 'تعريب' الأزمة، كمقدمة لتدويلها، جعل اليمن محط اهتمام الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الغربيين، ولفت انظار الدول النفطية المجاورة الى ازماته الاقتصادية والمعيشية المتفاقمة. وذهب البعض الى المطالبة بصوت عال بضم اليمن الى مجلس التعاون الخليجي، وضخ عشرات المليارات من الدولارات في مشاريع تنموية توفر فرص العمل لملايين اليمنيين العاطلين عن العمل.
فالعلاقات اليمنية السعودية باتت في افضل احوالها، واصبح الرئيس اليمني صديق جميع الأجنحة في المملكة العربية السعودية، وليس صديق العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، مثلما يفيد الانطباع السائد، والاهم من ذلك ان هذه الصحوة السعودية الخليجية للاخطار التي تهدد اليمن واستقراره، والخوف من انتقالها اليها، ربما توقف دعم الخليجيين والسعوديين للحركات الانفصالية في الجنوب، والمالي منه على وجه الخصوص.
الخزينة السعودية ستواجه نزيفا ماليا مرعبا بسبب تكاليف الحرب الباهظة، وهي حرب مرشحة للاستمرار لأشهر، وربما لسنوات، ولا شك ان الشعب السعودي بحاجة ماسة الى هذه الاموال لتحسين ظروفه المعيشية ومواجهة مشكلة البطالة. فمن المعروف ان متوسط عمر الحروب الاهلية، حوالى عشرة أعوام، حسب الدراسات التاريخية الميدانية، ونأمل ان لا تنطبق هذه القاعدة على حرب صعدة هذه.
القوات السعودية قادرة لا شك بما تمتلكه من اسلحة حديثة متطورة (صفقة اليمامة بلغت قيمتها 75 مليار دولار) على مواجهة المتمردين. فاللافت ان السفن والقوارب الحربية السعودية هي التي تتولى حراسة الشواطئ اليمنية، ومراقبة السفن والملاحة الدولية بالقرب منها، لمنع وصول اي اسلحة للمتمردين من ايران او غيرها. كما ان الامير الجنرال خالد بن سلطان مساعد وزير الدفاع السعودي، والمشرف الرئيسي على هذه الحرب، قال ان القوات السعودية لن تتوقف حتى تقضي على وجود القوات المتسللة للحدود، السعودية بالكامل، وتعيد الأمان للقرى الحدودية بما يؤدي الى عودة سكانها المهجّرين.
ولعل ما هو اهم من ذلك اصرار القيادة العسكرية السعودية على اقامة منطقة حدودية عازلة بعشرات الكيلومترات داخل الاراضي اليمنية، لضمان عدم تكرار عمليات التسلل الى الأراضي السعودية. ومن المفارقة ان الحكومة المركزية في صنعاء لم تعلق مطلقاً على هذه الخطوة، وكأن الأمر لا يعنيها مطلقاً، وكأن هذه المناطق العازلة تقع على حدود دولة أخرى.
غريبة هذه الحرب، والأغرب منها كيفية التعاطي معها من قبل العرب والعالم، فلا أحد يريد التوسط بين اطراف النزاع لحقن دماء الأبرياء وايواء المشردين، وتطويق آثارها المدمرة على المنطقة، بل نشعر ان هناك رغبة باطالة أمدها لأطول فترة ممكنة، وتحويلها الى 'فتنة' طائفية تمزق العالم الاسلامي، وتغرقه في حروب مدمرة.
فلم نسمع مطلقاً ان زعيماً عربياً، من دول الاعتدال او الممانعة أو الهامش، تطوع للتدخل، وكل ما نسمعه هو ارسال برقيات التأييد والدعم للحكومة السعودية في حربها للدفاع عن سيادتها من معظم القادة العرب، وكأن السعودية تواجه قوة اقليمية او عالمية عظمى.
هذه الحرب يجب ان تتوقف من خلال حلول سياسية ورؤية عاقلة تتبصر اخطارها المستقبلية، وعلينا ان نذكّر بأنها تدور على أرض عربية وضحاياها هم عرب ومسلمون.
*جريدة القدس العربي