بلا قيود تدعو إيران الى إلغاء قانون العصور الوسطى المخزي الذي يرسخ سلطة النظام الوحشي هيئة الترفيه السعودية تكشف مواعيد حفلات رأس السنة 2025 في المملكه.. تعرف على قائمة أسعار التذاكر دولة خليجية تقرر سحب الجنسية من قرابة ثلاثة ألف شخص وقفة احتجاجية للمطالبة بتحقيق العدالة في اغتيال صحفي بتعز مركز أبحاث أمريكي يتحدث عن إجراءات أكثر قوة ضد الحوثيين..والشرعية تدرس عملية عسكرية واسعة النطاق لاستعادة سلطة الدولة مقتل أربعة جنود من قوات الانتقالي في كمين مسلح بأبين ونهب اسلحتهم حوكة حماس تعلن موقفها من الهجمات الإسرائيلية على اليمن محافظ تعز : محاولات الحوثيين اختراق الجبهات مصيرها الفشل الكشف عن تأسيس مدن غذائية ذكية بالمناطق الحدودية بين السعودية واليمن مساحات الجريمة تتسع في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي.. مقتل أب على يد إبنه وأربع إصابات أخرى في حوادث عنف متفرقة بمحافظة إب
كان صائغاً من صائغي الكلمات الذين فضّلوا الانسحاب من ساحة الحياة والبقاء خارج المحيط الاجتماعي، فاختار الانزواء طواعيةً إرضاءً لغروره مدعياً الحفاظ على ما تبقى من إنسانيته .. يتصنع ليظهر مترفعاًً بنفسه عن الصغائر، رافضاً أن يكون عضواً ضمن نسيج المجتمع المتخلف - حسب تعبيره- متناسياً في خضم دفاعه عن فشله إن ما وصلت إليه مجتمعاتنا من إخفاق سببها الرئيسي تخلي الفرد عن مسؤوليته والاختباء وراء مثاليات خادعة لا تنطبق على وقائع الحاضر ولا تفقه تعقيدات الحياة ومخابئها.
جارنا المثقف يقضي معظم وقته في مكتبه الصغير «المتواضع جداً» جالساً على مقعده الجلدي بين الكتب والمجلات المرصوصة على رفوف المكتبة شارداً يبحث عن فكرة جديدة تغيّر الحياة وتطورها يمكث لساعات طوال يدون الأفكار والمعلومات والإنجاز الفكري للأجيال القادمة؛ لأنه يرى أن المثقف في هذا الزمن لم تعد لآرائه قيمة، كما أن بعض المثقفين قد ماتوا نهائياً وخلت الساحة من ذوي التأثير القوي في تشكيل العقول في حين شكك في قدرة القلة القليلة المتواجدة أن يفلحوا في وضع بصماتهم الواضحة وخاصة أنهم لا يحظون بالاحترام والتقدير وعقولهم غائبة حيث شغلوا أنفسهم بأمور سطحية وقضايا أثبتت عدم جدواها وأخذتهم الخطابات السياسية والشعارات الطنانة والكلمات الجوفاء التي لا تنم عن وسع المعرفة والثقافة وعمق الفكر والفهم الدقيق الواعي، وأصبحوا يسايرون ثقافة وتفكير العصر حسب السائد والشائع وباتوا أداة لترويج ونشر الآراء البسيطة والسطحية وفقدوا الجدية والمقدرة على النقد والتقييم والحكم، فلم تعد كتاباتهم تترك آثاراً راسخة في نفوس المتابعين لها، وبغض النظر عن صحة ما ورد في حديث الجار المثقف من عدمه سنترك جارنا المثقف بسلام في عالم الهدوء والسكينة السمو الرّوحي وحالة الانعزال والتقوقع على الذات .
بالمناسبة، هناك اختلاف بين ثقافة الواقع والمقصود بها مجموعة العادات والتقاليد والنظم الاجتماعية وأنماط التفكير والحياة والقيم السائدة، وكل ما نستخدمه من أدوات وتقنيات وبين ما يتحدث عنه المثقف في كتاباته النموذجية من ثقافة المعايير وما تحتويه من القيم والأفكار والتصوّرات في الفكر والسلوك بصرف النظر عن تجسيدها على أرض الواقع، ففي الغالب لا تنسجم مع ظروف محيطه الاجتماعي مما يؤدي في نهاية المطاف إلى العزلة والانفصال الفعلي عن واقعه والهروب بدلاً من السعي الجاد إلى ممارسة دور تنويري وتضييق الهوة بينه وبين ثقافة ناسه وإعادة تشكيل الوعي وتطويره وخلق قيم ومبادئ أخرى عوضاً عن الدوران في حلقات مفرغة ومتاهات مضيّعة لا حدود لها والاكتفاء بإنتاجه النظري، مما جعلهم (المثقفين) متأخرين كثيراً عن عصرهم بخلاف رجال السياسة والدين والاقتصاد والتقنية الذين مارسوا تأثيرهم الفعلي على المجتمع .
على المثقف أن يفض الاشتباك بينه وبين الواقع وتحويل أفكاره وقناعاته إلى مؤسسات اجتماعية فعالة تعالج مشكلات المجتمع الذي ينتمي إليه ويسهم في تعميق الإيجابيات وتحقيق درجة من الرقي والإنجاز في القيم الإنسانية ويستغل كل مجالات الثقافة بدءًا بالإعلام وصولاً إلى التربية والتعليم وانتهاءً بأنواع الفنون والأدب لتحقيق التغييرات الاجتماعية المنشودة وحتماً هذا لا يتأتى من خلال إدارة الندوات والمناقشات والمؤتمرات أو بعض الأنشطة الإعلامية إنما في النزول إلى بؤرة وعي الناس ليتحول المثقف إلى جسر عملي ينقل المجتمع إلى رحاب العلم والحضارة والتقدم الإنساني.