العقيد وأمن اللواء الأخضر
بقلم/ محمد الجماعي
نشر منذ: 12 سنة و شهر و 12 يوماً
الخميس 01 نوفمبر-تشرين الثاني 2012 07:00 م
لا أدري لماذا انفلتت الأمور في إب!؟.. خرجت المحافظة التي التزمت بالهدوء طيلة أيام الثورة، عن طورها.. ثمة تعايش بين خصوم الثورة وأنصارها، وزخم كبير شهدته المحافظة، ضربت إب أروع الأمثلة في التغيير السلمي، أغرت محافظات أخرى على السير بذات النمط، أعطى انطباعا ما عن قياداتها الأمنية، وعن شعبها الطيب، عن أبنائها المسالمين، عن طابعها الثوري الذي صدرته إلى كل المحافظات اليمنية..

قبل قليل كانت الأمور أكثر هدوءا، أكثر احتراما لهيبة الدولة، قتيل هنا وجريح هناك، قطع طريق هنا واشتباكات هنالك مما قد يحدث في أي مكان في اليمن.. أما وقد آلت أمور الأمن والخوف إلى طاولة العقيد فؤاد العطاب، فلنا أن نجاهر، ونضع بين يديه - وهو تقريبا أول مدير للأمن من أبناء المحافظة - بما بات يشعر به أبناء إب قاطبة، من تعزيز سطوة العصابات في المدينة ومراكز المديريات وقراها وعزلها، مركز المدينة ومركز مديرية السبرة أنموذجا.

بات من اليسير أن يحكم الناس على وزير الداخلية بكل رتبه العسكرية وشهاداته الأكاديمية، بالفشل، لمجرد اختطاف طفل أو قطع طريق، مع كل ما يبذله الوزير وفريقه من جهود لا ينكرها إلا من ينكر ضوء الشمس عن عمى..

قل مثل ذلك وأكثر وأنت تشاهد وتسمع وترى وتلمس، بعض ما يصل إلى أذنيك من جرائم في اللواء الأخضر، في حضرتك أيها العقيد.. إذ لم يصل طقم عسكري إلى الجعاشن إلا في عهدك، وفي عهدك أيضا تجرأ بشمرجة الشيخ أن يلقوا بطفل من فوق سطح منزله لأن ولي أمره رفض أن ينصاع لأوامرهم.. تم القبض على بعض المجرمين وأصحاب السوابق، والمطلوبين أمنيا، إلا أننا لم نسمع بمحاولات مستميتة لفرار هؤلاء السجناء جهارا نهارا إلا في عهدك، وكأن بواطن الأمور تشي بما لا يتناسب والهيبة المعروفة عن المدير الجديد، والعهد الجديد..

في إب الكل يعرف من هو العقيد العطاب، يقدرون الوقت الحرج الذي عين فيه، ولكونه أحد أبناء المحافظة فقد تفاءل الجميع فيه خيرا وأحسنوا الظن بمقدمه، غير أن ما طفا وتسيد أخبار وسائل الإعلام عن انتشار الجريمة في إب، واستغلال بعض أطراف الوفاق الوطني لهامش التعدد والتوزان لفرض بلطجتهم في عهده، وتصفية أغراضهم وبسط نفوذهم على حساب التوافق... يزيد من علامات الاستفهام..

في إب تتقاتل القبائل في منطقة العود، ومركز السبرة، والعدين، وذي السفال ويريم، والقفر.. إلخ، في إب أيضا بدأت في التشكل ملامح قاعدية، البعض يتبنى هذه الحادثة في حائطه على الفيسبوك، ويفاخر بتنفيذ تلك الواقعة، وخلايا حوثية ترفع رايتها بين الحين والآخر في عديد أماكن يعرفها العقيد العطاب ولا نحتاج للترويج لها هنا، ويعرف أيضا أن عددا من شاغلي الكراسي تحت إدارته قاموا بإرجاع أسلحة لبعض العصابات بمحاضر رسمية، بعد كل الجهود التي بذلها زملاؤهم للإيقاع بهذه العصابة ومصادرة ما بحوزتها من صواريخ (لو) وقاذفات الآربي جي، ومخازن الذخيرة - أحتفظ شخصيا بنسخة من محاضر إرسالها من إدارة أمن المديرية المعنية إلى مركز المحافظة الخضراء، ومحاضر الإرجاع- ليفاجأ الطرف المتضرر بأن الأسلحة التي قتل فيها اثنان من أبنائهم قد أعيدت إلى الغرماء.. فضلا عن تواتر أنباء تفيد أن معسكرات مجاورة هي من قامت بتسليح بعض هذه العصابات، لتغذية ما كان يخطط له من إغراق اليمن في أتون حرب أهلية طاحنة..

هل يملك العزيز العطاب وكل القيادات السياسية والأمنية في محافظة إب المسالمة أي تبرير لما يجري الأن في هذه المحافظة التي غاب فيها دور المحافظ ومدير الأمن، لتؤول الأمور إلى أطراف حزبية كانت ولا زالت موضع شك في وطنيتها وولائها للوطن والمواطن، وانحيازها الكامل لصالح مفسدين لفظتهم الثورة السلمية وأخرجتهم من أوسع الأبواب؟؟..

يقدر المواطن الإبي الثائر، كل الظروف التي سيتذرع بها مسئولو المحافظة، ويرصد شبابها الأحرار كل صغيرة وكبيرة تحدث في مساحتهم الخضراء، غير أن الخرق قد اتسع على الراقع، فلم يعد بمقدور أحد أن يسكت أو يلف قلمه بعصابة خضراء، إمعانا في الحفاظ على سمعة العاصمة السياحية والأخلاقية والقيمية..

إحصائيات موثوقة أجراها بعض إعلاميي وحقوقي المحافظة الغيورين، لم يأذنوا لي بنشرها، تشيب لها رؤوس الولدان، بسبب تفوق أرقامها على محافظات أكثف سكانا، وأكثر شغبا وأحداثا.. ولأي مهتم أن يدخل الأن على إرشيف موقع الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية على الإنترنت ليطلع بنفسه على فداحة ما يحدث في إب، وإنما أكتبه الآن في هذه السطور ليس سوى طيش قلم، إيذانا بفتح الطريق لتصعيدات قادمة، ونشر غسيل لن يعود بالكثير من الخير على الثورة ولا خصومها على حد سواء، إذا لم تتحسن الأمور، فقد طفح كيل المواطن البسيط الذي لا يهتم بتعقيدات الأمور، ورجل الشارع الذي بذل كل ما في وسعه في انتظار القادم الأجمل، العاديون وأنصار الثورة وهم يترقبون نفاد مخزون صبرهم، ويتعاملون مع قتل أبنائهم وأطفالهم وترويع أمنهم بطرق حضارية ومسئولة، أو قل كمن وضعت مقاليد الأمور بيده وتحمل تبعاتها على عاتقه. صورة مدهشة في فن التعامل مع المشاكل تستحق الدراسة والتأليف ويستحق أصحابها المتضررون الإشادة والتكريم..

ولسائل أن يسأل إذا ما ساءت الأوضاع أكثر، بالمقارنة مع عايشه من استقرار في أيام الزخم الثوري الذي غاب عن محافظات أخرى وتشهد الآن استقرارا أكثر، ويقول: 

"هل صحيح أن ثورة اللواء الأخضر لم تبدأ بعد"؟؟